عودة خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق بوادي حضرموت بعد انقطاع دام ساعات    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    عاجل : التلفزيون الإيراني يعلن رسميا مقتل رئيس البلاد ووزير الخارجية في تحطم مروحية    صيد حوثي بيد القوات الشرعية في تعز    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    تغاريد حرة.. هذا ما احاول ان أكون عليه.. الشكر لكم    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    شيخ الأزهر يعلق على فقدان الرئيس الإيراني    تناقض حوثي مفضوح حول مصير قحطان    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    الوزير الزعوري يتفقد سير العمل بمشروع إعادة تأهيل شوارع ومداخل مستشفى المعاقين ومركز العلاج الطبيعي عدن    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحديات والأولويات الاقتصادية لحكومة الوفاق الوطني

بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي GIZ مارس 2012: على مدار الخمسة اشهر الماضيه قام فريق متخصص ومستقل بالتعاون مع المؤسسة الالمانية للتعاون الدولي GIZ بتحليل الوضع القائم مستنداً على التطورات التي شهدتها اليمن وما زالت آثارها قائمه حتى الآن و على ما توفر من معلومات تم إعداد وطرح اهم النتائج والتوصيات في هذا التقرير المختصر والذي يتضمن ما يلي:
1- وصف عام للوضع القائم وأهم التحديات التي يجب على الحكومة الانتقالية مواجهتها من خلال استعراض أهم المؤشرات الاقتصادية الكلية واتجاهات تطورها وما يترتب عليها من الناحية الاجتماعية والاقتصادية.
2 -اهمية مواجهة بعض القضايا الملحه والتي تمس المواطن والسلم الاجتماعي بشكل عام.
3 -توصيات محدده لمساعدة الحكومة وأصحاب القرار في اليمن لمواجهة أهم القضايا الملحة في الأجل القصير.
إن هذا التقرير لا يتضمن الآليات التنفيذية اللازمة لمواجهة القضايا الملحه ولكن يشير وبوضوح الى التوجهات الضرورية التي يجب اتباعها من وجهة نظر فنية مستقلة ولا تمثل هذه التوجهات بالضرورة وجهة نظر المؤسسة الالمانية للتعاون الدولي GIZ.
ورثت حكومة الوفاق الوطني جبلا شاهقا ومتنوعا ومعقدا من الموروثات والمشاكل والأعباء تراكمت على امتداد عقود من الزمن تكاد بعضها تكون عصية على الحل أو حلها يحتاج جهود جبارة وتضحيات جسيمة وتدخل عاجل لا يقبل التأجيل وعدم مقاربتها وتحديها يعني الفناء الحكم على هذه الأمة العريقة في التاريخ بالتخلف القاتل والدمار. وهذه التحديات تتنوع بين الفقر الواسع النطاق والبطالة الخانقة والتضخم الجامح، وانخفاض مستوى الدخول ، ومحدودية الموارد المالية والاقتصادية واعتمادها على مصدر وحد والتخلف الاقتصادي والاجتماعي، وشح الموارد المائية وتدهور البيئة الطبيعية، وتدني مستوى المهارات والكفاءات على كافة المستويات ، وتخلف الهياكل الإرتكازية للنمو والتنمية ، وانعدام الاستقرار ، بما في ذلك الاستقرار الأمني والسياسي وتخلف المستوى الصحي والتعليمي ، و باصطلاح آخر تخلف مؤشر التنمية البشرية ورأس المال البشري ، والقائمة طويلة.
مواجهة هذه التحديات والمشكلات دفعة واحدة وفي ظل الظروف والإمكانات المتاحة يعتبر ضرب من المحال.وبالتالي لا بد من تصنيف تلك التحديات والمشكلات وترتيبها على أساس من الأولويات الملحة التي لا تقبل التأجيل وكون عدم إيجاد حلول لها في الحال يمكن أن يقود إلى انتكاسة العملية السياسية برمتها ، او تفتح شهية الطابور الخامس إلى فتح باب الثورة المضادة ، وتمرر مشاريع وأيديولوجيات القوى المتطرفة على أشكالها المختلفة وتدفع بالمجتمع إلى حالة طويلة من الاضطراب الأمني والاجتماعي وعدم الاستقرار. وتأسيسا على ما سبق فإن ضرورة تأسيس سياق بناء لاستعادة الاستقرار من شأنها خلق ديناميكيات اقتصادية وسياسية واجتماعية سريعة ، صلبة ومستدامة يعتبر حاجة ملحة لا غنى عنها لتجاوز المحنة اليمنية، ومن بين أهم عوامل هذا السياق ما يلي:
ا) استعادة الأمن والاستقرار في عموم البلاد بصورة كلية ومنتظمة والدفع بجهود التوافق السياسي إلى الأمام
ب) وقف حالة التدهور الاقتصادي المتسارع والبدء في سياسات التثبيت الاقتصادي والمالي والنقدي ، وتوفير الحد الأدنى الممكن التعايش معه من الخدمات العامة واحتياجات السكان الأساسية.
ج) خلق روح الإجماع والمشاركة المجتمعية، وحفزها وتطويرها للعمل كصمام أمان تغدو معها المصلحة العامة هي غاية ومرجعية الممارسة السياسية خلال المرحلة القادمة.
وتركز المجموعة عملها وجهدها على البعد الاقتصادي ثلاثية البناء لإعادة الاستقرار بحيث يتسق مع مشروع مستقبل بناء اليمن ويأخذ في الاعتبار المسائل التالية:
• إمكانية تحقيق نتائج سريعة
• إمكانية توفير الموارد والمتطلبات الموضوعية لتنفيذ هذه الخطوات على ارض الواقع.
• اتساق هذه الخطوات وانسجامها مع المرحلة السياسية الانتقالية ومع متطلبات الإصلاح الشامل من ناحية ، ومع شروط تعزيز بيئة الأداء التنموي المستقبلي وعدم تأسيس تشوهات اقتصادية راهنة أو مستقبلية من ناحية ثانية.
ومن هنا فإنه يمكن ترتيب الأولويات على ثلاثة أجال :
1. أولويات قصيرة الأجل
2. أولويات متوسطة الأجل
3. أولويات طويلة الأجل
إن مجموعة المستشارين الاقتصاديين، وهي مجموعة وطنية طوعية مستقلة، وانطلاقا من خبرتها ودراستها وتحليلها للوضع اليمني بصورة عامة والوضع الراهن بشكل خاص، وبكون أصحابها أعضاء في هذا المجتمع يحسون ما يحس به أبناؤه ويعانون ما يعانونه مع فرق في الدرجة فقد توصلوا إلى أنه يتعين على حكومة الوفاق أن تحشد طاقة المجتمع اليمني بأكمله على أساس القناعة والرضى والمشاركة والإحساس المشترك بخطورة المرحلة، وبالشراكة مع أصدقاء اليمن على التصدي للمشكلات والتحديات الماثلة في الأجل القصير، باعتبار ذلك أولوية قصوى تجنب اليمن الارتداد والانتكاسة، وتفسح الطريق أمام التخطيط الاستراتيجي على المدى المتوسط والطويل ووضع خارطة طريق محسوبة وموضوعية للانتقال إلى مسرح التنمية والنهضة الشاملة غير القابلة للنكوص؛ لأنه من دون معالجة الأولويات الملحة والعاجلة في الأمد القصير فان الحديث عن مقاربات الأجل المتوسط والطويل سيكون أمر غير منطقي. ونقصد هنا بالأجل القصير المهام الاقتصادية والاجتماعية على مدى السنتين القادمتين من المرحلة السياسية الانتقالية.
الأولويات الاقتصادية لحكومة الوفاق الوطني في الأجل القصير، أو يمكن أن نطلق عليه سياسة التثبيت الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي والتي نصنفها على النحو التالي:
أولا: التخفيف من الفقر:
تشير التقديرات المختلفة، استنادا إلى واقع ومعطيات الفقر قبل الأزمة وما بعدها، إلى أن عدد السكان الذين يقعون تحت خط الفقر الوطني يبلغ اليوم على أقل تقدير 50 % من إجمالي السكان إن لم تكن هذه النسبة قد بلغت 60 %، ولا يقل عن 40 % من الأسر اليمنية ليست مؤمنة غذائيا. وهذا يعني أن هناك 12-13 مليون شخص رابضون في خنادق الفقر ، ونحو 10 ملايين شخص مؤمنين غذائيا. وهذه الملايين من البشر لا تحتمل البقاء فترة طويلة ساكنة من دون ردود أفعال غير محسوبة النتائج. كما أن التخفيف من معاناتها مهمة جسيمة ومعقدة ومكلفة للغاية.
