سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استراتيجية حكومية لتعزيز الاستثمارات الداعمة للأمن الغذائي في القطاعات الواعدة الإنتاج المحلي من السلع الغذائية الأساسية لا يغطّي سوى 23 % من الاستهلاك
الاعتماد المتزايد على الواردات،اثر على حالة الأمن الغذائي في اليمن حيث لم تتجاوز نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح 7.8 % خلال عام 2010م، بتراجع 1.1 % عن عام 2005، وذلك لارتفاع الكميات المستوردة من القمح. ووفقاً لمؤشّر الجوع العالمي للعام 2009م، فإن الوضع في اليمن لا يزال مقلقاً على الرغم من التحسّن المتواضع في الترتيب من 74 إلى 80 في العام 2009م. وتأثّر اليمن تأثّراً بالغاً بارتفاع أسعار الغذاء العالمية في عام 2008 م ، وقد قامت وزارة الزراعة والري بإعداد دراسة حول تطوير زراعة القمح والحبوب الأخرى وقدّمت إلى مجلس الوزراء والتي على أثرها تم تأسيس برنامج تطوير زراعة القمح والحبوب وذلك للتخفيف من آثار أزمة ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية التي سادت العالم في نهاية عام 2007م. وبرز تحدّي انعدام الأمن الغذائي على إثر أزمة الغذاء العالمية في أواخر عام 2006 م والتي أسفرت عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية والسلع الأخرى في الأسواق العالمية، وانعكست آثار هذه الأزمة في اليمن من خلال تزايد انعدام الأمن الغذائي ليصل إلى حوالي 32.1 % من السكان. ويتوقّع أن يمثّل توفير الأمن الغذائي للسكان تحدياً أساسياً لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة للتخفيف من الفقر 2011 - 2015 م خاصةً في ظل محدودية الإنتاج المحلي من السلع الغذائية الأساسية ومنها الحبوب التي لا تغطّي سوى 23% من الاستهلاك المحلي، فضلاً عن تزايد احتمالات ارتفاع أسعار الغذاء في السنوات القادمة نتيجة توقّع تراجع الإنتاج العالمي من الحبوب. ويزداد الأمر خطورة في ظل التوسّع في زراعة القات على حساب المحاصيل الزراعية الأخرى وبالذات الحبوب نتيجة لارتفاع عوائد زراعة القات مقارنة بزراعة الحبوب. وكان مجلس الوزراء قد أقرّ مؤخّراً مشروع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي والمقدّم من وزارة التخطيط والتعاون الدولي بالتنسيق مع جميع الوزارات المعنية وذات العلاقة بالأمن الغذائي، والذي يأتي في إطار السياسات والجهود الرامية إلى تعزيز الأمن الغذائي ومواجهة تحدياته الراهنة والمستقبلية للمواطنين. وأعدّت الحكومة اليمنية استراتيجية وطنية للأمن الغذائي بالتعاون مع المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء “IFPRI” بواشنطن، والتي تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية تتمثّل في تقليل مشكلة الأمن الغذائي بنسبة الثلث بحلول العام 2015 م ، وتحقيق الأمن الغذائي ل 90 % من السكان بحلول العام 2020، وتقليل سوء التغذية للأطفال بنسبة 1 % على الأقل كل عام. واعتبرت الاستراتيجية التي حصل عليها “نيوز يمن” أن اليمن أكثر الدول التي تعاني من مشكلة الأمن الغذائي في العالم العربي، وبين عشر دول تعاني من نفس المشكلة على المستوى العالمي، ونتيجة لهذا الوضع المقلق قامت الحكومة ممثّلة بوزارة التخطيط والتعاون الدولي بتطوير رؤية مشتركة تتعلّق بالأمن الغذائي تتضمّن ضرورة حصول جميع أفراد الشعب اليمني