كاتب صحفي: هذه الدولة الخليجية هي الراعي والداعم العسكري لمليشيات الحوثي في اليمن!    انفجار مخزن أسلحة في #مأرب يودي بحياة رجل وفتاة..    حقيقة ما يجري في المنطقة الحرة عدن اليوم    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مستشفى الشفاء بغزة وانتشال جثامين 49 شهيدا    "هدية أمريكية" تُسعف اليمنيين في ظل فشل اجتماع المانحين    دورتموند الألماني يتأهل لنهائي أبطال أوروبا على حساب باريس سان جرمان الفرنسي    تراجع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين في أبريل الماضي    فريق شبام (أ) يتوج ببطولة الفقيد أحمد السقاف 3×3 لكرة السلة لأندية وادي حضرموت    الاتحاد الدولي للصحفيين يدين محاولة اغتيال نقيب الصحفيين اليمنيين مميز    الولايات المتحدة تخصص 220 مليون دولار للتمويل الإنساني في اليمن مميز    الوزير البكري: قرار مجلس الوزراء بشأن المدينة الرياضية تأكيد على الاهتمام الحكومي بالرياضة    جماهير البايرن تحمل راية الدعم في شوارع مدريد    هجوم حوثي جديد في خليج عدن بعد إطلاق "الجولة الرابعة" وإعلان أمريكي بشأنه    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    قمة حاسمة بين ريال مدريد وبايرن ميونخ فى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    مورينيو: لقد أخطات برفض البرتغال مقابل البقاء في روما    تستوردها المليشيات.. مبيدات إسرائيلية تفتك بأرواح اليمنيين    الاشتراكي اليمني يدين محاولة اغتيال أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين ويدعو لإجراء تحقيق شفاف مميز    عصابة معين لجان قهر الموظفين    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    مقتل مواطن برصاص عصابة حوثية في إب    الحكومة الشرعية توجه ضربة موجعة لقطاع الاتصالات الخاضع للحوثيين.. وأنباء عن انقطاع كابل الإنترنت في البحر الأحمر    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    سيتم اقتلاعكم عما قريب.. مسؤول محلي يكشف عن الرد القادم على انتهاكات الحوثيين في تهامة    تحديث جديد لأسعار صرف العملات الأجنبية في اليمن    رغم إصابته بالزهايمر.. الزعيم ''عادل إمام'' يعود إلى الواجهة بقوة ويظهر في السعودية    إغلاق مركز تجاري بالعاصمة صنعاء بعد انتحار أحد موظفيه بظروف غامضة    محاولة اغتيال لشيخ حضرمي داعم للقضية الجنوبية والمجلس الانتقالي    الحزب الاشتراكي اليمني سيجر الجنوبيين للعداء مرة أخرى مع المحور العربي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    ذمار: أهالي المدينة يعانون من طفح المجاري وتكدس القمامة وانتشار الأوبئة    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    اتفاق قبلي يخمد نيران الفتنة في الحد بيافع(وثيقة)    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    شبكة تزوير "مائة دولار" تُثير الذعر بين التجار والصرافين... الأجهزة الأمنية تُنقذ الموقف في المهرة    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    أبو زرعه المحرّمي يلتقي قيادة وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأولويات الاقتصادية للحوار

من البديهي أن تتحدد الأولويات الإ قتصادية للحوار (وهذا هو العنوان المحدد الذي طلب إليّ الكتابة حولة)، في ضوء معطيات وخصوصيات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي تمر به اليمن في الوقت الراهن، وما يفرضه من الأولويات والمهام المرحلية الملحة، وذلك بالتناسق والتكامل مع متطلبات تحقيق الأهداف والرؤى الأوسع نطاقاً والأبعد مدى والتي تتعلق بقضايا البناء والإصلاح الوطني الشامل واستعادة النمو، وتوطين مقومات التنافسية الأدائية والاندماج الكفء لليمن في محيطها الإقليمي والدولي، اقتصادياً وعلى مختلف الصعد.
وعلى هذا فإن تحديد هذه الأولويات ينبغي أن ينبني على أساس فهم منهجي رشيد للدور الوظيفي للحوار في تجاوز المحن الصعبة والمتراكمة التي تمر بها اليمن حالياً، وللدور الوظيفي الممكن للعامل الاقتصادي في انجاح هذا الحوار وتمكينه من تحقيق أفضل النتائج الممكنة، إقتصادياً وسياسياً وأمنياً، وكما هو متوقع فإن معنى هذا هو أن تحديد ملامح هذا الدورعلى نحو صحيح يعتبر مهمة بالغة التعقيد والخطورة في آنٍ واحد، فهو من ناحية دور متعدد الأبعاد بما في ذلك أبعاد غير تقليدية وفقاً لمعايير وضوابط التحليل الاقتصادي الاعتيادية، مثل العامل الأمني، والمعالجات الانتقالية الاستثنائية لمظالم وأخطاء المرحلة السابقة، والاعتبارات الفئوية والمناطقية المختلفة، وتفعيل العامل الاقتصادي كوسيلة لتحفيز نهج التوافق السياسي السلمي البناء، ومعاقبة خيارات المغامرة والاستقواء الفئوي والمصلحي، وكمحفز للدور الجماهيري للغالبية الصامتة والسلبية في ترجيح الخيارات والمسارات التي تخدم المصلحة العامة بالمقارنة مع خيارات ومصالح مراكز القوى المختلفة، وذلك بالاضافة إلى استثنائية التحديات التي تواجهها اليمن، سواء ما يتعلق منها بمشكلة البطالة والفقر وتدني مستوى الخدمات الأساسية، أو ما يتعلق بضعف البنية المؤسسية للدولة وتشوه معايير ومرجعيات الممارسة في إطارها.
يمكن في تقديري إجمال أولويات مهام الحوار الوطني المرحلية في ما يلي:
استعادة الأمن والاستقرار واستعادة هيبة الدولة ودورها، وتفعيل أسس المشروعية الدستورية والقانونية في مجال حقوق ممارسة القوة الجبرية في المجتمع.
استعادة وتطوير مقومات السلم المجتمعي وتطوير اسس التفاعل السلمي القانوني بين مختلف كيانات وأفراد المجتمع.
إزالة المظالم وتطبيق العدالة الانتقالية التوافقية كخطوة تأسيسية مؤقتة نحو تحقيق وترسيخ أسس العدالة والمساواة الكاملة بين المواطنين، وتطبيق سيادة القانون وأنماط المشروعية الدستورية على جميع المواطنين بلا استثناء.
تخفيف ما أمكن معاناة المواطنين جراء الأزمة والوضع الاقتصادي المتدهور وتوفير الحد الأدني من مقومات الحياة الأساسية لأكثر فئات المجتمع معاناةً، كخطوة على طريق بناء مناخ التنمية الشاملة وانتشال اليمن من واقعها الاقتصادي والتنموي المؤلم.
توفير الحد الأدنى الملائم من الخدمات الأساسية، والحد من الآثار التنموية والبنيوية طويلة المدى المترتبة على حالة القصور والتدني الفاضح في مستوى هذه الخدمات الأساسية، وبالذات في مجال التعليم والصحة والطاقة الكهربائية.
تأسيس نظام ديمقراطي حقيقي تنعدم فيه وسائل الاستقواء والاستغباء والتزييف وتوظيف مرتكزات ووسائل التأثير والهيمنة الحكومية والفئوية والعصابية وغيرها في ترجيح كفة أي كان، وبحيث تعكس نتائج العملية السياسية التفضيلات الحرة للشعب وتكون المصلحة العامة هي المرجعية الحاكمة والوحيدة للفعل السياسي على مستوى الدولة ومختلف كياناتها.
التوصل إلى صيغة ملائمة للتوافق بشأن قضايا الاختلاف السياسي الأساسية، بما في ذلك القضية الجنوبية، ومشكلة صعدة، وقضايا التحول والإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي انطلقت بسببها ثورة الشباب السلمية الراهنة والتي لم يتم حسمها حتى الآن.