وبحساباتنا ، تحتاج الحكومة إلى عشرة سنوات لخفض هذا العدد إلى النصف مع شرط تحقيق نمو اقتصادي مستدام بمعدل 7.2% أو بحوالي 6.4 نقاط مئوية خلال المرحلة السياسية الانتقالية التي عمرها سنتان وبما يعادل 1.6 مليون فقير من أصل ثلاثة عشرة مليون ، وهو امر يتعذر على الحكومة الحالية تحقيقه في الظروف والمعطيات الراهنة ، وكان قد تعذر على جميع الحكومات السابقة بعد قيام الوحدة في الظروف العادية. وفي حال تمكنت حكومة الوفاق من استعادة النمو الاقتصادي السائد في الخطة الخمسية الثالثة والبالغ 4.5% سنويا في المتوسط وهو أمر مطلوب وأن كان صعبا لأنه يحتاج إلى درجة عالية من التنسيق والانسجام بين كافة برامج الحكومة وإلى استثمارات كبيرة في برامج تنموية تستهدف زيادة الدخول وتأمين فرص عمل ، فان عدد الفقراء الذي يمكن تحريرهم من خط الفقر الوطني لا يزيد عن مليون شخص في حال كان هذا النمو عادلا ومناصرا للفقراء، فإن الاعتماد على استعادة النمو الاقتصادي وجعله المستند الوحيد لبرامج الفقر أمر فيه مخاطرة كبيرة ولن يفي بالغرض. وعليه فإن المجموعة ترى بضرورة تأمين الموارد المالية العاجلة للتخفيف من الفقر عبر برامج الضمان الاجتماعي ، وصندوق الرعاية الاجتماعية ، وبرامج التحويلات النقدية ، وبرامج الأشغال العامة التي تستهدف مجموعات سكانية محددة بعينها ، تندرج ضمن النطاق العاجل بالمساعدة والتدخل. ونقدر أن 500 مليون موازنة سنوية لهذه البرامج يمكن أن تغطي نحو 200 ألف أسرة ومليون فرصة عمل بحساب برامج الأشغال العامة.
ثانيا: الإغاثة الإنسانية وحل مشاكل اللاجئين.
ظل اليمنيون يعانون غياب الأمن الغذائي لقرون وقد شهد القرن العشرون 4 مجاعات أودت بحياة الآلاف من سكان اليمن، وذلك خلال أعوام 1948 ، 1955 ، 1971 ، و1995م . ونقص الغذاء في اليمن سمة طبعت حياة نصف اليمن، وقد دونت كلودي فاين في مطلع القرن العشرين حكايات نقص الوزن ذات الانتشار الواسع بين الأطفال في كتابها المعروف (كنت طبيبة في اليمن).وتشير إستراتيجية الأمن الغذائي إلى أن 32 % من السكان غير مؤمنين غذائيا، مما يعني أن كل ثالث يمني غير مؤمن غذائيا ، وأن هناك أكثر من 7.5 مليون يمني يقاسون الجوع، ولا يحصلون على الغذاء الكافي لحياة سليمة. كما تشير الإحصائيات إلى أن 59.7 % من أطفال اليمن يعانون سوء التغذية. هذا الأرقام تجعل مستقبل اليمن الاقتصادي والاجتماعي محفوفا بالمخاطر. كما تضع اليمن بين الدول العشر الأكثر انعداما للأمن الغذائي في العالم.ويشتد معدل غياب الأمن الغذائي في الريف عن الحضر بمقدار خمسة أضعاف. ترى الإستراتيجية أن النمو الاقتصادي من بين أهم العوامل المقرر للأمن الغذائي. وأن ديمومة النمو الاقتصادي يتعرض للمخاطر بسبب التراجع السريع لإنتاج النفط، مما قد يجعل اليمن كمستورد صاف للنفط بحلول عام 2015م. وعلى الرغم أن استهداف معدل نمو اقتصادي مرتفعة تعتبر ضرورية للأمن الغذائي لكنها ليست كافية. وبما يزيد الطين بلة في اليمن أن النمو الاقتصادي غير مناصر للفقراء، وأن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في اتساع مستمر، كما تؤكده المعطيات والإحصاءات الرسمية والدولية.
إن الأمن الغذائي في اليمن شديد الانكشاف على الخارج، حيث تشكل واردات اليمن من السلع الغذائية والسمكية بكافة أصنافها ما يعادل 70 % من القيمة الإجمالية للإنتاج الزراعي والسمكي، لكن عندما نتوقف عند إنتاجنا من الحبوب فهي لا تغطي سوى أقل من 58 % من استهلاكنا لكل أنواع الحبوب. أما إنتاج القمح في اليمن لا يغطي سوى ثلث استهلاك اليمنيين من هذه السلعة الإستراتيجية الحيوية التي تعتبر المادة الغذائية الرئيسية لمعظم اليمنيين. وينفق اليمنيون والفقراء منهم بالتحديد من 65-75 % من دخلهم على الغذاء. ومع ارتفاع أسعار الغذاء تتقلص موائد الكثير منهم، ويقع المزيد منهم في دوائر الفقر فيما ينزلق البعض إلى حافة المجاعة القاتلة. وتتعرض الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية النسبية التي تحققت في السنوات الماضية ، في مجال مكافحة الفقر ورفع مستوى الدخل إلى التراجع والتآكل. وبصورة عامة فإن نقص التغذية شائع بين غالبية السكان؛ إذ إن متوسط استهلاك الفرد اليمني لا يتجاوز 200 كيلو كاليروي في اليوم وهو ما يعادل 15 % من المتوسط العالمي لتجنب المجاعة على المستوى الفردي.
واليوم تشير التقارير الوطنية والدولية إلى وجود أعداد كبيرة من اللاجئين ضحايا الحروب والاقتتال والتمرد في صعدة وأبين تصل وفقا لبعض التقارير إلى ما يقارب نحو 120 ألفا في أبين وعشرات الآلاف في صعدة. كما أن وقع التداعيات الجانبية للثورة الشبابية الشعبية التي استفحلت بفعل ممنهج من المنظومة السياسية الرافضة للإرادة الشعبية متعاضدة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة المتراكمة على مر العقود فد أفرزت حالة إنسانية معقدة بحيث تواجه اليمن اليوم نحو أكثر من 1.5 مليون إنسان ومنهم نحو 500 ألف طفل يقاسون المجاعة القاتلة ، كما أن هناك ما يقارب ثلث الأسر اليمنية غير مؤمنة غذائية. هذا القضايا: اللاجئين، والجياع تحتاج إلى تدخلات سريعة وعاجلة لا تقبل التأجيل مما يتطلب موارد مالية كبيرة ليست متاحة للحكومة اليمنية الراهنة. وهو ما يقتضي التعاون بين الحكومة اليمنية ، والمجتمع المدني والمجتمع الدولي على التدخل السريع في مواجهة هذه المعضلات الحرجة. ونقترح أن تقوم الحكومة اليمنية تشكيل هيئة وطنية برئاسة وزير الصحة والسكان ,وعضوية وزير الزراعة ، وزيرة حقوق الإنسان ، ووزير الدولة لشئون مجلس النواب مع عدد من أعضاء من مجلس النواب والشورى وممثلي عدد مختار من مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص تكون بمثابة آلية لإيصال المساعدات الطارئة للاجئين والجياع. وفي نفس الوقت فإن مقاربات الأجل المتوسط والطويل ينبغي أن تكون حاضرة لكسر حلقة المجاعات وسوء التغذية المزمن في اليمن.
