كثيراً ما فقد المواطن اليمني ثقته بأية قرارات حكومية تنظم سير عمله الوظيفي في المكاتب الحكومية،فعلى مدى حكومات متعاقبة صدرت عدة قرارات تمنع تناول أو مضغ القات في تلك المكاتب أعقبها منع التدخين أيضاً. وطوال تلك الفترة ظلت تلك القرارات حبيسة الأدراج ولم تنفذ على أرض الواقع وتزامناً مع مبادرة شباب بلا قات تنطلق اليوم حملة شبابية ضد القات ترأسها الناشطة هند الإرياني، وتستمر يومين بعنوان” من أجل مراكز حكومية بلا قات تتضمن توعية الناس بأضرار تعاطي القات بالإضافة إلى مطالبة عدد من الشباب ل حكومة الوفاق الوطني بضرورة تنفيذ هذا القرار إلا أن المواطنين والموظفين على حدٍ سواء بين متفائل ومتشائم، فالمتفائلون يرون أن الواقع السياسي في البلد قد تغير بعد نجاح ثورة الشباب بحسب اعتقادهم وبإمكان أن تكون مثل تلك القرارات قابلة للتنفيذ بينما المتشائمون يرون أن مثل هذا القرار سيكون مجرد حبر على ورق وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.. في هذا الاستطلاع سنحاول معرفة عدد من الآراء حول هذا الموضوع فتابعونا. متفائل يرى محمد عبدالحميد موظف في إحدى القطاعات الحكومية أن في حال أن أصدرت حكومة باسندوة قراراً يتعلق بمنع مضغ وتناول القات في المرافق الحكومية يمكن أن يكون قابلاً للتنفيذ ويبرر تفاؤله هذا بنجاح ثورة الشباب اليمني حد قوله في إسقاط نظام كان من الصعوبة بمكان أن يزال فما بالنا بقرار بسيط كهذا .. ويتهم محمود 45 عاماً الحكومة السابقة بالمتواطئة في تنفيذ مثل هكذا قرارات ويرى أنها لم تكن تمتلك الإرادة الصلبة والنية الصادقة للتنفيذ حد زعمه لذلك هو متفائل جداً بأية قرارات ستصدر من حكومة الوفاق. ويمقت الموظف الحكومي عبدالحميد أولئك الذين تنتفخ أوداجهم بالقات في مكاتب العمل رغم مضغه هو للقات لذلك يقول: كثير من الموظفين ينقلون صورة سلبية عن اليمن وعن أماكن عملهم وكأننا في سوق القات. مقوات مصغر بما أن دوام معظم المكاتب الحكومية في بلادنا منذ ال 8 صباحاً وحتى ال 12 بعد الظهر، يستعد كثير من الموظفين منذ الساعة الحادية عشر ونصف قبيل الظهر لشراء “ رزمة ، كلوات ، منديل،...إلخ” سمها ما شئت؛تعددت الأسماء والقات واحد، فيظهر كثير من الموظفين ترك مكاتبهم منذ ذلك الوقت ليعودوا بعدها للتوقيع على حافظة الدوام والمغادرة وكأنهم في سوق قات حين تراهم يتباهون بما شروه والكل يتزاحم في أحد المكاتب .. هكذا يروي لنا محمد السوائي تجربته مع القات في عمله. رشوة!! يُجمع كثير من اليمنيين أن سبب انتشار الفساد والرشوة وسبب كل بلوة في اليمن هو القات فهو كما يصفه الموظف الغلبان وهيب الأكحلي كما يحلو له أن نصفه به: هو سبب كل بلوة ومصفر الجيوب ومظهر العيوب ويجعلك تتيه في كل الدروب وأنت تنتف شعر الشارب والحاجب. ويؤكد الأكحلي أن تفشي الرشوة في المجتمع اليمني سببها القات وأن للرشوة في اليمن مسميات ليس لها في العالم مثيل فهي حق “ بن هادي ، وبن مهدي ، وحق أتعاب، وحق المدير وحق كل