ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    بعد خطاب الرئيس الزبيدي: على قيادة الانتقالي الطلب من السعودية توضيح بنود الفصل السابع    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    الحوثي والحرب القادمة    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    الأكاديمي والسياسي "بن عيدان" يعزّي بوفاة الشيخ محسن بن فريد    بمنعهم طلاب الشريعة بجامعة صنعاء .. الحوثيون يتخذون خطوة تمهيدية لإستقبال طلاب الجامعات الأمريكية    تفاصيل قرار الرئيس الزبيدي بالترقيات العسكرية    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    الحوثيون يلفظون أنفاسهم الأخيرة: 372 قتيلاً خلال 4 أشهر    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي باليمن.. النقد الدولي يحذر من آثار الهجمات البحرية    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    الرئيس الزُبيدي : نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في نقد الثورة والتسوية
نشر في الجمهورية يوم 19 - 07 - 2012


مأسسة الثورة
الثورة,بماهي تغيير جذري,هي حالة نقيضة لحالة(النظام). لايمكنك تغيير نظام ب(نظام) والا ستحتاج لحكم,محايد ونزيه, لانك,حينها,ستكون في مباراة بين (نظامين),وليس في ثورة, وهذا متعذر.
الثورة عاصفة..بركان..اعصار..طوفان...ان تكون محكومة بالعقل,الى اقصى الحدود الممكنة,هذا جميل. ولكن ليس الى حد تحويلها الى (مؤسسة),بمجلس ادارة..ادارة مخازن..ودورة مستندية.....
الثورة تحول كبير. وفي التحولات الكبرى,علينا الا نركن الى حسابات العقل وحده,رغم اهميتها,اذ هناك وسائل اخرى للادراك: الحدس..الغرائز..الاحلام..التطلعات.. الطموحات... فليس هناك طريق للتغيير,آمن سالك,ومضمون 100 %,بحسابات العقل وحده. العقل يقلل, دون شك,من المخاطر في اي عمل. ولكن,دائما,مايبقى هناك هامش للمخاطرة, بنسبة قد تقل او تكثر,في اي عمل انساني كبير. فالمخاطرة تبرر الربح في علم الاقتصاد,على سبيل المثال,اذ يقال:الربح اجر المخاطرة.بمعنى ان مشروعية الربح تتأتى من كون ان التاجر,وهو اكثر الناس حرصا وتحوطا,واعتمادا على حسابات العقل,يخاطر في انتاج,او توزيع سلعة ما.واستحقاقه للربح انما يتأتى من حيث كونه اجرا او مكافأة لمخاطرته. وفي السياسة,وهي الاقتصادالمكثف بحسب ماركس,فأن التغيير هو مكافأة عن المخاطرة المتضمنة في النضال سعيا اليه. وحتى دينيا,فالجنة هي جزاء ومكافأة للمؤمنين الذين آمنوا بربهم ,بالغيب,وليس للذين رأوها رأي العين.وكم من المناضلين في التاريخ,استطاعوا بمحض التصميم, بلوغ اهداف كبرى.
نخلص: الى ضرورة منح الشباب في الساحات مطلق الحرية في التصرف ,والتصعيد, حسبما يرونه مناسبا,وفقا لظروف واوضاع كل ساحة على حدة. مع تفرغ القوى السياسية للتباحث في ما بينها,من اجل التوافق على اسس ادارة المرحلة الانتقالية.. باعتبار ذلك امرا بالغ الاهمية لجهة التسريع بالحسم.
ثورة..ومبادرة
مثلت الثورة الشبابية,الشعبية,السلمية اتحادا للشعب اليمني,بدون تمييز:طبقي او طائفي او فئوي او مناطقي او جهوي,او مذهبي...ضد استبداد القرون.ومصالحة وطنية ضد فساد نظام علي صالح,الموغل في الخراب.غير ان المبادرة الخليجية, اما لعدم كفاءتها او لعدم نزاهتها,احدثت شروخا بين قوى ومكونات الثورة,وبلبلت وعي الثوار.وولد تساوق المشترك معها شعورا عاما,وان بدرجات متفاوتة,بالخيبة والخذلان.تجلى هذا الشعور, اكثر ما تجلى,مع اقرار حكومة(الوفاق الدولي)لمشروع قانون الحصانة.وهوالمشروع الذي يجعل الثورة تبدو وكأنها ثورة لشرعنة الافساد وتكريس الفساد!!
