بملابس تغطيها بقع الدماء وقفت الطفلة الأفغانية ذات ال 12 عاما (تارانا أخبري) وسط مجموعة من الجثث والجرحى وهي تستنجد وتستغيث بعد تفجير انتحاري في كابول، وكانت هذه الحادثة ستمر مثل غيرها من الأحداث الدامية لولا وجود مصور (فرانس برس) الأفغاني مسعود حسيني الذي التقط الصورة في ديسمبر 2011 لتتصدرالصفحة الأولى في كل من واشنطون بوست و نيويورك تايمز ولوس آنجلوس تايمز، و قد تسلم مسعود حسيني في مايو الجاري جائزة (بوليتزر) للعام 2012، عن فئة (صور الأخبار العاجلة). وأعرب "عن اعتزازه" لنيله هذه الجائزة،وقال " إني مسرور لأنني استطعت أن أكون صوت الذين قتلوا". وأعرب عن سروره أيضاً"للتشجيع" الذي تمثله "أهم جائزة في الولاياتالمتحدة بالنسبة لكل المراسلين الصحافيين في المنطقةوقال: إنه لأمر جيد أن تكون هيئة غربية كبرى (جائزة بوليتزر) قد اختارت الحقيقة التي نظهرها نحن، وليس حقيقة الصحافيين الغربيين"- و أنا اسأله هنا: هل وكالة فرانس برس ليست غربية ؟!- وأضاف:"كثيرون ظنوا أن بوليتزر لن تعترف أبداً بعملنا، الآن لم يعد بإمكانهم أن يقولوا ذلك" !. بالطبع من حق مسعود حسيني أن يبتهج لحصوله على هكذا تكريم ومن حقه أن (يفخر) بحصوله على هذه الجائزة الرفيعة، ولكن ما لا يستطيع إنكاره هو: أن تكون مصوراً ناجحاً يحصل على جوائز عالمية يجب أن تتحلى بقدر كبير من القسوة والأنانية وليس تحييد المشاعر كما يشاع، مما يجعل المصور جانياً بشكل أو بآخر، أعاد هذا التكريم إلى الأذهان تاريخ بوليتزر الذي لم يتوقف عن منح الجوائز للمصورين ( بقلب بارد) فهناك مثلا صورة(الطفلة و النسر) التي التقطها المصور الجنوب أفريقي كيفن كارتر في 1993 في مجاعة السودان، والتي تظهر طفلة منهكة على الأرض على بعد أمتار من مركز تابع للأمم المتحدة لتقديم المعونات الغذائية، وخلفها يقف نسر جائع ينتظرهالتموت !، وقد فاز كارتر بجائزة بولتيزر لأفضل صورة في 1994، و قد وجدت هذه الصورةالكثير من الانتقادات والتنديد منها التعليق الذي نشرته صحيفة (سان بطرسبرغ تايم) الصادرة في ولاية فلوريدا: كل ما قام به الرجل – أي كارتر – أنه أصلح من وضع عدسته ليضع الإطار الأنسب لضحيته التي تتعذب، لقد كان هو أيضاً كائناً مفترساً، نسراً ثانياً في المشهد"، وقد تواصل حينها مئات القراء مع مجلة نيويورك تايمز التي نشرت الصورة لأول مرة للسؤال عن مصير الفتاة، ولكن المسئولين هناك أجابوا بأنهم لا يعرفون ماذا حل بها، انتهى الأمر بكيفن كارتر منتحراً قبل عيد ميلاده الرابع والثلاثين بشهرين تقريباً، إذن، هيئة المصور الذي يضع عينه الواحدة لالتقاط الصورة ليست اعتباطية، إنه فعلاً لا يرى الأمور إلا بتلك العين الواحدة .. الأنانية.