أكبر مشروع من نوعه مشروع الخور العظيم على غرار سور الصين العظيم – خور المكلا- أو المشروع الحيوي الهام والذي نفذ في عام 2005م بتكلفة وصلت إلى أربعة عشر مليون دولار تقريباً وكان الهدف الرئيسي لتنفيذ هذا المشروع هو إزالة ما كان يعرف بسائلة المكلا القديمة التي كانت ممراً ومجرى للمياه (مياه الصرف الصحي) وربما أن كلفة المشروع خيالية نوعاً ما لكن عظمة أهميته تستحق أكثر من المبلغ المرصود لتنفيذه ويكبر باعتباره اكبر مشروع خور سياحي على مستوى الجمهورية وعلاوة على أهمية المشروع في التخلص من الوباء والمجاري التي كانت تضايق أبناء المكلا وإزالة الوجه القبيح المتمثل بالسائلة القديمة علاوة على ذلك فإن المشروع يكتسب أهمية كبيرة من حيث إبرازه للمقومات الجمالية للمدينة الفاتنة (المكلا) وحيث صار خور المكلا متنفساً سياحياً ومنظراً جمالياً هاماً وأحد أهم المعالم السياحية بمحافظة حضرموت. تحفة سياحية يقع المشروع في قلب مدينة المكلا ويتوسط المدينة حيث يمتد من بداية ملعب بارادم مرورا بما يسمى بالجسر الصيني وانتهاء بجسر العمودي وهذان الجسران تمران عليهما السيارات وأسفلهما خطوط سفلتة وطرق تخفف من حركة الزحام كما ان ثمة وعلى امتداد الخور جسرين للمشاة يتوسطان “بتفاوت” خط سير الخور بشكل هندسي وجمالي ويقع في طريق مشروع الخور أيضاً شارعان رئيسيان على جانبيه ويفصل خط سير الخور عدد من الأحياء والمناطق والحارات مثل(حي 14 أكتوبر وحي باجمعان وحي بلقيس وحي المحافظة في جانب وكذا حي الشرج والحي التجاري في الجانب الآخر بالإضافة إلى مروره بعدد من الحارات وصولاً إلى نهايته التي تصل إلى البحر في منطقة كبس العمودي وبالقرب بما كان يسمى قديماً ب(الخيصه) وهي المكان الضيق على البحر كما كان يطلق عليها قديماً بالمكلا) وعلى جانبي الخور طرق للمشاة بشكل هندسي بديع لا يتعارض مع الشارعين على جانبيه كما يزدان الخور بأشكال هندسية ومصابيح إنارة ولمسات جمالية أهلته لأن يكون بحق تحفة هندسية سياحية خلابة. من هام إلى مصدر للأوبئة في العام 2008م هطلت أمطار غزيرة على محافظة حضرموت ونتجت من جرائها سيول تسببت بتخريب العديد من الشوارع والمشاريع الإنشائية ومن ذلك مشروع خور المكلا ورغم الحجم الكبير وعظمة مشروع الخور إلا أن كارثة السيول لم تستثنه فقد تعرض لأضرار نتيجة انجراف صخور وأتربة وأحجار ومخلفات عديدة إلى داخله وتحول مجرى أنابيب الصرف الصحي لتصب على الخور بعد ما كانت في شبكة خاصة بها وإضافة إلى ذلك فقد أدت السيول إلى انجراف أعداد كبيرة من الأخشاب والقاذورات ومخلفات البناء إلى داخل الخور. وبذلك يكون قد تحول هذا المشروع الحيوي من مشروع هام إلى مصدر للأوبئة والأمراض بسبب تحوله إلى مجرى لمياه الصرف الصحي إلا أن خور المكلا مازال كما هو حاملاً مشكلته وتحوله لمجرى لمياه الصرف الصحي باختلاط مياه البحر فيه بمياه المجاري التي تصب في داخله حتى مع تجدد مياهه بشكل يومي عبر منفذ البحر إلا أن المشكلة مازالت قائمة لأنه أيضاً وفي المقابل تصب مجاري الحارات والأحياء والمجاورة وإلى داخل الخور ما يجعله ملازماً للمشكلة. دور غائب - ورغم مضي أكثر من أربع سنوات على كارثة السيول إلا أن خور المكلا ما زال يعاني “كما أسلفنا” من أضرار وتشوهات حتى وإن احتفظ بهيكله المعماري وبعض إضاءته الخافتة