لا يبدو فساد الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس كغيره من نظيراتها في الهيئات والمؤسسات الأخرى في الدولة، الأمر مغاير هنا,والفساد له مهمة إضافية، أخطرها يدفع ربما بآلاف المواطنين إلى الموت، أو الإصابة بالأمراض المميتة، أو السرطانية.. في هذه الحالة سيشاركنا القارئ ربما بفاعلية العنوان المفجع، وقد يضيف أحدنا، وصفاً أبعد، عن عدم إمكانية وصف ما يحدث في هذه الهيئة بمجرد فساد، لا يرى أنه أكثر مما هو موت معلب. يجري جلبه في حلوى الصغار، وحليب الرضع، لتشارك هذه الهيئة، منشئة الفاجعة على تصديره إلى الأسواق والمنازل وأيضاً البطون. بضائع مسمومة عندما يقرر التجار استيراد بضائعهم، وقبل أن تدخل إلى الأسواق تبقى في متناول منافذ الهيئة حتى يتم فحصها والسماح بها وفي مجمل العملية يتم الموافقة على أغلب هذه البضائع المستوردة إن لم تكن جميعها وبخصوص التي تصنع في الداخل أيضاً تخضع لفحص معمل الهيئة وتصدر بها التقارير. وهنا في عشرات الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة. تقدم سلسلة من (المآكل) تبين مرورها عبر أجهزة الفحص وبمرحلتين مختلفتين، بعد أن تكون هذه البضائع دخلت إلى البلد يحضر المستورد إلى الهيئة لطلب الفحص وعادة ما يجري هذا الفحص على مرحلتين وهي الطريقة التي تقول عنها المصادر هناك“أصبحت متبعة لدى المسئولين هنا مع أنها طريقة للتحايل الواضح” يصدر التقرير في المرة الأولى وقد تبين لنا بأنها مخالفة للمواصفات، ويصدر بذلك تقرير مفصل مؤكد عن حدوث المخالفة وتسجل على هذا الأساس، وحينما يطلب التاجر أن تخضع بضاعته للفحص مرة أخرى، نكتشف من خلال هذه الوثائق بأن تقريراً آخر صدر يبرئ هذه البضاعة كما أن الصحيفة تمتلك مثل هذه التقارير المتناقضة لبعض البضائع، مع أنها صادرة عن نفس معمل الهيئة. هنا تتحدث الوثائق عن شحنات كيك يحمل اسماً تجارياً «سندس» وسنتحدث عنها في المحور التالي بشكل موسع، وهي محليات صناعية من نوع البودرة في طبيعتها تمثل مساحيق تضفي على المشروبات والعصائر التي يتناولها الأطفال لون معيناً وطعماً مميزاً وأخرى من نموذج حلوى هي عبارة عن كرات على شكل حبيبات باتت في متناول أغلب أطفال البلد. منذ ما يزيد عن ستة أشهر يواصل العشرات من موظفي الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس احتجاجاتهم ضد مسئولي الهيئة دون أن يلتفت إلى مطالبهم أحد. مخالفات مالية تجري التوجيهات في الجانب المالي بشكل غريب ووفقاً لمزاجية المدير العام الذي يتحكم بالهيئة ويقوم بصرف البدل خاصة لنائب مدير عام الهيئة ومنها صرف إيجار لنائب المدير العام للشئون الفنية مبلغ وقدره(300$) علماً أن المبلغ المستحق وفقاً للقانون هو(22.000) ريال. بالإضافة إلى التوجيه بعرف مبلغ “500.000” ألف ريال مساعدة علاجية لنائب مدير عام الهيئة. ويأتي تشكيل لجنة للرقابة على الواردات هذه اللجنة تخصصها فني. وبحسب ما تذكره الوثائق أنه تم صرف مكافآت مخالفة مثل ما حصل بعد حادثة النهدين، حيث تم تسميتها بالأيام الحرجة وتقدر ب“5.000.000” ملايين ريال وحينما احتج بعض الموظفين عاد مجموعة من مدراء الإدارات بمنحهم مبالغ زهيدة مقابل الصمت. مخالفات إدارية تجري قيادة الهيئة من يوم لآخر ممارسة التعسف والتسلط الإداري ضد الموظفين واستخدام السلطة الإدارية لتحقيق مكاسب شخصية ليس إلا بحسب البعض هنا، ومنذ عدة أشهر ينفذ مجموعة من الموظفين اعتصاماً مفتوحاً مطالبين بتغيير الفاسدين، ومحاسبتهم لكل ما يجري من عمليات فساد وإفساد منظم، وقوبلت هذه الاحتجاجات غير مرة بالتهديدات والتعريض بالموظفين، ويقول المحتجون إن لديهم مطالب واضحة كلها تصب