المشترك,بفعله هذا,وضع الثوارفي وضعية صعبة,ان لم تكن مأزقية,اذ قلص خياراتهم الى اضيق الحدود. فلم يبق امامهم الا ان يثوروا ضده ويسدون بذلك خدمة جليلة,لصالح وعصابته.واما ان يصمتوا وفي ذلك تمكين لهذا الاخير,لاعادة انتاج نظامه واحياء الفساد,مع مايبقيه ذلك من فسحة,لصالح وعصابته,لنفث السموم وبث الفتن, بين قوى الثورة ومكوناتها.
والاشكال الآن كالآتي:كيف يمكن للثورة ان تستمر,بفعالية,في انجاز اهدافها دون ان تتعثر ببعضها,اي دون ان تصطدم ب/او مع المشترك؟!,وبتعبير آخر:كيف يمكن ان نكون مع الثورة:ضد المبادرة,وليس ضد المشترك؟!
قد يقول البعض,مامن مشكلة,لتستمر الثورة ضدالجميع.ولكن السؤال هو: اذا كان ذلك ممكنا, فما الذي يضمن عدم انزلاق البلد الى الفوضى والخراب,في ظل غياب اي قوى منظمة اخرى؟!
واذ يبدو المشترك كما لو انه نسي السياسة او تناساها,واكتفى بأن استسلم للضغوط..فقد ترك للثوار,وتحديدا لشباب الثورة,ممارسة(فن الممكن),الامر الذي يتطلب حلولا واساليب ثورية,ابتكارية وابداعية..والى هذا بالذات ينبغي ان نوجه طاقة التفكير!!
وسيط منحاز
كثيرون حول السلطة..قليلون حول الوطن(غاندي).
مع ذلك' لايمكن لثورة شعبية سلمية غايتها الوطن' ان تنتهي بصفقة حول السلطة.
والمبادرة «خ » وحتى بدون اعتماد منطق الديالكتيك الهيجلي' ولدت وفي طياتها بذور فنائها.لأنها'ببساطة عميت' او تعامت' عن رؤية تفجر شعب' تواق للحرية الكرامة' على ارضه التي هو سيدها بلا منازع.
فلا يأس..
انهم فقط يدوسون على اصابع أقدامنا لإعاقة تقدمنا' أي انهم يطيلون معاناتنا فحسب' وهذا كل ما يمكنهم فعله.
وسيط لمصلحته:
هم يريدون لنا أن نحيا
في نقطة التماس..
بين التقاء التيارين.
هناك'حيث تتكسر الامواج..
يريدوننا أن نبقى كأحياء بحرية محاصرة..
تجهد لا لكي تعيش..وتزدهر..
بل لكي ‘بالكاد' تبقى حية.
مخطئون' بل وواهمون' إذ يظنون أننا كائنات تجارب..
فبفضل جيل مختلف' حتمآ سيدركون أننا ذوات إنسانية حرة' جديرة حقآ' بالحياة والحرية والكرامة.
الدوافع ‘المحلية'لفكرة التسوية
تجذر حكم علي صالح كنبتة شيطانية ضخمة. ارتضت المعارضة ‘التي كانت' لنفسها ان تحيا لا كبديل لنبتة الحكم تلك بل كنبتة طفيلية' ملتصقة بها.. وتعاملت معها كما لو انها نبتة طبيعية..او لنقل تعاملت معها كتوأم سيامي..فالعشرة الطويلة بينهما خلقت حالة من التماهي من قبل المعارضة خصوصا. وولدت لديها حالة تجاذب وجداني تجاه المتسلط ونمط حياته..حالة من الانشطار العاطفي المتذبذب بين مشاعر متناقضة من النفور والاقتراب..الكره والإعجاب....الخ.
جاءت الثورة الشبابية السلمية مهددة نبتة الحكم تلك بالاقتلاع..