وتتمثل الإجراءات العاجلة لمواجهة المجاعة الحاضرة بين فئات سكانية وجغرافية محددة بالتالي:
- تشكيل هيئة وطنية تشرك فيها الحكومة اليمنية ومنظمات محددة من المجتمع والهيئات الدولية المتخصصة في قضايا الغذاء والمجاعات لوضع آلية مشتركة للتصدي العاجل لحالات المجاعات بين السكان وفي مناطق مستهدفة.
- وضع خارطة ديموغرافية وجغرافية لمواقع انتشار المجاعة واللاجئين .
- تحديد حجم الموارد المالية والموارد غير المالية الضرورية للتصدي لحالات المجاعة.
- وضع إطار زمني مع سقف أولويات ومستويات للفئات والأماكن الأكثر حرجا لحاجة التدخل السريع.
ثالثا: مكافحة البطالة وبرامج تشغيل للشباب:
البطالة في اليمن هي أحد أبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وهي رديف الفقر. ويبلغ معدل البطالة حتى نهاية العام الماضي طبقا لبعض التقديرات نحو 35 % ، وتصل إلى أكثر من 60 % بين الشباب ، وخريجي الجامعات والمعاهد على وجه الخصوص. ومن هنا فان التصدي لها ، ليس مجرد حل اقتصادي، لما تمثله البطالة من خسارة كبيرة على الناتج القومي الإجمالي، بل وحل اجتماعي وسياسي، غير أن الحلول ليست سهلة، وليست متاحة بيسر أمام حكومة الوفاق الوطني وتحتاج إلى أكثر من مقاربة.
إذ إن المشكلة الأولى تكمن في الفجوة بين حجم السكان في سن وقوة العمل، وبين قوة العمل والناشطين اقتصاديا، وهذه الفجوة في اتساع مستمر؛ إذ يبلغ اليوم عدد السكان من هم في سن العمل نحو 14 مليون فرد تقريبا، بينما يبلغ حجم قوة العمل رقما لا يزيد عن خمسة ملايين تقريبا. أي إن نحو 9 ملايين شخص يشكلون قوة العمل المحتملة ، وتعمل كخزان احتياطي لطالبي العمل لا قدر لسوق العمل على مجابهته. وطبقا للبيانات الرسمية يبلغ معدل الطلب على العمل نحو 4.3 % أي إن عدد الداخلين إلى سوق العمل يزيد عن215-220 ألف منتسب جديد سنويا، بينما لم يتمكن سوق العمل المحلي الخاص والعام من توظيف عدد يتراوح ما بين 60-80 الف فرد سنويا كحد أقصى، وهذا يعني أنه يتعين على الحكومة اليمنية أن توفر مليونين ومائتي فرصة عمل جديدة لهؤلاء الداخلين المنتسبين الجدد على أقل تقدير إذا ظلت قوة العمل المحتملة والبالغة 9 ملايين نسمة خارج نطاق سوق العمل لنفس الأسباب السائدة فيما مضى وهذا أمر غير وارد. ومع غياب سوق عمل محلي نشط سوف يجعل نحو 64 % من هؤلاء المنتسبين الجدد ينضمون إلى جيش العاطلين . ومن مطلع العام الجاري تصاعد معدل البطالة بشكل كبير بسبب إفلاس عشرات الآلاف من المنشئات الصغيرة والأصغر ، وإغلاق بعض المنشئات الكبيرة جزء كبير من أنشطتها وتسريح نصف عمالها على أقل تقدير. وبالتالي فإن معدل البطالة اليوم قد قفز بحسب بعض التنبؤات إلى نسبة تزيد عن 50 % من قوة العمل وهو رقم خطير للغاية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وفي غياب معالجة له يمكن له أن يدفع بالوضع اليمني إلى الكارثة.
إن هذا المعدل العالي للغاية لمعدل البطالة يشكل خسارة اقتصادية جسيمة يترجم إلى بطء شديد في معدلات النمو الاقتصادي ، هذا فضلا عن الخسائر الاجتماعية والنفسية للعاطلين عن العمل ، وبالمحصلة اضطرابات سياسية وأمنية مخلة بالمناخ الاقتصادي والاجتماعي الآمن والمستقر. ومعروف في الأدبيات الاقتصادية أن النمو الاقتصادي البطيء يرجع إلى عدة عوامل من بين أهمها معدل نمو القوى العاملة، وبالتحديد معدل التشغيل، أو تردي النمو في إنتاجية العمل، أو كليهما معا ، وهو الأمر السائد في الحالة اليمنية التي تعبر نفسها في البطالة الخانقة وانخفاض معدلات النمو ووقوع المزيد من السكان في براثن الفقر. وإدراكا منا بضرورة التدخل السريع للتخفيف من وقع البطالة وآثارها، ووعي كلي فإن القطاع الحكومي و العام قد تشبعا إلى درجة كبيرة بالعمالة التي أصبح بعضها يمثل بطالة مقنعة، وأن توظيفا جديدا في هذين القطاعين ليس فقط سيحمل ميزانية الدولة فوق طاقتها، ولكن أيضا سوف يخلق مشاكل إدارية وفنية لهذين القطاعين فوق ما هو عليه في الوقت الراهن؛ فإننا نقترح السياسات والبرامج التالية في الأجل القصير:
وقبل أن نتقدم باقتراح سياسات وإجراءات للتصدي لمشكلة البطالة في اليمن ، نود أن نلفت نظر الحكومة اليمنية إلى أن التوجه الذي اتخذته الحكومة اليمنية مؤخرا بشأن توظيف 60 ألفا من خريجي الثانوية والجامعات في القطاع العام كمرحلة أولى هو قرار له تكاليف وأبعاد اقتصادية واجتماعية وإدارية سلبية خطيرة، أقلها أن ميزانية الدولة ستتحمل 22 مليار ريال يمني سنويا كأقل تقدير في حال حصل كل شاب من هؤلاء على الحد الأدنى السائد للأجور، ويفتح باب المطالب (التي ستبدو مشروعة) أمام الآخرين للحصول على نفس المعاملة وهو ما لا قبل للحكومة بتحقيقه. وبالمقابل ليس هناك أي عائد اقتصادي محتمل من توظيف هؤلاء. ويوجد أمام الحكومة خيار اقتصادي أكثر كفاءة وأكثر عائدا على الاقتصاد الوطني، وعائدا اجتماعيا ونفسيا على هؤلاء الشباب. وهو ما سنناقشه لاحقا.
1. برنامج الأشغال العامة للشباب (خمسة ملايين دولار): إن برنامجا طارئا عاما للأشغال سوف يركز على توفير فرص عمل للشباب على المدى القصير للشباب العاطل عن العمل. سوف تؤمن مثل هذه المبادرة توفير نحو 20-30 ألف فرصة عمل شهريا في مجال قطاع البناء والطرقات في المناطق المتضررة.والمحرومة. الطعام مقابل العمل أو مبالغ نقدية من شانها أن تؤمن مساعدة سريعة لميزانية العائلات الفقيرة وتسهم في نفس الوقت في التنمية الاقتصادية المحلية.
2. البرنامج السريع لتدريب المهارات (1-2 مليون دولار): وهو عبارة عن تدريب قصير الأجل لتنمية القدرات و المهارات لشريحة الشباب وفقا للمعايير الدولية و إعدادهم بما يسمح بالانخراط في سوق العمل سواء في اليمن أو ليبيا أو في بلدان دول مجلس التعاون الخليجي في ظل مناخ شديد التنافسية. هذه المبادرة سوف توفر إمكانية الوصول لخدمات التدريب و التوظيف لنحو 10 آلاف شاب خلال عام.
3.صندوق تدريب المهارات في قطاع البناء: دعم وبناء قدرات مؤسسات ومراكز التدريب الخاصة والعامة بما من شأنه أن يؤمن برامج تدريب و تنمية مهارات لقطاع البناء في ثلاث محافظات. هذه الصندوق سوف يسمح بتطوير قدرات التدريب لتدريب ما يقرب من نحو 20 ألف شاب في مجال مهارات البناء كل عام.
4. قنوات التشغيل لفرص العمل المتاحة في بلدان دول مجلس التعاون الخليجي وليبيا. دعم توفير تأشيرات دخول/فرص عمل لأولئك الذي تلقوا التدريب على المهارات الملائمة والمطلوبة وأصبحوا مؤهلين للعمل في المشاريع القطرية العاملة في اليمن على سبيل المثال، أو الالتحاق بفرص العمل المتاحة في ليبيا و قطر وبقية دول مجلس التعاون الخليجي من خلال آلية دعم للتدريب و التوظيف. ويكمن أن تؤمن هذه السياسية نحو 100 ألف فرصة عمل خلال سنتين.