وينبغي أن يؤدي تحقيق هذه الأهداف العامة إلى صيغة للتوافق الوطني تزيل مظاهر ودواعي الاحتقان والتوجس السياسي الفئوي والمناطقي والحزبي والأيديولوجي، وأن يؤسس لمرحلة جديدة من التفاعل السياسي الديمقراطي البناء، القائم على أساس المرجعيات الدستورية واسس المصلحة العامة، وتنتفي بذلك دعوات الانفصال، ومخاوف الهيمنة الفئوية، وكوابيس الوقوع الدائم في أسر القيم والأنماط الأدائية التي قد تجاوزها العصر، والتي لم تعد تصلح بأي حال لأن تكون أساساً للتنظيم المجتمعي القابل للتعايش الندي في عصر ما بعد الحداثة.
في ضوء هذا التحليل فإن الأولويات الاقتصادية في إطار عملية الحوار الوطني، لا بد وأن تصمم لكي تأخذ بحسبانها كل ما سبق من القضايا، ومن ثم فلا بد وأن يكون البدء بتحديد نطاق الحد الأقصى الممكن توفره من الموارد ومختلف مقومات القيام بهذا الدور، ومن ثم تصميم الأهداف والمهام الفعلية على أساس معياري المرود النسبي والكلفة النسبية لهذه المهام، ومن أمثلة المحددات والمهام الوظيفية للعامل الاقتصادي، الممكن تطويرها لإغناء عملية الحوار، والتي تشكل معايير ممكنة جزئياً على الأقل لتحديد الأولويات الأقتصادية في إطار عملية الحوار الطني الشامل والواسع ما يلي:
الإسهام في تطوير مضمون المصلحة العامة كمرجعية ليس فقط للحوار الوطني وإنما للممارسة السياسية عموماً، وذلك في حدود مجال المصالح والهموم الاقتصادية والتنموية للمجتمع.
تحفيز أوسع مشاركة مجتمعية ممكنة، سواء مباشرة أو غير مباشرة، وسواء في مجالات الحوار ذاته أو في مجال العمل السياسي عموماً، وذلك باعتبار أن مثل هذه المشاركة تمثل شرطاً لا بديل عنه لضمان سلامة نهج ومرجعيات التحاور أولاً، ونهج الممارسة الديمقراطية والسياسية عموماً بعد ذلك، وذلك من حيث التزام اللاعبين السياسيين بالتعبير عن الإرادة العامة، والتزامهم بأسس ومعايير تحقيق المصلحة العامة.
تخفيف حدة الاحتقان والتذمر الشعبي الناشئ عن المعاناة الاقتصادية التي تطال فئات واسعة من المجتمع، مثل البطالة والفقر، وما يصاحبهما من مشاعر الغبن والإحباط واليأس وانعكاساتها السياسية والأمنية الخطيرة، وذلك عبر المعالجات المدروسة ووفقاً للأولويات الصحيحة.
تحرير السياسة اليمنية بقدر الإمكان من هيمنة وألاعيب المصالح والقوى النافذة المحلية والإقليمية، وتدخلاتها غير المشروعة عن طريق المال، سواء بوسائل الرشوة السياسية وشراء الولاءات أو عن طريق ترجيح كفة فئات معينة عن طريق الدعاية وتوفير إمكانيات العمل، مستغلة بذلك الأوضاع الصعبة التي تمر بها العديد من أطراف العمل السياسي وفئات واسعة من الشعب.
إيضاح بنية الخيارات الاقتصادية الممكنة للمجتمع نحو المستقبل ومردوداتها العملية الممكنة على حياة الناس، وشروط تحقق كل من هذه الخيارات موضوعياً على أرض الواقع، ومن ثم أمثلية الخيارات والمواقف السياسية بالنسبة لتحقيق كل من هذه البدائل من عدمه.
تحسين بيئة التحاور من خلال إزالة ما أمكن من المظالم الاقتصادية والحقوقية للمرحلة السابقة، وبالذات منها ما يكون قد نتج عن الممارسات التمييزية بين المواطنين، أو كنتيجة للفساد الواسع النطاق أو ممارسات الاستقواء من قبل شخصيات أو قوى سياسية أو قبلية أو امنية وعسكرية نافذة.
إبراز وتحديد معالم المثمن الممكن للدعم الدولي في رفد وانجاح مسيرة الحوار، وفي مساعدة اليمن لتأسيس مسارها المستمر نحو التنمية الذاتية والتطور، في إطار جهود تخفيف المعاناة الاقتصادية والخدمية التي سبق الإشارة إليها أو دعم موازنة الدولة أم غير ذلك.
تحديد وضبط صيغ ما يسمى بالعدالة الانتقالية في حدود وظيفتها الانتقالية، وباعتبارها صيغاً مؤقتة نحو مفاهيم وصيغ الحقوق العادلة والدائمة.
تحديد المضامين العملية لمبادئ العدالة المجتمعية، والمواطنة المتساوية في المجال الاقتصادي، وذلك في ضوء الخصوصيات المرحلية للواقع اليمني، ووسائل تحقيقها وتنميتها وحمايتها، بما في ذلك مبدأ تكافؤ الفرص وسيادة القانون العامة، وإزالة التحيزات الناشئة عن أشكال الانتماء الفئوية والمناطقية والطبقية وغيرها.
تحديد الخيارات والأولويات المناسبة لتجاوز حالة القصور الخطير في مجال الخدمات الأساسية، وبالذات منها ذات الآثار الاستراتيجية طويلة المدى مثل التعليم والصحة، ومعالجة آثارها السابقة، والعمل على رفع تنافسية الاقتصاد اليمني من خلال تنافسية مختلف قطاعاته، وبالذات قطاع الطاقة والنقل وغيره من القطاعات.
في ضوء ما سبق، فإن من الواضح أن إيفاء موضوع هذه الورقة حقه من الدراسة والتحليل هو أمر يتجاور في متطلباته ما أتيح لها من المساحة ومن الوقت، ومع ذلك فسوف أحاول في ما يلي تناول المواضيع الأربعة التالية التي أعتبرها ذات أهمية خاصة بالنسبة لموضوع إنجاح الحوار وهي: 1 - التحديات الاقتصادية للمرحلة الانتقالية والاساليب العاجلة لموجهتها، 2 - دور المجتمع الدولي الممكن للمساعدة في تجاوز هذه التحديات، 3 - منهجية تحديد وتحييد أهم مظالم المرحلة السابقة بالنسبة لمناخ التحاور والتوافق القادم، 4 - بعض ملامح المهام الإصلاحية ذات المردود الاقتصادي قصير ومتوسط المدى، 5 - بعض الأساليب الممكنة لتطوير مرجعيات ومعايير المصلحة العامة، وتحفيز المشاركة السياسية للجماهير من خلال العامل الاقتصادي، وسوف أبدأ بالموضوعات الأقل تخصصية بالمعايير الفنية ومن ثم تناول القضايا ذات المضامين الاقتصادية الاكثر تحديداً وبأكبر إيجاز ممكن. مجالات وآليات العمل الممكنة لتحقيق أعلى مردود والتي تخدم كذلك مهام الإصلاح والتطوير المستقبلي.
أولاً : توظيف العامل الاقتصادي في تطوير مرجعيات المصلحة العامة وضوابط ومعايير تحققها.
لعل البعد الاقتصادي هو الأكثر مباشرة في ملامسة مصالح الناس ووسائل عيشهم اليومية، وهو الأبعد أثراً والأوسع نطاقاً والأقرب إدراكاً كذلك، وبالتالي فإن التطوير الحصيف لأسس ومعايير تحقيق الصالح العام في هذا المجال ومن ثم الربط المقنع والمنهجي بين أنماط محددة من القرارات والمواقف والرؤى وأساليب العمل، سواء في مجال الحوار أو في مجال الممارسة السياسية الفعلية، لا بد وأن يتحول تلقائياً وبسرعة إلى موجه وحافز فعال للمواقف السياسية الجماهيرية وعلى أوسع نطاق، وكل ما هو مطلوب لذلك هو تحقيق حالة وعي عام بمضمون هذه المصالح العامة ومقدار أهميتها، وبمرجعيات وأسس تحقق هذه المصالح، وبالرابط الموضوعي بينها وبين الأنماط المستهدفة من المواقف والسياسات والرؤى الحوارية والعملية مهما كان مجالها.
