تغاريد حرة.. هذا ما احاول ان أكون عليه.. الشكر لكم    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الداخلية تعلن ضبط أجهزة تشويش طيران أثناء محاولة تهريبها لليمن عبر منفذ صرفيت    عاجل: هجوم صاروخي للحوثيين في خليج عدن وإعلان أمريكي بشأنه    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    شيخ الأزهر يعلق على فقدان الرئيس الإيراني    بن دغر يدعو للتحرك بشأن السياسي محمد قحطان.. وبن عديو: استمرار اختطافه جريمة بحق الوطن    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    الوزير الزعوري يتفقد سير العمل بمشروع إعادة تأهيل شوارع ومداخل مستشفى المعاقين ومركز العلاج الطبيعي عدن    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    وفاة وإصابة عشرة أشخاص من أسرة واحدة بحادث مروري بمأرب    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ريبون حريضة يوقع بالمتصدر ويحقق فوز معنوي في كاس حضرموت    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    وكيل قطاع الرياضة يشهد مهرجان عدن الأول للغوص الحر بعدن    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    مصرع عدد من الحوثيين بنيران مسلحي القبائل خلال حملة أمنية في الجوف    من هو اليمني؟    خسائر في صفوف قوات العمالقة عقب هجوم حوثي مباغت في مارب.. واندلاع اشتباكات شرسة    الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس هادي هو الشرعية الجديدة ويستطيع تجاوز كل العقد
المناضل/محمد عبدالله الفسيل ل«الجمهورية»:
نشر في الجمهورية يوم 28 - 05 - 2012

عمره خمسة وثمانون عاماً وعاصر أربع ثورات يمنية في التاريخ الحديث.. انضم إلى شباب الثورة عقب وقوع مجزرة جمعة الكرامة في مارس من العام 2011م حاملاً معه هم ثائر وطني يريد انتظام الشباب في الساحات حتى سقوط النظام لكنه اكتشف بعد ذلك أن المنصة ولجنة التنظيم في ساحة التغيير بصنعاء هي المسيطرة على الوضع بعقلية سلفية.. الوالد والمناضل/محمد عبدالله الفسيل في حوار مع«الجمهورية» يرى بأن القوى المنضمة للثورة قادرة على إسقاط سلطة لكنها غير قادرة على إقامة دولة. عاصرت أربع ثورات يمنية في التاريخ الحديث.. قراءتك لتفاصيل هذه الثورات؟
لا شك أن الشعب اليمني عانى في الماضي كثيرا، ولم تكن الظروف تسمح بقيام ثورة شعب كاملة تنفجر بها الجماهير الشعبية، في سنة 48م لا أستطيع أن أقول أنها ثورة إلا من الناحية الفكرية، أما من الناحية العملية فليست ثورة، كانت عبارة عن مؤامرة ضد أسرة سحقت اليمن لأربعين عاما آنذاك، الإمام يحيى كان متخلفا إلى أبعد حدود التخلف، وكان مصرا على أن يكرس التخلف، لم تكن لديه أية نزعة حداثية للتغيير، بالعكس كان يردد دائما في الحركات هلكات، هذا الوضع لم يكتب له الاستمرار، فقامت حركة الأحرار وكانت محدودة جدا، مجموعة من الأحرار ومن المثقفين والعلماء المستنيرين وحاولوا من البداية أن يكون التغيير عن طريق الإمام نفسه، وقد بدأت الحركة بشكل محدود عقب الحرب اليمنية السعودية عام 34م وانهزم الإمام يحيى أمام السعودية، وكانت بداية لأن يفكر الناس لماذا انهزمنا ونحن إمامة متقدمة من حيث الفكر على الملكية، وكان هناك من كان يعتقد أن الإمام يحيى هو الخليفة بدلا من الخليفة التركي، كان هذا حاصل في بعض البلاد العربية، لكن الإمام يحيى لم يكن مؤهلا لهذا في أي حال من الأحوال، كانت طموحاته محدودة، فقط كان له موقف وطني من الاستعمار الإنجليزي، لكنه لم يكن يفكر أن يقاوم هذا الاستعمار، بل بالعكس فكر أن يهادنه على أساس المقولة السابقة: في الحركات هلكات. حصل صدام في فترة من الفترات بين الإمام والإنجليز استخدم الإنجليز الطائرات وكانت الطائرات بالنسبة لليمنيين آنذاك شيئا غير معروف، وانتهى الاستعمار بالبقاء في الجنوب مقابل بقاء الإمام في الشمال، وقد تم ترتيب اليمن الشمالي في عهود الأئمة على أساس أنها منطقتين، منطقة عسكرية تحمي الإمامة، ومنطقة زراعية فيها نوع من الخيرات تمول الإمامة والمنطقة العسكرية، هذا استمر خلال عهود الإمامة كاملة بما في ذلك الإمام يحيى، وربما بقي مستمرا حتى الآن..
