الحج أعظم فريضة .. وأقدس رحلة أرضية سنوية يقوم بها ملايين المسلمين لتجسيد وحدتهم الدينية.. واحدية الإله المعبود، والقبلة المكية الواحدة،وفي كل عام يقصد المؤمنون بيت الله الحرام إكمالاً لدينهم،وتنفيذاً لأمر الله ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً واتباعاً لتوجيه رسول الله صلى عليه وسلم “إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا”وقوله عليه الصلاة والسلام:”حجُّوا قبل أن لاتحجُّوا”. توافدت مئات الآلاف من الحجج خلال شهر ذي القعدة ومطلع شهر ذي الحجة بصورة خاصة إلى الأماكن المقدسة في مكةالمكرمة لأداء مناسك الحج.. منهم من توجه براًَ وآخرون جواً وذلك عبر المنافذ البرية ومطاري صنعاءوعدن لتبدأ رحلة الحج إلى بيت الله الحرام.. “صحيفة الجمهورية” تواجدت في المشاعر المقدسة ورصدت مسار الحجيج طيلة الأيام المعدودات للعمرة والحج.. كاشفة بعض الاعتوارات والقصور الذي شاب أداء شركات التفويج والمسيرة للحجاجاليمنيين هذا الموسم الديني 1432ه .. إضافة إلى الأخطاء التي تسببت في إنهاك الحجاج وكبار السن،والحالات التي نالها قسط من الإهمال الذي نتج عنه مأساة.. وأشياء أخر ستجدون تفاصيلها في ثنايا هذا التحقيق الصحفي.. البداية معظم القادمين إلى مكةالمكرمة من اليمن هذا العام جاءوا براً وجواً.. ولأننا قدمنا عبر الجو فإننا سنتحدث عن التفويج الجوي أولاً ثم سنشير إلى معاناة الحجيج القادمين إلى بيت الله الحرام بصورة شاملة لأن الأماكن المقدسة قد جمعت اليمنيين في مخيمات تم إعدادها لحجاجاليمن فاختلط أهل البر بأهل الجو مع بعض الاستثناءات التي امتازت به الوكالات بعضها عن الأخرى في آلية عملها،وأساليبها المتبعة في تنظيم قدوم الحجاج وحتى إكمال نسكهم ومغادرتهم عائدين إلى الوطن.. ففيما يخص رحلات الجو،تأثرت مواعيد إقلاع الطائرات إلى مطار جدة بما يدور على الأرض من تداعيات سواءً سياسية أم تطورات عسكرية أضرت بالاستقرار،فكانت البداية مرافقة للقلق الذي ظل يحوم فوق رؤوس الحجاج،وتأخروا في المطار عدة ساعات،والعذر تم إلصاقه بالأوضاع،وليس بسوء الترتيبات والإدارة أو الإهمال بشأن المواعيد للانطلاق والوصول للطائرات التي ستنقل الحجاج إلى مطار جدة .. فكان ذلك إيذاناً ببداية غير هادئة ومستقرة،ومؤشراً على أن هناك منغصات تنتظرهم في قادم الأيام.. تأخير في المطار بحق فإن مطار جدة الدولي من الرحابة والسعة مايجعله مقتدراً على استيعاب العديد من الرحلات المنطلقة منه والقادمة إليه محملة بالحجيج بصورة خاصة إضافة إلى الزائرين للمملكة للعمل وحتى المرحلات الداخلية فهو يمثل شرياناً رابطاً بين المملكة السعودية ومحافظاتها وبين شتى بقاع العالم.. وقد كان مقرراً لجميع الرحلات الجوية للحجيج أن تصل إلى هذا المطار الدولي.. لكن الزحام الشديد فيه قد أدى إلى تأخير تفويج الحجاج من الصباح إلى المغرب بصورة كانت قاسية على القادمين،رغم أن المعاملات والإجراءات لم تكن معقدة،بل ارتبط ذلك بوسائل النقل التي تعنتت ومارست ضد الحجاجاليمنيين أعنف وسائل التعنت والتأخير لأسباب معظمها تعود إلى الطرق المتبعة في نقل الحجاج،والمناوبات التي تتغير من وقت لآخر بين المشرفين على تسيير حافلات نقل الحجاج من مطار جدة إلى مساكنهم بمدينة مكةالمكرمة. واللافت للانتباه أن اهتمام المشرفين انصرف إلى بعثات الدول الأفريقية وتجاوزت بعثات الحج القادمة من اليمن في سلوك غير متوقع دفع الحجاج إلى الوقوف لساعات طوال رغم وجود العجزة وكبار السن وغير القادرين على الصمود كثيراً في طوابير،كانت تتغير من حين لآخر حسب أمزجة المسئولين عن نقل الحجيج إلى الحافلات المنتظرة أوامرها منهم..