بدلا من ان يذهبوا ويصدروا الفتاوى ويطلقون التحذيرات مما يجري في ابين و صعدة وحجة أو حتى في مفاصل مدينتهم تعز، اقدموا على انتقاد بنطلون الجينز على غرار ما ذهب اليه من سبقهم،ممن اصدروا فتواهم الجديدة عبر كاست عجيب يحذرون به من بشرى المقطري ويصفونها بالمرتدة هذا استجرار غبي لحادثة تناساها الناس.يوم كتبت بشرى«سنه اولى ثورة»ولا يبدو غير ذلك. لا يحاولون الدخول في اثارة ما يخدم الوطن في وضعه الراهن.غير ان اخواننا اخذون في استحضار القضية وصاحبتها في طريقهم وكلما احتاجوا اليها نفخوا فيها،لتشتعل مجدداً يجعلون منها مشبوبة على الدوام،لا ندري لماذا يجري كل ذلك؟مع اننا رحبنا بالحالة التي ينوي اخواننا السلف ومن لف لفهم بالدخول اليها، حينما قرر بعضهم المضي في الحياة السياسية، المدنية تقدموا بتشكيل حزبهم الاول، لكن على ما يبدو سنظل نأمل ممن تبقى منهم خارج اطار الحزب المعلن، من اصحاب الوجوه الشوكية ان يحاولوا الانخراط في العمل المدني الذي نطمح بأن يشكل إضافة جيدة في خدمة البلد من خلال حزب «اتحاد الرًشاد السلفي» وليس من يشكل بقاؤهم في تجمعاتهم الشاردة مسألة مريبة،أيضاً تبدو ضآلة مضلة، اكثر من أي وقت مضى والسبب ان العقلاء منهم اتخذوا طريقاً مكشوفاً بينما هؤلاء الافاقون ماضون في نهج الولولة والصراخ. هذا التنديد ببنطال جينز لا يختلف عن الكاست الذي صدر قبل ايام، استدعى الحادثة التي اثيرت ضد بشرى و ما تعرضت له قبل اشهر وذلك لا يبدو منطقياً،هذه تبعاته تنبئ عن تصرفات عدمية،ونوايا غير متسامحة،انه ينذر بعودة سيف التكفير، التخوين وتجريح الناس انه يضرب من جديد. من سيعتبر بأن هذا دفاعاً عن الجينز،وهو ليس كذلك او دفاعاً عن صاحبته، فهو واهم ان تمسك الناس بحريتهم الشخصية، ورغباتهم في تفصيلاتهم الحياتية المختلفة(سياسية،اجتماعية)هي ما تقوم من اجله الثورات،وتثور لغيابها الشعوب،لا قيمة للثورات إن لم تقدم للناس حقوقهم.تنصفهم في تطلعاتهم و تمنحهم الخصوصية التي يحلمون بها،فلا التفسخ قائم في هذا البلد ولا الانحلال يأخذ مأخذه،كما يحاول البعض استخدامه فزاعتهم المعهودة، ان الافكار التي يحاول اصحابها ان يصدروها اليوم،لا تبدو أبعد مما اقامتها جماعات طالبان في افغانستان، وكما اقدمت على تدمير حتى التماثيل وغلفت المرأة، يحاول اليوم البعض هنا إرساء ثقافة الخوف والإقصاء، والتلويح على الاخذ بالطريقة الطالبانية. من افتوى قبل اشهر من منطقة «معبر» ضد نوبل توكل كرمان،حاولوا افساد اللحظة،هاهم يعاودون اليوم من بوابة جينز بشرى، وتلك صرختهم المفرغة من مضمونها الإنسان الحر، انها مجرد دوافع إلى الغوغائية،اقرب إلى تقويم الحياة. لقد حصلت توكل كرمان على جائزة نوبل،ورفعت من شأن المرأة العربية الي مصاف العالمية، ولم تكن هذه السمعة الطيبة لكرمان وحدها، انها لكل اخواتنا وأمهاتنا اليمنيات، والواضح الآن ان هذه الجائزة تقوم بتنظيف ما علق بسمعة المرأة اليمنية وما لحق بها طيلة عقود، متخلفة،غبية.