في نفس السياق أقر مجلس أمناء جائزة هائل سعيد أنعم للعلوم والآداب منح جائزة الإبداع الأدبي مناصفة لباحثين، التقينا أحدهما وهو الباحث الدكتور عبدالله أحمد بن أحمد الشراعي عن بحثه الموسوم “الصلة بين الأدب الشعبي والفصيح، الأمثال الشعبية اليمنية..شعر البردوني أنموذجين”، والباحث عبدالله أحمد بن أحمد الشراعي، مولود في العام 1970 بقرية ظهرة الشراعي بمديرية جبلة بمحافظة إب، وحصل على درجة الماجستير في العام 2003 من جامعة البصرة عن موضوع “تعدد وجوه إعراب الآيات القرآنية في كتب الأمالي النحوية”، وفي العام 2009 حصل من جامعة عليجار مسلم الهندية على درجة الدكتوراه عن رسالته الموسومة “النحو العربي بين القديم والحديث مقارنة وتحليل”، وله كتاب غير منشور عن قصص الأمثال الشعبية وأصولها في اليمن، وآخر عن قصص وحكايات شعبية من اللواء الأخضر، وما زال تحت الإعداد، وله العديد من الأبحاث، وأهمها: بحث حول الصلة بين الأدبين الشعبي والفصيح [الأمثال الشعبية اليمنية..شعر البردوني أنموذجين]، وهذا هو العمل الذي حصل فيه على الجائزة، وكذلك بحثان آخران تحت النشر حول “العدول النحوي في القرآن الكريم ..محاولة تفسيرية”، وكذلك “إعراب الفعل المضارع رؤية جديدة”، بالإضافة إلى ديوان شعر غير منشور. فكرة الإعداد في بداية الحوار تحدث الدكتور عبدالله الشراعي عن كيفية إعداد بحثه فقال: أتت فكرة البحث من خلال إعلان جائزة السعيد وتخصيصها هذا العنوان لجائزة الآداب في دورتها الرابعة عشرة، وقد استغرق إعداده سنة وشهرين تقريباً، وكانت عملية إعداده في أغلبها متواصلة، وقد تم إعداده في سبيل المنافسة على الجائزة وتأليف كتاب في الأدب الشعبي وبيان أهميته. مكانة الأدب الشعبي أما عن هدف بحثه فيقول الشراعي: يهدف البحث إلى إبراز مكانة الأدب الشعبي، وبيان أهميته وقيمته، وذلك من خلال بيان الخصائص المشتركة، التي تجمع بين الأمثال الشعبية اليمنية، والأمثال العربية الفصيحة، وبيان الصلة المعنوية والصلات الأخرى، التي تربط الأمثال الشعبية اليمنية بالأمثال الفصيحة، من جهة، وتربطها بالشعر الفصيح، من جهة أخرى، ومن خلال إبراز الأدب الشعبي اليمني، الذي وظفه البردوني في شعره. الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز ثقة المتلقي بالأدب الشعبي، وتغيير نظرة كثير من الناس إلى الأدب الشعبي، من نظرة الازدراء والاستهجان، إلى نظرة الفخر والاعتزاز، فتعزيز ثقة المتلقي بالأدب الشعبي، وتغيير تلك النظرة، لن يكون إلا بتسليط الضوء على الصلة، التي تربط الأدب الشعبي، بالأدب الفصيح، الذي هو محل إعجاب وتقدير واحترام الناس كلهم، ومنهم أولئك الذين يزدرون الأدب الشعبي ويستهجنونه. نتائج البحث وعرض الدكتور الشراعي للنتائج التي توصل إليها بحثه بقوله: إن أهم ما توصل إليه هذا البحث من نتائج هو ما يأتي: أن الأدب العربي نوعان: أدب شعبي وأدب فصيح، والأدب الشعبي أسبق في الظهور من الأدب الفصيح؛ لأن اللغة بدأت بمستواها العامي، ثم تطور إلى المستوى الفصيح. لكنّ المدونين، لم يهتموا بتدوينه، لخروجه عن قواعد الفصحى، والأدب الشعبي والأدب العامي اسمان لمسمًى واحد، أما تعريف الأدب، فينطبق على الأدب الفصيح، وعلى الأدب الشعبي. وكلاهما يشتركان في السمات الفنية، التي تميز الأدب عن الكلام العادي، ويتصل المثل الشعبي