على أن من المهم إدراك أن أسس ومعايير تحقق المصلحة العامة الاقتصادية لا تنحصر في مجال السياسات والإجراءات والرؤى ذات الطابع الاقتصادي فحسب، ولكنها تتضمن كل ما يمكن أن يؤثر على بيئة وخيارات الممارسة الاقتصادية الوطنية السليمة سلباً أو إيجاباً، سواء كان مصدر ومجال الأثر محلياً أو إقليمياً أو دولياً.
من هنا فإن قضايا الاستقرار الأمني والسياسي وسلامة القضاء وسيادة القانون والتطبيق الحصيف لمبدأ تكافؤ الفرص وتطبيق مبادئ المواطنة المتساوية وملاءمة البنية المؤسسية للدولة وتطويرقدرات ومرجعيات تصميم السياسات العامة وتحديد الأولويات العامة وملاءمة النظام السياسي العام للدولة وتمتعه بالقبول العام وتحقيق الشفافية في إدارة الشأن العام والانفتاح البناء على العالم ومحاربة مظاهر الغلو والإرهاب وما يعكر مناخ التفاعل السلس مع بقية العالم وإزالة بؤر الصراع والاستقواء الفئوي والعصابي ومرتكزاتها العملية، كل ذلك يندرج مباشرةً ضمن أسس ومرجعيات تحقيق الصالح العام في المجال الاقتصادي.
إن من الممكن في ضوء هذا أن يتم تحديد القضايا الحوارية ذات الأولوية الخاصة من بين هذه القضايا وبلورة صيغة بنائها الملائمة، ومن ثم إيضاح مدلولاتها بالنسبة لتحقيق المصالح العامة الاقتصادية والدور الواجب والممكن ممارسته من قبل المواطنين عموماً لغرض حماية هذه المصالح، ومن ثم العمل على نشر الوعي بهذا الدور وبهذه المصالح على أوسع نطاق.
ثانياً : تحسين بيئة التحاور من خلال إزالة مظالم وأخطاء المرحلة السابقة.
لقد نشأء خلال المرحلة السابقة العديد من المظالم الخاصة والعامة التي اتسم بعضها بسمات الظواهر المتكررة والمستمرة، الأمر الذي ولد لدى فئات واسعة من ضحايا هذه المظالم ولدى محيطهم المجتمعي العام إحساساً عميقاً بالاستهداف الواعي، على قاعدة التمييز المناطقي أو القبلي أو المذهبي، تجاوز في مترتباته النفسية والاجتماعية وقع الظلم نفسه، واصبح له بذالك مضامين ومترتبات سياسية واجتماعية بالغة الحساسية والخطورة. ولقد كان من أهم هذه المظالم من حيث قدرتها على تشكيل وتهييج الوعي العام، وجعل المظالم الفردية رافداً دائماً لتغذية هذا الوعي المستفز، هي الحصرية النسبية في حقوق ممارسة الظلم بأنواعه المختلفة، على نحو تمييزي وعلى أسس تكاد أن تكون قبلية وجهوية واضحة، تستثني إلى حد بعيد بشكل واضح سكان مواطن الظلم عموماً، وهو الأمر الذي يمزج مرارة الظلم المقيتة بحرقة استفزازية واستعلائية مؤلمة. لم يختلف الأمر في هذا الشأن من الحديدة إلى عدن أو لحج أو إب أو المهرة أو الضالع أو المحويت أو سقطرى، اللهم في حجم وطبيعة الممكن الموضوعي للاستهداف أي مجال الظلم وموضوعه، وإلا في حالة التهيئة النفسية والسياسية للرفض أو الخنوع.
ولقد تعددت وتنوعت مجالات ممارسة الظلم المشرعن من الاستيلاء على الأراضي العامة والخاصة أحياناً إلى ممارسة حقوق التهريب وحقوق تنفيذ المشروعات العامة والفوز بالمناقصات التجارية خارج إطار الضوابط القانونية لذلك، وحتى منح صكوك الحماية والرعاية للمستثمرين وأصحاب الأعمال مقابل أتاوات متفق عليها مع سماسرة مراكز النفوذ ذات العلاقة.
إن الحوار الذي يمكن أن يتم على خلفية مثل هذا النوع من المشاعر والانطباعات، لا يمكن أن يكون حواراً بناءً يقوم على قاعدة المصالح والمطالب الواقعية وبغرض البحث عن الحلول الوسط والضمانات التوافقية في إطار بنية النظام الواحد، ولكنه الأرجح أن يكون مشبعاً بمرارات التجربة القريبة الماضية الحية في النفوس والأذهان، وما خلفته من مشاعر الريبة العميقة والظلم الفئوي أو الجهوي الطابع الذي يتجاوز في مغزاه مجال الحقوق الى مجال الكرامة، وأن لا يخلو من تحيزات واعية أوغير واعية في اتجاه المضامين الصراعية الهادفة لتحقيق وإثبات الذات مما يكسبه طابعاً عنادياً متنامياً غير محمود العواقب، وبالتالي فلكي يتوفر الحد الأدنى الملائم من مقومات نجاح الحوار فلا بد من استعادة حد ملائم من موضوعية وواقعية النظرة والرؤية السائدة في بيئة الحوار، الأمر الذي يستلزم كخطوة أولية تسبق الحوار وليس في إطاره، تحديد حزمة الإجراءات التي من شأنها أقصى ما يمكن من مشاعر التوجس وعدم الثقة والإحساس بالحاجة لإثبات الذات في جانب فئات الضحايا على وجه الخصوص، وعلى الأخص منهم تلك الفئات التي خضعت بالفعل لعمليات تعبئة نفسية ومجتمعية أرهفت حسها كثيراً لهذه المواضيع، وبالنظر لتعقيد هذا الأمر ولخصوصيته المكانية والفئوية، فسوف أحدد مقترحي الموجز جداً في هذا الشأن في إطار السياق المنهجي العام لتحقيق هذه الغاية وفي إطار قضيتين فقط من القضايا الممكن طرحها وذلك بالنظرلأهمية هاتين القضيتين ولكونهما تصلحان ربما كنماذج يقاس عليها.
أما القضيتان فهما أولاً : قضية الاستيلاء التوافقي أو المشرعن لمراكز القوى النافذة على الأراضي العامة والخاصة على النحو الجريء والمستفز الذي رآه وعلم به الجميع، وبالذات في المحافضات الساحلية كالحديدة وعدن وحضرموت، ثانياً : الهاجس الدائم لدى فئات واسعة جداً من أبناء المجتمع اليمني من استمرار وتفاقم هيمنة ثقافة القبيلة ومرجعياتها وأدواتها على الدولة اليمنية، ومن ثم تكرار الكثير من مظاهر الظلم السابقة، بل وأخطر من ذلك الحيلولة دون تشكل الدولة اليمنية الحديثة، وهيمنتها الفعلية على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع اليمني، ومن ثم السير باليمن على مدارج التقدم والتطور واكتساب مؤهلات الندية التنافسية والحضارية مع بقية أمم الأرض، وضمان أسباب الحياة الكريمة والمستقرة لهذا الشعب المنكوب جيلا بعد جيل.
أما بالنسبة للسياق المنهجي للتعامل مع هاتين القضيتين والذي أورده هنا على سبيل المثال ولغرض التحليل والقياس وليس باعتباره صيغة تنفيذية مقيمة وجاهزة للتطبيق الواقعي، إذ أن ما أورده هنا هو اختيار مرجح بالحدس الشخصي وليس الدراسة الموضوعية التي من العبث إجراؤها خارج سياق محدد لتوظيفها.