ان صح مثل هذا الترويج السيئ، لا احد يساءل عنه وعن مصدره سوى الرجل، هذه تهمتنا الوحيدة التي لا نستطيع ان نعترف بها،او حتى نتحدث عنها في العلن، وأتحدى من ينتقدون مظاهر هذه المرأة او غيرها بسبب لبسها او مظهرها، ان يقف في وجه اخواته او بناته في حال قررن اقتناء الجينز او لبسه. نحن على مشارف زمن نظيف،ومستقبل جديد نقي، نأمل ان يبدأ كذلك، او انه قد بدأ بالفعل، لا نريد لإخواننا تعكيره وإثارة الغبار،وتلطيخ النفوس بقضايا جانبية صغيرة. بشرى قد تكون اخطأت،لا نبرئها من نزوة قلم،و منذ اثيرت ضدها ولائم النواح، و اطلقت البيانات الطويلة والقصيرة في لحظة لا تحتمل.نندد،ندين ونكفر ونحاكم، ليس من الطبيعي ان يتمحور في مثل هذه اللحظات الوطنية التاريخية هذا السخف الغريب،ويعتلينا سجال الأفكار حول الإسلام والكفر،ما لله دعوه لله،وما للشيطان-لا شك–سيناله، لو أردنا التخلص من نوعية هذه الممارسات بتجاذباتها الغبية الآن، فإن تجربة حركة النهضة الدينية في تونس مشرقة،ولا تختلف عنها كثيراً حياة الإخوان في مصر(لو ارادوا ان نتغنى بهم)،و ربما لو قرروا ان يسيروا في طريق واضح جريء، تصلح تلك التجارب ان نستمد منها ولو طرق الاختلاف والأخذ بحق الاخرين؛لتبقى الصورة ناصعة،لا المغالاة بالدين والبحث عن العسر في ابسط القضايا، بقصد نشوب المعارك الخاسرة ليس إلا. لا أريد ان ازكي احداً ولا أدين آخر، يجدر بنا ان نذكركم يا من منحتم الرئيس السابق الجائر كل تجاهلكم عن ما اقترف لا بل وذهبتم ابعد من ذلك وبعضكم يصدر الفتوى على ان الخروج عن الحاكم يعد ضلالة ، عليكم ان تفكروا قليلا،على أنكم تسامحتم مع منظومة نظام قذر،خرج عن كل دساتير الأرض و شرائع السماء،عبر أسوأ صمت تأريخي حدث، وتجاهلتم مذبحة الكرامة وإحراق ساحة تعز وأبين وغيرها من جرائم حاكم،ديكتاتور،قاتل،مجرم، متعجرف،ماكر،ونسيتم ان تتغاضوا عن هفوة بشرى،لو حقاً أخطأت،وها انتم تتبعونها بتفاصيل ملابسها وتطلقون فتاوى الردة والكاسيات،وانتم ترقصون على وقع سذاجتكم. اين كنتم يوم ان كانت هذه المرأة تتعرض للملاحقات والمضايقات من فرق البلطجية،وكتائب القتل.كانت اشجع منكم،انها من أوائل من خرجن إلى ساحة الحرية،تقدمت صفوف مسيرة الحياة، بعد ان قاده زميلاتها في شوارع تعز،استمرت طيلة العام وما تزال حاضرة في ساحات الحرية والتغيير،تنادي بإسقاط بقايا النظام ورحيله،ولم يغفر لها كل هذا، حتى تصبح الآن في عداد المارقين المرتدين، مرة عبر الكتابة وأخرى بسبب مظهرها، و يجب ان تتوب عما اقترفت وترجم،عليها ان تسارع بالعودة من رحلة الغواية. أعرف ان بشرى كانت في غنى عن ما استخدمت-منذ مقالها الاول-في بعض الجمل والتوصيفات،لكن ذلك أيضاً كان بينها وبين الله،وهو القادر على ان يأخذ حقه،ويتجاوز عن المسيء.«ويعفوا عن كثير». مؤخراً شكل رفاقكم حزبهم ولم يأت ذلك من فراغ كان ثمن تضحيات الشهداء رجالاً ونساءً قدموا حياتهم من اجل ان تصلوا انتم الى هذه الحظة، بينما كنتم في غيكم تعمهون لنقل هذا ونكون صريحين إلى اقصى حد منصف، كان هذا بفضل الشباب المتنور وخاصة النساء اليمنيات التي ضربن اروع المشاهد في النضال بالساحات والمسيرات. بهم ومعهم استطعتم كرجال ودعاة ان تدخلوا الحياة السياسية من باب الثورة الطازجة والتغيير، وتغييب«الرئيس السابق» الذي ظل يستخدمكم فقط للصيد بالفتوى ولم تفكروا قبل الآن ان تقوموا ولو بخطوة واحدة جريئة كأن