بالفعل أؤكد لك أنه مستمر حتى اليوم؟!!
نعم، هي سياسة اتبعت منذ قرون وهي سياسة مدمرة، كان الزبيري ينادي باستمرار بتجاوز هذه الثقافة والخروج عنها، وله كتاب اسمه الإمامة وخطرها على وحدة اليمن قدم فيه نظرة عميقة لحال الأئمة وحال اليمن، وأشار إلى كيفية استغلال الأئمة لمنطقة معينة من اليمن بطرق غير مشروعة من أجل بقاء الإمامة والحكم، الزبيري والأحرار في فترة من الفترات نادوا بضرورة تبني حكم ذاتي لكل مناطق اليمن على أساس يكون هذا الحكم الذاتي الواسع بدلا من أن تكون اليمن منطقة عسكرية وأخرى زراعية فقط، لأن الحكم المحلي سينهي هذا الوضع، أيضا كان التواصل بين المناطق اليمنية في أيام الأئمة صعبا، ولم يكن من تواصل إلا نزول بعض الأمراء ومرافقيهم مع المخمنين والجباة إلى المناطق الزراعية للتخمين واستلام العائد من محصولاتهم والعودة إلى صنعاء فقط، ونفس الوضع أو قريبا منه كان في عدن، أنا أذكر عندما فررت من صنعاء أيام الإمام يحيى إلى عدن سنة 46م وكان هناك الزبيري والنعمان ذهبت إلى البيضاء أولا في مهمة تتعلق بالأحرار لاحظت أني عندما غادرت عدن أن الاهتمام لم يكن قاصرا إلا على مدينة عدن فقط، ظلت البلاد ممزقة عبارة عن مشيخات..
هذه إشارات إلى ثورة 48م ماذا عن ثورة 62م؟
- خلينا مع ثورة 48م أولا، أتذكر ما قاله الزبيري رحمه الله أنه إذا مات الإمام يحي موتا طبيعيا فهذا وصمة عار في حق اليمن، يحكمنا بهذه الطريقة أكثر من أربعين سنة ثم يموت موتا طبيعيا!! من الناحية الفكرية كما قلت لك هي ثورة لها دستور يفصل بين السلطات، لها مؤسسات دستورية، لها مجلس شورى يمثل الشعب، وكانت سلطات الإمام في برنامجها محدودة، أنزلت الإمام من القداسة الدينية التي كان يدعيها الأئمة إلى الاختيار البشري والوضع الطبيعي، كانت هذه الثورة منظمة تنظيما جيدا.
أين تكمن عقدة الفشل إذن؟
- المشكلة تكمن في الشعب الذي لا يعرف ما ذا تفعل الطلائع والنخب المثقفة، الشعب لا يعرف شيئا عن الثورة والثوار، أذكر أن أدبيات الأحرار حتى العام 48 نفسه ليس فيها ذكر دستور أبدا، خوفا من أن يستخدم الإمام لفظة دستور ويوظفها أمام الشعب ضد الأحرار، لأنه كان يردد أن الحرية والدستور إباحية وانحلال، الثوار لم يقوموا بتوعية الناس ولم يعرفوهم معنى الدستور، قامت ثورة الدستور والشعب نفسه لا يعرف معنى الدستور!! هذه واحدة من الإشكاليات، كان هناك نوع من التحالف مع بعض البيوتات التي اختلفت مع الإمام يحيى نفسه الذين انضموا إلى الثورة نفسها ولم يكونوا يفكرون تفكير الأحرار، كان هؤلاء يفكرون تفكيرا رجعيا، هذا أيضا مما عجل بسقوط الثورة، سقطت الثورة، وفهم الإمام أحمد طرفا من الدرس وأراد أن يجدد بعد 48م لكنه لم يستطع، لأنه لا يمتلك في تكوينه الفكري أو النفسي أو الذهني أو الأخلاقي ما يؤهله للتغيير، تكوينه هذا كله تكوين طاغية لا تكوين مصلح ولهذا تمرد وازدادت المقاومة بعد أن عملت ثورة 48م هزة في أفكار الناس وأصبح هناك تغيير في بنية الثقافة العامة لدى الشعب، صحيح أن الثورة فشلت وقمع قادتها وقتل من قتل وسجن من سجن، لكن دارت أسئلة جدل بين الشعب، لماذا قتلوه؟ ما ذا يريدون؟ ما السبب؟ إلى آخر هذه الأسئلة، هذا جانب، الجانب الثاني أن الإمام يحيى خلال حكمه حاول أن ينشر فكرة أنه ظل الله في الأرض وأنه يتلقى أوامره من السماء وأية مخالفة له هي مخالفة لله، فالتبس الأمر على البعض هنا، لكن الفكرة زالت أيام الإمام أحمد الذي لم يكن مقدسا بقدر ما كان مهابا ومخيفا، القداسة عن الإمام زالت وهي خطوة جديدة لإيجاد ثورة أخرى أكثر اتساعا وأكثر شعبية من سابقتها.