وتبدلت المناوبات للمسئولين عن النقل في مطار جدة مرةً أخرى ليبدأ فصل جديد من الانتظار،حيث يناقض الرئيس عن المناوبة الجديدة الأسلوب الذي اتبعه سابقه،ويتحمل النتائج الحجاج”المرزوعين” كالأغنام بانتظار الفرج الذي جاء عبر أحد المسئولين السعوديين القادم إلى مناوبته،فعمل على تنظيم الحجاجاليمنيين في طوابير وشحن أمتعتهم في الحافلات المرصودة لذلك.. وبعد اللتيا والتي كما تقول العرب انطلقت جموع الحجاجاليمنيين من مطار جدة باتجاه مدينة مكةالمكرمة في وقت متأخر من يوم وصولهم يوم الأربعاء 28 من ذي القعدة وكانت تلهج بالدعاء أن يجنبها الله تعالى المطبات المشابهة. حج التمتُّع بالعمرة معلوم أن أنواع الحج ثلاثة “ التمتع الإفراد القران” ولكل منها أحكامها وأركانها واشتراطاتها الشرعية ومعظم الذين أتوا إلى المشاعر المقدسة مبكرين في الزمن والتوقيت لموعد أعمال الحج قصدوا النوع الأول من الحج وهو “التمتع بالعمرة إلى الحج”وهو أن ينوي الحاج أداء مناسك الحج بقوله”لبيك اللهم لبيك عمرةً متمتعاً بها إلى الحج” وذلك بعد أن يتطهر ويلبس ثياب الإحرام غير المخيط ويحرم به من ميقات أهل اليمن المسمى “ يلملم” فيظل الحاج ملبياً طوال الطريق من “يلملم” إلى أن يصل مكةالمكرمة فيطوف بالبيت العتيق ثم يسعى بين الصفا والمروة للعمرة ويقصر شعره أو يحلقه ثم يتحلل من ثياب الإحرام ويتمتع بمتع الدنيا كما كان قبل إحرامه إلى أن يحين موعد أداء مناسك الحج يوم الثامن من ذي الحجة وعلى الحاج الذي يؤدي حج المتمتع أن يذبح شاةً يوم النحر “العاشر من ذي الحجة يوم العيد” وتدفع قيمة المذبوح “ الهدي” مع المبلغ المالي الذي يدفعه الحجاج القادمون إلى مكةالمكرمة من بلدانهم،ومنهم من يدفع للبنوك والمواضع التي ترخص لها المملكة العربية السعودية بتلقي مبالغ “الهدي” لتذبح عن الحجاج وتفرق اللحوم على الفقراء والمساكين من المسلمين سواءً في السعودية أم في البلدان الفقيرة التي يتواجد فيها ملايين الجوعي والمحتاجين من المسلمين.. النقل .. أحياناً “نقمة”!! هناك محطات تحتاج من المسئولين عن حجاج بيت الله الحرام إلى الالتفات إليها،وإعادة النظر في الآلية والوسائل المتبعة فيها وبخاصة أمور النقل ونظام السير والمرور،حيث ينتج عن القصور الذي نراه وسنتحدث عنه هنا الكثير من الإرباكات والاختلالات والزحام المؤدي إلى بعض الحوادث الطارئة والعارضة،التي لم يحسب لها المسئولون حسابهم،وهم ينفذون خطط وبرامج النقل وتنظيم السير،وأعني ما يتعلق بالحجاج وأمنهم على أنفسهم وبخاصة إن كانوا من كبار السن والعاجزين عن المشي للكيلو مترات كثيرة.. اعترف لي أحد المشرفين عن النقل في مطار جدة أن النقل هو “المنغص الأكبر” الذي يقلق المسئولين في المملكة.. وأن الاهتمام ازداد على هذه الوسيلة لكي تكون نعمة للحجاج وليست نقمة،كما وجدناها منذ وطئت أقدامنا مع حجاج بيت الله مطار جدة الدولي،حيث بلغت شهرة وإمكاناته الراقية إلى المستوى العالمي الآفاق،وتشهد توسعاته ونظامه على الجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لكن تبقى مشكلة النقل وآليته الرتيبة المتعبة لحجاج بيت الله،الذين يظلون ساعات طويلة “مرضوحين” على الرصيف بانتظار ترحيلهم إلى مكة بالحافلات التي يتبع سائقوها توجيهات المسئولين عن النقل..