تقدموا عن تشكيل الحزب مثلاً في عهده. وها أنتم تتجاوزون كل ذلك،عبر احد مشايخ الغفلة من الجماعة في تعز، اصدار كاست جديد يدعو فيه لمحاكمة من اسماهم بالمرتدين وفي إشارة واضحة هدد وتوعد بشرى المرأة الثائرة، صمتنا عن إثارة مثل هذه الترهات،فباغتنا صبي آخر بالتحريض والشتم لمجرد ان امرأة ارتدت الجينز يجري التشهير بها وبحقها على كل المستويات. لم تعد تثيركم المحارق والمسالخ البشرية،والقتل المجاني الذي يجري في لودر اليوم.وقبلها انواع المجازر التي خلفها القناصة والمجرمون طيلة سنة بالجملة وبالتجزئة،حتى يجري جرنا إلى مزالق غيبية ذميمة، دم الشهداء لم يجف بعد وما تزال المستشفيات تعج بجرحى الثورة و مصابيها.لم تتوقف دموع الأمهات الثكلى والأبناء اليتامى،هم من يجب ان نلتفت إليهم،لا ان نتفرغ لبشرى وما تكتب،او ماذا ترتدي اليوم؟وماذا ستكون هيئتها غداً.؟ثم نذهب لنبالغ في ذلك حد استهدافها شخصياً والتشهير بها عيانا بينا.كما حدث قبلها بفترة قليلة من استصدار كاسيات،التكفير والتهديد ،والوعيد. حينما اثيرت تلك الضجة المقيتة، وعبر بعض شخصيات من حزب الإصلاح، شعرنا معها فعلاً انهم يريدون ان يتجنبوا ان يكونوا كحزب طرف في إثارة هذه القضية؛قال لي صديق يومها(وانا هنا لا أتجنى او ادافع عن الإصلاح كحزب او عن اشخاص)متدينين او محافظين.اتحدث عن مواقف بعض معتوهي التضجيج التي اجتازت حالتهم حينها المدينة، و ان كان عليً ان اعزز ثقتي بصديقي الاصلاحي الشاب الودود وهو محسوب على الجناح المعتدل عبر ما قال، على ما اتذكر بأنني قلت له يومها: على الاصلاحز ان يتخذ موقفاً واضحاً،وإيقاف كل هذا الهراء ولم يكتف بمجرد المحاولة في ردع عشاق التكفير،هواة الفتاوى،و هل ستكتفون بزجرهم.؟اضفت. في اعتقادي بقينا ما يزيد عن اسبوعين ننتظر ما الذي سيتخذه الإصلاح من الموقف الاول في تفجير الحادثة،حتى لحقت خطبة الجمعة التي انبرى اليها عبدالله احمد علي العديني يومها حرض علناً ضد بشرى، كانت تلك تداعيات حالة التضجيج التي قادها النائب في الدائرة 35 ولحق بها ما لحق ولم انس اني قلت لصديقي الاصلاحي مرة اخرى عقب جمعة عبدالله العديني، وجمع التوقعيات وإصدار البيان و كانت نبرته تش بحزن لما يستطع ان يخفيه وهو يرد عن اسئلتي، مع انني اعرف بأنه ليس من صناع القرار في الحزب او قريب منهم حتى.قلت نهاية حوار طويل ضجة وتختفي حصل ذلك وصمت الجميع، وبدأت القصة بالاختفاء التي اخذت مأخذها من الظنون والشكوك التدريجي.حتى سارت الي الغيب. وما زلت متمسكاً بيقيني بأن المقطري لم تحاول ان تفسد الثورة يومها، وإلا لماذا خرجت وعرضت حياتها اكثر من مرة للخطر كما يقول رفاقها، المهم انتهت الحالة التي وقعت ولم نشهد ما من شأنه ان يفجر حلقة غير مستحبة من المجهول وربما الظلم.غير اننا نخشى حتى اللحظة من التداعيات الغيبية التي ما يزال البعض يستدعيها بدون هوادة.من مرة الى أخرى كما فعل اخواننا من شلة الفتوى في حكمة تعز، وأصبح يستدعيها الصغار والكبار في كل شاردة وواردة. عاودت الحادثة آخذة بعداً آخر جديداً وهذه المرة ليست مع محبين الظهور ربما من محدثي الجلبة في الإصلاح.