حبذا إذن لو تكلمنا عن تبازغ ملامح ثورة 26 سبتمبر وإرهاصاتها؟
- ثورة 26 سبتمبر امتداداً لثورة 48م في كل شيء، ما عدا في فكرة إحلال إمام بعد إمام، كان الوعي السياسي عند الثوار قد اكتمل وعرفوا أن الإمامة ليست نظاما، فوصل الأحرار إلى قناعة أنه لا يجب تغيير إمام بإمام، ولا بد أن يكون التغيير جذريا ولا بد من النظام الجمهوري بدلا من النظام الإمامي، الوعي السياسي والاجتماعي كان قد توسع إلى حد ما قياسا إلى ثورة 48م وكان بيت حميد الدين قد استنفدوا كل إمكانياتهم في البقاء، ولم يعد أمامهم فرصة للاستمرار، وقد أحس الشعب بذلك، لكن ما ذا عن البديل؟ هذا ما لم يكن واضحا عند الكثير من طبقات الشعب، ربما كان واضحا للطلائع والنخب فقط، في ثورة 48م لم يكن للثوار مظلة أو جبهة تحميهم فاضطروا للتحالف مع بيت الوزير ولم يكن بيت الوزير قوة ثورية بقدر ما كانوا قوى رجعية، لكن في 62م كان الوضع قد تغير، كان هناك سباق حتى بين شباب من بيت حميد الدين أنفسهم وبين الأحرار، كان الحسن بن علي بن يحيى ومجموعة معه من الأحفاد الشباب، كانوا يفكرون أنهم هم يقومون بالانقلاب، وكان الأحرار في الداخل وفي الخارج قد وجدوا قوة يصنعون بها الثورة، هذه القوة تمثلت في مجموعة الضباط الأحرار، هذه المجموعة لم تكن موجودة في ثورة 48م، حركة الضباط الأحرار كان منعطفا للحركة الوطنية كلها، وأداة لها، وكان هناك سباق حول من يحتوي ضباط الحركة؟ هل الحركة الوطنية الأخرى من الرواد قبلهم؟ أم تحتويهم المخابرات المصرية عن طريق البيضاني؟ البيضاني ظهر فجأة بعد أن بلغ مصر أن ثمة حركة اسمها حركة الضباط الأحرار فاستدعوا البيضاني وحاولوا فرضه على الحركة الوطنية وعلى الزبيري والنعمان.
هل كانت له علاقة سابقة ببيت حميد الدين قبل الثورة؟
- سأقول لك البيضاني، كان موظفا في السفارة بألمانيا، وقد راسل الإمام من هناك ثم جاء إلى اليمن مهيأ تهييئا جيدا وكان على قدر عال من الذكاء، وجلس مع الإمام وتحدث له، إلا أن الإمام أحمد كان أذكى منه حين قال عقب كلامه: هذا يقصد البيضاني إما أن يكون من أكبر المخلصين أو من أكبر الكذابين لكن على أي حال سنستفيد منه! فتم تعيينه بعد ذلك سكرتير أول في المفوضية اليمنية في القاهرة قبل أن تكون سفارة، وعندما تعين في المفوضية بلغت علاقته بالمخابرات المصرية، وكان هذا تقريبا سنة 53م، حاول أن تكون له علاقة بالوزراء والشخصيات الكبيرة من خلال موقعه الدبلوماسي، ثم انتقل إلى السودان وكان قائما بأعمال السفير، أيضا انتقل إلى ألمانيا الغربية، والتقى هناك بمحمد بن الحسين وبدأ يراسل الإمام عليه وأنه يتآمر عليه ويدبر المكائد من الخارج وكان محمد بن الحسين الشخصية القيادية في بيت حميد الدين، وقد صادف أن قام أنور السادات بزيارة إلى ألمانيا عائلية فاتصل بأنور السادات وهناك استضاف أنور السادات وبدأت بينهما العلاقة، ولما بدأت القضية اليمنية التي تبناها عبد الناصر دعا عبد الناصر أنور السادات وحمله مسئولية القضية اليمنية وكانت هذه البداية السيئة إذ فرض السادات البيضاني وصيا على الثوار، فكان التعامل مع اليمن من خلال المخابرات وليس من خلال السلطة، وعلى كل حال، كان الشعب مهيئا إلى حد كبير لتقبل الثورة..