ولكن-ومن وجهة نظر الطرف المعني هنا- هل يمكن اقتلاع تلك النبتة دون إضرار بالنبتة الاخرى الملتصقة بها؟!هل يمكن التخلص من احد طرفي التوأم السيامي دون المساس بالآخر؟!
لأن الجواب بالتأكيد: لا.. تولدت فكرة التسوية.. كنوع من الإحتماء الدمجي.اي الإحتماء بالاندماج بفكرة الوطن (النظام المثور عليه بحجة حمايته من المؤامرة' وفي الاساس بغية انقاذ مايمكن انقاذه. والمشترك بذريعة تجنب حرب اهلية متوهمة)فالتحم هذا بذاك. .ولكن هذا الإحتماء هو بطبيعة الحال احتماء احلالي.. =(الاحتماء بشيء بغية الحلول محله بالتدريج..)' النظام بنية كسب الوقت لاعادة انتاج نفسه..والمشترك بنية الحلول التدريجي محل النظام...
أي إن عملية الاحتماء الظرفي هذه ليست ذات اتجاه واحد بل هي تبادلية من قبل الطرفين. ومن هنا جائت فكرة الوفاق الاضطراري' المتأرجح بين العناق والخناق.
(يشبه الامر امساك الملاكم المترنح برقبة الملاكم الآخر والاستناد اليه' اقتناصا للحظة يستعيد فيها توازنه.مع فارق ان الترنح هنا ليس بسبب ضربات الخصم' فحسب بل وبسبب زلزال الثورة ايضا).....
كوابيس الصحراء، تقود أزهار الربيع
الإنتلجنسيا اليمنية – أفراداً وجماعات، تنقسم، بالنسبة إلى أوضاع البلد، إلى قسمين رئيسيين، أحدهما متفائل بإسراف، إلى حد مثير للسخرية والإشفاق، ويفضل خداع النفس لإراحة البال، ويمارس السياسة بوصفها فن استغفال الناس (وإن كان بغير إجادة في معظم الأحيان)، وهو ما يمكن أن يوصف ب«إنتلجنسيا التعمية السياسية». والآخر متشائم بإفراط، إلى حد قابض للنفس، ويفضل تشويش البال لإراحة الإرادة، ويمارس السياسة بوصفها فن الصبر، وإرجاء اتخاذ القرارات إلى حين تحل المشاكل –توهماً- من تلقاء نفسها. وهذا الأخير، هو ما يحلو لنا أن نسميه ب”إنتلجنسيا نبات الصحراء”، إذ هي تقاوم قسوة المحيط، ولكن ذلك هو كل ما تفعله، حيث يستغرق جهد البقاء كل طاقتها، فلا يبقي لها وردا ولا ثمرا ولا ظلا.
وحدهم الشباب مثلوا طفرة ربيعية .لكن على هذا الربيع ان يقود نفسه، اذ ليس بمقدور الصبار ان يقود ازهار الربيع.
ثورة وسيطرة
اذا كنت لاتثور الا لكي ترث من تثور عليه. وليس لتبني ‘بالشراكة' دولة المواطنة' التي من أجلها ثار الناس وقدموا في سبيلها التضحيات.فأنت في الواقع تبور..
إذ تكون كأن يقتل الفرع أصله.فيكون العقاب المستحق ‘ ما يوجبه الشرع وهو ما سيقرره شعبك حتما .. الحرمان من الميراث ولو بعد حين لن يطول.
تضليل وتدليس
قولبة الوعي العام ،بغية حمله على رسم صورة ذهنية، زائفة، للواقع،يتم باستخدام اسلوب احتيالي ،مضلل ومدلس، من خلال تسمية الاشياء بغير اسمائها.عملية قلب سحري للواقع. يمارسها سحرة محتالون، مع فارق ، انهم هنا لايسحرون العيون بل يهلوسون الوعي.
(أمثلة: تفويض الرئيس ،السابق ، صلاحياته لنائبه=عملية انتقال السلطة. الخناق بالعناق=وفاق. تعطيل الدستور وخرق احكامه=آلية تنفيذية. البيعة، الاستفتاء=انتخابات رئاسية مبكرة.ازاحة افراد العائلة من قيادات الجيش والامن= اعادة هيكلة،مؤسسية. الالتفاف على الثورة= مرحلة انتقالية.التطبيع مع النظام المثور عليه=حوار وطني........).