5. المشاريع متناهية الصغر:
صندوق إعادة تمويل للرواد من أصحاب المشاريع القائمة (بمبلغ اثنين مليون دولار) – دعم عدد 6000 من رواد المشاريع متناهية الصغر على إمكانية البقاء والاستدامة وهي المشاريع التي تواجه تحديات الفشل بسبب وقع الأزمة الراهنة عليهم وعدم إمكانية الوفاء بالتزاماتهم.
?صندوق إعادة الأعمار (أثنين مليون دولار أمريكي) - تأمين برنامج مساعدات عبر توفير بطاقة للعائلات المتضررة و التي أصابت ممتلكاتها الدمار خلال عمليات الاقتتال. هذه البطاقة قابلة للتحويل إلى عمليات إعادة بناء ما تهدم من ممتلكات لنحو 500 منزل ومشروع تجاري، و تأمين زيادة فرص النشاط الاقتصادي لنحو 100 شاب يعملون في قطاع المنشئات المتناهية الصغر ، بالإضافة إلى توفير 500 - 1000 فرصة عمل مؤقتة للشباب.
صندوق إنعاش وتراكم الأصول (بقيمة اثنين مليون دولار أمريكي)- هذا الصندوق سوف يسهم في دعم والمساعدة علي تعافي الأصول والمدخرات لنحو 50 ألف شاب هم في حالة إفلاس يتعرضون له مع عائلاتهم التي يعتمدن عليهم وذلك من خلال توفير حسابات ادخارية متناهية الصغر للشباب .
صندوق دعم المشاريع المبتدئة (8 ملايين دولار) - تسهيلات لتأمين قروض من شأنها أن تدعم عملية الإقراض لشريحة الشباب الذين اضطرتهم ظروف الحياة القاسية للتفكير في إنشاء المشاريع الصغيرة المدرة ذاتيا للدخل بسبب هذه الأزمة. هذا الصندوق سوف يتكفل بدعم نحو 20000 شاب من رواد المشاريع متناهية الصغر في في الوصول إلي مصادر تمويل مستدامة ، وفي نفس الوقت تسمح بتوفير 60000 ألف فرصة عمل للشباب.
صندوق توظيف الشباب الخريجين: (60 - 70 مليون دولار) - وهي عبارة عن صندوق انمائي للشباب تنشئه الحكومة في البنوك التجارية لتمويل المشروعات الصغيرة والأصغر لهؤلاء الشباب عن طريق الإقراض الميسر من دون فوائد أو بأدنى مستوى من الفائدة ، يرافقه برنامج تدريب مكثف لاختيار المشروعات المدرة للدخل والقابلة للنجاح والديمومة. هذا من شأنه أن يوفر مصدر دخل ذاتي لهؤلاء الشباب ، ويخلق مزيد من فرص العمل بالإضافة إلى عدم فقدان موازنة الدولة لهذه المبالغ الكبيرة. وفي النهاية سوف يدفع النمو الاقتصادي إلى الأمام ويوفر على الميزانية ما مقداره 40 مليون دولار يمكن استغلاله في برامج أخرى تخص رفع مهارات الشباب وتعزيز قدراتهم من اجل الوصول إلى أسواق العمل المحلية والإقليمية.
سرعة إنجاز مسح سوق العمل لتوفير البيانات والمعطيات الكافية عن عرض العمل وخصائصه من جانب والطلب عليه من جانب آخر.
إنشاء وتنظيم مكاتب العمل التي تمارس عملها كوسيط بين طرفي سوق العمل (عارض العمل وطالبيه).
الاستفادة من قرار مجلس الوزراء بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته السابعة والعشرين في 1 نوفمبر 2010م الذي أكد على ضرورة أعطاء الأولوية لاستقدام العمالة العربية واستثناءها من النسب المقررة لغير العرب والتي لا تتجاوز 10 % من مجموع العمالة.
سرعة تفعيل برامج التدريب الفني والمهني الذي قامت بها الحكومة اليمنية بالشراكة مع مؤسسة صلتك وبالتعاون مع الهيئات الدولية والإقليمية التي تضع موارد وبرامج لهذه المهمة مثل المؤسسة الألمانية للتنمية ووكالة التنمية الأمريكية والبنك الدولي وغيرها من الهيئات والمنظمات.
رابعا: توفير الخدمات الأساسية الضرورية
المياه:
تعتبر اليمن من بين الدول الأربع في هذا الكوكب التي صنفت على أنها أكثر الدول شح وحرجا في الموارد المائية. ويبلغ متوسط نصيب الفرد اليمني اليوم ما مقداره 120 متر مكعب من الماء سنويا كحد أقصى ، وهو معدل يقل بنحو 75 مرة عن المتوسط العالمي، واثنتي عشرة مرة عن المتوسط السائد في الشرق الأوسط ، مع الأخذ في الاعتبار أن الحد الأدنى للاستهلاك من الماء فقط لكي يلبي حاجة الفرد للطعام والشراب لا ينبغي ان يقل عن 1600 متر مكعب من الماء سنويا. ويشتد الحرج المائي في المناطق الغربية من البلاد حيث يتركز 90% من مجموع سكان البلاد. وتعد محافظة صنعاء اكثر المحافظات خطرا في هذا المورد، حيث تشير الدراسات والمعطيات أنه في حال سارت معدلات استهلاك المياه على هذه الوتيرة والسلوك، فإن حوض صنعاء يمكن أن يجف تماما في غضون العقد القادم.
وتشير الكثير من الدراسات أن إجمالي المياه المتجددة في اليمن تبلغ سنويا نحو 2.5 مليار متر مكعب، وفي المقابل فإن إجمالي الاستهلاك يصل إلى أكثر من 3.4 مليار متر مكعب (معطيات 2007) ، وهذا يعني أن هناك عجزا مائيا مقداره 900 مليون متر مكعب يتم توفيره من خلال المياه الجوفية. ويقدر اليوم عدد الحفارات في اليمن المملوكة لأشخاص بأكثر من مائتي حفار، مقابل 90 حفارا على سبيل المثال في القارة الهندية. وينتشر اليوم على طول البلاد وعرضها ما بين 45.000 إلى 70.000 بئرا مملوكة في أغلبها للقطاع الخاص، معظمها غير مصرحة قانونا. إنهم يستنزفون ثروة وطنية عامة لا تعوض بثمن، ويبيعونها كأنها شيء خاص لهم. أكثر من 91 % من إجمالي المياه المستهلكة تخصص للزراعة (والتي 40 % منها يستخدم لري شجرة القات). فيما يخصص فقط 7 % من الموارد المياه المستخدمة للاستخدام المحلي غير التجاري ، و2 % فقط للاستخدام الصناعي.
ليس هناك مجال للحديث عن استقرار اجتماعي وسياسي وازدهار اقتصادي من دون حل سريع لهذه المشكلة الحرجة والخطيرة. وبالتالي فإنه الحلول على المدى القصير مطلوبة وهي متاحة على النحو التالي:
1. إعلان الحكومة اليمنية حالة الطوارئ فيما يتعلق بهذا المورد واعتباره أولى أولويات الأمن القومي للبلاد لا يجوز المتاجرة به ، أو استنزافه، أو ضخه إلا بإذن من أعلى سلطات البلاد ضمن سياسات مقره ومن أجل الخدمة والحاجة العامة الضرورية.
2. مصادرة جميع الحفارات الخاصة، وتحويلها إلى ملكية عامة تحت سيطرة وإشراف الدولة ، مع إمكانية تعويض أصحابها التعويض العادل وفي حدود الممكن وكذلك عدم دخول حفارات جديدة.
3. وضع جميع آبار المياه تحت السيطرة والإشراف الحكومي للحيلولة دون استنزاف هذا المورد واستخدامه فيما لا تقرر الضرورة الوطنية القصوى.