بالمثل الفصيح، من حيث اشتراكهما في الإيجاز، وسهولة اللفظ، وحسن التشبيه، وجودة الكناية. كما أن منهما ما هو مسجوع مقفى، ويشتركان – كذلك – في سمات أخرى، وهي التنوع، فمنهما ما يكون عبارة ذات قصة [وقد تتعدد فيهما القصة] ومنهما ما هو في الأصل حكمة، أو مقولة، كما يشتركان في ثبات الصيغة، وتعدد الرواية، والتصحيف، والجهل بالقائل، والعلم به، وتضمينها شعريًا، كما يشتركان في أن منهما ما هو واسع الاستخدام، وما هو محدود الاستخدام، وما هو ذو مغزًى سلبي، وما هو ذو مغزًى إيجابي، وهناك أمثال شعبية، وهي في الأصل من أمثال الفصحى، وهناك أمثال شعبية، ذات قصص لأمثال من الفصحى، وهناك أمثال شعبية، محورة عن أمثال من الفصحى، وهناك أمثال شعبية، مرادفة لأمثال من الفصحى من حيث المضرب، ويتصل المثل الشعبي بالشعر الفصيح، فيتطابق مع ما ورد منه من حيث المعنى، وهناك أمثال شعبية، محورة عما ورد في الشعر الفصيح من معان، ولقد استلهم الأستاذ البردوني – رحمه الله – الأدب الشعبي في شعره، فضمن شعره المثل، والمقولة الشعبية، وضمنه كثيرًا من الحكايات الشعبية، ومطالع بعض الأغاني، واللوازم الغنائية، وضمنه كثيرًا من المفردات، والمصطلحات، والتعبيرات الشعبية، وأسماء لها مساحات واسعة في ذاكرة الأدب الشعبي، منها أسماء شعراء، ومغنين، وأبطال حكايات شعبية، وأسماء متداولة شعبيًا، لنباتات وأشجار وحبوب، ومنها أسماء أعيان متداولة شعبيًا، كشلعة ومشلي، وهناك مواضع كثيرة، في شعر البردوني، بدا فيها تأثر البردوني بما علق في ذاكرته، من الأدب الشعبي، من الحكايات، والخرافات، والأشعار، والأغاني الشعبية، ومن ذلك - على سبيل المثال - حكاية المصقري وبني ضبيان، وخرافة أن الأرض فوق قرن ثور، وقصيدة التسع البوارد، أو الكذب المعسبل، وأغنية ياهزلي..إلخ. روعة التعامل وفي رده على سؤالنا بخصوص كيفية تعامل مؤسسة السعيد للعلوم يقول: لقد كان تعاملهم أكثر من رائع. معضلة مجلة الباحث أما عن تقييمه للبحث العلمي عموماً وفي جامعة إب خصوصاً فقد أجاب الدكتور الشراعي بقوله: هناك نشاط بحثي وعلمي في أوساط الأساتذة ولعل أهم ما تتميز به جامعة إب هو مجلة الباحث الجامعي “التي نسأل الله أن يعجل فرجها ويفك أسرها”. ذكرى العمر وأوضح الدكتور الشراعي طريقة تصرفه القادم بالقيمة المالية للجائزة التي فاز بها فقال: سأحرص على أن أعمل بها مشروعاً لتبقى ذكراها، فإما أبدأ بتأسيس بيت ووضع قواعده، أو أشتري بها شيئاً ما لتبقى ذكراها ببقائه. الصعوبات وفي رده على سؤالنا حول وجود طلبة جامعيين يتخرجون ولا يستطيعون إعداد ورقة بحثية سليمة يرى الشراعي بأن المرحلة التالية للدراسة الجامعية الأولى تمثل الحل لمشكلتهم فيقول: قد تكون مرحلة الماجستير هي الحل. وأكد الدكتور الشراعي بأن الصعوبات التي واجهتك أثناء إعداد البحث، كثيرة، وأهمها عدم توافر المراجع والمصادر، لاسيما في إب. رسائل ووجه الشراعي عدداً من الرسائل القصيرة للمعنيين حيث قال: ففي رسالته لرئاسة الجامعة يطالبها ببذل المزيد من الاهتمام بالبحث العلمي. أما الباحثون فيطالبهم بمواصلة البحث، وخاطب طلبة الجامعة بقوله: أنتم باحثون ولستم طلبة التلقين، فعليكم التمرن على البحث منذ السنة الجامعية الأولى، وتوجه إلى أفراد المجتمع اليمني قائلاً: أرجو أن تحافظوا على التراث الشعبي وأن تعتزوا به.