أين كنت أنت آنذاك وما هو دورك؟
- أنا كنت في عدن وقد أرسلني بعض الأخوة الثوار هناك إلى الشيخ سنان أبو لحوم في رسالة له حول المخابرات والبيضاني وقالوا له أن يقنعني بالدخول إلى صنعاء ومحاولة الاتصال بالضباط الأحرار، طبعا أنا أتيت متخفيا واتصلت ببعضهم، وكان هناك بعض من الضباط الأحرار الذين نعرفهم من سابق مثل الأستاذ عبد السلام صبرة الذي كنت أنا وهو حتى قريب آخر اثنين من رجال 48م، وكان معه صالح الأشول والرحبي والرحومي وتواصلت معهم، وسكنت في منزل الدكتور عبد العزيز المقالح في شعوب، وقد كلفوا الرحومي بالتفاوض معي إلا أنه كان متحفظا ومتوجسا بحكم حساسية العمل نفسه، وعندما أسأله عن أي شيء يقول: كل شيء مرتب. ولم أكن مقتنعا بهذا فتواصلت مع صالح الأشول وصالح الرحبي وكلفوا محمد مطهر من الضباط الأحرار أن يتواصل بي، وكانت ثقافته عالية وقادرا على الأخذ والعطاء، ووصلنا إلى قناعة أنه لا بد أن تتكون جبهة من ثلاث شعب، شعبة عسكرية من الضباط الأحرار، وشعبة مدنية، وشعبة قبلية، وأن تكون هناك قيادة واحدة للثلاث الشعب، وتم الاتفاق أن تكون القيادة ممثلة في القاضي عبد الرحمن الإرياني في تعز والقاضي عبد السلام صبرة هنا- يقصد صنعاء-، وحسن العمري، على أساس أن حسن العمري له صلة بالضباط الأحرار، لكن هذا كله في فترة حرجة جدا، أنا جئت إلى هنا أوائل شهر أغسطس وفي خلال الشهرين كنا قد حددنا أهداف التنظيم والنظام الأساسي للثلاث الشعب، وبدأنا نتواصل مع الجانب المدني والجانب القبلي، وكان التعامل مع الجانب المدني صعبا، لأن هؤلاء كانوا عناصر مدنية ومثقفة متفرقة وبدون قواعد، فكونا خلية أو خليتين كان فيها الأخ علي عبدالله الواسعي، لكن كان النشاط الواسع في الجانب القبلي، لأن القبائل منظمة تعرف بعضها بعضا، وهي مرتبطة أصلا ببعضها في نسيج متآلف، فبدت القبيلة آنذاك وكأنها مؤسسة بينما بدا العمل مع المدنيين وكأننا نحولهم إلى مؤسسة، علاقتي بالشيخ سنان أبو لحوم في عدن مكنني من أن تكون لي صلة ببيت أبو لحوم هنا في صنعاء، وكان إخوته علي ومحمد من العناصر التي تواصلنا معهم وكونا منهم خلية وطلبنا من كل عضو في الخلية أن يكون خلية، بعده جاء أولاد القوسي من الحدا، وجاء من أرحب بيت أبو غانم، ومن خولان بيت دويد، فتكونت منهم خلايا كبيرة وبسرعة قبل قيام الثورة ولعبوا دورا كبيرا في تفجير الثورة، فتوفي الإمام أحمد قبل الثورة طبعا في تعز ونقل جثمانه إلى صنعاء، وقد بدأ الضباط الأحرار يجتمعون ليقرروا ما ذا يصنعون، وبدأ القبائل يشجعونهم على ذلك، واتفق الجميع على الثورة يوم دفن الإمام أحمد، لكن لم يتم الترتيب، فحصلت البيعة للبدر، فاجتمعنا في بيت الدكتور عبد العزيز المقالح وقلنا إن الموقف اليوم في غاية الخطورة، فالبدر غير قادر على مسايرة الأحرار اليوم وقد خطب في الجامع بأنه سوف يسير على سيرة أبيه وأنه إذا كان أبوه يفصل الرأس عن الجسد فإنه سيفصل الجسد نصفين، فكانت هذه الخطبة من الأسباب التي جعلت حركة الضباط الأحرار تسرع بالتغيير، وكان هناك نقطة ضعف في حركة الضباط الأحرار هي عدم اتفاقهم على رأس لقيادة الجماعة، من هو الذي يقود حركة الضباط الأحرار؟ وكانوا متأثرين بحمود الجايفي..