4. تشكيل هيئة وطنية عليا للرقابة والإشراف على الموارد المائية من الدولة والسلطات المحلية والمجتمع المدني بالتعاون مع خبرات متخصصة في قضايا للإدارة المتكاملة للموارد المائية واقتراح أفضل البدائل التقنية والفنية للاستهلاك المائي.
5. التنسيق بين وزارة الزراعة ووزارة المياه والبيئة والإدارة المحلية ومؤسسات والهيئات المختلفة التي لها علاقة مباشرة وغير مباشرة بالموارد المياه تتولى مراقبة الوضع المائي ورفع تقرير نصف سنوي لهذه الهيئة التي يفضل أن تكون تحت رئاسة إما رئيس الجمهورية ، ونيابة رئيس البرلمان ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء التنفيذيين (الزراعة، المياه، النفط والطاقة، الصناعة، التخطيط ، الإدارة المحلية، الدفاع والداخلية) وكبار الشخصيات الاجتماعية والمدنية والمحلية وممثلين عن القطاع الخاص وهذا يعني انشاء خارطة مائية لليمن.
خامسا: السياسة المالية والنقدية:
السياسية المالية والنقدية رؤوس حراب في برامج التثبيت الاقتصادي والاستقرار المالي والنقدي والاجتماعي في الأجل القصير. هذا الملف الشائك والمعقد وما يحتويه من مهام متشعبة ومترابطة يقتضي المقاربة الصحيحة في سياق الأجل القصير بحيث يتعرض للمهام الملحة التالية:
1) النفقات العامة:
رغم الارتفاع الكبير في نفقات المرتبات والأجور بحوالي 16.7 %، ومدفوعات الفوائد المحلية بحوالي 33.7 % خلال يناير-سبتمبر 2011 مقابل نفس الفترة من العام الماضي، فقد انخفضت النفقات العامة للدولة بحوالي 3.6 %. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى تقليص نفقات دعم المشتقات النفطية وتجميد نفقات البرنامج الاستثماري العام مما شكل تغيراً كبير في هيكل الإنفاق العام.
2) أسعار المشتقات النفطية:
يستهلك الدعم نحو ثلث موازنة الدولة ولا يصل منه إلا نحو الخمس إلى الشريحة المستهدفة ويخلف تشوهات اقتصادية وسعرية شديدة الضرر. ومع ذلك فإن مقاربته واتخاذ قرار بشأنه يحتاج إلى قدر كبير من الحذر والحيطة حتى لا يتولد عنه ردود أفعال سياسية وشعبية تقوض مرحلة الانتقال السياسي السلمي وتضع البلاد على مرحلة جديدة من الاضطرابات. لكن لا بد من الإشارة إلى نفقات دعم المشتقات النفطية قد انخفضت في عام 2011 نتيجة لرفع أسعار المشتقات النفطية بصورة عامة وانخفاض كميات المشتقات التي تم توفيرها للسوق المحلي. وبيع مادة البنزين بأسعار غير مدعومة منذ بداية شهر أغسطس. كما أن انقطاع التيار الكهربائي يعني تقليص دعم المازوت والديزل المخصص لتوليد الكهرباء. ورغم الآثار الايجابية لانخفاض نفقات الدعم على الموازنة العامة من الناحية المحاسبية، فقد حملت في نفس الوقت آثارا كارثية على الأوضاع الاقتصادية، الاجتماعية والمعيشية في ظل غياب برنامج مقابل لحماية الفقراء والفئات الهامشية والضعيفة يرافق رفع الدعم عن تلك المشتقات.
ولهذا فإننا نقترح اتخاذ الخطوات التالية:
1-2. تقييم الكلفة المالية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدعم المشتقات النفطية وإعادة النظر في الدعم.
2-2. تقييم المردود الايجابي والسلبي لإعادة النظر في الدعم على الفئات الفقيرة ، والبحث في آليات ووسائل ليس فقط لتقليل الضرر ولكن لتحويل أعادة النظر في الدعم لصالح الفئات الفقيرة ، ودعم الخدمات العامة التي ستستفيد منها الغالبية الساحقة والفقيرة من السكان ، وتعزيز استقرار الموازنة العامة.
3-2. تبني منهج المكاشفة والمشاركة في سياسات وبرامج الدعم وإعادة النظر في الدعم ، مع تبني النهج التدرجي في اتخاذ قرار إصلاح المشتقات النفطية.
4-2. كما أنه يمكن تحقيق وفورات كبيرة في إيرادات موازنة الدولة من خلال ما يلي:
- المعرفة أسباب عدم تنفيذ بند النفقات الاستثمارية وفي أي أوجه صرفت.
- معرفة مصير المخصصات الخاصة بدعم المشتقات النفطية التي تم اعتمادها ولم توظف لذات الغرض.
- المعرفة والتحقيق في مآل المساعدات الفنية المقدم من قبل المملكة العربية السعودية بحوالي 3 مليون برميل نفط خام ، وتقديم الإمارات العربية المتحدة لحوالي 40 ألف طن متري من مادة الديزل، فضلا عن المنح المقدمة من مادة الغاز المنزلي.
- ضرورة إجراء مراجعة دقيقة وشاملة للمبالغ المحصلة جراء بيع المعونات النفطية المقدمة من دول الجوار.
- ضرورة مراجعة حسابات المصافي في كل من عدن ومأرب وتحديد تكلفة التكرير والتشغيل في كل منهما بحسب الأصول المحاسبية المهنية مع الإطلاع بالتفصيل على النفقات والإيرادات وصافي الحسابات الموردة لكل منهما.
- ضرورة التدقيق في كشوفات المواد البترولية المرسلة من المصافي إلى مخازن شركة النفط أو باقي الوكلاء الآخرين والتأكد من عدم التلاعب.
- معرفة السعة التخزينية لشركة النفط في المدن الرئيسية وعلى وجه الخصوص تلك الموجودة في منطقة عصر التي بنيت بقصد توفير كميات كافية لتموين العاصمة.
- إلزام وزارة النفط وشركة النفط والمصافي في عدن ومأرب بصرف المخصصات للمحافظات والمصانع ومحطات توليد الطاقة من أقرب نقطة مجاورة ، بهدف تخفيض تكاليف النقل ومنع الاحتيال والتلاعب.
3) التوظيف في القطاع العام والمختلط
عملت الحكومة اليمنية على امتداد عقود من الزمن بسياسة الملاذ الأخير للتوظف والتشغيل، مما تولد عنه بطالة مقنعة كبيرة ، وموظفين أشباح في المجالين المدني والعسكري شكلوا معا مصدر تهديد للموازنة واضطراب للعمل الإداري والكفاءة الإدارية والإنتاجية. وعلى الرغم أن البطالة الظاهرة اليوم هي تهديد اقتصادي وسياسي واجتماعي مقلق تحتاج لإيجاد حلول عاجلة ، ولكن غير مخلة بالنهج الاقتصادي والإصلاح الشامل. ومن هذا المنطلق فان أفضل سبل مواجهة البطالة ، وخاصة بطالة الشباب عبر برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل المحلي والإقليمي، وعبر برامج التشغيل الذاتي من خلال برامج الإقراض الصغير والأصغر، وتمويل المنشآت المتوسطة بفائدة ميسرة تتولى الحكم، المبادرة والدعم بالتعاون مع المانحين. مع مراعاة الآليات والإجراءات التالية:
- فتح نوافذ تمويلية لهذا الغرض في إطار أنشطة البنوك التجارية والمتخصصة على وجه الخصوص.
- تحديد سعر فائدة تفضيلي لإقراض تلك المنشآت بدعم من الحكومة والمانحين.
- إنشاء صناديق تمويلية خاصة لإقراض الشباب في البنوك التجارية بفائدة تفضيلية دنيا بدعم من الحكومة والمانحين.
- وضع الضوابط والمعايير الملائمة للإقراض.
- تصميم برنامج فني متكامل لخطة التمويل هذه بحيث يتم التركيز على الأنشطة المدرة للدخل والحافزة للنمو الاقتصادي.
- التنسيق مع دول الجوار والمؤسسات الدولية والإقليمية العاملة في برامج التدريب لتأهيل العمالة اليمنية وفتح الأسواق الإقليمية وفقا لضوابط فنية ومهنية وأمنية متفق عليها.