ولعل أهم تلك الأضرار المخلفات التي تقع بداخله ومياه الصرف الصحي«المجاري» التي باتت تنبعث عنها الروائح الكريهة وأضحى مبعثاً للبعوض الجالب للأمراض والأوبئة والذي بات هو الزائر الملازم لمياه الخور وعلى جنباته بدلاً من السياح والزوار الذين كانوا يتعطشون للحضور للتمتع بمناظر هذه المعلم السياحي البحري الفريد بل إن أضرار هذا المشروع طالت أيضاً القاطنين على جانبيه بسبب انتشار الأوبئة والأمراض التي تتزايد يوماً عن يوم وكل ذلك في ظل دور غائب للسلطة المحلية بمحافظة حضرموت ومحلي مدينة المكلا الذين يتجاهلون إصلاح الخلل وإزالة المشكلة التي تعرض لها خور المكلا فالجميع يتساءل عن سبب استمرار مخاطر الخور الذي تحول من نعمة إلى نقمة. السكان: من ينقذنا من أوبئة الخور؟! السكان القاطنون على جانبي أو بالقرب من منطقة خور المكلا تزايدت شكاويهم بشكل لافت في الآونة الأخيرة تزامناً مع تزايد حجم الأضرار والأوبئة الناجمة عن انبعاث الروائح الكريهة من داخل الخور وتتلقى “الصحيفة” باستمرار الشكاوى التي تناشد الجهات الرسمية والمعنيين بالأمر بالتدخل ووضع الحل العاجل للقضاء على تلك المشكلة. وصار السؤال الذي يرتسم على وجوه القاطنين بجوار خور المكلا هو: من ينقذنا من أوبئة الخور؟! وبنفس الوقت باتت علامات التعجب الممزوجة بخيبة الأمل تخيم على أبناء المكلا بسبب تحول مشروعهم ومعلمهم السياحي البارز “ خور المكلا” إلى مجرى المياه والصرف الصحي ومبعث للأوبئة وانتشار البعوض. روائح كريهة تزكم الأنوف الدكتور.عمر عبدالله العمودي نقيب الأطباء بمحافظة حضرموت وأحد القاطنين على جانب من خور المكلا قال :إن سريان مياه المجاري “ الصرف الصحي” بشكل كبير ويومياً إلى داخل الخور وعدم معالجة هذه المشكلة يجعل خور المكلا منطقة لانتشار البعوض الجالب للأوبئة والأمراض المعدية،هذا إضافة إلى روائح كريهة تزكم الأنوف.. وأضاف الدكتور العمودي: يجب أن ندرك أن استمرار تفاقم هذه المشكلة سيخلق المزيد من الأوبئة والأمراض وبالتالي ينبغي وضع المعالجة الجذرية لهذه الأضرار وهذا لن يتأتى بتحويل مجرى بعض الأنابيب ولا بتشغيل مضخات الشفط لمياه المجاري ولا بإصلاح الأنابيب برمتها ولكن بوضع معالجة جذرية وأساسية تعمل على إصلاح كافة الخلل بما في ذلك إزالة كافة المخلفات حتى ترجع مياه الخور صافية ويستعيد مشروع خور المكلا جماله ورونقه وهذا يتطلب تضافر وتكاتف جهود كافة الجهات المعنية لإصلاح الخلل الذي مازال قائماً. الإصلاح .. قريباً ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هناك جهات كثيرة مشتركة بالمسؤولية في عدم إصلاح الأضرار في خور المكلا مثل صندوق إعادة الإعمار لمحافظتي حضرموت والمهرة والذي انشئ عقب كارثة السيول 2008م.. وكذا المجلس المحلي لمحافظة حضرموت ومدينة المكلا إضافة إلى صندوق النظافة والتحسين بالمحافظة والمكتب المسؤول عن إدارة شؤون خور المكلا وجميع هؤلاء لم نلمس منهم تجاوباً جاداً وبصورة أخرى بعضهم يلقي باللوم والمسؤولية على الآخر ولكن هناك جهة لاشك أنها المسؤول الرئيسي بالمشكلة إلا وهي المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي على اعتبار ان المشكلة الأساسية هي سريان مياه المجاري إلى داخل الخور. مخلفات كثيرة في الخور مدير المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بمديريات حضرموت الساحل المهندس .