كم كان عددهم؟
- لا أستطيع أن أذكر العدد بالتحديد، لكنهم كانوا قليلا، في حدود المائة، المهم كانوا مقتنعين بحمود الجايفي، وحمود الجايفي لم يكن يعرف تفاصيل ما يجري بين الضباط الأحرار، كان يحس بشيء ما لكن لم يوضح له أحد ما يجري، فأصروا عليه، وقالوا يذهب أحمد الرحومي وعبدالله جزيلان على الموتور سيكل إلى الحديدة لإقناع الجايفي هناك، فذهبوا إلى هناك إلا أن الجايفي رفض رفضا قاطعا، واجتمعنا في بيت عبد السلام صبرة مرة أخرى بعد عودتهم لمناقشة الموضوع، فكان لي رأي أن يكون على رأس الجميع القاضي عبد الرحمن الإرياني باعتباره أديبا وعالما ومن ثوار 48م وله قيمة عند الناس، ويكون الحكم مدنيا تدعمه قوة عسكرية، فرفضوا رأيي هذا، وكان شباب الضباط متأثرين بثورة مصر، بأن يكون لهم واجهة سياسية لكن هم الأصل، فبدأوا يبحثون عن شخصية عسكرية غير حمود الجايفي، ورسوا على واحد من اثنين: عبدالله السلال، رئيس الحرس، أو عبدالله الضبي، مدير الأمن العام، فقرروا أن يتصلوا بعبدالله السلال وكلفوا عبدالسلام صبرة يحاوره، فقال مستعد لذلك، لكن بشرط أن أعرف كل شيء، وكان الوقت ضيقا، وحرجا، إذ كان البعض متحفظا على تعريفه بكل شيء، كانوا طلبوا منه يأتي يقود فقط، وكان الترتيب كما قلنا أن تقوم الثورة يوم دفن الإمام وهو اليوم المتفق عليه مع المخابرات المصرية، فلم يحصل هذا، وكان قد أذيع الخبر في مصر، فقام محمد عبد الواحد من المخابرات المصرية والقائم بالأعمال هنا والواسطة بين الضباط الأحرار ومصر، بإبلاغ الإمام البدر أن ثمة مجموعة من الضباط يأتون إلى عندي ويريدون القيام بانقلاب ضد الحكم، فقام الإمام البدر بالإرسال إلى عبدالله جزيلان وكان مدير الكلية الحربية، وقال له إنه بلغني كذا وكذا، فقال له: نعم نحن نتجمع لأنه من المحتمل أن يأتي الحسن وينزل في عمران ويزحف إلى صنعاء، فنحن نجتمع لنكون جاهزين لأي أوامر تصدر منك، لكن إذا كنت تشك في فأنا موجود عندك، وكان بجانب البدر بعض الرجعيين كالحسن بن إبراهيم ومحمد الشامي يحرضون الإمام على ضربهم إلا أنه كان مترددا إلى أن انفجرت الثورة، فترتبت الأمور، وأرسلوا لعبدالله السلال في الصباح صالح الرحبي وأحمد الرحومي وطلبوا منه الحضور، وقد لعب السلال دورا مهما هنا، ومازحهم في البدء قائلا: “أجي ومعي فرش الحبس والا البدلة العسكرية”؟! فقالوا له: البس البدلة وتعال. فحضر وقالوا له: عليك أن تقود الثورة ونحن وراك، ومن لم يكن معنا فهو ضدنا، وقال لهم هناك شرط أن من أمسكنا به قتلناه لا يلعبوا بنا وبرؤوسنا، وكان في هذه السياسة تجاوز إلى حد ما، لأنه تم قتل بعض أشخاص لا يستحقون القتل، فنجحت الثورة وحضر المصريون ومن هنا حصل الشقاق بين الصف الجمهوري بسبب البيضاني وسياسته العوجاء. حصل ما عرف بالجمهوريين المنشقين..
وماذا عن ما عرف بالقوى الثالثة لاحقا؟
- هذه غير، تكونت من بيت الوزير ومجموعة معهم منهم محمد الرباعي، منهم أمين هاشم من تعز، طه مصطفى من صنعاء، وغيرهم. هؤلاء خرجوا من اليمن إلى السعودية في 65م وكانوا يريدون تحسين النظام الجمهوري، وهؤلاء في فترة من الفترات كانوا من التيار اليساري في اتحاد القوى الشعبية الذي تأسس عام 56م، وفي البداية كانت لهم صلة بهذا التيار من خلال منظمة السلام التي تبناها الاتحاد السوفيتي، كان فيها إبراهيم الوزير، وكان إلى جانب هؤلاء الجمهوريين المنشقين، وتكون هؤلاء من قبل خروج بيت الوزير، بينهم الأستاذ الزبيري وأنا وعبد المجيد الزنداني وعبد الملك الطيب، وقد قررنا الخروج إلى عند الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والاحتماء بالقبائل، وأيضا معنا من قدم استقالته من نظام السلال في صنعاء كالقاضي عبدالرحمن الإرياني والأستاذ النعمان من تعز، هؤلاء كان لهم موقف من رموز المخابرات المصرية التي تعاملت مع اليمنيين علاقة السيد والمسود، وطالبوا بالتعامل على أساس دولة ودولة، لا علاقة تابع بمتبوع.. وظل هذا حتى قتل الزبيري في ابريل 65م قتل وأنا معه، وكان قد حضر من طريق خولان القاضي عبد الرحمن الإرياني وعبدالسلام صبرة والنعمان أتوا إلى برط للالتقاء بنا وبالزبيري ويتم إيجاد نوع من التفاهم مع المصريين، أتوا لكي يقنعوا الزبيري بالتعامل مع المصريين على أسس، فقتل الزبيري وهم موجودون معنا، ولما قتل الزبيري قامت القيامة بعدها..