4) التضخم والأجور:
•شكل التضخم الذي انطلق العام الماضي إلى سقوف غير مسبوقة تهديدا جديا للسلم والاستقرار الاجتماعي ، ودفع بغالبية المجتمع إلى حافة الإملاق والفقر. حيث أدى شح عرض المشتقات النفطية إلى رفع أسعارها إلى ما يقارب 600 % بالنسبة للبنزين و800 % بالنسبة للديزل، و300 % للغاز المنزلي متفاوتاً من منطقة إلى أخرى. مما نجم عنه ارتفاع تكاليف النقل بنسبة 100 % في المناطق الحضرية و200 % في المناطق الريفية. وبالنتيجة، أدت تلك الأزمة بجانب أسباب أخرى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية الرئيسية الأرز(33 %) والدقيق (26 %) وزيت الطبخ (25 %) والسكر (22 %) بحوالي 26 % في المتوسط خلال الفترة يناير-مايو 2011 متفاوتة من منطقة إلى أخرى. وبوجه عام، يتوقع أن يصل متوسط معدل التضخم لأسعار المستهلك الى مستويات عالية تقدرها بعض المصادر ما بين 50-60 %. وفي حركة مؤازرة لقوى التضخم تدهورت قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية بحوالي 12 %، حيث أدت الاضطرابات التي تعيشها اليمن إلى ضغوط شديدة على سعر صرف الريال، مما دفع البنك المركزي إلى اتخاذ العديد من السياسات والإجراءات بما في ذلك خفض احيتاطياته من النقد الأجنبي لحماية العملة الوطنية. مما ساهم في رفع أسعار الواردات وتصاعد معدل التضخم وتدهور مستويات المعيشة للمواطنين. فاحتياطي النقد الأجنبي التي تمثل الوسادة الاحتياطية الآمنة للعملة المحلية ولضمان تدفق السلع المستوردة قد انخفضت بنسبة 20 % خلال أقل من سبعة أشهر.حيث انخفضت قيمة الأصول الخارجية للبنك المركزي من حوالي 6.0 مليار دولار في شهر فبراير 2011 إلى حوالي 4.8 مليار دولار في شهر سبتمبر 2011 مما أدى إلى انخفاض تغطيتها لشهور الواردات وضعف الجدارة الائتمانية للاقتصاد الوطني.
ويصبح السيطرة على التضخم وتوفير السلع الغذائية الرئيسية بأسعار مناسبة وبعض السلع الأخرى الضرورية أولوية من أولويات حكومة الوفاق. ولابد اتخاذ ما يلي:
1. توفير المواد الغذائية الأساسية كالقمح والدقيق بأسعار مخفضة، وتقديمها مجانا للفقراء عبر شبكات المساعدة الاجتماعية.
2. استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي من خلال:السيطرة على معدلات التضخم وفرض رقابة على أسعار السلع الأساسية والمحافظة على استقرار سعر صرف العملة الوطنية فضلا عن السيطرة على عجز الموازنة العامة، وعدم السماح بتمويله من مصادر تضخمية.
3. تسعير الدواء وإلزام الصيدليات بعرض كشوف الأسعار مع الرقابة المستمرة على سقوف أسعارها المقررة من قبل وزارة الصحة.
4. دعم بعض الأدوية الأساسية الملحة مثل الأدوية التالية: دواء الضغط ، السكر ، الصرع ، الملا ريا وما شابهها من الأدوية ذات النطاق العام.
5) تمويل العجز في الموازنة:
1. الحيلولة القصوى دون استخدام آلة الإصدار النقدي إلا بإشراف الحكومة وسلطة البرلمان.
2. مراجعة قائمة الواردات، والتركيز على الواردات الضرورية، والمواد الخام والوسيطة التي تستهدف تعزيز وتطوير العملية الإنتاجية.
3. مراجعة أداء البنوك والمؤسسات والشركات الإيرادية التابعة للقطاعين العام والمختلط وأهمها: شركة التبغ والكبريت ، المؤسسة الاقتصادية اليمنية ، بنك التسليف الزراعي ، البنك الأهلي اليمني ، بنك الإسكان ، شركة شبام القابضة، شركة الأدوية، شركة الطيران اليمنية.
سادسا: الحوكمة:
ما المقصود بالحكومة: هي منظومة القيم والسياسات والمؤسسات التي تمكن المجتمع من إدارة شئونه الاقتصادية والسياسة والاجتماعية عبر التفاعل الخلاق في وبين الدولة، المجتمع المدني والقطاع الخاص. الحكومة تعني قدرة الدولة بمؤسساتها المختلفة وعلى كافة النطاقات والمستويات على خدمة مواطنيها. وهي تشير بشكل مفصل إلى القوانين ، والسياسات والإجراءات والسلوكيات التي من خلالها يتم تخصيص الموارد وإدارتها ، ومراكز القوى في استعراض أدوراها ومجموعات المصالح في التعبير عن نفسها.
إجراءات الحوكمة الضرورية والعاجلة لدعم فرص التثبيت الاقتصادي في المدى القصير:
كما أسلفنا في هدا التقرير، يواجه الاقتصاد اليمني تحديات هائلة ومتعددة قبل بدء الثورة وما واكبها من تداعيات سلبية. وفي هدا الفصل نركز على الاختلالات الاقتصادية الناتجة عن ضعف الحوكمة. والتي تفاقمت مع ظهور النفط في اليمن وما تبعه من الاعتماد شبه الكلي على مورد ريعي وحيد في غياب الرؤية و الإستراتيجية والالتزام الأخلاقي بالصالح العام لدى النخبة الحاكمة، ما أدى إلى خيارات سياسية مدمرة للاقتصاد وللدولة اليمنية. الاعتماد على هدا المورد (الريعي) حرر النخبة الحاكمة من الاعتماد على دافع الضرائب وبدلك قلت حساسية النظام في الاستجابة للمواطن دافع الضرائب ورعاية مصالحة، وتنمية قدرته الإنتاجية، وبدلا عن ذلك أوغلت هده النخبة في الفساد والإثراء غير المشروع
معتمدة على شبكة من علاقات الموالاة خارج مؤسسات الدولة. وكلما زاد اعتمادها على تلك الشبكة زادت الحاجة للفساد لتغذيتها ومكافأة أعضائها، سواء كان ذلك عن طريق الوظائف الحكومية وإطلاق أيديهم فيها، أو عن طريق المنح والعطايا المالية غير القانونية، أو المناقصات والامتيازات الحكومية في كافة المجالات (النفطية والسمكية والاتصالات وأراضي وممتلكات الدولة والمواطنين)، وصل الأمر إلى اعتماد تهريب المشتقات النفطية والأدوية والسلاح وغيرها كأداة لمكافئة الموالين، ونتيجة لاعتماد النخبة الحاكمة على شبكة الموالاة، ضعفت مؤسسات الدولة حتى أصبحت مجرد هياكل خالية من المحتوى وانهيار حكم القانون وهيبة الدولة، وعبث هائل بالمال العام وإحجام رأس المال المحلي والخارجي عن الاستثمار كما نتج عنه أيضا انخفاض في الدعم الاقتصادي الدولي نتيجة عدم ثقة المانحين بمؤسسات الدولة اليمنية وعدم قدرة هده المؤسسات على استيعاب المنح الاقتصادية المقدمة من الخارج.
ويمكن النظر إلى هذه المتوالية المنطقية كصورة أخرى من صور الحلقة الخبيثة التي أصابت الاقتصاد اليمني في مقتل.
الإجراءات التي يجب اتخاذها في مجال الحوكمة لكسر هده الحلقة الخبيثة هي كما يلي:
أ) إجراءات لضمان استجابة الحكومة للمواطن.
ب) إجراءات لاحتواء وإضعاف شبكات الموالاة.
ج ) إجراءات للاستعادة الثقة بالاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار وخلق فرص عمل.
أولا: إن التغيير الحاصل الآن هو في المراكز العليا من الجهاز الإداري وبذلك فهو لا يغير من الثقافة المؤسسية التي تراكمت على مدى عقود. ولدا يجب العمل بشكل سريع وفعال لتغيير نمط الاستجابة للمواطن قبل أن يتم احتواء القيادات الجديدة واستيعابها في النمط السائد.