شيء” حد وصفه.. ويقول وهيب أن الموظف اليمني حيَّر العالم في معيشته،فالراتب الذي هو بالكاد يكفي إيجار شقة يصرفه الموظف اليمني بثلاثة أضعاف ربما للقات فحقاً الله موجود في اليمن،في إشارة منه للقصة المشهورة حين سأل أحد الأجانب عدد من الموظفين اليمنيين عن حالتهم الاقتصادية وحيروه عندما وجد أن راتبهم لايفي بجزء من متطلبات معيشتهم فمن أين تأتي حق القات ليجد الجميع يرد بعبارة واحدة “ من الله!!”. استراحة مقيل!! كل بيت يمني تصمم على طريقة خاصة تنفرد بها عن كل بيوت العالم فمجلس القات وحمامه من أهم ما يفكر به اليمني قبل البناء فهو يجعله من أولى اهتماماته وقد يستغني عن المطبخ ولكنه لن يستطيع أن يستغني عن مجلس القات وكذلك الحال بحسب عدد من الموظفين ففي كل قطاع حكومي مجلس مقيل مفروش بأحدث المفروشات والمجالس العربية وهذه ميزة أخرى تتميز بها مكاتب العمل في اليمن عن بقية مكاتب العالم والموظف الذي تناله الرعاية الحكومية في تهيئة الأجواء له لاستكمال عمله مساءً.. بهكذا سخرية رد علينا أحد الموظفين الذين لايمضغون القات عن حال مكاتب العمل في بلادنا. مجالس ثرثرة!! يتعذر كثير من الموظفين ويبررون وجود مجالس القات في المكاتب الحكومية بأنها قد تحل كثير من مشاكل العمل واستكمال عمل ملفات متراكمة لايكفي الوقت لاستكمالها في أوقات الدوام حسب زعمهم وأن جلسة قات مسائية تحل كثير من تراكمات العمل وبدون مقابل عمل إضافي.. بينما يرى آخرون أن تلك المجالس ما وجدت إلا للثرثرة ومناقشة أمور تافهة معظمها شخصية ويدللون على قولهم من أن معظم المخزنين هم من خارج العمل وأنهم ربما من شلة ذاك المدير أو ذاك النائب وبحسبهم فإنهم يستخدمون تلك المجالس للهروب من مشاكل بيوتهم فيجدون فيها متنفساً قد لايجدونه في البيت.. لذلك يرى الكثير من الموظفين ومنهم كاتب هذا الاستطلاع أن تفعيل قرار منع مضغ القات في المكاتب الحكومية لن يتأتى إلا حين تقفل مثل تلك المجالس أولاً. فِذَّاحة من بقايا اليوم الأول يصطحب كثير من الموظفين في القطاعات الحكومية والخاصة أيضاً قليل من أوراق القات “فذاحة” فيمضغونها أثناء العمل كمنشط لهم بحسب اعتقادهم وتجعلهم يركزون أكثر وربما يسرعون في إنجاز أعمالهم كما يعتقدون. وذلك وسط مرأى ومسمع من الجميع بما فيهم رب العمل والمصيبة الكبرى والطامة العظمى كما يقول أحمد إسماعيل تربوي حين يأتي أحد الأجانب لاستكمال معاملة له ويرى هذا المنظر الأقرب إلى حياة البهائم كما يصفها.. أنهم والله خزوا بنا كما قالها بالبلدي. حلول يرى كثير من القانونيين والاقتصاديين أن مجرد إصدار قوانين دون تفعليها قد يفاقم من الأزمة ويضعف هيبة الحكومة لذلك يرون أن إصدار القرار ينبغي أن يصحبه حزم وإرادة صلبة للتنفيذ ويذهبون إلى أن مسألة تعاطي القات تهدر مليارات الساعات من العمل سنوياً.. لذلك يقول الخبراء أن مواجهة ظاهرة القات ومنع تداولها في أماكن العمل تحتاج إلى سياسات وإجراءات ينبغي أن تتخذها الحكومة بعد صدور القرار مباشرة وأن يتم رفع ساعات العمل اليومية الرسمية من 7 ساعات إلى 8 ساعات على أن يحدد بدء الدوام الرسمي من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الخامسة عصراً مع ضرورة أن تجهز مقار العمل بمطاعم وبوفيات تقدم وجبات بأسعار مخفضة ومدعومة من جهة العمل. ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد علي قحطان من جامعة تعز أن منع تعاطي القات أثناء الدوام الرسمي في أماكن العمل يجب أن يتبعه تنفيذ حتى تتأصل مسالك حضارية، لتتخلص البلاد من هذه المظاهر السيئة في كثير من مواقع العمل كأقسام الشرطة وأجهزة الأمن. د.محمد علي قحطان: الدراسات العلمية تؤكد وجود تأثيرات سلبية على جسم الإنسان أشارت بعض الدراسات إلى وجود تأثيرات سلبية عديدة على جسم الإنسان... تأثيرات القات على الدورة الدموية لخصها الدكتور محمد علي قحطان في بحثه ومحاضرته التي ألقاها في الملتقى الشبابي الديمقراطي الأول في بيت الشباب بتعز في العام 2007م ومن تلك التأثيرات تفيد الأبحاث العلمية بأنه يوجد في أوراق القات مادة تسمى الإفيدرين تسبب ارتفاع ضغط الدم مع سرعة دقات القلب وخفقانه وكذلك سرعة التنفس وارتجافه، وإذا ما زادت كمية القات المتعاطي، فإن الضغط ينخفض،كما يوجد في أوراق القات مواد منبهة مثل: الكايتين الذي يقوم بتنشيط عضلة القلب مما يؤدي إلى إنهاكها مع تناول القات بصورة مستمرة. إضافة إلى تأثيرات القات على الجهاز الهضمي حيث أكدت البحوث الطبية بأن القات يتسبب في حدوث التهابات للغشاء المخاطي المبطن للفم والتهابات اللثة ويعود ذلك إلى سوء التغذية الناجمة عن ما يسمى بالحلقة المفرغة لتعاطي القات”فقدان شهية سوء تغذية آلام معوية قات لتخفيف الألم وعودة الدورة من جديد” كما أن استمرار مضغ القات يحدث تلفا وتسوسا للأسنان ناجما عن تخمر أوراق القات في الفم وبين الأسنان، وفي المعدة غالباً ما تحدث اضطرابات معوية مصحوبة بعسر هضم لمن يتناول القات وتعتبر ظاهرة الإمساك من الأمور المألوفة لمتعاطي القات، وغالباً ما تؤدي هذه اليبوسة إلى أمراض البواسير بسبب وجود مركبات التانين في أوراق القات. كما أن القات يؤثر على ميتابولزم الدم حيث أثبتت البحوث العلمية بأن القات يحتوي على مواد ماصة للنشويات والسكريات من الأمعاء؛ ولذلك فإن تعاطيه يتسبب في نقص هذه المواد في الدم، الأمر الذي يؤدي إلى نقص في طاقة الجسم ولتعويض هذه الطاقة يقوم الجسم باستهلاك الدهون المخزنة كبديل جزئي للطاقة المطلوبة ومع الاستمرار من الممكن أن ينفذ مخزون الدهون ويؤدي إلى الهزال والضعف الشديد. كما أن الغدد اللبنية هي الأخرى تتأثر حيث أظهرت الدراسات أن الأمهات اللاتي يتعاطين القات لا يستطعن إرضاع أطفالهن بشكل كامل، وهذا يعني أن تعاطي الأمهات للقات يؤثر سلباً على إدرار الحليب الطبيعي عند الأمهات. ومن الناحية الجنسية فإن الآراء تختلف في هذا المجال، فيذكر البعض أن للقات أثراً منشطاً للجنس وينفي البعض الآخر ويقال إن لنوع القات أهميته في إحداث