حادثة مقتل الزبيري لا تزال غامضة حتى اليوم.. حبذا لو أمطنا اللثام عن هذه الحقيقة؟
- أولا عندما خرجنا إلى برط قال لنا الزبيري أنا سأصل إلى هناك وسأعلن شيئا لا أحد يستطيع مقاومته، فأعلن قيام حزب الله وكون هناك مع أمين أبو راس وآخرين ما يسمى حزب الله، وأصدرنا صحيفة طبعا بدائية جدا، وعملنا على هذا الأساس، وكان محمد بن الحسين قريبا منا في منطقة تحت جبل برط، وهذه المنطقة فيها قبيلة ذو حسين وقبيلة ذو محمد، ذو محمد كانوا جمهوريين ومع الزبيري، وذو حسين كان أكثرهم مع الملكية ومحمد بن الحسين، تآمر على قتل الزبيري، واستدعى خمسة أشخاص من ذو حسين وأعطاهم بنادق جرمل لقتل الزبيري، رجع هؤلاء الخمسة إلى قبيلتهم وأخبروهم بما حصل، فقالت القبيلة نحن لا نريد أن نصطدم بالمصريين وبالجمهوريين، وعلى طريقتهم: “سنأخذ من هنا وساكتين عن هنا، وما لنا شي” فحصل خلاف بينهم، إلا أنهم اتفقوا على أن يرسلوا هؤلاء إلى القيادة المصرية في برط العنان وفعلا وصل هؤلاء إلى القيادة المصرية في برط العنان واعترفوا أن محمد بن الحسين أمرهم أن يقتلوا الزبيري، وسألوهم هل الزبيري معكم؟ بعدها تواصلت القيادة المصرية المتواجدة في برط العنان بالقيادة المركزية في صنعاء، فأرسلت على الفور بطائرة إلى هناك أخذتهم إلى صنعاء إلى القيادة المصرية وكان فيهم بعض اليمنيين، واستمعوا لهؤلاء الخمسة، وتولت القيادة المصرية من جهتها دعم هؤلاء وقال بعض اليمنيين المتواجدين في القيادة المصرية أن الزبيري مجرد فقيه لا قبيلة له ولا يترتب على قتله شيء، فأعطوهم أسلحة آلية غير التي كانت معهم، وقالوا لهم: اذهبوا إلى محمد بن الحسين وخلوه يكتب لكم أمرا خطيا بقتل الزبيري وارجعوا به إلى عندنا، فرجعوا إلى عند محمد بن الحسين وقالوا له: نحن مستعدون لقتل الزبيري لكن أعطنا أمرا خطيا، فكتب لهم أمرا، وعاد هؤلاء مباشرة بالأمر إلى عند المصريين إلى صنعاء، وكانت العملية هكذا: محمد بن الحسين يوجه خطيا بقتل الزبيري صادف رغبة عند المصريين بذلك فخرجوا شكليا من المؤامرة بتلك الوثيقة.
من هم اليمنيون الذين كانوا مع المصريين؟
- لا أريد أن أذكر أسماءهم، قد ماتوا. المهم قتل الزبيري وقامت الدنيا بعد ذلك ولم يكن المصريون يتوقعون ذلك أبدا القضية ثارت في أنحاء اليمن كلها فاضطروا أن يتراجعوا عن تأييد السلال التأييد المطلق وبدأوا يعيدون النظر في سيطرة المخابرات المصرية وأن يتفاهموا مع الجمهوريين المنشقين..
عفوا قبل أن ننتقل إلى هذه النقطة اسمح لنا باستكمال الحديث عن قضية قتل الزبيري، أنتم قبضتم على القتلة هناك في برط؟
- نعم تمت محاصرة البيت الذي كانوا فيه وأمسكوهم وسلموهم للشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، وقد كانوا لا يرغبون في تسليمهم للمصريين، ولم يكونوا يدركون حقيقة الأمر، فسلموهم للشيخ عبدالله كحل وسط، وهربوا من السجن.
كيف هربوا؟ من هربهم؟ كانوا في قلعة سجن مهلهل وهو سجن حصين؟
- خرجوا على أساس أنهم فروا من السجن، أما كيف خرجوا فأنا لا أدري كيف خرجوا، لكنهم خرجوا!!