ولكي تزداد فرص استجابة الحكومة للمواطن يجب اتخاذ الإجراءات التالية:
- الشفافية: يجب على كل المؤسسات أن تنشر وتعمم إجراءاتها وقراراتها بدون استثناء.
- الحق في الحصول على المعلومات: تلتزم المؤسسات بتمكين المواطنين من الحصول على أي المعلومات التي يحتاجون إليها من تلك المؤسسات ما عدى ما يبين القانون سريته.
- تفعيل أو خلق آلية سليمة لشكاوى المواطنين.
- إلزام مؤسسات الحكومة بتطبيق أحكام القضاء.
في مجال الخدمات تحسين استجابة الحكومة للمواطن عن طريق:
رفع كفاءة المؤسسات الخدمية، عن طريق توفير ميزانية تشغيلية كافية بإقامة صندوق خاص لتلقي ودراسة طلبات التمويل المشروطة بتحسين الخدمة المقدمة مع خلق آلية لدلك الصندوق لمتابعة وتقييم أداء تلك المؤسسات.
تبسيط الإجراءات عن طريق اعتماد اعلى درجة ممكنة من اللامركزية.
ثانيا: إجراءات لاحتواء وإضعاف شبكة الموالاة:
تعتمد شبكة الموالاة على الفساد والمنح والعطايا غير القانونية والتوظيف غير القانوني، وهد يتطلب إجراء حزمتي إصلاحات غاية في الأهمية: حزمة الإصلاح المالي, وحزمة إصلاح الخدمة المدنية.
- حزمة الإصلاح المالي:
سرعة تنفيذ مشروع تطوير إدارة المالية العامة ( PFMP).
?منع التصرف بأراض وعقارات الدولة بالبيع أو الإيجار طويل المدى.
?إخضاع كل الامتيازات النفطية والمعدنية والخدمية والسمكية والاتصالات وغيرها لقانون المزايدات والمناقصات بدون استثناء.
الالتزام بقانون الموازنة العامة.
إقرار قوانين لضمان الشفافية وحرية الحصول على المعلومة.
تفعيل القدرة الرقابية لمجلس النواب على تنفيذ الموازنة العامة للدولة كما يلي:
تقوية القدرة المؤسسية للمجلس بتفعيل وإقرار اللوائح الإدارية لضمان الشفافية والمسائلة والحق في الحصول على المعلومة ومنع تضارب المصالح وتلك لوائح قد أقرت أو هي معروضة على المجلس لإقرارها.
تعزيز دور المجلس عن طريق إشراكه في عملية إعداد الموازنة والسماح له بالتصويت على الموازنة بندا بندا.
- حزمة إصلاحات الخدمة المدنية:
تنفيذ كامل لبرنامج إصلاح الخدمة المدنية الذي تعطل تنفيذه مند منتصف التسعينات وكذلك التوصيف الوظيفي مع إدخال بعض التحسينات والتعديلات والإضافات على هذا البرنامج بما يمكنه من مواكبة الإطار الدستوري والقانوني والمؤسسي للدولة المدنية الديمقراطية ويلبي مقتضيات المرحلة القادمة والمطالب العادلة للمواطنين.
- سرعة تنفيذ التدوير الوظيفي.
- الالتزام بالتوظيف عن طريق المنافسة.
- إقرار وتنفيذ إجراءات عقابية على شاغلي أكثر من وظيفة من ذوي الدوام الكامل أو ما يخالف القانون.
- تفعيل المجلس الأعلى للخدمة المدنية وتشكيل مكتب شكاوى في إطاره، وفتح فروع له في المحافظات للبت السريع في الشكاوى المتعلقة بتكافؤ الفرص.
ثالثا: إجراءات لاستعادة الثقة بالاقتصاد وتحسين بيئة الاستثمار:
عانى الاقتصاد اليمني من بيئة استثمارية كابحة وأزمة ثقة كمحصلة لسريان الحكم السيئ والإدارة الفاشلة وعدم التزام الحكومة والبنك المركزي بالتزاماتها نحو الغير على مدى عقود.
إن قيادة ما قبل التغيير لم تدرك أن المصداقية هي أساس العلاقات الدولية بكل إشكالها والعلاقات الاقتصادية بشكل خاص، ونتج عن سوء تصرفها أن صنفت اليمن تصنيفا إئتمانيا منخفضا لا يتميز إلا قليلا عن مجموعة الدول المصنفة بأنها خارج القانون الدولي.
استعادة مصداقية اليمن كدولة وكاقتصاد هي مسئولية إستراتيجية كبيرة تناط بحكومة الفترة الانتقالية وأي تقصير في سداد الالتزامات الدولية في هده المرحلة ستكون عواقبه مدمرة على فرص بناء الدولة والاقتصاد.
ويجب التأكيد على إن استعادة هذه المصداقية (للدولة والاقتصاد) والحفاظ عليها هي مسئولية رئيس الحكومة شخصيا، وعلية نوصي بان يرأس رئيس الحكومة لجنة للعلاقات الخارجية يشارك في عضويتها وزير الخارجية ووزير المالية ووزير التجارة ومحافظ البنك المركزي وممثلي عن اتحاد الغرف التجارية، وتكون مهمتها تقييم الوضع الائتماني لليمن والإشراف على حسن سير علاقات اليمن مع الأطراف الدولية حكومات وشركات ومؤسسات وأفراد ودلك لغرض خلق الثقة بالحكومة اليمنية والاقتصاد اليمني والتأكد من وفاء اليمن بكافة التزاماتها.
سابعا: الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص:
تتطلب الشراكة المثمرة والفاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص الفهم العميق والصادق للأهداف والأدوار والغايات المشركة والرغبة الصادقة في توزيع المهام والأدوار لبلوغ تلك الأهداف والغايات.
ويمكن تشخيص العلاقة بين القطاع الخاص والقيادة السياسية خلال الثلاثة عقود الأخيرة بأنها علاقة غير صحية تتخللها فجوة واسعة من غياب الثقة بين الطرفين، زاد من اعتلالها التدخلات السياسية المسيئة لبيئة الاستثمار بتركيز الدعم لرأس المال البيروقراطي على حساب منافسيهم وبما يخالف القانون، مما نم عن غياب الرؤية الاقتصادية الإستراتيجية لدى الفئة المتسلطة وكرس ثقافة التمييز الاجتماعي ضد فئة التجار.
هذه السياسة أدت إلى خلق كتلة قوية من رأس المال البيروقراطي التي مثل وجودها عائقا في وجه أي محاولة لتنظيم القطاع التجاري وحوكمته، والى سيطرة مجموعة صغيرة من المتنفذين التجار والمقاولين واستيلائهم على منابر تمثيل القطاع الخاص وتوظيفها لخدمة مصالح ضيقة في منظومة شبكة الموالاة، إلا القلة القليلة منهم.غياب التمثيل الايجابي للقطاع الخاص وعدم وجود الرؤية الإستراتيجية أدى الى تدهور بيئة الاستثمار وعجز هدا القطاع عن تبني استراتيجيات نمو طويلة الأمد، كما كان مؤشرا سلبيا خطيرا للاستثمار الأجنبي المباشر والرأسمال اليمني المغترب الذي يؤمل بعودته لتنشيط الاقتصاد.
وفيما كانت النخبة التجارية تتصدر في الصفوف الأولى في معظم التحولات الرئيسة التي شهدتها اليمن مند أربعينيات القرن الماضي غدت أعداد ملموسة منها كابحة في مسار التغيير والتحديث والنهضة، وكان لعدم وجود آليات مستدامة لتمثيل تلك النخبة المعروف عنها ولاءها لوطنها أن أدى أنتكس دورها وتراجع في عدة مراحل حتى انعدمت الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام بالرغم من المحاولات العديدة لذوي النوايا الحسنة.
وبالنظر إلى تجارب دول كانت لا تقل تخلفا عن اليمن قبل ستة او سبعة عقود (ماليزيا وكوريا الجنوبية على سبيل المثال)، وهي اليوم في مصاف الدول المتقدمة، فان نجاحها كان مرتكزا على شراكة حقيقة بين الحكومات التي تنظم الاقتصاد والقطاع الخاص الذي يحركه.