عوض قنزل قال: هناك مخلفات كبيرة وعديدة في قاع خور المكلا فهي ليست مجرد أحجار أو أنابيب مكسرة بل أيضاً سيارات وخردوات متنوعة كانت قد جرفتها السيول “ آنذاك” إلى داخل الخور ويصعب إزالتها وتنظيف الخور منها بين يوم وليلة وبشكل نهائي حيث أن بعض تلك المخلفات بحاجة إلى معدات وتجهيزات ضخمة وإمكانيات هائلة غير متوفرة ولكن ومع ذلك فقد تم تنظيف الخور من أضرار عديدة ومازال العمل متواصلاً على قدم وساق في إصلاح أنابيب الصرف الصحي وإعادة الخور إلى ما كان عليه في السابق وهناك تطور ملموس وكما أن لدينا مضخات تحول مجرى مياه الصرف الصحي من داخل الخور إلى البحر وقريباً سيتم إصلاح مشروع الخور من ناحية ما يتعلق بعمل مؤسسة المياه والصرف الصحي. خسارة بكل المقاييس المحلات، الفنادق، المطاعم، البوفيهات، العيادات، وكافة المحال التجارية جميعها تضررت جراء تضرر مشروع الخور ويتضايق أصحاب وملاك تلك الأماكن من الروائح الكريهة والأوبئة التي صارت تنبعث من خور المكلا ويطالبون بالتدخل السريع، العاجل لإنقاذهم من الخسائر الفادحة التي باتوا يتعرضون لها بسبب عزوف الناس عن محالهم بعد أن تحول خور المكلا السياحي إلى مجرى للمياه المختلطة بمياه المجاري. ومن المهم الإشارة إلى ان ملاك أو مستأجري تلك المحال “ على تعددها” كانوا قد دفعوا أموالاً باهظة حتى يحصلوا على تلك المحال والمواقع على اعتبار أنها بمحاذاة أو بجانبي معلم سياحي ومشروع استراتيجي وهام وبالتالي فإن هذه المواقع ستعوض ما دفعوه من أموال باهظة لاستئجار أو شراء الأماكن التي يباشرون فيها أعمالهم. خسائر فادحة محمد نجيب صاحب بوفيه قال: بأنه استأجر البوفيه في بداية العام 2008م ودفع مقدماً مبلغ إيجار لخمس سنوات قادمة ولم يكن يعلم أن هذا الموقع الهام “الخور” سيتحول إلى موقع باعث للأوبئة والأمراض وأكد أن هذا ليس حاله فقط وإنما حال الكثيرين من أصحاب المحال التجارية والبوفيهات بل والفنادق الذين حرصوا في البداية أن تكون منشآتهم التجارية بالقرب من خور المكلا. واختتم محمد حديثه: بأن محالهم أصبحت شبه خالية بسبب مشكلة الخور وأنهم تعرضوا لخسائر فادحة.. وإلى جانب خسائر الأشخاص فهناك خسارة كبرى وهي خسارة قيمة المشروع الجمالية واندثار قرابة أربعة عشر مليون دولار إلى أدراج الرياح هباءً منثوراً نظراً لعدم تحقق الفائدة المرجوة والتي لأجلها أنشئ مشروع خور المكلا. إذاً هي خسارة بكل المقاييس لمشروع كلف خزينة الدولة ملايين الدولارات وعجز القائمون عليه عن صيانته أو الحفاظ عليه بالشكل اللازم. المطلوب : معالجة الخلل.. ومحاسبة المتلاعبين وأخيراً يتحتم على المعنيين وفي مقدمتهم السلطة المحلية بمحافظة حضرموت المعالجة العاجلة للاختلالات والمشاكل التي بات يتلظى بها خور المكلا وإذا كان بعض المتنفذين يمنون على أبناء المكلا بإنشاء مشروع الخور رغم أنه حق من حقوقهم فإذا كان ذلك ب«الأمس». فقد أصبح الأحرى بأولئك “اليوم” أن يكشفوا النقاب ويميطوا اللثام عن المتسببين للفساد الذي رافق مراحل المشروع ولم يجعله قادراً على الصمود أمام ما تعرض له. كما ان على المعنيين بالأمر محاسبة المتلاعبين الذين ماطلوا ولا يزالون يماطلون حتى اليوم في إصلاح هذا المشروع الاستراتيجي والحيوي والهام وإنا لمنتظرون.