ما ذا كان مبرر الشيخ عبدالله في ذلك؟
- قيل لنا أنهم فروا مع بعض الحرس.
طيب كيف عرفتم تفاصيل عملية المؤامرة والقتل؟
- من خلال التحقيقات معهم في السجن فصلوا كل شيء ووضحوا العملية كاملة، المهم دعنا نواصل الحديث، قام المصريون واستدعوا كل الشخصيات المنشقة عن السلال مثل الإرياني والنعمان وآخرين ممن كانوا غير راضين عن أداء المصريين، استدعوهم إلى صنعاء وقالوا لهم شكلوا الحكومة أنتم. فتشكلت حكومة الأستاذ النعمان وكان الأستاذ محسن العيني وهو من المحسوبين على البعث والمصريون مقاطعون للبعث كان وزير خارجية وتشكلت حكومة النعمان على أساس أن اختيارها يمنيا خالصا لا دخل للمخابرات المصرية فيها، وتكون مؤتمر خمر الذي كان يدعو إليه الزبيري الذي جمع مختلف الشخصيات اليمنية من ضباط ومثقفين وقبائل، كنت فيه مقررا، وتم وضع دستور جديد في المؤتمر على أساس أن نعود إلى صنعاء ويتم إقرار الدستور الجديد من قبل السلال وتسير الأمور إلى خير، عندما كنا في خمر وفي المؤتمر أرسلت المخابرات المصرية بعضا من اليمنيين لحضور المؤتمر بقصد إفشاله بأي طريقة كان منهم حسين الدفعي ومجموعة آخرين وكان لهم أثر بالفعل إنما محدودا، وقد تشكلت لجنة المتابعة لتقييم مستوى تنفيذ قرارات المؤتمر إلا أن اختراق المؤتمر زاد وتفكك الموضوع، وتقرر على إثر ذلك إنهاء حكومة النعمان ومن معه من المنشقين وتغييرهم وتمت المحاكمة العسكرية وقتل محمد الرعيني وهو من الضباط الأحرار الممتازين جدا، وقتل أيضا هادي عيسى وهو شخص غير جيد وبدأ نوع من الإرهاب من القوات المصرية لكل القوى تفرق الكثير بعدها، شخصيا كنت ممن هرب خارج اليمن، وأثناء حكومة النعمان خرجت مجموعة كبيرة إلى السعودية وتكون بعدها مؤتمر الطائف وفيه تم الاتفاق على استبعاد بيت حميد الدين وقيام دولة اسمها الدولة الإسلامية.
طبعا التقيتم هنا مع ما سمي بالقوة الثالثة؟
- نعم كانت معنا واشتركت معنا، وجاء عبد الناصر إلى السعودية واتفق مع الملك فيصل.
المملكة تبنت هذا المؤتمر وسعت إلى عودة الملكيين من غير بيت حميد الدين؟
- السعودية كانت تريد أن يكون هناك قوى يمنية إلى جانب الملكيين فتبنت القوة الثالثة بيت الوزير ودعمتهم على أساس أن يكونوا قوة تضعف بيت حميد الدين، مشايخ القبائل طبعا رجعوا اليمن والمدنيون ذهبنا إلى بيروت، المصريون سيطروا علي كل شيء في هذه الفترة. وكانت أغلب القوى القبلية إما مع المنشقين الجمهوريين أو مع الملكيين، بعدها جاءت حرب 67م وخرج المصريون واستطاع الجمهوريون لملمة أحوالهم ومقاومة الضغط السعودي إلى أن اعترفت السعودية بالجمهورية عام 1970م.