إن التجاوزات التي مارسها النظام في إدارة الاقتصاد الوطني أفقدته المصداقية والثقة ومنعت ظهور تلك الشراكة،وأدت الى انكفاء القطاع الخاص عن المشاركة الفعالة في بناء الاقتصاد الوطني.
وعليه فإن على الحكومة أن تستعيد علاقة الثقة مع القطاع الخاص المحلي والدي سيؤسس لمصداقية الاقتصاد اليمني دوليا، ويجتذب رؤوس الأموال الوطنية في الداخل والخارج واجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر وذلك بإقامة شراكة حقيقية مع القطاع الخاص المحلي وفي المجالات التالية:
- بتشكيل لجنة حوار ومتابعة يتكون أعضاءها برئاسة وزارة التخطيط والتنمية ، وعضوية كل من وزارة المالية ، وزارة الصناعة ، مصلحة الجمارك والضرائب ، وزارة العمل ، والاتحاد العام للغرف ، ورؤساء الغرف الرئيسة الخمس ، وجمعية الصناعيين ونادي رجال الأعمال ومجلس رجال الأعمال ، ومجلس سيدات الأعمال.
- ضرورة الإسراع في تشكيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأعلى المنوط به رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية العامة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، ورئيس الاتحاد العام للغرف نائبا ، وأن يضم في عضويته وزارة التخطيط والتنمية، وزارة الصناعة والتجارة ، وزارة العمل ، وزارة المالية، وزارة الشؤون القانونية ، الهيئة العامة للاستثمار ، وزارة العدل، وزارة الداخلية ، الهيئة العامة للمناطق الحرة.
- تشكيل لجان فرعية لكل قطاع تبحث في بيئة كل قطاع على حدة وهي على النحو التالي: لجنة التجارة والصناعة برئاسة وزارة الصناعة والتجارة تضم أعضاء من جمعية الصناعيين وإتحاد الغرف ونادي رجال الأعمال.
- لجنة الاستثمار، برئاسة الهيئة العامة للاستثمار، وعضوية كل من وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي ، ووزارة المالية وزارة الشؤون القانونية، والعدل والاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية وممثلين عن قطاع الأعمال.
- لجنة السياحة، برئاسة وزير السياحة وعضوية الاتحاد العام للغرف ، ونادي رجال الأعمال، والهيئة العامة للسياحة والهيئات والجمعيات السياحية الأهلية.
- تفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى وتمثيل القطاع الخاص فيه بشكل مناسب وخاصة في المواضيع المتعلقة بالقطاع الخاص والتنمية المجتمعية.
- إشراك القطاع الخاص عن طريق جمعية البنوك في مناقشة السياسة النقدية.
- تطبيق قانون البنوك بمشاركة إشرافية من القطاع الخاص.
- إلغاء التشوهات المفرطة في الاقتصاد الوطني، مثل الدعم ووجود شركات حكومية فوق القانون وفوق الرقابة الحكومية كالمؤسسة الاقتصادية اليمنية، وشركة شبام القابضة.
- إصلاح النظام الجمركي والضريبي بشراكة مع القطاع الخاص مع إصلاح جذري وسريع لتلك المؤسستين إداريا وتنظيميا.
- تطبيق قانون الجمارك وعدم التساهل الانتقائي في الإعفاءات الجمركية.
- التحصيل المتساوي للضرائب وعدم منح إعفاءات غير قانونية لبعض المكلفين.
- مراجعة قانون الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص بما يلبي ضرورات ومقتضيات المرحلة القادمة.
- مراجعة قانون الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية بالشراكة الكاملة مع القطاع الخاص ليلبي مقتضيات الدور القادم للقطاع الخاص بكونه مؤسسة اجتماعية مهنية مستقلة.
ثامناً. الشراكة مع أصدقاء اليمن
في مجال معالجة ظاهرة البطالة:
يمكن أن تلعب الدول المانحة دوراً مهماً أثناء المرحلة الانتقالية وما بعدها في معالجة تفاقم مشكلة البطالة وذلك من خلال العديد من الوسائل ومنها:
أولاً: المساعدة في إعادة تشغيل المشروعات العامة المتوقفة بسبب نقص أو توقف التمويل.
ولكي يتم ذلك على نحو كفء وفعال، وبالانسجام مع الأولويات المرحلية والتنموية فلا بد من القيام على وجه السرعة بالخطوات التالية التي ينبغي أن تتم بإشراف وزارة التخطيط وهي:
تقوم وزارة التخطيط بإعداد كشف شامل بالمشروعات التنموية المتوقفة في مختلف المجالات.
يتم تصنيف هذه المشاريع على الأسس التالية:
مقدرتها على استيعاب العمالة المحلية.
قابليتها للحصول على تمويل أجنبي وفقاً لأولويات وضوابط عمل المانحين.
أهميتها التنموية.
مترتبات توقفها بالنسبة لإمكانات إعادة استكمالها مستقبلاً.
خارطة تموضعها الجغرافي مقارنة بخارطة البطالة والفقر.
جاهزيتها للعرض على مصادر التمويل الأجنبي المحتملة.
يتم اختيار المشروعات ذات الأولوية وفقاً لهذه المعايير وتحديد مدى انسجامها النسبي مع أولويات الممولين المحتملين المختلفين وتقديمها كوسيلة سريعة للمعالجة وبالذات لمشكلة البطالة والفقر .
ثانياً : المساعدة في إعادة تشغيل المشروعات الخاصة المتوقفة وبالذات الإنتاجية منها سواء المتوسطة والصغيرة أو الكبيرة.
يتم كإجراء عاجل ما يلي:
-فتح نوافذ تمويلية لهذا الغرض في إطار أنشطة البنوك التجارية العاملة.
-تحديد سعر فائدة تفضيلي واقعي للإقراض لهذه الأغراض.
-وضع الضوابط والمعايير الملائمة للإقراض.
-تقديم دعم مالي من الدول المانحة لغرض تمويل هذا النشاط على أن تقيم الخيارات البديلة لاستخدام هذا التمويل بما يعزز فاعليته ويوسع من أثرة ومن ذلك على سبيل المثال ما يلي:-
•إتاحة هذا المال للإقراض مباشرة كأحد البدائل الممكنة والذي ربما كان الأسرع ولكن الأقل فعالية واستمرارية.
•تخصيص هذا المال أولاً لتعويض البنوك عن الخفض التفضيلي في سعر الفائدة وثانياً لعمل مخصص تأميني من مخاطر عدم السداد.
•تطوير الاشتراطات الملائمة لضمان الحصول على أسرع مردود في جانبي التشغيل والتوظيف من قبل المشروعات المستفيدة.
• المساعدة في مجال فتح الأسواق الإقليمية للعمالة اليمنية والمساعدة على تأهيلها فنيا ولوجستيا للاستفادة من ذلك، وقد تم ذكر نماذج من وسائل الدعم الممكن سابقاً.
ثالثا: تقديم دعم مباشر لعجز الموازنة :
وهي خطوة سوف تثبت أهميتها العملية القصوى لإنجاح الحكومة الراهنة. على أن من المهم أن تصمم أساليب الدعم بالتركيز على الأولويات ومجالات العمل التالية:
-مواجهة مظاهر الأزمة الراهنة ومتطلبات استعادة الاستقرار بما في ذلك مواجهة البطالة والتخفيف من الفقر وتوفير الخدمات الأساسية.
-استعادة النمو ورفع مستوى كفاءة الأداء الاقتصاد والتنموي.
-تعزيز فرص الإصلاح الاقتصادي والإداري وأنماط الممارسة الشفافة.
-تأهيل الاقتصاد للتدرج خارج أسباب استمرار العجز والحاجة للدعم الخارجي.
فريق الاستشاريين :
1 - الاستاذ الدكتور. محمد الميتمي
2 - الاستاذ الدكتور. مطهر السعيدي
3 - الاستاذ الدكتور. محمد الحاوري (الذي شارك في إعداد هذه الوثيقة حتى عودته الى وزارة التخطيط والتعاون الدولي)
4 - الدكتور. محمد قرعه
5 - الأستاذ. عبد الغنى الإرياني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.