وهؤلاء بدورهم يخضعون الجميع لقوانينهم وحالاتهم النفسية والمزاجية إذ رفض بعض المشرفين صباح يوم الأربعاء 28 ذي القعدة 1432ه أن تنتقل بعثتا وكالة عرفات وغفران القادمتان من عدناليمن إلى مكة،رغم أن كل الإجراءات المتبعة صحيحة وجاهزة،لكنه تحمس للحجاج القادمين من قارة أفريقيا وعمل على تسهيل ترحيلهم على الحافلات وتوقفنا مع مئات الحجاج نلوم أنفسنا،ونذم ثم نتساءل :لماذا هذا التصرف والتعنت تجاهنا.. فارتفعت أصوات الحجاج واحتجوا لكن الخبر اليقين لم يأتنا إلاَّ بعد صلاة الظهر عندما قال المشرف ببرود غريب:انتهت المناوبة والآن سيستلم طاقم من المشرفين العمل بعدنا.. ثم غادر دون حتى الاعتذار عما ارتكبه بحق “ضيوف الرحمن”،وما محا سوء الظن إلاَّ المشرف السعودي الآخر الذي أظهر قدرة في التعامل المسئول مع الحجاجاليمنيين وفرض أسلوبه الحازم لتنظيم الجميع في طوابير حسب النظام المتبع وانفرجت الأمور عصر يوم الأربعاء والرحلة وصلت في ضحى ذلك اليوم.. وعليه فإن هناك من المسئولين السعوديين من يستحقون الثناء على عملهم المتفاني المجسد لتوجه المملكة تجاه ضيوف الرحمن، وآخرون لابَّد من مراقبة عملهم كي لا يشوهوا ويسيئوا إلى هذا البلد الحرام.. صعوبات صنعها “المطوفون والوكالات” عندما تصل البعثات إلى مكةالمكرمة تكون سلفاً قد علمت المسئول عنها الذي يسند إليه الربط بين تلك البعثات والوكالات المفوجة وبين سلطات الحج.. حيث إن “المطوَّف” أوكلت إليه مهمة تنظيم وترتيب ذلك من خلال سحب الجوازات واستبدالها ببطائق وملصقات تربط على الكف تثبت هوية الحجاج وأماكنهم في مكة والمدينة وهواتف المشرفين عليهم وذلك لتسهيل عملية إعادتهم إلى مناطقهم في حالات التوهان والضياع في زحمة الطواف والسعي للملايين من البشر القادمين من أصقاع الدنيا لحج بيت الله الحرام.. أولى الصعوبات التي تلقاها الحجاج في مكة غياب دور “المطوفين” الذين كانت أعمالهم تنصب على توعية الحجاج وإرشادهم وتطويفهم “طواف العمرة وطواف الحج” كون الكثير يبتدعون أثناء أداء هذا المنسك أو لا معرفة لهم بالجوانب الشرعية والسنة المتبعة في الطواف.. فتحولت أعمال “المطوفين” إلى استقبال البعثات، والإشراف على مخيماتهم في “منى وعرفات” ومتابعة الوكالات والبعثات والتنسيق معها لإنجاح عملية التفويج وأداء الحجاج مناسكهم بطريقة آمنة وخالية من المعوقات .. لهذا فقد تم اختزال عمل “المطوفين” بالإشراف والإدارة والمتابعة بدلاً عن الإرشاد وهي الحلقة المفقودة في صفوف حجاج بيت الله إلا من بعض البعثات التي فطنت لأهمية وجود مرشدين ووعاظ وعلماء يوضحون ويبينون مايشكل عليهم من المناسك والشعائر.. وشيء آخر نشير إليه هنا يتمثل في رمي مسئولي البعثات والوكالات قصورهم في أداء ماعليهم من واجبات تجاه الحجاج إلى “المطوفين” ويؤكدون أن هؤلاء ليسوا فقط إلا للاستفادة المادية من الحجاج، وأن الوكالات غير مسئولة عن تقديم الخدمات في مخيمات منى وعرفات ويؤكدون أن ذلك من صلب مهام “المطوفين” وبين مسئولي الوكالات المفوجة و”المطوفين” ضاعت حقوق معظم الحجاجاليمنيين ووجدنا في أوساطهم تذمراً بازدياد حتى نهاية موسم الحج.. ومنهم من أخبرني أنه دعا لصالح البلاد