تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    كتائب القسام تسلم جثة ضابط صهيوني أسير بغزة للصليب الأحمر    توقعات بانحسار موجة الصقيع كليا في هذا الموعد؟    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    مفتي الديار اليمنية يشيد بيقظة رجال الامن ويبارك كشف "شبكة التجسس"    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة الشيخ أبوبكر باعباد    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    إصابة 4 مواطنين بانفجار لغمين من مخلفات مليشيات الحوثي غرب تعز    رحلة يونيو 2015: نصر الجنوب الذي فاجأ التحالف العربي    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    الحراك الجنوبي يثمن إنجاز الأجهزة الأمنية في إحباط أنشطة معادية    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    حزام الأسد: بلاد الحرمين تحولت إلى منصة صهيونية لاستهداف كل من يناصر فلسطين    تركتمونا نموت لوحدنا    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    "مفاجأة مدوية".. ألونسو مهدد بالرحيل عن ريال مدريد وبيريز يبحث عن البديل    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    عين الوطن الساهرة (1)    الشعب ينهي مبارياته بتأكيد العلامة الكاملة وأهلي الغيل يحسم الصراع مع الأخضر لصالحه في بطولة البرنامج السعودي للكرة الطائرة    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    الوزير البكري يحث بعثة اليمن المشاركة في العاب التضامن الإسلامي في الرياض على تقديم افضل أداء    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    الهجرة الدولية ترصد نزوح 69 أسرة من مختلف المحافظات خلال الأسبوع الماضي    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    لاعبة عربية تدخل قوائم المرشحين لجوائز "فيفا"    المحاسبة: من أين لك هذا؟    مدير ميناء المخا: الميناء، اصبح جاهز لاستقبال سفن الحاويات    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الصحفي مطر الفتيح يطمئن على صحة الإعلامي القدير عبدالسلام فارع بعد رحلة علاجية في مصر    قياسي جديد.. 443 ألفا انتظار حفل مجيد    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا حدث لدور السينما في عدن؟
نشر في الجمهورية يوم 12 - 04 - 2012

تعد السينما في عدن الأقدم بالنسبة لدول الجزيرة العربية و بعض دول شمال أفريقيا حيث كان أول عرض سينمائي في 1910، ومنذ بداياتها وهي تقدم أحدث الأفلام العربية والهندية والعالمية، بداية بأفلام شارلي شابلن الصامتة ونهاية بأفلام عادل إمام وفاتن حمامة ومحمود ياسين مرورا بأفلام آلفريد هتشكوك و دار مندرا و حلمي رفلة و فريد الأطرش وعبد الحليم وشادية وكمال الشناوي، ماذا حدث لدور السينما في عدن الآن؟ وكيف تحولت تلك القاعات الصاخبة المليئة بشهقات الإعجاب والتصفيق الحاد إلى أماكن مهجورة تثير الريبة و تسكنها الهوام والخفافيش؟
يقول عبد الله علي مقبل مشرف سينما سبأ (شاهيناز سابقا) “ كانت بدايتي مع السينما بائع تذاكر ثم مشرف عرض في سينما المعلا التي كانت تسمى سينما (راديو) لكون تصميم الواجهة شبيهاً بالراديو، ومن أهم دور السينما في عدن أيضا هي سينما بلقيس في منطقة حقات وكذلك السينما الشعبية في الشيخ عثمان وأربع دور سينما لطه حمود الهاشمي وهي ( المعلا راديو سينما) و (سينما هريكن ) و( سينما التواهي) وسينما (الشرقية) ، وجاءت تسمية سينما “هريكن” على اسم طائرة حربية إنجليزية كانت تقاتل الإيطاليين دفاعا عن عدن، كما أطلق رجل الأعمال بيكاجي قهوجي اسم ابنته على سينما (شاهيناز) واسم ابنته الثانية (شاليمار) على البار اللصيق بالسينما، وبعد قيام الثورة والتأميم أطلق على هذه الدور “ 26سبتمبر “ بقرار من وزير الثقافة آنذاك المرحوم عبد الله عبد الرزاق باذيب، ثم أطلق عليها سينما سبأ إلى يومنا هذا، وهذه السينما مملوكة للدولة باعتبارها ضمن المالكين الأجانب”.