يمكنهم فعلا، قلب الواقع، سحريا،وتزييف الوعي،الى حين، ولكن ذلك لايغير من طبيعة الواقع بأي حال.مثلما ان كتابة كلمة (سكر) على شوال من الملح قد تدلس الوعي وتضلله، الى حين، لكنها لاتغير، بأي حال، من طبيعة الملح كمادة(عقة) المذاق.
شك الثوار
الثائر الحقيقي يتعامل مع الامور بعقلية تاجر ألماس شكاك.. عقله,حدسه,فطنته,وخبرته...هي ادوات معرفته.فلا يسلم بما يقال,ولايركن الى تبرير,الا بعد تمحيص مجهري.. متوجس,متحفز,حذر ومحتاط. لايساق,ولاينساق,لايستسلم لاغراء ولاينخدع ببريق,وهو اكثر من يدرك ان ليس كل مايلمع ذهباً.
لاينام ,مطمئنا,على وسادة من المسلمات,ولايتدثر بالخزعبلات!!
رهاب الثورة
الفرق بين الثورة الشعبية السلمية والهبة..القومة..الخروج..الانتفاضة.. الاحتجاجات..
الغضب الشعبي.. التمرد..العصيان..الانقلاب.. الازمة...الخ
هو ان الثورة، عكس كل ماذكر، ارتبطت في الوعي العام، بانهاحركة شعبية، تبدأ ولاتنتهي، حتى تصل الى هدفها. ولهذا تحديدا،يكره الطغاة، وازلامهم،واذنابهم، واعوانهم،سماع هذه المفردة.ولهذا ايضا،تحاشى،و يتحاشى رعاة المبادرة الخليجية وبقايا النظام،وسلطة (الوفاق)، ومن لف لفهم، ذكر مفردة الثورة.ذلك ان استخدام هذه المفردة،او حتى ذكرها على مسامعهم، يثير لديهم احساسا جذريا بافتقاد الامن. وباقتراب خطر داهم ،كاخطار القدر، لايمكن صده ولا قبل لهم بمواجهته.
ولكن: ماذا لو لم تحقق الثورة هدفها جدلا، لأي سبب؟ في هذه الحالة يمكن ان تتخذ الثورة،اي شكل من الاشكال الاحتجاجية،الاخرى، المذكورة،الا ان تكون ثورة. باعتبار ان الثورة، اي ثورة، لاتكون كذلك الا اذا حققت هدفها. بمعنى ان ما يجعل من الثورة ثورة هو تحقيقها لهدفها في اسقاط النظام الذي قامت عليه بالذات.وبدون هذا لاتكون ثورة.
ومن هنا ندرك مقدار المجازفة، التاريخية،الكبرى التي إقدم عليها، قادة اللقاء المشترك.باعلان انضمامهم الى الثورةاولا ومن ثم تجييرها لمصلحة التسوية السياسية الجائرة..والتي سيحملون، في حال فشلوا، وزر اخطائها وخطاياها حتى يوم الدين.
المثل الوطني الأعلى
لن تتجسد الوطنية كفكر وكسلوك الا بتراكم مواقف مبدئية متجاوزة ل (الأنا) ولكل انتماءاتها ونزعاتها وتفضيلاتها الضيقة..بإنحياز تام الى القيم الوطنية العليا' العابرة للافراد..والجماعات..والانتماءات السياسية والمذهبية..والمناطق والجهات....
وهذا لن يتأتى الا من خلال مبادرات فردية في البداية جريئة مقتحمة ومخلصة..وصولا الى خلق (النموذج) او صورة ‘المثل الأعلى الذي يؤثر ويدفع ‘الى التماهي معه.وعلى نحو يجعل من النموذج او المثل الأعلى هذا مرآة تعكس للآخرين ذواتهم الإيجابية. بحيث يغالب الفرد نزعات نفسه وتحيزاتها الأنوية والأنانية الضيقة تماهيا مع ذاك النموذج ‘ لينعكس ‘هو نفسه' مثلاً أعلى....وهكذا.
وقد افرزت احداث الثورة الشبابية الشعبية السلمية العديد من النماذج المتمثلة في قصص الشهداء والجرحىالتي يتعين التركيز عليها وابرازها من خلال الدراسة والنشر.