المثال الأول ويتعلق بمعالجة مشكلة الأراضي وقد ورد هذا الإجراء في إطار ورقة قمت بإعدادها في عام 2007 عند بداية تبلور مشكلة الحراك الجنوبي وذلك بالتنسيق مع مجموعة صغيرة من كبار مسئولي الدولة بغرض رفعها لرئيس الجمهورية، وسرعان ما رأى أصدقائي عدم رفع الورقة ( مرفق نسخة من الورقة كملحق لهذا البحث)، ولقد كان ضمن الأفكار العملية في إطار الورقة، والتي تصلح كنموذج للغرض محل اهتمامنا، مقترحاً باختيار عدد من القضاة المشهود لهم بالنزاهة والأمانة والحزم وتكليف خمسة للنزول بصلاحيات كاملة ونهائية وغير قابلة للمراجعة السياسية الى كل محافظة من المحافظات الجنوبية، وذلك للنظر في التظلمات الخاصة والعامة في حدود المجالات الثلاثة التالية:
التظلمات الخاصة باستيلاء نافذين سياسيين أو أمنيين أوقبليين أو عسكريين أو غيرهم على أراضي أو ممتلكات عامة من أي نوع.
التظلمات الشخصية ضد سخصيات نافذة ووجاهات سياسية أو اجتماعية وما إلى ذلك من أشكال الاستقواء.
التظلمات الخاصة بحالات المعاملات التمييزية في المجال التجاري والاستثماري ومجال تنفيذ المشروعات.
على أن يصاحب عمل هذه الهيئة توجيهات حاسمة بالتنفيذ الفوري غير القابل للمراجعة السياسية أو غيرها تحت الاشراف المشترك لوزيري الداخلية والدفاع والمحافظ المعني.
أما المثال الثاني فسوف يتم تقديمه في إطار ورقة خاصة لأهميته ولضيق الوقت.
ثالثاً : التحديات الاقتصادية العاجلة للمرحلة الانتقالية وأساليب معالجتها:
تمر اليمن اليوم بأدق واخطر مراحل تاريخها الحديث، وهي في هذه النقطة بالذات تقف عند مفترق طرق حاسمة يقود بعضها نحو مجاهل التمزق والتصارع والدمار، وتقود أخرى إلى آفاق مواتية للاستقرار والبناء والترقي، على إن تحقق أي من هذه البدائل لم يعد يعتمد على مجرد الاختيارات والمواقف التي تتخذها القوى السياسية والاجتماعية فحسب، ولكنه يعتمد إلى حد كبير على توفر أو عدم توفر الشروط والمقومات الموضوعية اللازمة لتحقيقها في الواقع، بما في ذلك الحد الأدنى من ضروريات الحياة بالنسبة للمواطن العادي.
إن عملية تحفيز وتعزيز الخيارات البناءة أو غير البناءة في الراهن اليمني تتسم بكون مخرجاتها تراكمية في ذاتها وتكاملية فيما بينها خلال الزمن، وبأنها وللأسف قد وصلت حداً لم تعد آليات التفاعل والتوافق التلقائي في المجتمع قادرة ذاتياً على تصحيح الانحرافات عن المسار التوازني التقليدي للظواهر المجتمعية، ومن ثم إعادة تأسيس حالة توازن جديدة، تعكس تغيرات بيئة الفعل السياسي وفقاً للأسس السائدة، وهي لذلك غير قادرة ذاتياً على ابتكار وتأصيل مرتكزات التوازن الممكن الجديدة.
إن معنى ذلك هو أن ديناميكية الفعل السياسي والمجتمعي أصبحت بطبيعتها انفجارية في ظل عدم التدخل المدروس من خارج بيئتها، فالتدهور السياسي والاقتصادي والأمني من شأنه والحال هذه أن يقود تلقائياً إلى تفاقم وتوسع مجمل مظاهره، كما أن تأسيس سياق بناء لاستعادة الاستقرار وفقا لأسس ومقومات صحيحة من شأنه أن يخلق ديناميكيات اقتصادية وسياسية واجتماعية تعزز وتقوي هذا النهج كذلك.
وباستعراض محفزات تأسيس سياق بناء لاستعادة الاستقرار، وهي كثيرة فإننا نجد أن من بين أهمها على الإطلاق ما يلي:
استعادة مناخ الاستقرار السياسي والأمني والدفع بجهود التوافق السياسي إلى الأمام.
2 وقف حالة التدهور الاقتصادي المتسارع، وتوفير الحد الأدنى الممكن التعايش معه من احتياجات السكان الأساسية.
3 تحفيز وتوجيه الدور المجتمعي الجماهيري للعمل كصمام أمان لجعل المصلحة العامة هي غاية ومرجعية الممارسة السياسية خلال هذه المرحلة الحاسمة.
وبالنظر للأهمية الكبرى لإنجاح جهود استعادة مناخ الاستقرار السياسي والأمني وتهيئة مقومات إنجاح المرحلة الانتقالية في إعادة تأسيس مناخ بناء للتفاعل السياسي والمجتمعي، وإعادة تأسيس الدولة المدنية اليمنية على أسس صحيحة، وبالنظر كذلك لجوهرية نجاح حكومة الوفاق الوطني الراهنة، ولكون معالجة أهم مظاهر الأزمة الاقتصادية وأكثرها إلحاحاً يعتبر بدون أدنى شك شرطاً أساسياً لتحقيق هذا النجاح، لكل ذلك فإن الجزء التالي من هذه الورقة قد خصص لاستعراض أهم ملامح ومسارات معالجة مظاهر الأزمة الاقتصادية الراهنة بالأبعاد الثلاثة التالية:
1 مواجهة وإدارة مظاهر الأزمة الراهنة على النحو الذي يحيد إلى أقصى حد ممكن تأثيراتها السلبية على بيئة العمل السياسي والأمني ومقومات إنجاح الجهود الرامية لاستعادة الاستقرار.
2 تحديد المهام الإصلاحية العاجلة ومنهجية تطوير وترشيد السياسات والاستراتيجيات المحققة لها.
3 تحديد المهام العاجلة في مجال تفعيل ديناميكية النمو الاقتصادي المستقبلي ورفع مستوى تنافسية الاقتصاد اليمني ومؤهلات فاعله الكفء إقليمياً ودولياً.
ولقد تم اقتراح هذه المهام في ضوء المعايير الثلاثة التالية:
1 إمكانية تحقيق نتائج سريعة.
2 إمكانية توفير الموارد والمتطلبات الموضوعية لتنفيذ هذه الخطوات عملياً.
3 اتساق هذه الخطوات وانسجامها مع متطلبات الإصلاح الشامل من ناحية، ومع شروط تعزيز بيئة الأداء التنموي المستقبلي وعدم تأسيس تشوهات اقتصادية راهنة أو مستقبلية من ناحية ثانية.
وتتكون هذه الورقة الموجزة من أجزاء ثلاثة هي: 1 أهم التحديات الاقتصادية خلال المرحلة الانتقالية والأساليب المقترحة للحد من مخاطرها، 2 دور الدول المانحة، 3 بعض المهام الإصلاحية العاجلة.
(1)
أهم التحديات الاقتصادية للمرحلة الانتقالية وبعض الأساليب المقترحة للحد من أهم مخاطرها.
يمكن النظر إلى مشكلة الانتشار المتسارع لظاهرة الفقر باعتباره المحصلة النهائية لفعل مختلف التحديات الاقتصادية في هذه المرحلة الحساسة، وينبغي هنا التفرقة بين الفقر باعتباره مشكلة مزمنة في الواقع اليمني، تحتاج في معالجتها إلى سياسات إصلاح طويلة المدى متعددة الأبعاد، وبين التفاقم المتسارع لهذه الظاهرة باعتبارها إحدى النتائج المباشرة للأزمة الراهنة.
وتعود الأسباب المباشرة لتفاقم هذه المشكلة لعدة عوامل من أهمها ما يلي:
1 -تفاقم معدل البطالة.
2 -تسارع معدلات التضخم.
3 - تراجع مستوى توفير الخدمات العامة الأساسية.
ومن ثم فإن معالجة مترتبات الأزمة في مجال مفاقمة ظاهرة الفقر والحد من تداعياتها السياسية والأمنية يجب أن تتضمن ما يلي:
فهم وتحديد الأسباب المباشرة لهذه القضايا الثلاث.