في تغيير الفاسدين، ولقي غالبية المعتصمين في بوابة الهيئة توجيهات ظالمة كما يصفها البعض حيث تم التوجيه بخصم الحافز المالي للموظفين المحتجين وإعادة توزيعهم على الدوائر والإدارات وكذلك تغيير بعض مدراء الدوائر والإدارات لمجرد التعاطف بالقول مع زملائهم المعتصمين. من جهة ثانية هناك قرارات تتم وفقاً للمحسوبية والوساطة وتوصيات المقربين وليس وفقاً للكفاءة والتخصص دون مراعاة القواعد والإجراءات المنظمة لذلك وينسحب كل هذا العمل داخل الهيئة من خلال التالي: مخالفة فنية الإفراج عن شحنات “كيك” ماركة(سندس) مخالفة للمواصفات والمقاييس ولها تأثير على صحة وسلامة المستهلك قادمة من بلد مجاور عبر منفذ حرض البري. وفي تقرير الفحص والاختبار الخاص بهذه الشحنة كيك والمرقم ب”112” والصادر. بتاريخ 18/2/2012 أظهر التقرير أن منتج الكيك يحتوي على ارتفاع كبير في حموضة الدهن المستخلص وأنها مخالفة للمواصفات والمقاييس ويجب عدم التصرف بهذه الشحنة أو السماح بدخولها إلى الأراضي اليمنية، ومع ذلك دخلت هذه البضاعة وانتشرت في الأسواق اليمنية، وجرى الإفراج عن هذه الشحنة بتوجيه من إدارة الهيئة في صنعاء مقابل غرامة مالية وتعهد المستورد بعدم الاستيراد، كما تجاهل كل التحذيرات الواردة في تقرير الفحص، ولحق الإفراج عن شحنتين مماثلتين من نفس المنتج “ كيك سندس” وصلت إلى المنفذ في تواريخ لاحقة بالاعتماد على التوجيه السابق المخالف للقانون أصلاً، وبدون أن تخضع لأي إجراءات قانونية من شأنها تفحص مجدداً. وفي نفس السياق جرى الإفراج عن شحنات من حليب الأطفال الرضع قريبة الانتهاء “فترة صلاحية أقل مماهو محدد في المواصفة القياسية الخاصة بالحليب” مقابل غرامة مالية وتعهد من التاجر صاحب البضاعة مع ان حليب الأطفال يعد واحداً من السلع الأساسية الضرورية التي يجب أن تكون مستوفية كل معايير السلامة الغذائية، إلا أنه هنا بحسب هذه الوثائق لم يتم الأخذ بأي معيار من ذلك. كما أفرجت إدارة الهيئة عن منتج مسحوق شراب صناعي ماركة“رنجو” مخالف للمواصفات والمقاييس وغير مطابق لمعايير الصحة والسلامة وهو منتج واسع الانتشار يباع في المحلات الصغيرة وبأسعار زهيدة مناسبة للمستهلك مما يشكل إقبالاً عليه من قبل الناس ومعظم المستهلكين هم من الأطفال.. تقرير الفحص والاختبار يظهر ويؤكد أن مسحوق الشراب مخالف من حيث المكونات ومخالف من حيث البيانات المدونة على المنتج. في الإطار تم الإفراج بتوجيه من ديوان عام الهيئة إلى فرع الهيئة في حرض ومقابل غرامة مالية قدرت(200.000) ريال كما جرى التعهد خطياً من التاجر المستورد بعدم التكرار. تحايل قيادة الهيئة وخلق مبررات تعودت قيادة الهيئة كما هو مبين من خلال مختلف الوثائق والتقارير باتخاذ طرق التحايل والالتفاف وخلق مبررات للإفراج عن مختلف هذه البضائع تتعارض مع القواعد والشروط المحددة في المواصفة القياسية الخاصة بالمنتج والتي تعتبر من صميم مهام الهيئة كما يجب الالتزام بها من أجل سلامة المستهلك ومن هذه المسالك غير المهنية وغير الإنسانية على سبيل المثال لا الحصر: إحالة بعض السلع والمنتجات التي سبق فحصها وتبين أنها مخالفة إلى اللجنة الفنية واستصدار رأي الإدارة الفنية الذي يتم بموجبه الإفراج عن الشحنة كالإفراج عن مسحوق الشراب السابق الذكر كان بموجب مقترح من الشئون القانونية وهو ما ( يبعث على الضحك والبكاء في آن واحد) إذ يقضي هنا الرأي القانوني بفرض غرامة مالية، ويعني الإلغاء الكامل للإجراءات الفنية الواردة في تقرير الفحص المختص والتي يجب تطبيقها حيال هذه الشحنة أو تلك، وفي جوهره كما تبين أغلب الوثائق الصادرة عن الجانب الفني المختص. عدم التصرف بالشحنة