ولم يحبذها صف متقدم في هرم الحزب، الجيل الثاني يترك ايضاً انها عبر مجموعة من صبية الفيس بوك في العالم الافتراضي وحرافيش الواقع من السلف، ابناء العالم الافتراضي المزيفون يعرضون بالمرأة بغرض التشويه، والإخوة يتجمعون كما يحدث،يخطبون محذرين من مغبة الأخت.ونزواتها الصبيانية كاجترار للحادثة الاولى، وليس لشيء ربما إلا لإفساد حالة مرور ثورة التغيير بالوطن بحريته المرجوة الى حيث يأمن من كل الشرور كأنه مكتوب عليه وعلينا ان نشقى في ظل زفة الجماعات بكل اصنافها وفي كل حين. إنهم لا يشعروننا بأن القادم سيكون بخير، و مهما استبد بنا هوى الحرية،لن نطال أكثر من الخيبات الخانقة، ان واجب الندامة في هذه الثورة؛يقودنا إلى الصمت والقهر المسفوح داخلنا،إيانا ان نفكر أننا ناضلنا،هتفنا ضد الطاغية وحزبه،إيانا ان نحسب أنفسنا من أولاد الثورة العصرية؛البياض،التي لم تأت من دشم العسكر وانقلابات الليل. نحن لا نتبع حركة 11 فبراير في تعز ولا 15 يناير في صنعاء،او ساحة التغيير في كريتر. اريد ان انفصل عن هذه الثورة العاقر،الآن مع هذا الفحيح الذي يتصدره الاوغاد والأغبياء، نريدها ان تتخلى عنا قليلاً لنرتاح من كل هذا الفحيح المتكالب من نوافذ التكتلات والتحالفات،اليسارية،الاسلاماويه السلفية المتشددة،الناصرية ،البعثية،المؤتمرية ،الاشتراكية، السنية،الشيعية،المذهبية،الطائفية،الشمالية، الجنوبية. نريدها ان تتركنا وشأننا المقهور،لم تكن هذه الثورة أمنا العذراء بالديمقراطية والتسامح،والتغيير.لسنا أبناءها الأشقياء، النبلاء،الأحرار،الشهداء،الموتى،ولا الجرحى. لسنا الأحياء خارج حضنها المفعم بالتيه والدفء،أمنا الحنون شاخت قبل ان تتذوق الصبا التونسي او المصري،او حتى الليبي.لم تدرك بعد كنه حقيقتها،كم همست لك يا بشرى ولنا وللرفاق بإيقاعات جسدها المثخن بالحراب وبالسيوف و بالبنادق،بإيماءات أصابعها كي ندخل نسغها حتى النصج الاخير،لتعرف من أي جذور تتشرب غير الدم والدموع،من أية تربة تتغلغل في الحياة إلى جذعها الذي اشتد عوده،فنحنا على عجل.ونشعر بأنه يتجوف. على اثر فائض هذه النضالات أصبح لدينا كساد مناضلين ومناضلات، غاضوا أعتى نظام دكتاتوري،قبلي،عسكري، فأسقطوه،ومع ذلك لم تعد تعنينا ساحة التغيير عدن كما وان ساحة الحرية في حضرموت او الحديدة؛لاتشبه ميولاتنا الثورية ولا سحنتنا البحرية مالحة الأحزان. لا شيء انفذ من المرارة تجعلنا نكتب عن سيف التكفير،والتخوين،و رفاقهم من مصدري الكاسيات من الافاعي المختبئة في جحورهم الأكثر شمولاً من النظام«العسقبلي» المجرم، نحزن طويلاً على ما تؤول اليه الامور تباعا لكننا على يقين أنه غير مستحب ان يجترنا طابور المؤولين الأغبياء،المتغنين بالدعوة وهم بعيدون عنها لن يجترنا الإخوة والأصدقاء إلى حلبتهم الموحلة بالفتاوى والكاسيتات، في صرعاتهم الاخيرة.يثيرهم الجينز،و يصدر بعضهم الفتاوى، كأنهم خلفاء الله في ارضه. لا اعتب على من يولون مظهر المرأة او كتابتها فهم قصير.في الأول والأخير انهم بشر،منهم من يصيب ويخطئ ولكن ما لهذا الوطن يواصل جاهداً ان ينصب ألف مشنقة ومشنقة حول هذه الحرية المكبوتة في مهدها ويتبعها بعد كل هذه الدماء والشهداء بقناصة الجينز والكاسيتات برماح فتواهم المصوبة ضد حرية وطن قبل ناسه.