الثورة اليمنية: انفجار ثان..انطلاقة ثانية
لأن أشواقها تتزاحم نحوالغد المشرق..لأن احلامها ترتاد الآفاق وتعانق النجوم..تبدو الثورة اليمنية كالمركبة الفضائية..ينفجر صاروخ أرضي ليدفعها الى مدى معين في الفضاء..عندما تبلغ ذلك المدى في فضاء الله..وتبدأ تبطئ وتفقد قوة إندفاعها..ينفجر صاروخ ثان ليدفعها' متخففة من حمولتها الفائضة عن الحاجة' الى محطتها الأخيرة..
هل تمثل وفي لحظة ما المبادرة الخليجية الملغومة أساسا..انفجار ثانياً في الثورة اليمنية..يدفعها متخففة هي الاخرى من حمولتها الفائضة عن الحاجة' الى غايتها النهائية؟!
سؤال خطر في ذهني..وأنا اتناقش مع بعض شباب الثورة..الذين أحسست بأن خوف فوات الفرصة لديهم اقوى'بمالايقاس' من خوف الاقتحام.
الثورة فطام محرم..التسوية رضاعة صناعية:
البطريركية العربية(=الأبوية/الوصاية) تنزع الى تحريم الفطام وتأجيل سن الرشد والبلوغ العقلي..وتفرض'كثقافة معممة'انماط تفكير وادبيات ومرجعيات...تعتبر الخروج عنها مروقاً موجباً للطرد من (جنة اليقين)..ومن أجل اخضاع الشباب وابقائهم تحت السيطرة تلجأ البطريركية الى مايمكن تسميته ب(ختان العقل).فالعقل المختون هو الوسيلة المثلى'لإعادة الشباب الى المهد'كلما شبوا عن الطوق.الشباب المثالي بالنسبة لها هو الشباب الإمتثالي. يبدو هذا اكثر وضوحاً مع حليب الإيديولوجيا' اي مع الشباب المنتمي' حزبياً الذي يرضع من ثدي الإيديولوجيا ما يبقيه مرتبطاً عضوياً بالبطريركية.. في حين يبدو اللامنتمي'بحسب ويلسون' شخصاً يفكر اكثر مما يجب'ويرى اكثر مما ينبغي..مما يوجب نبذه.
من وجهة النظر هذه تبدو الثورة كإعلان لفطام' محرم في الأصل'فيما تبدو التسوية كعملية إعادة الى الرضاعة..ولكن الصناعية.
رأسمال الثورة
الشهداء هم الرأسمال الرمزي للثورة..وهو رأسمال متزايد القيمة والتأثير..ولا يمكن تبديده او هدره بأي حال!!
لن ننسى شهداءنا..ليس ثأرا وانتقاما,بل من اجل المبادئ والاهداف التي ضحوا بأرواحهم من اجلها.
المرحلة الاحتيالية
من المعلوم ‘او من المفترض أن يكون معلوما ان المرحلة الانتقالية هي المرحلة التي تعقب «مباشرة» تحقيق الثورة الشعبية السلمية لهدفها الإجرائي ‘الاولي' المتمثل بإسقاط النظام المثور عليه. وهي مرحلة تأسيسية تدشن فيها مداميك وأسس التحول الى مجتمع ديموقراطي دائم'(اي انها مرحلة تؤسس لتحقيق اهداف الثورة الأساسية...).
هي مصفاة تفلتر المجتمع ‘عزلا للشوائب ‘ليعبر متخففا من المستبدين ‘الى المرحلة الديموقراطية المنشودة.
في حالتنا ‘كانت الثورة الشبابية الشعبية السلمية في أوجها حين جاءت المبادرة الخليجية لتحتوي الثورة وتنقذ نظام الديكتاتور صالح' من خلال التضحية برأس. هذا النظام للحفاظ على النظام نفسه. وذلك من خلال التسوية التي افضت اليها هذه المبادرة' القائمة اصلا'على اساس نصف ثورة ونصف نظام.
