مقام الشهيد عند المقام وقفوا عند رأسه، وقالوا: سنقرأ على روحه الفاتحة، وقالوا: سنكتب اسمه على الشارع الكبير، نقرر حياته في برامج الدراسة. رفعوا أيديهم بالدعاء هادئين خاشعين. انقضى اليوم، عادوا في ظلام الليل تجمعوا في المعرض، اكتشفهم يرقصون بأقدام سوداء، وعلى الجدران كانت صور الشهداء، كان الغبار يحجب ملامح وجوههم الملائكية، كان لاينظر فيها أحد سواه، لم يكن يرقص معهم إنما استرق السمع والنظر حين وقف للتبول وأصابه العيار الناري للعسس. فتية البحر عند انبلاج الصباح، تسرّب السرّ بأنهم أبحروا، كانوا فتية فوق الزورق دعوا الله مخلصين، من غير أن يعلم أحد من أهاليهم، بماذا كانوا يصلّون في رحلة ضاع فيها المكان والهدف، في بحر قلوبهم التي لا ضفاف لها، تعالت أناشيدهم وأنغام الموج طليقة، تعتقهم من عبودية الكلمات، حلّقت الطيور البحرية عائدة لأعشاشها حيث الصخور، غابت الشمس مع الغروب عائدة لفلكها، حيث الأرض تدور. عند انبلاج الصباح طلعت الجرائد من مخابئها كالثعالب، لتذيع الفاجعة، فتية أكلهم الحوت وأبقى على عظامهم، نست الصحف ذكر الحقيقة، أن هذه العظام النخرة حية سيبعثها الله..