فهم الآليات التي يتم من خلالها حدوث هذه الظواهر.
تطوير السياسات والإجراءات التي من شأنها الحد من هذه الظواهر وعكس مسار تطورها والموارد والشروط اللازم توافرها لتحقيق ذلك.
وفيما يلي نتناول بإيجاز كل قضية من هذه القضايا، ليس للوصول إلى توصيف تفصيلي وواقعي للمشاكل والحلول طويلة المدى، ولكن لغرض التحديد الأولي لعناصر المشكلة، ومنهجية العمل نحو تحديد وتطوير الحلول العاجلة الملائمة بالنسبة لكل منها، وقد تم تحديد المعالجات المقترحة في إطار منظومتين متكاملتين من السياسات والإجراءات تتعلق الأولى بالمعالجات الحكومية المباشرة في حين تتعلق الثانية ببعض الأدوار الممكنة في إطار جهود المجتمع الدولي التي خصص لها جزء خاص من الورقة.
أ البطالة.
يعود تفاقم حالة البطالة في ظل ظروف الأزمة الراهنة للأسباب التالية:
1 - الحالة السياسية والأمنية الراهنة، ومترتباتها المختلفة ومنها:
أ - ارتفاع مستوى المخاطر السياسية والاقتصادية وتراجع مستوى الاستثمار الخاص كنتيجة لذلك.
ب - توقف معظم المشاريع الاستثمارية العامة عن التنفيذ وتوقف العديد منها عن التشغيل.
ج - ارتفاع كلفة رأس المال وكلفة المواد الأولية المستوردة والمحلية وارتفاع تكاليف مدخلات وعناصر الإنتاج الأخرى أو انعدامها مثل الكهرباء والديزل، وارتفاع تكاليف النقل، وارتفاع مستوى المخاطر الأمنية، مما أدى إلى إفلاس العديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص أو انخفاض مستوى تشغيلها، وإيقاف أو انخفاض مستوى تشغيل العديد من المشروعات الكبيرة كذلك.
د - تحقيق معدلات نمو سالبة على مستوى مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني.
و - صعوبة الحصول على تمويل خارجي لسد احتياجات الاستيراد لمدخلات الإنتاج المختلفة بما في ذلك قطع الغيار والمواد الأولية.
و - توقف الاستثمار الخارجي المباشر.
ز - صعوبة توفير مصادر التمويل الداخلي.
المعالجات السريعة الممكنة لمشكلة البطالة:
يعتبر تحقيق المصالحة السياسية واستعادة مناخ الاستقرار السياسي والأمني شرطاً مسبقاً لتحقيق تقدم ملموس في مجال التوظيف وخلق فرص العمل وثمة العديد من المعالجات الممكنة لمشكلة البطالة في ظل تحسن الوضع السياسي والأمني منها:
أ وضع خطة وبرنامج عمل لإعادة تشغيل المشاريع الاستثمارية العامة والخاصة المتوقفة ويمكن على سبيل المثال تبني الخطوات التالية:
- مباشرة إصلاح القطاع المصرفي لغاية تفعيل دوره في مجال الاستثمار الخاص ودعم المشاريع المتوسطة والصغيرة، وكخطوة مبدئية يمكن التفكير في خلق نوافذ استثمارية في مختلف البنوك تقوم بهذه المهمة، ويمكن دعمها من قبل المانحين والدولة، وثمة مقترح محدد لعمل ذلك بفعالية وسرعة سوف يقوم الكاتب بتناولها في مكان آخر، على أن تستهدف كأولوية قضية إعادة تشغيل المشروعات التي أفلست والتي هي على وشك الإفلاس.
- حل مشكلة توفير مصادر الطاقة وارتفاع أسعارها.
- البحث عن وسائل لتمكين المؤسسات الإنتاجية من توفير احتياجاتها من التمويل اللازم لاستئناف عمليات الإنتاج لديها.
- استعادة النمو.
- إصلاح السياسات الاقتصادية وتحسين بيئة الاستثمار.
- تطوير المقترحات والدراسات الأولية لحزمة مناسبة من المشروعات كثيفة العمل، قليلة الكلفة نسبياً، والبحث عن تمويل محلي ودولي لتنفيذها.
خلق أسواق للعمالة اليمنية وتأهيلها للمنافسة في هذه الأسواق ومساعدتها للوصول إلى هذه الأسواق.
تصحيح أولويات التخصيص في إطار الميزانية لمصلحة النفقات التشغيلية.
البحث عن مصادر تمويل، لإعادة تشغيل المشروعات الاستثمارية العامة المتوقفة
ب المساعدة في استيعاب العاملين اليمنيين في الأسواق الإقليمية ذات الاحتياج
وللمساعدة في هذا العمل تتولى كل من وزارة التخطيط ووزارة العمل القيام بما يلي:-
حصر المخاوف الأمنية لدى البلدان المستقبلية ووضع معايير للخطورة الأمنية للأفراد وتطبيق هذا المعيار على المتقدمين لغرض العمل بالخارج لتحديد من يسمح له بالسفر من عدمه واعتبار الخلو من المخاطر الأمنية شرطاً أساسياً للاختيار باعتباره ضماناً لاستمرارية التعامل البناء وعدم تشويه سمعة العمال اليمنيين في الخارج.
تعد استمارات خاصة لطلبات السفر للعمل في الخارج وفقاً للاتفاقيات مع الدولة وتتضمن هذه الاستمارات نوع العمل ودرجة المهارة ومستوى خبرة المتقدم.
يخضع المتقدمين لاختبارات أولية ويتم تصميم برامج تدريب سريع لتعزيز مهارات العاملين كجزء من شبكة الأمان الاجتماعي (انظر شبكة الأمان)، وذلك للوفاء بالحد الأدنى من شروط الأداء حفاظاً على سمعة العمالة اليمنية في الأسواق المستهدفة عالية التنافس.
توضع دورات تأهيلية في مجال أخلاقيات العمل والانضباط الوظيفي والسلوكي كجزء من شبكة الأمان (انظر شبكة الأمان)، ولا يسمح لأي عامل بالسفر إلا بعد المرور عبر هذه الندوات.
( وثمة مقترحات مكملة أخرى للمعالجات الممكنة لمشكلة البطالة سيتم تناولها في معرض تناول دور الدول المانحة وكذا المهام الإصلاحية العاجلة.)
ب التضخم:
تعود أهم أسباب التسارع الكبير في معدلات التضخم منذ بدء الأزمة الراهنة إلى ما يلي :
1 - تراجع مستويات الإنتاج المحلي من معظم السلع وارتفاع تكاليفه، وبالذات بالنسبة للإنتاج الزراعي وذلك للعديد من الأسباب، منها عدم انتظام الطاقة الكهربائية وعدم توفر مادة الديزل بالنسبة للزراعة، وارتفاع تكاليف النقل وارتفاع تكاليف التمويل وندرته، والمخاطر الأمنية العالية وتزايد حالات الإفلاس وتوقف المصانع عن الإنتاج كلياً أو جزئياً.
2 - ارتفاع تكلفة الواردات للعديد من الأسباب، مثل ارتفاع تكاليف التمويل نتيجة لارتفاع مستوى مخاطر الإقراض لليمن، وانخفاض سعر صرف الريال، وارتفاع تكاليف النقل والتأمين على الشحن إلى الموانئ اليمنية نظراً لارتفاع مستوى المخاطر.
3 - ارتفاع تكاليف النقل الداخلي بسبب ارتفاع تكاليف الوقود وارتفاع مستوى المخاطر أثناء النقل.
4 - ارتفاع الطلب على عدد من السلع الأساسية كنتيجة للتغير الكبير في ميزانية الأسرة مما أدى إلى الضغط الشديد على أسعار هذه السلع.
