مع احتفالات بلادنا باليوم العالمي للسكان تؤكد التقارير زيادة التباين بين الريف والحضر حيث يزداد عدد الأشخاص غير الآمنين غذائياً في المناطق الريفية، فضلاً عن ارتفاع معدلات الخصوبة. - تحتفل بلادنا اليوم العاشر من يوليو باليوم العالمي للسكان حيث يأتي هذا الاحتفال وسط أزمة سياسية واقتصادية تشهدها اليمن منذ مطلع العام الجاري تكاد تعصف بالبلد، خاصة مع انعدام المشتقات النفطية وارتفاع ثمنها بنسبة 800% في السوق السوداء في مختلف المحافظات وما صاحب ذلك من ندرة المياه وارتفاع تكاليف جلب المياه الصالحة للطهي والشرب وانقطاع التيار الكهربائي وحدوث العديد من الاختلالات الأمنية، الأمر الذي يضاعف من أزمة النمو السكاني الذي تعانيه اليمن منذ سنوات عديدة، حيث من المتوقع ارتفاع عدد سكان اليمن إلى حوالي 61 مليون نسمة بحلول عام 2035 حسب تقرير حكومي؛ وذلك في حال ثبات معدل الخصوبة الحالية، كما يمكن أن يصل إلى حوالي 43 مليون نسمة إذا انخفضت نسبة الخصوبة الحالية. وفيات الأطفال وأوضح التقرير الذي أعدته لجنة خاصة في مجلس الشورى اليمني أن عدد سكان اليمن تضاعف خمس مرات خلال أربعة وخمسين عاما ليرتفع من 3ر4 مليون نسمة عام 1950 إلى 7ر19 مليونا عام 2004 فيما سجل معدل الزيادة الطبيعية ارتفاعا كبيرا من 8ر1 عام 1975 إلى 7ر3 عام 1994 . وأشار التقرير إلى أن معدل وفيات الأطفال الرضع في اليمن يعتبر من المعدلات العالية جدا مقارنة بالعديد من الدول حيث بلغ نحو 2ر69 حالة وفاة لكل ألف مولود حي فيما يبلغ معدل الوفاة بين الأطفال تحت سن الخامسة 95 حالة وفاة لكل ألف مولود حي في حين يصل معدل وفيات الأمهات الذي يمثل مؤشرا هاما على الاهتمام بصحة الأم365 حالة وفاة أم لكل 100 ألف مولود حي ونوه التقرير إلى أثر الزيادة السكانية على معدل النمو الاقتصادي وعلى إمكانية تحسين حياة الفرد والأسرة والمجتمع. توصيات لا تنفذ وخلص إلى جملة من التوصيات أكدت أهمية تعزيز الالتزام السياسي تجاه قضايا السكان وإدماج القضايا السكانية في خطط التنمية والخطط المحلية وتعزيز الشراكة والتعاون مع الجهات الدولية والمحلية ورفع القدرات المؤسسية والفنية للأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان ولجان تنسيق الأنشطة السكانية بالمحافظات. معاناة - إلى ذلك كشف مشروع الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الذي أعدّته الحكومة اليمنية بالتعاون مع المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء «IFPRI» بواشنطن، عن أن ما نسبته 32.1% من سكان اليمن غير آمنين غذائياً، وذلك يعني أن حوالي ثلث اليمنيين أو 7.5 ملايين شخص يعانون الجوع ولا يوجد لديهم أغذية كافية، كما أن 57.9% من جميع الأطفال يعانون سوء التغذية وهو ما يعيق التطوّر المستقبلي للمجتمع والاقتصاد اليمني. وأكدت إستراتيجية الأمن الغذائي بحسب موقع الاقتصادي اليمني أن النمو الاقتصادي الذي يحسّن من دخول المواطنين هو أهم المحرّكات لتحقيق الأمن الغذائي كما سيكون النمو الاقتصادي السريع في القطاعات الواعدة والتحوّلات في الاقتصادات الريفية والحضرية أموراً ضرورية من أجل تحقيق الأمن الغذائي المستدام في اليمن. استنزاف المياه كما أوضحت أن الإنتاج الزراعي يستهلك 93% من المياه في اليمن، حيث يتم استخدام المياه الجوفية لري أكثر من 75% من الأراضي المروية وهو ما يساهم بشكل كبير في التناقص السريع لمستويات المياه الجوفية، وهو ما يتطلب أن يعتمد النمو الزراعي على زيادة إنتاجية المياه. انخفاض الإنتاج السمكي - وأشارت هذه الإستراتيجية إلى أن قطاع الاصطياد يلعب دوراً هاماً في اقتصادات المناطق الساحلية ويمثّل ثاني أهم القطاعات التصديرية في مجال تصدير السلع وبالرغم من ذلك انخفضت الإنتاجية في قطاع الأسماك بشكل حادّ بين العامين 2006 و2008م حيث تعتبر عمليات تسويق ومعالجة الأسماك غير كفؤة. كما أشارت أيضا بأن التباين بين الريف والحضر يزداد حيث يزيد عدد الأشخاص غير الآمنين غذائياً الذين يعيشون في المناطق الريفية بأكثر من خمس مرات، ضعف الذين يعيشون في المناطق الحضرية، حيث تبلغ نسبة انعدام الأمن الغذائي 