هذا الأثر من عدمه،إلا أن الدراسات العلمية تؤكد أن متعاطي القات بصورة دائمة يفقد قدرته الجنسية غالباً بعد سن الخامسة والثلاثين إذا كان تعاطيه للقات في سن مبكر وغالباً ما يكون متعاطي القات مصاب بسيلان منوي. كما أن حضور جلسات القات والبقاء مدة قد تصل إلى أربع ساعات في غرفة سيئة التهوية وغالباً ما تغلق النوافذ أثناء جلسات القات وبنفس الوقت تتصاعد أدخنة التدخين، فمعظم المخزنين يدخنون بالإضافة إلى ذلك الاشتراك في استعمال المباصق وأكواب شرب الماء وكل ذلك يؤدي إلى سرعة انتشار الأمراض بالعدوى. ومن الناحية النفسية والعصبية تشير بعض الدراسات إلى أن تعاطي القات يولد تصرفات شاذة مثل: حب العزلة أو الميل للثرثرة والكلام غير الهادف والشعور باضطرابات نفسية ، عقلية وعاطفية ويرى بعض الباحثين أن مفعول القات أثناء تعاطيه يمر بثلاث مراحل: الأولى: تنبيه للإدراك الحسي مع الشعور بالسعادة والنشوة والاستجمام والتفاؤل، بحيث تبدو جميع المشاكل سهلة الحل ويرجع ذلك إلى تولد خيال خصب خلال هذه المرحلة، حيث يشعر متعاطي القات بتفتح العقل لمدة تقارب الساعتين أو الثلاث ساعات. الثانية: يحدث تخدير للإدراك والقوة العقلية الثالثة: خمول القوة العقلية مع فقدان القدرة على الانتباه وضعف الذاكرة وتعطيل التركيز. ولذلك يلاحظ أن متعاطي القات بعد فترة المضغ قد يشعر بالبرد في أطرافه ويميل إلى الصمت وقد تخيم عليه الكآبة فيشعر بانقباض النفس وضعف في التنفس مع عصبية وتوتر لفترة قد تطول أثناء الليل، الأمر الذي يؤدي إلى عدم خلود الجسم للراحة والنوم الهادئ وبالتالي التأخر في اليقظة أو الاضطرار لمتابعة الأعمال اليومية بمزاج سيء وعقلية مضطربة تؤثر على العطاء اليومي وتزيد من حدة التوتر إلى أن يأتي ميعاد جلسة القات التالية وهكذا. ت المبيدات الحشرية المستعملة للعناية بزراعة القات: رش القات بالمبيدات الحشرية أصبح عملاً ملازماً لمزارعي القات ولا يخفى ما لهذه المبيدات من خطر على الجهاز الهضمي وبالذات على الكبد وما تسببه من التهابات قد تصل لدرجة حادة تؤدي للوفاة وهناك دراسات تشير إلى ارتفاع عدد المصابين بأنواع مختلفة من السرطانات مردها للاستعمالات المفرطة للمبيدات الحشرية مع زراعة القات وانتقالها لجسم المتعاطي للقات أثناء تناوله. كما أن للمبيدات الحشرية آثار غاية في السوء على الكائنات الحية والتربة الزراعية وعلى البيئة العامة بشكل عام. ومن الناحية الاجتماعية فإن لظاهرة القات انعكاسات اجتماعية كثيرة وتتسبب في تعميق العديد من الضوار والانحرافات الاجتماعية، والتي تتداخل مع الوضع المعيشي والاقتصادي بصورة عامة وتضعف من قدرة المجتمع على مواجهة مخاطر وتحديات العصر التي تعرقل نمو وتطور المجتمع نحو التحديث واللحاق بركب التطور والحضارة وتأمين مستويات معيشية لائقة بالإنسان اليمني. ومن تلك الظواهر الاجتماعية ذات التأثير السلبي المنظور، الناتج عن الاستمرار في تعاطي القات نذكر الظواهر الآتية: أ تفتت العلاقات