على غذاء كاف في كل الأوقات وأن يعيشوا حياة صحية منتجة وحيوية. وذكرت الاستراتيجية أنه لترجمة هذه الرؤية “الأمن الغذائي لكل اليمنيين” إلى واقع قامت اللجنة الوطنية للأمن الغذائي ببلورة حزمة من الأهداف يمكن من خلالها تحديد النجاح للاستراتيجية الوطنية. ووفقاً للاستراتيجية فإنه “إذا لم يتم اتّخاذ أي إجراء فإن اليمن سوف تفقد هذه الأهداف، وسيزداد عدد السكان المعرّضين لمشكلة الأمن الغذائي، وعليه فقد قامت اللجنة الخاصة بالأمن الغذائي وفي عملية تشاورية تشمل الهيئات الحكومية الرئيسية والمجتمع المدني والشركاء الدوليين بتحديد 18 إجراء رئيسياً، وبناء على هذه الأولويات والنتائج المستقاة من نموذج الأمن الغذائي اليمني تم تحديد 7 أولويات لتنفيذ الاستراتيجية.. وإذا تم تنفيذ هذه الخطة المكوّنة من سبعة محاور فإن اليمن سوف تصل إلى أهداف الأمن الغذائي وتصبح بلداً مؤمّناً غذائياً بحلول العام 2020”. وتتمثّل المحاور السبعة في “إصلاح عملية دعم الوقود لزيادة الأمن الغذائي، وتطوير المناخ التجاري لدعم الاستثمارات الداعمة للأمن الغذائي في القطاعات الواعدة، واستخدام سياسات الحدّ من زراعة القات لتعزيز النمو الزراعي، وتطوير إدارة مخاطر الأمن الغذائي، وتطوير استراتيجية قطاع المياه بشكل حاسم، واستثمار عام أفضل وتحسين تقديم الخدمات وخاصةً في المناطق الريفية، وعمل حملات توعية عالية المستوى لتنظيم الأسرة والتغذية الصحية وتمكين المرأة”.. وكشفت الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي عن أن ما نسبته 32.1 % من سكان اليمن غير آمنين غذائياً، وذلك يعني أن حوالي ثلث اليمنيين أو 7.5 مليون شخص يعانون من الجوع ولا توجد لديهم أغذية كافية، كما أن 57.9 % من جميع الأطفال يعانون من سوء التغذية وهو ما يعيق التطوّر المستقبلي للمجتمع والاقتصاد اليمني. وأكّدت الاستراتيجية أن هذه النتائج تضع اليمن “في السياق الدولي” بين أسوأ عشر دول غير آمنة غذائياً في العالم. وذكرت الاستراتيجية أن التباين بين الريف والحضر يزداد حيث يزيد عدد الأشخاص غير الآمنين غذائياً الذين يعيشون في المناطق الريفية بأكثر من خمس مرات، ضعف الذين يعيشون في المناطق الحضرية حيث تبلغ نسبة انعدام الأمن الغذائي 37.3 % في الريف مقابل 17.7 % في الحضر، كما ينتشر انخفاض وزن الأطفال والهزال في المناطق الريفية أكثر من المناطق الحضرية، فبينما يعتبر 45.4 % من أطفال الحضر يعانون من سوء التغذية ترتفع هذه النسبة في الريف لتصل إلى 62.1 % وهم الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في الريف. كما أن هناك ضعفاً في توازن الوجبات الغذائية في الريف وهناك نقص كبير في المغذّيات الدقيقة في المناطق الريفية، وكذلك تزداد حالات انعدام الأمن الغذائي بين الأسر الفقيرة غير الزراعية والمزارعين الذين يعتمدون على المواشي. واعتبرت الاستراتيجية أن النمو الاقتصادي الذي يحسّن من دخل السكان هو أهم المحرّكات لتحقيق الأمن الغذائي ولذلك سيكون النمو الاقتصادي السريع في القطاعات الواعدة والتحوّلات في الاقتصادات الريفية والحضرية أموراً ضرورية من أجل تحقيق الأمن الغذائي المستدام في اليمن، ومع ذلك هناك العديد من التحدّيات التي تقف أمام تسريع النمو في اليمن حيث يعاق الاستقرار الاقتصادي الكلي بانخفاض صادرات النفط ويتوقّع أن تصبح اليمن