والعباد، وأن ينتصف الله للحجاج ممن أخذ حقوقهم ولم يوفِ بما تعهد به لتسهيل وتيسير أدائهم فريضة الحج وخصوا بالذكر أصحاب الوكالات، الذين يعطونك من طرف اللسان حلاوة وأنت في اليمن، ويروغ منك كما يروغ الثعلب وأنت في الأراضي المقدسة. وكالات بدون رقابة ولا ذمة يقوم الحاج المتمتع بالعمرة إلى الحج بالطواف والسعي وتقصير شعره أو حلقه ثم يتحلل من ثياب الإحرام فيجوز له ممارسة حياته الطبيعية حتى يوم التروية “8من ذي الحجة” في منى.. ففي فترة التمتع في مكة كان الحجاجاليمنيون يؤدون شعائر العبادة اليومية في المسجد الحرام كل حسب قرب سكنه من بيت الله الحرام التي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:”أن الصلاة فيها بمائة ألف صلاة فيما سواه” وقد لاحظنا التذمر الواضح على وجوه الحجاج من بعد السكن وعمق الموضع الذي يسكنون فيه، لأن ذلك حال دون وصول مئات الناس من كبار السن “النساء والرجال” وحرمانهم من استثمار تواجدهم جوار الكعبة المشرفة في مكةالمكرمة، فلجأ بعضهم وهم المقتدرون مالياً على استئجار تاكسيات توصلهم إلى ساحة الحرم المكي الشريف لأداء الصلوات، وهذا يكلفهم مبالغ طائلة لم يكونوا يحسبون لها.. وتتعامل الوكالات المسئولة عن بعثة وتفويج الحجاج دون رقابة إلا من لديه وازع ديني وضمير يقظ وإنساني.. فبعضها ممن يراقبون الله في أداء ماعليهم من واجبات تجاه الحجاج عملوا على تيسير حافلات لنقل الحجاج من وإلى البيت الحرام، فيما أهمل الكثيرون ذلك حرصاً على الفائدة المادية والنفع المالي، فلما وجد هذا التفاوت في تقديم الخدمات بين وكالة وأخرى ارتفعت أصوات النقد لمسئولي البعثات الذين دخلوا في حوار بين الحين والآخر تحول إلى الجدال المنهي عنه في الآية الكريمة:{الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}. وكادوا يتعاركون ووجه بعض الحجاج التهم لمسئولي الوكالات بأنهم يحتالون على الناس، ولا يخافون الله ولا يراقبونه، وأنهم يتاجرون بالحج ليس إلا.. غير آبهين بشيء لأنهم إن فرطوا لا يحاسبون لكن ما يحسب لبعض الوكالات أنها تمتلك كوادر جيدة تعمل على تيسير أمور الحج في كل مشعر من المشاعر الحرام، لأن صحيفة “الجمهورية” كانت هناك وتتبعت أحوال الحجيج ورصدت انطباعاتهم التي اختلفت من وكالة لأخرى، حيث امتدح وأثنى الكثيرون على وكالات بعينها احترمت تعهداتها وقامت بما استطاعت لتجنيب الحجاج الذين جاءوا عبرها العديد من المنغصات والصعوبات، وصارحتهم بما ليس بمقدورها، ووقفت عند العوارض والملمات معهم فلهم منا الشكر ومن الله الأجر الجزيل.. وأما تلك التي اعتبرت الموسم غنيمة “تهبر” فيه الملايين من الحجاج دون أن تؤدي ماعليها فيكفيها أن الله غضبان عليها، وأن حجاج بيت الله الحرام الذين أتوا عبرها مكثوا يدعون على من شق عليهم في حجهم بأن يشق الله عليه في حياته. غياب الإرشاد في مخيمات اليمنيين “الجمهورية” التقت في الأراضي المقدسة الأخ فؤاد البريهي مدير مكتب الأوقاف والإرشاد بعدن الذي رافق بعثة الحجاجاليمنيين هذا العام وكشفت من خلاله عن حقائق كانت ملتبسة على الحجاج الذين داخلتهم الشكوك في مسائل تتعلق بموقع المخيمات اليمنية ودور الوزارة في تغييره من منطقة صعيد منى إلى أعلى الجبل في منى مما زاد من مصاعب الصعود إلى المخيم للمبيت حسب ما تقتضيه واجبات مناسك الحج وكذا النزول منه والعودة إليه لثلاثة أيام هي