الأسرية فتعاطي القات يعني استقطاع جزء من ميزانية الأسرة لشراء القات ولوازمه وغالباً ما يكون هذا الجزء المستقطع من دخل الأسرة على حساب تلبية احتياجات أساسية لمعيشة الأسرة، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الأعباء الأسرية كالتدهور الصحي وعدم القدرة على الإنفاق على التعليم وغيره من احتياجات أفراد الأسرة وبالتالي اشتداد حدة الصراعات بين أفراد الأسرة، في كثير من الحالات تصل إلى الطلاق وتشتت كيان الأسرة. وما يزيد الوضع سوءًا هو أن ظاهرة جلسات القات قد امتدت إلى مجالس النساء أيضاً فلم تعد هذه الجلسات عادة رجالية فقط، بل ونسائية أيضاً والأكثر من ذلك أن هذه الظاهرة امتدت إلى صفوف صغار السن والشباب في سن التعليم فتراهم يتجمعون لتناول القات تحت مبرر المذاكرة وهم في الغالب يلهون بعد أن أنفقوا المال الذي تم جمعه من أسرهم على القات. وكل ذلك لاشك يضاعف بصورة حادة الأعباء الأسرية ويدفع بأفرادها لمزالق وانحرافات اجتماعية عديدة. ب عمالة الأطفال: ازدياد ظاهرة دخول الأطفال سوق العمل في وقت مبكر قبل بلوغ السن القانوني للعمل وذلك يحدث بسبب زيادة الأعباء الأسرية المشار إليها سابقاً وخصوصاً عندما نلاحظ أن جميع أفراد الأسرة قد تعودوا على عادة مضغ القات وبالتالي فإن رب الأسرة يدفع بصغار السن للبحث عن عمل بأي وسيلة كانت للحصول على المال، غير مكترث لأي مخاطر تنال الأطفال. ولاشك بأن هذه الظاهرة لا تمثل تحدياً للقوانين والأعراف المحلية والدولية فحسب بل وتهديد شديد الخطورة على مستقبل البلاد وكيانها وأمنها الاجتماعي. ج ظاهرة الهجرة: لمجاراة عادة التخزين تشتد الحاجة للمال فتدفع بالشباب للبحث عن فرص عمل أكثر إدراراً للدخل لمواجهة الأعباء المتزايدة التي تسببها ظاهرة القات، وبالتالي نلاحظ حركة نشطة للهجرة الداخلية الأمر الذي يتسبب في الضغط على التنمية المحلية في المدن وإحداث إرباك في عملية التنمية لا تستطيع معها الحكومة البلوغ لأهداف التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أن الاندفاع الشديد من قبل الشباب في طلب الهجرة للخارج رغم المخاطر التي يتعرضون لها في البلدان التي يهاجرون إليها نظراً لعدم وجود الحاجة لاستيعاب هذه العمالة في هذه الدول، حيث نجد أن طالبي الهجرة من الشباب يسلكون طرقاً خطرة وغير شرعية ويتحملون العديد من المخاطر، لا قِبل للدولة اليمنية في معالجتها. الجانب الاقتصادي هو الآخر الأكثر في الخسارة فمن المعلوم أن الاقتصاد اليمني بصورة عامة يعاني من الركود والتدهور وعدم القدرة على مواجهة متطلبات التنمية المتزايدة وظاهرة القات تسهم بصورة حادة فيما يلاحظ من تدهور لمستوى المعيشة للفرد اليمني وهناك ظواهر عديدة تؤكد ذلك نذكر منها الآتي: أ هدر كبير لأوقات العمل: في دراسة أجريت على عينة من المخزنين تبين أن متوسط عدد الساعات اليومية المهدرة في جلسة القات تقدر بحوالي 4ساعات في اليوم للفرد الواحد، وعندما نأخذ بعض التقديرات لعدد الأفراد