يحرص المسلمون على طعام السحور وقد تعددت وسائل وأساليب تنبيه الصائمين وإيقاظهم في أوقات السحر، ففي العهد النبوي كانوا يعرفون وقت السحور بأذان بلال، ويعرفون الإمساك بأذان ابن أم مكتوم، ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية وتعدد الولايات بدأت تظهر وسائل أخرى للسحور فظهرت وظيفة المسحراتي في العصر العباسي، حيث يعتبر عتبة بن إسحاق والي مصر أول من طاف شوارع القاهرة ليلاً في رمضان لإيقاظ أهلها لتناول طعام السحور عام 238ه وكان يتحمل مشقة السير من مدينة العسكر إلى الفسطاط منادياً الناس (عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة).. وفي العصر الفاطمي أصدر الحاكم بأمر الله الفاطمي أمراً بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور، ومع مرور الأيام عين أولو الأمر رجلاً للقيام بمهمة المسحراتي كان ينادي يا أهل الله قوموا تسحروا، ويدق على أبواب البيوت بعصا كان يحملها في يده تطورت مع الأيام إلى طبلة يدق عليها دقات منتظمة.. وعلى امتداد العالم الإسلامي اتخذ المسحرون أشكالاً مختلفة، ففي عمان يوقظ المسحراتي النائمين على الطبلة، وفي الكويت يقوم المسحراتي ومعه أولاده بترديد بعض الأدعية وهم يردون عليه، وفي اليمن يدق أحد الأهالي بالعصا على باب البيت وهو ينادي على أهله قائلاً: قوموا كلوا، وفي السودان يطرق المسحراتي البيوت ومعه طفل صغير يحمل فانوساً ودفتراً به أسماء أصحاب البيوت، حيث ينادي عليهم بأسمائهم قائلاً (يا عباد الله وحّدوا الدايم ورمضان كريم). أما في سوريا ولبنان وفلسطين فكان المسحراتي يوقظ النائمين بإطلاق الصفارة، وقبل رمضان يطوف على البيوت ويكتب على باب كل بيت أسماء أفراده حتى يناديهم بأسمائهم أثناء التسحير، وفي الأيام العشرة الأخيرة من رمضان التي يصنع فيها الناس الكعك يقول المسحراتي: (جوعوا تصحوا حديث عن سيد السادات.. له العيان بينة والتجربة إثبات.. إن كنت تسمع نصيحتي والنصيحة تفيد.. قلّل من الأكل ما أمكن بدون ترديد.. وأكل الكعك بعد الصيام يوم العيد يتعب الصحة، يسبب الضرر ويزيد).. وفي المغرب العربي يقوم المسحراتي بدق الباب بعصاه ليوقظ النائمين. وفي مصر اعتاد الصائمون على مدفع الإفطار والإمساك قبل الأذان مباشرة، حيث عرف مدفع الإفطار في العصر المملوكي، وكانت القاهرة أول مدينة إسلامية تستخدم هذه الوسيلة عند الغروب إيذاناً بالإفطار في رمضان.. وقد استمر المدفع يعمل بالذخيرة الحيَّة حتى عام 1859م ميلادية، ولكن امتداد العمران حول مكان المدفع قرب القلعة، وظهور جيل جديد من المدافع التي تعمل بالذخيرة (الفشنك) غير الحقيقية، أدى إلى الاستغناء عن الذخيرة الحية.. ويستقر المدفع الآن فوق هضبة المقطم، وهي منطقة قريبة من القلعة، ونصبت مدافع أخرى في أماكن مختلفة من المحافظات المصرية، ويقوم على خدمة المدفع أربعة من رجال الأمن الذين يُعِدُّون البارود كل يوم مرتين لإطلاق المدفع لحظة الإفطار ولحظة الإمساك.