وعن مرتادي دور السينما في عدن يقول عبد الله مقبل “كانت سينما شاهيناز تحجز الصفوف الأولى للسفراء حسب الاتصالات المسبقة، كما كان يحضر كبار القادة السياسيين والمثقفين مع أسرهم مثل الرئيس عبد الفتاح إسماعيل و الخامري وعبدالله عبد الرزاق باذيب و سالم ربيع علي الذي كان يفضل الجلوس في (البلكونة)، أعرق الأسر تدخل السينما، كان يوم الأحد في سينما بلقيس مخصصاً للنساء، وكانت السينما تعمل في اليوم ثلاثة أوقات، وقد خصصت الفترة الصباحية للطلاب لعرض الأفلام الوثائقية بالتنسيق مع الجامعة من ضمن تلك الأفلام “ رجال في الشمس “ لغسان كنفاني”.
وحول نفس الموضوع يقول الأخ عارف ناجي مدير العلاقات لواحد من أشهر رجال السينما في عدن وهو المرحوم طه حمود الهاشمي الملقب بمستر حمود “السينما في الأساس مركز ثقافي حيوي في المجتمع ، كان المستثمرون في قطاع السينما في عدن موردين للأفلام في الجزيرة العربية وشمال إفريقيا وكانت الأفلام تعرض في آن واحد في القاهرة وعدن كان هناك رواج غير عادي للسينما في الخمسينيات والستينيات فشتان بين الأمس واليوم، كانت أفلام فريد الأطرش وعبد الحليم وعبد الوهاب تعرض في مصر وعدن في ذات الوقت، بل إن قيمة التذكرة في عدن أعلى من قيمتها في مصر ، للسينما نكهة خاصة زمان في عدن، تشبه إلى حد ما استقبال الناس لأغنية أم كلثوم في الإذاعة أيام الفن الجميل”.
ورغم التقدم الذي حققته السينما كمظهر حاضر بقوة في الحياة الاجتماعية والسياسية في عدن إلا أن نظام علي عبد الله صالح استطاع وبمهارة أن يسيء وبشكل سافر وفج إلى قيم الفن والجمال والثقافة، فلم تهتم الدولة بالسينما فحسب، بل دمرت كل ما يمت للفن السينمائي بصلة، بحيث توقف العائلات العدنية واليمنية بشكل عام عن ارتياد دور السينما بعد أن أفرز النظام السياسي والقبلي والديني نوعية معينة من رواد السينما ممن تأبى الأسر المحترمة أن تختلط معهم ، وفي الجانب الآخر كانت المؤسسة العامة للسينما والمسرح أحد أسباب تقويض السينما في اليمن لما اشتهرت به من استشراء الفساد المالي والإداري وكذلك إهمال دور السينما والتوقف عن تطويرها، بالإضافة إلى الركود العام للحالة الثقافية والفنية بشكل عام مصحوبا بالحالة الاقتصادية المتردية التي أثرت في نفسية المواطن واهتمامه بالسينما والفنون بشكل عام.
يقول الأخ عبد الله مقبل “كانت سينما سبأ وأروى تغطيان نفقاتهما، ولكن بعد تعيين الأخ صفوت الغشم مديرا عاما لمجلس الإدارة للمؤسسة العامة للسينما والمسرح في صنعاء انتهت العروض، ثم توقفت مخصصات السينما كافة حتى مخصصات الكهرباء فتم قطع الكهرباء والمياه وغيرها، بل تم سحب الأجهزة والأفلام الوثائقية التي أنتجتها المؤسسة إلى محافظة صنعاء و منها أفلام وثائقية عن المناورات العسكرية وزيارات الرئيس الراحل سالم ربيع علي بجانب الأفلام الوثائقية التي تحكي عن تاريخ اليمن بشكل عام مع أفلام وثائقية روسية مترجمة ومقاطع لمعارك حية في مدينة الشيخ عثمان، وعددها تقريبا 1400 فيلم وثائقي، كلها سحبت إلى صنعاء بينما الآلات المستخدمة في العرض موجودة هنا في سينما “سبأ” لهذا بقيت الأفلام حتى اليوم في صنعاء دون استخدام أو عرض وحجم الأفلام الوثائقية المسحوبة من عدن والمتواجدة حاليا في صنعاء كبيرة جدا لا تملكها بعض الدول العربية حيث نقلت بخمس سيارات “دينا ” مع آلتين مونتاج وكاميرات”.
