أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار أبو عبدالرحمن النسائي صاحب السنن، الإمام في عصره والمقدم على اضرابه وأشكاله وفضلاً، دهره، رحل إلى الآفاق واشتغل بسماع الحديث والاجتماع بالأئمة الحذاق .. وقد أبان في تصنيفه عن الدار قطني : كان أفقه مشائخ مصر في عصره، واعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار وأعرفهم بالرجال فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة فسئل عن فضائل معاوية فأمسك عنه فضربوه في الجامع، فقال أخرجوني إلى مكة، فأخروجوه وهو عليل، وتوفي بمكة مقتولاً شهيداً ومع ما رزق من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره.(1) يروي ابن خلكان: أن النسائي فارق مصر فيآ خر عمره وخرج إلى دمشق فسئل عن معاوية وما روى من فضائله، فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأساً برأس حتى يفضل ؟! وكان المنحرف عن علي هناك بالشام كثير، ذلك ان اتباع معاوية لا يزالون يتشيعون له ويسبون علياً فأراد الإمام النسائي – رحمه الله – ان يصحح مفاهيم العامة فألف كتابه (الخصائص) في مناقب الإمام علي – كرم الله وجهه- الأمر الذي أغاض أتباع معاوية وضاقت صدورهم عن سماع رأي في الإمام علي، مع وجود مئات النسخ والكتب التي تمدح معاوية ويتداولها الناس في دمشق وما جاورها، فعمدوا إلى الإمام النسائي وقابلوه في المسجد تسبقهم فكرة السوء، فطلبوا من النسائي ان يؤلف لهم كتاباً عن معاوية كما كتب عن علي، فرفض طلب هؤلاء الجنود، مشيراً أمامهم إلى رواية ابن عباس في صحيح مسلم ان الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل ابن عباس في المدينة ليستدعي له معاوية ليكتب له كتاباً، فعاد ابن عباس إلى الرسول يقول : إنه يأكل يارسول الله، فقال الرسول : لا اشبع الله بطنه.(1). وقد مثلت هذه الرواية استفزازً كبيراً وغضباً عارماً على انصار معاوية مما جعلهم يقدمون على فعلتهم الفجة في رفس الإمام النسائي ودوسه في ساحة المسجد وطعن خصبته حتى فقد وعيه، واعتلت صحته، واصفر لونه بعد ذلك ولم يشفه له أحد أو يدافع عنه من هؤلاء واخرج من المسجد الجامع، وطلب من اصحابه ان يرافقوه إلى مكة فرافقوه في أيامه الأخيرة، حتى وصل إلى مكة، ومات به سنة مائتين وخمس عشرة وهو مدفون بين الصفا والمروة. الهوامش: 1 - البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي104/011. 2 - الكلمة والسيف صالح الورداني 100.