5 - تراجع موارد الدولة وتزايد معدلات التمويل عن طريق الإصدار النقدي ورداءة سياسات البنك المركزي عموماً
إن معالجة مشكلة التضخم مسألة في غاية الأهمية، وهي مسألة معقدة ومتشعبة وتحتاج في الحالة اليمنية إلى قدر كبير من الحكمة والمهارة، بحيث أنني أعتقد أن مجرد استعراض رؤوس أقلام موجزة في الموضوع كما فعلنا في مجالات أخرى لا يخلو من مخاطر سوء الفهم، وبالذات بالنسية لقضية توقيت وتنسيق الإجراءات التي تكتسب أهمية خاصة في هذا المجال بالنظر لتأثيراتها المتعارضة على مختلف جوانب الاقتصاد، وبالتالي فإن من المهم تحليل هذا الموضوع في ضوء تقييم البيانات والخيارات الواقعية.
ومع ذلك فثمة مهام مهمة ومكنة التناول عند هذه النقطة، مثل:
1 رفع تنافسية توريد السلع الغذائية الأساسية وتأمين وصولها إلى اليمن بالكميات المناسبة وبالأوقات المناسبة.
2 الحد من المبالغات غير المبررة في تكاليف نقل السلع الأساسية داخليا.
3 وتنظيم أسواق المنتجات الغذائية المحلية لرفع مستوى تنافسيتها وتقليل هامش المضاربة الناجم عن سوء تدفق المعلومات بين مراكز الإنتاج والتوزيع وبين الأسواق ذاتها، وعدم تنظيم مهام الوساطة واحتكار التخزين في مراكز توزيع المنتجات الزراعية....
4 الحد من التلاعب بأسعار مادتي غاز الطبخ والديزل ( سواء عند مستوى الأسعار المدعومة أو غير المدعومة)، وذلك عبر منع المضاربة بهذه السلع والتلاعب بتخزينها وعرضها في السوق.
(سوف يتم استعراض بعض مجالات المعالجات عند الحديث عن الإصلاحات الاقتصادية العاجلة ودور الدول المانحة في مواجهة الأزمة، على أنه وبالنظر لتأثير السياسات المالية والنقدية على أداء بقية قطاعات الاقتصاد، فإن اقتراح المعالجات الفعلية يستحسن أن يتم بناء على تحليل للبيانات الفعلية ذات العلاقة يأخذ بعين الاعتبار مختلف جوانب المشكلة.).
ج - توفير الخدمات الأساسية:
سوف يتم في هذا المجال التركيز على موضوع الكهرباء باعتباره الموضوع الأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن، والذي سوف تؤدي معالجته إلى تحسن ملموس في أداء معظم القطاعات الأخرى، وتتلخص مشكلة قطاع الكهرباء في أولاً: التدني غير المبرر في كفاءة تخصيص الموارد في إطار القطاع وتبني خيارات غير اقتصادية في ظل وجود بدائل أكثر كفاءة بكثير، سواء بمعيار الكلفة الرأسمالية لوحدة المنتج أو تكلفة الإنتاج أو عبء النقد الأجنبي. ثانياً: الانقطاع المتكرر للتيار بسبب المشاكل الأمنية. ثالثاً: تدني كفاءة الإدارة والصيانة. رابعاً: ارتفاع معدل الفاقد في الشبكة وتهالك أجزاء كبيرة منها.
وأقترح كإجراءات للمعالجات الآنية العاجلة والمباشرة، وكتمهيد للمعالجات المستقبلية الأكثر شمولاً اتخاذ الخطوات التالية:
أ في مجال توليد الطاقة الكهربائية:
إعداد كشف بكافة المحطات العاملة يتضمن البيانات التالية عن كل محطة:
1 - حجم الإنتاج.
2 - نوع الوقود.
3 - التكنولوجيا المستخدمة والكلفة التقديرية للصيانة الاعتيادية والدورية للكيلو وات الواحد.
4 - طبيعة الملكية والأوضاع التعاقدية ذات العلاقة.
5 - إجمالي الكلفة المتغيرة للكيلو وات الواحد.
6 - الاعتبارات الأمنية والموضوعية مثل موقع المحطة وارتباطها بالشبكة العامة من عدمه.
7 - أهمية المحطة من منظور الأمن الاستراتيجي للدولة في مجال توفير الطاقة.
2 - تقدير حجم الإنتاج المرحلي الانتقالي المستهدف الذي يسمح بالإطفاءات، ولكن في الحدود المعقولة، ويكون أساساً للتدرج في توفير كامل احتياجات الطاقة مستقبلاً.
3 - يتم تصنيف المحطات على الأسس التالية :
1 - متوسط كلفة الكيلو وات/ساعة بما في ذلك تكاليف الصيانة الاعتيادية والدورية.
2 - نسبة عبء النقد الأجنبي في كلفة الكيلو وات بالنسبة لكل محطة.
3 - الاعتبارات الأمنية.
4 - اعتبارات الأمن الاستراتيجي في مجال الطاقة.
يتم في ضوء العناصر الثلاثة السابقة تطوير معايير محددة للتشغيل تتحدد بموجبه المحطات ذات الأولوية في التشغيل وتحديد المحطات التي يتم إعدادها إما الآن أو مستقبلاً عندما تتوفر المحطات الأكثر كفاءة لكي تصبح ضمن الاحتياطي الاستراتيجي للطوارئ وتلك التي يجب إيقافها كلياً.
إن أهمية كل هذا تتعلق بموضوع وقف حالة التردي الفظيع في اقتصاديات القطاع التي أدت إلى استنفاد موارده في تكاليف غير مبررة، إلا بكونها تتيح مجالاً واسع للفساد وتخدم مصالح أصحاب النفوذ المستفيدين من هذا الوضع المحزن على حساب المصلحة العامة.
سوف تنشأ عن هذا التدخل وفورات كبيرة جداً في موارد القطاع مقارنة مع النفقات الاعتيادية الراهنة، (وبالذات عندما يبدأ التحول من محطات الديزل إلى التربينات الغازية)، وذلك بمقابل خفض نسبي مؤقت وبسيط في الطاقة الإنتاجية مقارنة مع طاقتها القصوى التي لم يسبق الاستفادة منها بالكامل سابقاً على كل حال. ويمكن استخدام هذا الوفر لبناء وتوسيع الطاقات الإنتاجية في القطاع وصيانة الشبكة، مما يؤدي إلى توسيع مستمر للطاقة المتاحة للمستهلك وإلى ضغط مستمر للتكاليف، ولعبء الدعم، مما يمكن أن يؤدي إلى استعادة كفاءة بيئة الأداء الاقتصادي والاستثماري عموماً علاوةً على تأمين توفير الخدمة ورفع مستوى جودتها.
ولكي يمكن تحقيق هذه الغاية على نحو سريع وفعال فإن الإجراءات التالية تصبح ذات أهمية كبرى:
دراسة بنية التكاليف لإنتاج الكهرباء وفقاً لمختلف التقنيات، وأنواع الوقود المستخدم، والموقع الجغرافي، ونمط الإدارة المتبع.
ومن ثم تقدير حدود الكلفة المعيارية أو القياسية التقريبية للكيلو وات في ظل مستوى ملائم من الكفاءة وفي ظل الخيارات الأكفاء نسبياً.
العودة إلى الدراسات المختلفة التي تمت في الماضي وتقييمها على هذا الأساس ومن ثم تحديد الخيارات الملائمة منها وعرضها ضمن عدد من الخيارات الممكنة للتمويل والتنفيذ مثل:
عرضها على الدول المانحة للتنفيذ المباشر كجزء من الدعم المزمع تقديمه لليمن.
الإعلان عنها كفرص استثمارية للمستثمرين الدوليين.
التنفيذ باستخدام موارد الدولة من خلال تعاقدات تفي بالمرجعيات المعيارية المشار إليها.
ب : في مجال الشبكة الكهربائية.
1 - يتم تقدير إجمالي الفاقد في الشبكة ومقارنته مع المتوسط المقبول أو المستهدف وفقاً للمعايير الملائمة.
2 - تقسيم الشبكة إلى قطاعات وفقاً للاعتبارات الفنية والموضوعة المتبعة لدى المؤسسة ويتم تقييم الفاقد بالنسبة لكل قطاع.
3 - يتم وضع خطة لخفض الفاقد على أساس المردود النسبي للنفقات والوقت المطلوب لإنجاز المهمة والتوزيع النسبي للكلفة بين النقد الأجنبي والمحلي.