طيب هذا عن الثورات السابقة.. ما ذا عن نظرتك لثورة اليوم؟
- الذي حدث في ثورة الشباب هي انتقال للثورة أسلوبا وربما تفكيرا من الطلائع الثائرة إلى الثورة الشعبية، ما حدث في اليمن لم يكن متوقعا على الإطلاق، حكم علي عبدالله صالح 33 سنة كان قد فصل كل شيء على مقاسه وأفسد كل القيم، أفسد القيم عند الناس بشكل كبير، اشترى المشايخ، اشترى كثيرا من المثقفين، كثيرا من أساتذة الجامعات، أفسد المجتمع، الطلائع كلها تكاد تكون فاسدة، والذي لم يكن فاسدا أصبح مهمشا ومحطما، هو لم يكن يتوقع أن يثور الشعب عليه هكذا، لأنه كان يعتقد أن الذي يحرك الشعب هي تلك القوى التي اشراها وأفسدها، أما بقية الشعب في نظره فهم عبارة عن همل وأتباع، ففلتت من يده ومن يد الكل، مجموعة صغيرة من الشباب بدأت بالثورة وتداعى الناس بشكل كبير إلى الساحات وكان للتكنولوجيا أثر في ذلك، ساعدتهم على التجمع بسرعة، وهذه هي الثورة الحقيقية، أنا في الواقع وفي بداية الثورة قال لي الأولاد إن عمرك اليوم خمسة وثمانين سنة خلاص، ما ذا تريد؟ إلى يوم جمعة الكرامة خرجت وانضميت إلى الساحة وكونت منتدى خاصا في الساحة، وبدأنا نتحرك ولم أكن أعرف كيف سارت الأمور داخل الساحات، كان عندي هم كبير وهو كيف يتنظم الشباب داخل الساحات؟ كيف يجمعون جهودهم؟ اكتشفت بعد ذلك أن المنصة ولجنة التنظيم هي المسيطرة على الوضع كله، فحاولنا نتواصل مع هؤلاء فوجدناهم منغلقين انغلاقا كبيرا، الإخوان المسلمون ليسوا منغلقين هذا الانغلاق، الانغلاق عادة عند السلفيين، الإخوان المسلمين عندهم تجارب كبيرة وعندهم أفكار إصلاحية لكن هؤلاء المسيطرون على المنصة غير ذلك! لا ندري كيف. وقد انضمت قوى عسكرية إلى جانب القوى الأخرى، وسمعنا عن لجنة الحوار بعد ذلك وفيها حميد الأحمر وغيره فتكونت قيادات من خارج كل القوى الثورية، وبقيت القيادات الموجودة في الساحة ديكور، وقلت لهم أنتم قادرون على أن تسقطوا سلطة لكنكم غير قادرين على إقامة دولة. قلت يجب أن يكون هناك تفاهم بين كل القوى على الساحة، فاعتبروا أن هذا الكلام ليس مناسبا لهم..
ألا ترى أن انضمام علي محسن للثورة مكسبا لها؟
- أي ثورة تحتاج إلى أي قوى كدعم لها، وانضمام علي محسن للثورة شيء جيد، لكن أن يتحول هو إلى قيادي في الثورة فهذا صعب. وقد جاءت مبادرة الخليج، وكان محتواها الحقيقي هو تجاوز الثورة بالحل السياسي لا بالحل الثوري..
التقيت هنا مع أحزاب اللقاء المشترك في رؤيتهم للتغيير؟
- لا. أنا عندي رأي وهو أن على الثورة أن تنتقل من الساحات إلى منطقة أخرى محررة، في ليبيا كان معهم منطقة محررة، في تونس تدخل الجيش وحسم الأمر..
ما ذا تقصد بالمنطقة المحررة؟
- أقصد منطقة بيد الثورة لا بيد علي عبدالله صالح. كان من الممكن أن تلغي الثورة الماضي، مبادرة الخليج تجربة جديدة لليمن، نحن نقول: الماضي لن يلغى والحاضر يحاول أن يلغي الماضي بطريقة غير ثورية، ربما تكون هذه التجربة تجربة جيدة أحسن مما حصل في ليبيا.
أنت متفائل بالمستقبل؟
- عندما تفقد أي سلطة شرعيتها تصبح خارج الشرعية وعندما تتكون شرعية جديدة تستطيع أن تستغل شرعيتها بتغيير جديد لما بني في الماضي، الرئيس عبد ربه منصور هادي هو الشرعية الجديدة اليوم برغم بقاء كثير من القيادات السابقة في مناصبهم لكنهم لا يستطيعون أن يعلنوا أنهم خارج سلطته لأنه يمتلك الشرعية، إذا استغل شرعيته بشكل جيد، فسيستطيع إعادة روح الثورة الشعبية، يستطيع أن يتجاوز كل العقد الموجودة في الجيش، وللأسف يتكلمون عن جيش يمني، لا يوجد جيش يمني، الجيش عائلي، ثلاثة وثلاثين سنة كون جيشا أسريا عائليا، كل مفاصل الجيش مع عائلته والمقربين منه. وعلى الرغم من هذا يستطيع الرئيس الجديد أن يجعل الجيش وطنيا بإبعاد كل القيادات الموجودة وإعادة هيكلة الجيش والأمن من جديد على أساس وطني. يجب أن يتبع الجيش وزارة الدفاع والداخلية فقط، أمام الرئيس عامان ذهب منها فترة والأمور لا تزال في بدايتها، وعليه أن يعوض خلال الفترة القادمة. وبشكل عام أستطيع القول: الماضي فقد شرعيته والحاضر اكتسبها وعلى الرئيس أن يستغل هذه الشرعية استغلالا جيدا للتغيير الإيجابي. عليه أن يسير بخطوات حكيمة وحاسمة ويجب على الناس ألا يستعجلوا الأمور، لأن الموروث ثقيل، أجهزة الحكومة اليوم مركبة على علي عبدالله صالح، كل الأجهزة. وبالتالي الصعوبات كثيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.