وعن الإدارة الحالية للمؤسسة يقول الأخ عبدالله “الأخت هدى أبلان رئيسة مجلس الإدارة حاليا تفتقر إلى الخلفية التي تعينها على فهم الأوضاع في المؤسسة، حراس دور العرض لا يحصلون على معاشهم التقاعدي، وهناك أرشيف كبير لأفلام الستينيات والسبعينيات، فالقنوات الفضائية لا تملك حق عرض الفيلم بينما نحن نملك حق العرض كمؤسسة تابعة للدولة لهذا إذا ما أدركت المؤسسة العامة للسينما ذلك ستصبح أكبر مؤسسة في الشرق الأوسط، كما أن المخصصات المالية للمؤسسة العامة للسينما ما زالت ترصد حتى اليوم إلا أن عملية توجيه الصرف هي الأساس وراء مقتل المؤسسة العامة للسينما، فيجب أن تتكاثف الجهود اعتبارا من أعلى هرم في السلطة مع وزير الثقافة الذي بدوره يجب أن يدرك أن السينما هي الفن السابع وإذا انتهى هذا الفن في البلد ستتحول المحافظات كافة إلى محافظات نائية، وعلى القيادة أن تستغل وجود البنية التحتية لإعادة الحياة إلى السينما يجب الاستفادة من الكوادر الموجودة التي خسرت عليها الدولة”.
وفي ذات السياق يقول الأخ عارف ناجي “ السينما أهملت، و آخر أمل لنا كان في « خليجي 20 » حيث تم إعداد الفنادق وعدن بشكل جيد لاستقبال هذا الحدث ، ولكن مع الأسف لم يتم إعادة تأهيل دور السينما من جديد من حيث الترميم والتكييف، فقد تحولت بعض دور السينما إلى قاعات أفراح ، بل بيعت جراء حالة الإحباط التي شعر بها المالك طه حمود بعد التأميم الذي طال أغلب ما يملكه، وقد كان ذلك ضربة أيضا للاستثمار في مجال السينما في عدن حيث أخذت عدد من عجلات الأفلام التي كانت لدى طه حمود إلى المؤسسة العامة للسينما ومع ذلك لم تستفد منها المؤسسة ولم تعدها إلى الملاك ، كما لم تقم المؤسسة بأعمال الصيانة بل قامت بالتعدي على أملاك المستثمرين في السينما”.
و كان لعدد من المواطنين رأي حول السينما وذكرياتها في عدن من الخمسينيات وحتى الثمانينيات ، يقول أحمد فريد – 60 عاما - من سكان مدينة عدن “ حتى الآن مازلت أذهب إلى سينما “هريكن” استذكر أيام الشباب والصبا التي كانت فيه السينما تعج بالبشر وكان صاحب “ الحنظل “ يدور على الناس ومازالت أصوات قوارير المشروبات الغازية في ذاكرتي، فيا أيها العاملون في الصحافة و الإعلام طالبوا باسمنا لعودة الحياة إلى مباني دور السينما في عدن”.
وتقول أسماء حميد - 54 عاما “كنا نستعد لمشاهدة الأفلام السينمائية كأسر وجيران وصديقات ونحضر الحنظل واللوز “ ونلبس الثياب الأنيقة، أما اليوم فقد أغلقت دور السينما ، و أصبحنا نشاهد الأفلام بالتلفاز والمسلسلات في التلفزيون وجاء انشغالنا في الهم الخاص والعام ليبعدنا عن ذكريات السينما وأيامها الجميلة إن هذا الجيل الذي لم يتعود على مشاهدة السينما في ظل جمع غفير من الناس أصبح محروما من جو الألفة والإحساس بالمشاركة مع الآخرين كنا نضحك معا و نصفق معا ونتألم معا”.
ويقول محمد السقاف 70 عاما وهو يتنهد : “زمان كانت السينما مكاناً تزوره الأسر العدنية باستمرار، في عدن كنا نشاهد أفلام “ روبن هود” و“فريد الأطرش”، وكانت هناك نجمات شباك شغلنا الشباب في ذلك الزمان، بإغلاقهم لدور السينما إغلاقاً للحياة الثقافية والاجتماعية وأهم متنفس عاشها المواطن في عدن”.. ولكن رغم كل شيء مازال الأمل قائما في أن يكون هناك تغيير جذري في عمل المؤسسة العامة للسينما والمسرح وغيرها من المؤسسات والوزارات التي من شأنها أن تهتم بالفن والثقافة في اليمن، وأن تعيد لدور السينما في عدن بشكل خاص ومدن اليمن بشكل عام حياتها ودورها الثقافي والسياسي والاجتماعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.