يتم وضع خطة تنفيذية في ضوء المعطيات السابقة.
(2)
دور المجتمع الدولي (الدول المانحة) في مجال معالجة مظاهر الأزمة الاقتصادية الراهنة:
في مجال معالجة ظاهرة البطالة :
يمكن أن تلعب الدول المانحة دوراً مهماً أثناء المرحلة الانتقالية وما بعدها في معالجة تفاقم مشكلة البطالة وذلك من خلال العديد من الوسائل ومنها:
أولاً : المساعدة في إعادة تشغيل المشروعات العامة المتوقفة بسبب نقص أو توقف التمويل.
ولكي يتم ذلك على نحو كفء وفعال، وبالانسجام مع الأولويات المرحلية والتنموية فلا بد من القيام على وجه السرعة بالخطوات التالية التي ينبغي أن تتم بإشراف وزارة التخطيط وهي:
أ - تقوم وزارة التخطيط بإعداد كشف شامل بالمشروعات التنموية المتوقفة في مختلف المجالات.
ب - يتم تصنيف هذه المشاريع على الأسس التالية:
1 - مقدرتها على استيعاب العمالة المحلية.
2 - قابليتها للحصول على تمويل أجنبي وفقاً لأولويات وضوابط عمل المانحين.
3 - أهميتها التنموية.
4 - مترتبات توقفها بالنسبة لإمكانات إعادة استكمالها مستقبلاً.
5 - خارطة تموضعها الجغرافي مقارنة بخارطة البطالة والفقر.
6 - جاهزيتها للعرض على مصادر التمويل الأجنبي المحتملة.
ت - يتم اختيار المشروعات ذات الأولوية وفقاً لهذه المعايير وتحديد مدى انسجامها النسبي مع أولويات الممولين المحتملين المختلفين وتقديمها كوسيلة سريعة للمعالجة وبالذات لمشكلة البطالة والفقر .
ثانياً : المساعدة في إعادة تشغيل المشروعات الخاصة المتوقفة وبالذات الإنتاجية منها سواء المتوسطة والصغيرة أو الكبيرة.
يتم كإجراء عاجل ما يلي:
1 - فتح نوافذ تمويلية لهذا الغرض في إطار أنشطة البنوك التجارية العاملة.
2 - تحديد سعر فائدة تفضيلي واقعي للإقراض لهذه الأغراض.
3 - وضع الضوابط والمعايير الملائمة للإقراض.
4 - تقديم دعم مالي من الدول المانحة لغرض تمويل هذا النشاط على أن تقيم الخيارات البديلة لاستخدام هذا التمويل بما يعزز فاعليته ويوسع من أثره، ومن ذلك على سبيل المثال ما يلي:-
أ - إتاحة هذا المال للإقراض مباشرة كأحد البدائل الممكنة والذي ربما كان الأسرع ولكن الأقل فعالية واستمرارية.
ب - تخصيص هذا المال أولاً لتعويض البنوك عن الخفض التفضيلي في سعر الفائدة وثانياً لعمل مخصص تأميني من مخاطر عدم السداد.
5 - تطوير الاشتراطات الملائمة لضمان الحصول على أسرع مردود في جانبي التشغيل والتوظيف من قبل المشروعات المستفيدة.
6 - المساعدة في مجال فتح الأسواق الإقليمية للعمالة اليمنية والمساعدة على تأهيلها فنيا ولوجستيا للاستفادة من ذلك، وقد تم ذكر نماذج من وسائل الدعم الممكن سابقاً.
ثالثا: تقديم دعم مباشر لعجز الموازنة :
وهي خطوة سوف تثبت أهميتها العملية القصوى لإنجاح الحكومة الراهنة، على أن من المهم أن تصمم أساليب الدعم بالتركيز على الأولويات ومجالات العمل التالية:
1 - مواجهة مظاهر الأزمة الراهنة ومتطلبات استعادة الاستقرار بما في ذلك مواجهة البطالة والتخفيف من الفقر وتوفير الخدمات الأساسية.
2 - استعادة النمو ورفع مستوى كفاءة الأداء الاقتصاد والتنموي.
3 - تعزيز فرص الإصلاح الاقتصادي والإداري وأنماط الممارسة الشفافة.
4 - تأهيل الاقتصاد للتدرج خارج أسباب استمرار العجز والحاجة للدعم الخارجي.
شبكة الأمان الاجتماعي:
يعتبر تطوير شبكة الأمان الاجتماعي للتعامل مع تحديات وضع الأزمة الراهنة وبالذات في مجال التخفيف من الفقر، ومن آثار تفاقم مشكلة البطالة، احد أهم الوسائل الممكنة لمواجهة الأزمة الراهنة ولتعزيز مناخ الاستقرار السياسي والاجتماعي في الدولة خلال هذه المرحلة الحساسة، وينبغي عند تطوير أساليب توظيف شبكة الأمان الاجتماعي لهذه الغاية مراعاة ما يلي:
تصميم البرامج بحيث تتجنب خلق حالات من الاعتماد المستمر على هذا النوع من الدعم لدى المواطنين المستهدفين بل وبحيث تمكن من تعزيز قدرة المستهدفين على الاستغناء عن الدعم مستقبلاً. . تصميم هذه البرامج بحيث تعزز ما أمكن مقومات الكفاءة الأدائية للاقتصاد الوطني مستقبلا. وتتجنب إلى أقصى حد ممكن خلق التشوهات الاقتصادية وغير الاقتصادية وبالذات المتعلقة بكفاءة الأداء وتحفيز عملية التطوير والترقي وتوطين التكنولوجيا.
الوصول إلى أوسع قدر ممكن من المستحقين بأولويات صحيحة سواء من حيث الاستحقاق أم من حيث ملاءمة الدعم للاحتياجات، ويمكن التفكير بعدد كبير من الوسائل التي تفي بهذه الأغراض، سواء منها التي هي قيد التطبيق أو الجديدة كليا، ومن الأساليب الجديدة على سبيل المثال :
وضع برامج تدريبية وتثقيفية مبسطة للعمال العاطلين الراغبين في العمل في الخارج (أو الداخل) وذلك بالاستفادة من المراكز التدريبية والمدارس خارج أوقات الاستخدام الاعتيادي، يتم خلالها مساعدتهم على تعزيز قدرتهم التنافسية في البلدان المستقبلية وذلك من خلال:
أ - تطوير مستوى العمال في مجال أخلاقيات وقيم العمل لانسجام مع متطلبات المنافسة في المجتمعات الأكثر تطورا، ومن ذلك على سبيل المثال.
أهمية الانضباط الوظيفي والأدائي والمسلكي في مجال العمل.
أهمية الالتزام الدقيق بالتعليمات المنمطة للأداء.
أهمية محاولة التعلم أثناء العمل.
ويمكن لهذه الغاية إعداد كراس تدريبي يتم تنفيذه من قبل مهندسين وإداريين وأساتذة مؤهلين في مختلف مدن الجمهورية.
وضع برامج تدريب تكميلية للعاملين في المهن الحرة مثل السباكة والنجارة والديكور والكهرباء وأعمال والبلاط والتلبيس بالأسمنت....، حيث تهدف هذه الدورات إلى تدريب العمال على أساليب القياس الدقيقة وتعريفهم بمعايير الجودة في هذه المجالات من عملهم، ويمكن لهذه الغاية الاستعانة بكراريس تدريبية ينفذها مهنيون مشهود لهم في كل منطقة.
2 - تكليف البنوك التجارية وغيرها بفتح نوافذ للإقراض وفقاً للأولويات الملائمة مثل:
أ للمشروعات الصغيرة والمتوسطة المتوقفة على العمل أو في وضع إفلاس.
ب للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي لا يتوفر لها تمويل.
ج مشروعات الأسر المنتجة.
د لتمويل التدريب الحرفي والمهني القصير والمتوسط المدى.