أو توزيعها في الأسواق وعادة ما يبين المختص الفني في فحوصاته عبر التوجيه بعد فحص أي سلع ومنتجات يتبين ومن خلال الفحص الظاهري أنها مخالفة أخذا التوصيفات الدقيقة(تالفة، رائحة غريبة، غير مستساغة الطعم) وفحص منتج حلوى (أبو نظارة) التي تحتوي على رائحة غريبة بحسب إحدى الوثائق تظهر استهتار القائمين على الهيئة بأرواح المستهلكين. ومع أن أغلب السلع والمنتجات المخالفة يجري إعادة فحصها مرات في(مختبرات الهيئة أو مختبرات خارجية) ومع كل عملية فحص نلاحظ من خلال التقارير تغييراً يشوب نتائج الفحص من مخالف إلى مطابق ليخبرنا عن مدى التلاعب في هذه البضائع والسلع والزج بها إلى بطون الناس. في هذا العدد الوافر من الوثائق توضح أن التلاعب يجري في نتائج الفحص والاختبار وفق الشئون القانونية غالباً غير المختصة ويتم فبركة هذه الإجراءات بغرض الإفراج عن المنتجات المخالفة مثل(منتج كرسب بالكرامل والكاكاو) وهو منتج غذائي يوضحه (تقرير الفحص رقم (162) ويؤكد بأن هناك طعماً غير مقبول ورائحة غريبة وعليه يجب عدم التصرف بالمنتج يليه تقرير آخر للفحص التأكيدي برقم 191) لنفس المنتج يذكر هذه المرة وللأسف بأن المنتج مطابق للمواصفات. هنا وفي هذه القراءة المعمقة لعشرات الوثائق يتم التعرف على عدد كبير من السلع والمنتجات المستوردة وسلع ومنتجات مصنعة محلياً جرى الإفراج عنها والسماح بدخولها وانتشارها في مختلف الأسواق المحلية وهي مخالفة من حيث بطاقة البيان-البيانات المدونة على المنتج(ناقصة وغير مستوفاة أو غير صحيحة مزورة) وكما هي محددة في المواصفات القياسية اليمنية الخاصة ببطاقة البيان لجميع المنتجات مثل(شحنة عسل مدون عليه “استرالي” وبلد المنشأ الحقيقي “الصين”،ولاندري لماذا؟ جرى الإفراج عنها،هذا يدل بشكل واضح أن المستهلك يتعرض للغش والتضليل برعاية هيئة المواصفات والمقاييس،المشرفة الرئيسية على تبني طرق الأمن والسلامة للمستهلك. إجراءات خاطئة تقوم إدارة الهيئة بإجراءات خاطئة وعجيبة منها التوظيف العشوائي،فمثلاً منذ شهر مايو من العام 2012تم التعاقد مع أكثر من أربعين موظفاً،عبر الوساطة والمحسوبية وبمؤهلات ثانوية عامة وتخصصات غير مطلوبة،كما أنهم لم يخضعوا لأي اختبار قبول بحسب بعض الوثائق هنا مع أن هناك الكثير من الشباب ممن يحملون مؤهلات علمية مهنية ومرغوبة في الهيئة يترددون على الهيئة وملفاتهم تتراكم في إدارة شئون الموظفين منذ سنوات لم يحالفهم الحظ بالقبول ضمن طاقم الهيئة،وقبل شهرين تم الإعلان عن حاجة الهيئة إلى عشرة مهندسين في مجالات مختلفة فتقدم العشرات من أصحاب المؤهلات والكفاءات فتم إخضاعهم للاختبارات الوظيفية،ليفاجأ الجميع في الهيئة بعد ذلك بأقل من عشرة أيام بإعلان التعاقد مع أكثر من خمسة عشر شخصاً عن طريق الواسطة وتم قبولهم. إجراء آخر حصل في كواليس الهيئة ويتمثل في خصخصة عدد من السيارات التابعة للهيئة من خلال تغيير لوحاتها الحكومية بلوحات أخرى خصوصية،وتحت ذريعة أن هناك تقطعات قبلية للسيارات الحكومية في العاصمة صنعاء،وقد تم طلب ذلك من وزارة المالية فكان الرد:بأن قرار مجلس الوزراء رقم “6” بخصوص سيارات الركوب يؤكد أن السيارات المملوكة للدولة يجب أن تحمل لوحات حكومية ويحظر استبدالها أو حملها للوحات خاصة،ومع ذلك تم تجاهل القرار رقم “6” ومخالفته من قبل إدارة الهيئة بالإضافة إلى كل ذلك شكلت وزارة الصناعة لجنة للتفاوض مع المحتجين ولم يجر حتى الآن إنصافهم أو إحراز أي تقديم يذكر،لتبقى كل الاحتمالات على انزلاق الهيئة إلى تلويث ما تبقى من أمن وسلامة غذائية،بطرق ممنهجة أيضاً تحمل مواصفات ومقاييس للمرض وربما للموت تدون عليها هيئة صنعاء:يعتمد.