دولة مستوردة صافية للنفط بحلول العام 2015، وسيكون لذلك أثر كبير على الموازنة الحكومية حيث يشكّل النفط حوالي 70 % من الإيرادات الحكومية، كما أن دعم المشتقّات النفطية يشكّل عبئاً كبيراً على الحكومة وهناك بطء في التنويع الاقتصادي بعيداً عن قطاعات النفط إلى القطاعات كثيفة العمالة وترتفع معدّلات البطالة ولا تستهدف التحويلات الاجتماعية الحالية بشكل مناسب الأشخاص غير الآمنين غذائياً. وشدّدت الاستراتيجية على أن “هناك ضرورة للنمو المتسارع الذي يفيد الفقراء والأشخاص غير الآمنين غذائياً إلا أن ذلك لا زال غير كافٍ حيث ستكون اليمن بحاجة لسياسات واستثمارات إضافية وسيعتمد البلد بشكل متزايد على السوق الدولية لاستيراد الأغذية وعليه أن يجد آليات فاعلة وكفؤة لضمان استمرارية الواردات وعلى الأخص في أوقات الأزمات العالمية، كما على اليمن في السوق المحلية أن تعالج عدم كفاءة سلاسل الإمداد وتكاليف التعاملات العالية. وتظهر النتائج أيضاً أن الوصول إلى الأسواق المحلية والمراكز الحضرية والحصول على الائتمان تعتبر أموراً صعبة للأسر الريفية والأسر غير الآمنة غذائياً”. وقالت إستراتيجية الأمن الغذائي إن الإنتاج الزراعي يستهلك 93 % من المياه في اليمن ويتم استخدام المياه الجوفية لري أكثر من 75 % من الأراضي المروية وهو ما يساهم بشكل كبير في التناقص السريع لمستويات المياه الجوفية، ويعني هذا الاستخدام غير المستدام للمياه مع تزايد الطلب على المياه في المناطق الحضرية أن النمو الزراعي ينبغي أن يبنى على زيادة إنتاجية المياه وإحداث تغييرات هيكلية. ويعاني أكثر من ثلث السكان وحوالي نصف الأشخاص غير الآمنين غذائياً من شحّة المياه ويتدنّى حصول السكان غير الآمنين غذائياً على عناصر الإنتاج الزراعي بما في ذلك الأراضي والقروض والمدخلات والخدمات الإرشادية. كما يلعب قطاع الاصطياد دوراً هاماً في اقتصادات المناطق الساحلية ويمثّل ثاني أهم القطاعات التصديرية في مجال تصدير السلع وبالرغم من ذلك انخفضت الإنتاجية في قطاع الأسماك بشكل حادّ بين العامين 2006 و2008 وتعتبر عمليات تسويق ومعالجة الأسماك غير كفؤة. ولفتت الاستراتيجية إلى أن النمو السكاني في اليمن يعتبر أحد أعلى المعدّلات في العالم حيث وصل معدّل النمو السكاني إلى 3 % خلال السنوات الأخيرة وترتفع معدّلات الخصوبة في الريف بأكثر من طفلين اثنين عنه في المناطق الحضرية حيث تضع المرأة اليمنية في المتوسّط 6 أطفال في المناطق الريفية “إجمالي معدّل الخصوبة 6.7” وحوالي 4 أطفال في المناطق الحضرية “إجمالي معدّل الخصوبة 4.5” وفي العادة فإن الأسر التي يكون متّخذو القرار فيها امرأة تعتبر أكثر أمناً غذائياً ويكون وضع تغذية الأطفال أفضل. كما يعتبر التعليم ذا أهمية من أجل الأمن الغذائي وتغذية الأطفال ومع ذلك تنخفض معدّلات التعليم الرسمي في اليمن وهناك فوارق كبيرة بين المناطق الحضرية والريفية وفجوة هائلة بين الجنسين، ولم يحصل ثلاثة أخماس السكان البالغين في البلد على أي نوع من التعليم الرسمي ولم يحصل 45 % من سكان الحضر وحوالي 70 % من سكان الريف في سن 18 وأكبر على أي شكل من أشكال التعليم أو أنهم لم يكملوا المرحلة الابتدائية، كما يؤدّي استهلاك القات والتدخين إلى تحويل موارد الأسرة بعيداً عن الاحتياجات الغذائية والصحية والتعليمية ولذلك فهو يضر بنمو الأطفال.