وبحيث يتم تحديد أسعار فائدة مخفضة بما يكفي لهذه المشروعات ويتم لتحقيق ذلك تخصيص مبالغ من الدعم الخارجي على النحو التالي:
1 - مبالغ مخصصة لدفع فارق سعر الفائدة مقارنة بسعر السوق.
2 - مبالغ مخصصة للتأمين ضد عدم السداد يكون تقديمها مشروطاً بضوابط محددة.
3 - تقديم دعم لتدريب العاملين لدى المصانع وذلك لتشجيع المصانع على اجتذاب وتوظيف العمالة غير المدربة وتشجيع التوسع في الإنتاج والتوظيف.
4 - دعم واردات المواد الأولية ولكن فقط من خلال تحمل فارق أسعار النقل الناتج عن الأزمة.
5 - البحث في إمكانية تبني تقنيات تقوم على استخدام الغاز المسال كبديل للديزل في مجال الاحتياجات الزراعية ومن ثم تمويل مثل هذه العمليات كليا أو جزئياً .
تقديم القمح والدقيق المجاني ( وليس مخفض السعر ) للفئات المستفيدة من شبكة المساعدة الاجتماعية الحالية ولمن يتقدم بطلب من العاطلين عن العمل، وذلك كهبات غير دائمة حتى لا تخلق تشوهات اقتصادية مستمرة في المستقبل.
تسعير الدواء وإلزام الصيدليات بعرض كشوف الأسعار على واجهاتها ومراقبة جدية الالتزام بهذه التسعيرات، وتوفير حد ملائم من الدعم لبعض الأدوية الأساسية ومنها :
1 - دواء الضغط.
2 - دواء السكر.
3 - دواء الصرع.
4 - دواء الملاريا.
5 - أدوية كبار السن.
على أن يكون بالوسائل المناسبة لذلك والتي تحول دون الفساد.
(3)
المهام العاجلة في مجال الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري:
تعتبر مهام الإصلاح الاقتصادي والإداري في الحالة اليمنية مهام متشعبة ومعقدة للغاية، بحيث أن مجادلة تناولها عند أي مستوى من التفصيل في إطار مثل هذا العمل يعتبر غير واقعي، ولا يمكن أن يتم بصورة دقيقة, ومع ذلك فإن من المهم التعرض لعدد من القضايا المرتبطة بهذا الملف لأهميتها الملحة في هذه المرحلة ومنها ما يلي:
1 - موضوع أسعار المشتقات النفطية.
2 - سياسات التوظيف السياسي لغرض امتصاص البطالة.
3 - تمويل عجز الموازنة العامة للدولة.
4 - بعض جوانب الإصلاح الجمركي والضريبي.
1 - أسعار المشتقات النفطية:
إن اتخاذ القرار بشأن إعادة دعم المشتقات النفطية كالبترول والديزل إلى ما كان عليه هو أمر في غاية الحساسية، ويجب أن يؤخذ بقدر كبير من الحرص، وأقترح قبل اتخاذ أي قرار بهذا الشأن المرور عبر الخطوات التالية:
- تقييم الكلفة المالية والاقتصادية الإجمالية لإعادة الدعم.
- تقييم المردود الإيجابي لإعادة الدعم على الفئات الفقيرة والمستهدفة سواء منها المباشر أو غير المباشر الذي يترتب على ضغط أسعار النقل وغيره وحساب المكافئ النقدي لذلك.
- البحث في البدائل الأخرى لإيصال المساعدة إلى الفئات المستهدفة وتقدير الكلفة الفعلية لتقديم نفس مستوى المساعدة الذي تحصل عليه هذه الفئات من خلال خفض أسعار المشتقات النفطية، ومن ثم تحديد الوفر الذي يمكن تحقيقه كنتيجة للتحول من دعم المشتقات كوسيلة لمساعدة الفئات المستهدفة إلى وسائل المساعدة الأكثر مباشرة عبر شبكة الأمان الاجتماعي وغيرها، ومن ثم الزيادة الممكنة في مستوى المساعدة الممكن إيصاله للفئات المستهدفة عن طريق التحول من أسلوب دعم المشتقات إلى الأساليب المباشرة الأكثر كفاءة.
تقدير الوفورات والفوائد الاقتصادية الناتجة عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية ومنها:
1 - خفض الاستهلاك غير الاقتصادي وغير المبرر للمشتقات النفطية بسبب رخص أسعارها.
2 - ترشيد اختيارات التكنولوجيا المستخدمة بما في ذلك أنواع السيارات المستخدمة لكي تعكس الكلفة الحقيقية للمشتقات بدلا من استخدام الوسائل كثيفة الاستخدام للطاقة نظراً لرخص الطاقة وبالتالي توفير استهلاك المشتقات النفطية وتوفير النقد الأجنبي وتعزيز الكفاءة التنافسية للاقتصاد الوطني.
وفي ضوء هذه الحسابات يتم إعادة احتساب الكلفة الإجمالية للدعم التي تتضمن الكلفة المالية المباشرة والكلف الاقتصادية والمالية غير المباشرة، ومقارنة ذلك بالمردود الإجمالي للدعم المباشر بالنسبة للفئات المستفيدة، وسنجد عندها أن الدعم ينطوي على مستوى غير منطقي وغير مقبول من الإهدار وأن ثمة طرقاً أكثر فاعلية وأقل كلفة بكثير لمساعدة الفئات المستهدفة لا يترتب عليها أي تشوهات أو أضرار طويلة المدى على الاقتصاد الوطني.
2 عمليات التوظيف السياسي لغرض امتصاص البطالة:
هذا الأمر يحتاج هو الآخر لأن يمحص على أساس مردوداته السياسية والاجتماعية والأمنية الفعلية، وعلى أساس تكاليفه المالية والتنموية وعلى كفاءة مؤسسات الدولة، كما يجب أن تطور خيارات تنفيذ ما يجب تبنيه منها على أساس تقييم المخاطر التنموية والاقتصادية المحتملة، وبالذات المتعلقة بحسن تخصيص الموارد وكفاءة الأداء وبحيث يتم للضرورة اختيار أقل البدائل سوء من هذا المنظور.
3 تمويل عجز الموازنة العامة لدولة:
هذا موضوع بالغ الأهمية بالنظر للمخاطر التي يمكن أن تترتب على التمادي في التمويل عن طريق الإصدار بالنسبة لمعدلات التضخم وأسعار الصرف ومن ثم التأثير على أكثر الفئات فقرا، علاوة على تأثيره السلبي على تنافسية الاقتصاد الوطني، وعلى مناخ العمل الاقتصادي والتنموي عموما وقد سبق الحديث عن أهمية تقديم المانحين دعم مباشر منظم ومرشد للموازنة على مدى زمني معقول خلال وبعد المرحلة الانتقالية، على أن المعالجات التفصيلية لهذا الموضوع لابد أن تتم في إطار عمل تفصيلي ومنهجي وفي ضوء البيانات والمعلومات اللازمة لذلك، ومع ذلك فإن ضبط الإنفاق العام ووضع أولويات ومعايير صحيحة لترشيده بما في ذلك الحد من النفقات على السلاح والنفقات خارج الموازنة، وضبط وترشيد الدعم، وتحسين أداء البنك المركزي في رسم وتنفيذ السياسات النقدية، وهي جميعها مهام لا تقبل التأجيل.
4 الإصلاح الضريبي والجمركي:
أهمية هذا هو أنه يمكن أن يؤدي إلى نتائج سريعة سواء بالنسبة للإنتاج المحلي أو لزيادة الموارد وخفض العجز في الميزانية واقترح البدء فورا بدراسة هذا الموضوع بجدية وتحديد مجالات العمل ذات المردود السريع والسهل نسبياً وهي في تقديري كثيرة ومجدية من حيث مردودها على إيرادات الدولة وبالذات ما يتعلق بالموارد المهدرة والتي لا تحتاج إلى تشريعات جديدة، ومقترحي المحدد في هذا المجال هو إعداد دراسة وخطة عمل لتحديد أهم مجالات وآليات العمل الممكنة لتحقيق أعلى مردود والتي تخدم كذلك مهام الإصلاح والتطوير المستقبلي.
* عضو مجلس الشورى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.