أيام التشريق”الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة”.. كما طرحت الصحيفة على البريهي تساؤلات الحجاج حول الغياب الملحوظ لقطاع الإرشاد وعدم وجود وعاظ وعلماء ومرشدين يعملون على تبيين الأحكام وتوجيه الحكام إلى الالتزام بأداء المناسك على الوجه الشرعي، وشغلهم بذكر الله والتلبية والتهليل والتكبير وقراءة القرآن، وتشجيعهم على ترك العادات السيئة التي كانوا يمارسونها في حياتهم قبل مجيئهم إلى البقاع الطاهرة، إضافة إلى الإجابة عن العديد من التساؤلات التي تتهم الوزارة عمداً أو جهلاً بالتقصير والسكوت عن أخطاء الوكالات.. وقد ضمنا إجابات مدير أوقاف عدن في الآتي: المخيمات لا تخضع للوزير ولا للوزارة أوضح الأخ فؤاد البريهي جازماً أن الاتهام للوزارة ببيع المخيم على صعيد عرفة للحجاج الإماراتيين يأتي ضمن حملة مغرضة يشنها عليها المختلفون مع الوزير.. مؤكداً أن تحديد مواضع المخيمات يخضع لقانون الدولة المنظمة للحج، حيث إن كل مخيم تدفع إيجاراته الدولة حسب قدرات حجاجه المالية ونظراً لأن المبالغ باهظة ولا تتناسب مع إمكانات الحجاجاليمنيين لأنها ستكلفهم أموالاً طائلة مما سيعسر على الكثيرين أداء المناسك، فقد اختارت الوزارة للحجاجاليمنيين المخيمات التي ثمن إيجارها وخدماتها تتوازى مع متوسط قدرات الحجاج.. يعني أن الذي يدفع أكثر يحصل على المخيمات في الموقع الذي يريده فيثبت ذلك سنوياً أو يزداد سعره وكل بلد حسب إمكانات حجاجه وليس للوزير أو الوزارة الحق في تحديد الموضع الذي تريده للحجاجاليمنيين.. بل إن المخيمات تخضع لوزارة الحج السعودية وقوانينها المنظمة للحج. الحلقة الغائبة وعن غياب قطاع الإرشاد المرافق للحجيج هذا الموسم أفاد مدير الأوقاف بعدن بوجود قصور في ذلك.. مرجعاً المسئولية إلى الإدارة المختصة في الوزارة والوكالات المبتعثة للحجاج وقال.. يبدو أن ضعف التنسيق واعتماد كل طرف على صلاحياته قد حرم الحجاج من هذا الجانب الوعظي والإرشادي المهم في المشاعر المقدسة وأتفق معكم في أن الوعظ والإرشاد حلقة مهمة للإسهام في نقل الحجاج من أجواء الدنيا إلى رحابة الآخرة، ومن التعلق بالزائل من الأشياء إلى الرغبة في مرضاة رب العالمين والفوز بنعيم الجنة والمغفرة وتتويج فريضتهم بالعودة إلى أهاليهم كما ولدتهم أمهاتهم، طاهرين من الذنوب، وتخلصوا من عاداتهم وسلوكياتهم الخاطئة وتخلقوا بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وهذه النقطة فعلاً مهمة جداً ولابد من الاستفادة من هذا القصور لتلافيه في الأعوام المقبلة إن شاء الله. الحمامات محدودة العدد فيما يخص ضعف الخدمات في مشعر منى ومشعر عرفة قال مدير أوقاف وإرشاد محافظة عدن: هذا الأمر أيضاً لا علاقة للوزارة به، فالموقع ياأخي تابع للمملكة، والكلام عن تقصير الوزارة بشأن توفير عدد كبير من الحمامات مثلاً يؤكد أن الذين يرددون مثل هذه الاتهامات غير منصفين أو جاهلون بأن المقاول المشرف على بناء الحمامات قد بناها على الحيز المكاني المخصص لها، ولا يمكنه توسيع المساحة.. أما بشأن ماحدث الموسم الماضي من انفجار للمجاري في مخيمات اليمنيين فإن الأخ وزير الأوقاف حمود عباد بحكم علاقته الجيدة مع بعض المسئولين السعوديين قد استخدم ذلك في سبيل إزالة هذه المشكلة، وضمان عدم تكرارها، حيث حضرت كل الجهات المعنية وعملت على إصلاح المجاري، وتنقية وتطهير المكان