الزائر لمحافظة ذمار تأسره الدهشة وهو يتجول في مدنها ومديرياتها المختلفة باختلاف زمان ومكان تلك الحضارات التي اتخذت من هذه المحافظة مكاناً لها..ولن تتوقف دهشتك في التجوال فقط، بل في زيارتك لمتحفها الإقليمي ومتاحفها الأخرى، التي اختزلت تلك الحضارات والأزمنة في مكان واحد في صورة تجعلك تقلب معلومات ذاكرتك عن تلك الحقب التاريخية بحضاراتها المتباينة في بعض من أجزائها، فيما أجزاء أخرى فيها من التشابه ما يجعلك وكأنك تعيش في حضارة واحدة دون غيرها. كما أن دهشتك لن تقف عند مشهد واحد من تلك الزيارة بل حقاً ستقف عند كل مشهد يتعلق بحضارة أو جزء منها في تلك المتاحف! المتحف الإقليمي وأنت تزور متحف ذمار الإقليمي وهو المتحف الرئيسي في المحافظة ويشرف على بقية المتاحف بالمحافظة بحسب الأستاذ عادل سيف مدير عام مكتب السياحة بذمار لن تقف ذاكرتك كما قلت سابقاً عند حقبة تاريخية واحدة، بل حقب تاريخية متعددة فهو أنشئ كما يقول مدير السياحة هناك حسب مواصفات هندسية وفنية وتاريخية أيضاً كما هو متبع في أكثر المتاحف ويعود تاريخ إنشائه إلى العام 2002م في منطقة هران شمال مدينة ذمار ويحوي المتحف على عدد من الصالات الخاصة بالعرض المتحفي، إضافة إلى قاعة للمحاضرات، وهذه القاعة تعد قبلة ومنهلا للطلبة الدارسين والمختصين بالآثار من مختلف الجامعات، وخصوصاً جامعة ذمار بحسب رئيس جامعة ذمار الدكتور الحضراني، إضافة إلى غرف للمعامل ومخازن واسعة أيضاً. تنوع تاريخي يقول مدير عام المتحف بذمار: إن عملية توزيع القطع الأثرية الموجودة في المتحف تمت حسب الفترة التاريخية لتلك الحضارات؛ إذ خصصت صالة للآثار القديمة التي تم العثور عليها في مناطق مختلفة من المحافظة أو من خلال الحفريات الأثرية التي تمت عبر البعثات الأجنبية المختصة بالتنقيب على الآثار أو تلك الجهود المحلية المتمثلة بالخبراء المحليين بإشراف أجنبي، كما تحتوي صالة الآثار القديمة على نماذج مختلفة من النقوش المدونة بخط المسند التي وجدت على بعض الأحجار... إضافة إلى قطع حجرية عليها زخارف هندسية ونباتية وحيوانية تعود إلى العصر الحميري بحسب ما هو مدون في المتحف، كما أن هناك بعض القطع المصنوعة من البرونز المصممة لأغراض تتعلق بالدين. آثار إسلامية أما الصالة الثانية فهي مخصصة للآثار الإسلامية بدليل تلك المخطوطات الدينية والأواني المشغولة في جوانبها بالكتابات العربية، وتعد من أهم معروضات هذا المتحف منبر الجامع الكبير بذمار ويعرض أيضاً نماذج من الأواني والمصنوعات الحرفية من الموروث الشعبي للمحافظة. وأنت تتجول في متحف ذمار الرئيس يمر عليك الوقت كما لو أنك عشت تلك الحقب الزمنية المتعاقبة بحق وحقيقة لولا أنك خرجت من بوابة المتحف لتجد نفسك في القرن ال21. متاحف أخرى لن تستطيع إشباع نهمك الصحفي والمعرفي بزيارة متحف ذمار الإقليمي فقط دون زيارة بقية تلك المتاحف كمتحف جامعة ذمار ومتحف بنيون، فالأول (متحف جامعة ذمار)يعد من أحدث المتاحف في المحافظة، حد قول رئيس جامعة ذمار وأنشئ في العام 2006م تلبية لمتطلبات التعليم وتأهيل وتدريب لطلبة الجامعات، خصوصاً قسم الآثار والمتاحف بجامعة ذمار ويحتوي هذا المتحف على مجموعة من القطع الأثرية القيمة المتنوعة المصادر؛ إذ تشمل رؤوس سهام ونصال حجرية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وأخرى تعود إلى عصور تاريخية مختلفة كشواهد القبور المعينية وتماثيل سبئية وأوان فخارية حميرية وسبئية وعدد كبير من القطع الأثرية والعملات (المسكوكات)لحقب تاريخية مختلفة.. أما متحف بينون فهو من أكبر المتاحف في المحافظة من حيث عدد القطع الأثرية التي يحتويها والمعثور عليها في موقع مدينة بينون والمناطق المحيطة بها. يقول مدير مكتب السياحة هناك: إن متحف بينون يعد قبلة للسياح والمختصين بدراسة التاريخ والآثار وذلك من خلال التحف والقطع الأثرية المختلفة التي نحتت بفن وإتقان بالغ بعضها حكت أساطيرهم وحياتهم الخاصة وبعضها الآخر حكت بطولاتهم الحربية وتعد كل قطعة أثرية هناك إن لم نبالغ تاريخ حضارة ما، أو قصة ما..وتعد متاحف اليمن بشكل عام وذمار بشكل خاص إرثا تاريخيا تتوارثه الأمم، كل أمة تحكي عن أخرى وهو ما يدلل على أن هذا البلد سكنته حضارات عدة ظهرت بعض معالمها وآثارها، فيما ما تبقى يبقى مجهولاً إما لعدم التنقيب أو لغياب الوعي التاريخي والحضاري لتلك الآثار وما هذه المتاحف إلا صورة رمزية فقط تبين لنا ولغيرنا أن هنا كانت حضارة بل حضارات.