37.3% في الريف مقابل 17.7% في الحضر, وطالبت الإستراتيجية بضرورة تحقيق معدلات نمو سريعة تفيد الفقراء والأشخاص غير الآمنين غذائياً. كما أن النمو السكاني في اليمن يعتبر أحد أعلى المعدّلات في العالم حيث وصل معدّل النمو السكاني إلى 3% خلال السنوات الأخيرة وترتفع معدّلات الخصوبة في الريف بأكثر من طفلين اثنين عنه في المناطق الحضرية. مشاكل استهلاك القات - وأوضح التقرير أن استهلاك القات في اليمن له أثر عميق في مسألة تراجع الأمن الغذائي واستنزاف المياه الجوفية وأن 42% من السكان ومن سن العاشرة فما فوق يتناولون القات بحسب مسوحات صحة الأسرة 25% منهم من الرجال.. وأضاف: إن اليمن من أفقر البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإجمالي دخل قومي سنوي يقدر ب544 دولاراً أميركياً و8 دولارات لكل فرد من مساعدات التنمية الخارجية. وأكد أن التحوّل من زراعة الحبوب إلى زراعة القات والمحاصيل النقدية الأخرى التي تعتبر أكثر ربحية قد ساهم في تراجع إنتاجية القمح في اليمن الذي تستحوذ زراعة الحبوب فيه على أكثر من نصف الأراضي الصالحة للزراعة بينما يتم استيراد حوالي 90% من استهلاك الحبوب.. مشيراً إلى أن تطوير قطاع الزراعة يواجه العديد من المعوقات التي تشمل قلة الأراضي الصالحة للزراعة «3% من إجمالي مساحة الأراضي» وشحه مصادر المياه وقلة الائتمان والاستثمار في البنية التحتية للإنتاج والتسويق، حيث وصل نصيب الزراعة إلى 1.25% فقط من إجمالي الاستثمارات في الاقتصاد وقد تركّز الدعم المالي الحكومي للزراعة على دعم العلف والأسمدة ووقود الديزل لتشغيل الحرّاثات ومضخّات المياه.. وكان تقرير الأداء الحكومي أشار إلى تواضع معدل نمو القطاع الزراعي البالغ 3% نظراً لشحه الموارد المائية وبطء تنفيذ أهداف الخطة الخمسية الثالثة في تقليص مساحة زراعة القات وإبقائها في حدود 10% من المساحة المزروعة الذي يستأثر ب25% من المساحة المزروعة و30% من استخدامات المياه، بالإضافة إلى مساحة الأراضي الزراعية المحدودة. كما تعد الحبوب من أهم المحاصيل الزراعية الغذائية في اليمن، بل أهميتها في تنامٍ مستمر عاماً بعد آخر؛ نظراً للتغير في النمط الاستهلاكي وهو ما يؤكد أن الحبوب وخاصة القمح أصبح الغذاء الرئيسي في البلاد، حيث ارتفعت الكميات المستهلكة إلى مليوني طن وهو ما يؤكد الأهمية الإستراتيجية للتوسع في إنتاج القمح كغذاء رئيسي للمواطنين.. ويؤكد الدكتور علي العسلي أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة صنعاء ضرورة الاهتمام بزيادة إنتاج المحاصيل، وخاصة القمح لما يمثله من أهمية بالغة في توفير العملة الصعبة نتيجة الاستيراد لتغطية العجز المستمر وتكاتف الجهود لوقف التناقص في نصيب الفرد من الحبوب بوصفها سلعاً ضرورية ومن أهم مصادر الطاقة كمرحلة أولى والعمل على زيادة الإنتاج لزيادة الاستهلاك من الحبوب والتعويض عن عملية الاستيراد وبتنمية إنتاج المحاصيل ذات الأهمية النسبية لمواجهة الزيادة المضطردة في الاستهلاك، وعودة دعم الدولة لهذه المحاصيل في ظل الأزمات الغذائية والمالية الحاصلة في العالم. ويشير إلى أن اليمن لم تستطع تحقيق الاكتفاء الذاتي في كافة السلع الزراعية الغذائية الهامة كالقمح (والذي يعتبر من المنتجات الغذائية الإستراتيجية).. كما أنها لم تصل إلى نسب مرتفعة من الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات.. ويضيف أن الاستهلاك من الحبوب بلغ مليوني طن والذي يشكل حوالي 1.8% من الاستهلاك العربي، حيث تحتل اليمن مرتبة متدنية قياساً بالمستوى العربي أو العالمي من حيث متوسط نصيب الفرد السنوي من الحبوب حيث بلغ 24 كجم، في حين بلغ متوسط نصيب الفرد السنوي على المستوى العربي من الحبوب 327 كجم، بينما بلغ متوسط الفرد على المستوى العالمي 304كجم.. وهذا يبين انخفاض متوسط نصيب الفرد من الحبوب في اليمن، الأمر الذي يستوجب العمل على زيادة الإنتاج من الحبوب لمواجهة الطلب على الحبوب وتقليل الواردات. وخلص التقرير إلى أن اليمن بحاجة إلى المحافظة على معدل نمو للناتج المحلي ب5% في السنة كي يتسنى له تخفيض نسبة الفقر إلى النصف بحلول عام 2015م.