من مخلفاتها.. وتمت معالجة ذلك نهائياً.. حج وبيع سجائر في المشعر الحرام “منى” برزت سلوكيات تفسد أجواء الحج خلال الأيام الثلاثة التي يبات فيها حجاج بيت الله الحرام ابتداءً من يوم التروية ثم ليالي الحادي عشر والثاني عشر للمتعجل ومعهن الثالث عشر للمتأخر.. وقد تجاوزت التوقعات ولكنها تواجدت ورافقت بعض “الحجاج التجار” إذا صح هذا التوصيف. ولعل أسوأها في اعتقادنا أن بعض المحسوبين على أنهم جاءوا ملبين دعوة خليل الله إبراهيم عليه السلام الناس للحج بأمرٍ من رب العالمين {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فج عميق} اتخذوا موسم الحج لكي يربحوا بعض الآلاف من الريالات على طريقة المثل اليمني المشهور الذي يذم سلوك هؤلاء بقوله “حج وبيع مسابح” أو “حاج وبياع مسابح” إذ إن ذلك يتنافى مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إنما الأعمال بالنيات، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ماهاجر إليه” وهذا لتوضيح أن الأعمال ومنها العبادات مرتبطة بإخلاص النية واتفاقها مع السنة المطهرة لكي يتقبلها رب العالمين.. فما بالك إذا كان الذين يتاجرون قد تحولوا من بيع المسابح والكوافي والطيب وهدايا يجلبها معهم الحجاج عند عودتهم إلى اليمن، أو بيع ما يحتاجونه من الأشياء التي لا تتوافر في منطقة “منى” إلى بيع السجائر التي شحنوها في حقائبهم، فأنواع السجائر اليمنية وفرها هؤلاء وعرضوها على الحجاج للبيع بذات الصورة الاعتيادية التي نرى فيها أصحاب العربيات.. فكان الحجاج الذين عزموا النية على عدم التدخين في فترة الحج وفتح صفحة جديدة مع الصحة والعافية، قد حاولوا تجنب الشراء وتقدير الفترة الزمنية لفريضة الحج، لكنهم حوصروا من هؤلاء باستثارة سطوة عادة التدخين، فانهارت مشاريعهم بالإقلاع المؤقت عن التدخين، واستسلموا وراحوا يدخنون حتى وهم داخل المخيمات خلال تواجد الحجاج فيها، وظهرت مناظر غير لائقة بأناس تركوا أوطانهم وأهاليهم وأحبابهم وأعمالهم ونذروا أوقاتهم لله تعالى لإقامة فريضة عظيمة في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، إلا أنهم جمعوا بين عادتين سيئتين أولاها التدخين الذي يؤذي صاحبه، وجيرانه ورفقاءه من حجاج بيت الله.. فبالله عليكم كيف تجتمع السجارة في فم رجل يلبس الإحرام ويلبي وهو ينفث الدخان من فمه ولا يستحي أن يلومه الآخرون، ويوبخونه أحياناً على إيذائهم.. ثم السؤال هو: لماذا يسمح لبائعي السجائر بالدخول إلى مخيمات الحجاجاليمنيين بوجه خاص، إلى جانب بائعي الفاكهة والمعلبات؟! وأيضاً هل يمكن توصيف الحجاج التجار وإن كانوا يبيعون حاجيات بسيطة إلا أن بيع السجائر في مواضع العبادة لا يليق، فمن الأدب مع الله تعالى عدم إيذاء ضيوفه “ضيوف الرحمن” فمن جمع بين الحج وبيع المسابح أنكر عليه الناس فقالوا “حاج وبياع مسابح” فما بالك بالذين خلطوا مجيئهم من أجل الحج وبيع السجائر، فأولئك يمكن توصيفهم بحجاج وبياعين سجاير وهي تجارة كاسدة حتى ولو كان فيها أرباح كثيرة فلا بركة فيها.. نحن لا نحلل أو نحرم، بل نؤكد أن الحجاج انقطعوا لعبادة الله، فيأتي بياع السجائر ليسهم في إيذائهم سواء المدخنين منهم أم الذين لا يدخنون.. لأن من الأدب مع الله الصوم عن ممارسة مثل هذه العادات التي يدرك أصحابها ضررها الصحي، ومدى آثارها السلبية على تعكير أجواء العبادة في المشاعر المقدسة.