الذين يتناولون القات يومياً بحسب بعض الدراسات والتي ترى أن حجم من يتناولون القات بصورة دائمة يومياً ويهدرون ما لايقل عن 4ساعات في اليوم عدد يتجاوز 900000فرد. وبناءً على ذلك فإن الزمن الضائع سنوياً في مضغ القات للعدد المذكور يبلغ (1.314.000.000)ساعة.. وإذا ما أضيف عدد الساعات لمن لا يتعاطى القات بصورة دائمة ويتعاطاه فقط في المناسبات وفي بعض أيام الأسبوع إلى جانب ساعات العمل التي ينفقها المزارعون في الزراعة والتجار في المتاجرة وساعات البحث عن القات في الأسواق فإن الرقم المذكور سيزداد لدرجة مخيفة للغاية ويبعد المجتمع عن صفة المجتمع المنتج والسؤال الهام في هذه المناسبة إذا كانت حالة المجتمع على هذه الصورة فمن أين سيجد الشباب الوقت للإسهام في عملية التنمية والاستمتاع بأوقات الفراغ فيما ينمي أجسامهم وعقولهم ويكسبهم الخبرات اللازمة لحياة مستقبلية زاهرة بالخير والعطاء. ب المساهمة في زيادة الاختلال بين الدخل والإنفاق الأسري: فطبقاً لنتائج مسح ميزانية الأسرة لعام 1998م اتضح ما يلي: متوسط إجمالي الإنفاق الأسري في الشهر للمواد الغذائية 23002ريال. متوسط إجمالي الإنفاق الأسري في الشهر للمواد الغذائية وغير الغذائية 27669ريال. متوسط دخل الأسرة الشهري 29755ريال. وبناءً على ذلك فإن هناك فرق ملحوظ بين إجمالي الإنفاق الشهري للأسرة والدخل يبلغ 2086ريال (29755 27669). وأظهرت نتائج المسح أيضاً أن الإنفاق الشهري للأسرة بالمتوسط على القات يبلغ 3378ريال ونستخلص من هذه الأرقام أنه في حالة إقلاع أفراد الأسرة عن التخزين ومقاطعة جلسات القات فلن يكون هناك مشكلة عجز في الإنفاق بل على العكس من ذلك وبالتالي من شأن ذلك تحسين ظروف الأسرة المعيشية، وخلق ظروف ومظاهر ايجابية في المجتمع بدلاً من الظواهر السلبية التي تحدثنا عنها ونراها أمامنا ماثلة للعيان. ج تدهور زراعة المحاصيل الغذائية وبالذات الحبوب وازدهار زراعة القات: نتيجة لتزايد الطلب على القات فقد ازدادت مساحات زراعته وانتشرت في معظم محافظات الجمهورية بما في ذلك محافظات لم تكن تعرف زراعة القات نهائياً. فبعد أن كانت زراعة القات محدودة في عدد بسيط من محافظات الجمهورية لا تزيد عن خمس أو ست محافظات فقد انتشرت زراعته في 14محافظة. ونظراً لتسارع إحلال زراعة القات بدلاً عن المزروعات الأخرى فإن بيانات الجدول لا تعكس الصورة الدقيقة لانتشار مزارع القات، حيث يلاحظ في الواقع أن هناك انتشار أوسع لمزارع القات في ضواحي المدن وفي الأرياف.والصورة تبدو أكثر سوءاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن زراعة القات تحتاج لكميات كبيرة من المياه ولذا فإن مزارعي القات يلاحقون مصايد المياه الجوفية في مختلف محافظات الجمهورية في الوقت الذي فيه تشكون البلاد من ندرة المياه وعدم كفايتها وتعاني العديد من المدن والأرياف نقص شديد للمياه وهناك تقديرات تفيد بأن المياه المتاحة في اليمن توزع كالتالي 60 % لري القات و20 % للمزروعات الأخرى.