ولهذا وغيره فإن القول بأننا في مرحلة انتقالية هو قول مضلل' ينتمي «اساسا» الى لغة احتيالية يبتدعها ‘ويمارسها ‘ أناس متمرسون على التحايل والخداع. من خلال تسمية الأشياء بغير أسمائها ‘بغية تزييف الوعي وقولبته ليرى الواقع على غير ماهو عليه حقيقة.(هولاء هم رعاة المبادرة).
وتكمن خطورة هذه التسمية المضللة في كونها تخلق شعوراً زائفاً بأن الثورة قد حققت هدفها الإجرائي' المتمثل بإسقاط النظام. (والمقصود بالشعور هنا:مرتبة إدراكية بين اللاشعور وبين الوعي). والأمر ليس كذلك'في الواقع ‘بأي حال.وللتدليل على ذلك ‘يكفي أن نلاحظ أن الثورة لم تحقق اي اختراق على صعيد الأجهزة الأمنية' التي هي اصلا قاعدة النظام ونواته الصلبة. حتى أن العديد من شباب الثورة لايزالون قيد الاختفاء القسري «اللاطوعي»بفعل هذه الأجهزة حتى اللحظة. ومع أن هذا ليس كل شيء' الا انه يكفي لنسأل:عن أي مرحلة انتقالية ‘يتحدثون؟!
حوار بأي معنى؟
لايكون الحوار حوارا الا اذا كان بين اطراف متفقة على الاهداف ومختلفة على الوسائل.باعتبار ان الحوار هو جدل افكار تتوخى التوصل الى انجع الوسائل واكثرها ملاءمة لحل مشكلة ما. بمعنى ان الحوار لايكون حوارا الا اذا كان في إطار وحدة المصالح. أما إذا كان بين اطراف ذات اهداف مختلفة ومصالح متعارضة فهو تفاوض.لأنه في هذه الحالة' مساومة تقتضي تنازل كل طرف عن جزء من مطالبه/مصالحه...
فبأي معنى يروجون لما يسمونه «مجازا» ب (الحوار الوطني)؟ وبصيغة اخرى:هل هناك اتفاق على الاهداف بين جميع اطراف هذا الحوار؟ ام إن هناك تعارضا في الاهداف والمصالح بين تلك الاطراف اوبعضها؟......ذلك أن مفردة (حوار)هذه ستبدو سائغة ومعقولة اذا كان هذا ال(حوار)بين قوى التغييرذاتها مثلا. اعتبارا بأن هذه القوى متفقة ‘ من حيث المبدأ' على التغييرالى هذا الحد او ذاك. أما مع وجود طرف يمثل النظام المثور عليه ‘الذي هو ضد التغيير اساسا' .إذ يراه يأتي على حسابه' فإن مفردة حوار هذه تبدو غير مستساغة وغير معقولة...
فتواصل بين هكذا اطرافاً ليس حوارا بالتأكيد' وليس تفاوضا كذلك' هو مزيج غريب من مخرجات المبادرة المشئومة:نصف حوار ونصف تفاوض'تساوقا مع مبدئها الاصل المتمثل ب:نصف ثورة ونصف نظام.
ولأن التسوية'في الأصل' قامت على أساس من هذه المعادلة. فإن مخرجات الحوار الوطني المزعوم لن تخرج ‘هي الاخرى ‘عن منطق التسوية هذا.إذ ستمثل تسوية أخيرة ونهائية بين أشواق التغيير واوهام الاستقرار.بين الاحلام والكوابيس.وستخضع حتما لميزان القوى'بين الاطراف وليس لعدالة المطالب' ووجاهة الآراء وسلامة وجهات النظر' التي يطرحها'او يبديها' هذا الطرف او ذاك.
مشاركة بأية شروط؟
لأن الشباب سادة قراراتهم. ولأن منهم من يميل الى المشاركة'في ما يسمى ب(الحوار الوطني). سنسلم بفكرة المشاركة من حيث المبدأ.وسنفترض جدلا الذهاب الى الحوار. ولكن لكي نمنهج قرار المشاركة' ولتجنب الصدمات ‘ سوء التوقعات' وخيبات الامل علينا ان نطرح الاسئلة الآتية
ماهي اهداف الشباب من المشاركة؟'وهذا يستدعي سؤالا اخر : ماهي أجندة الحوار اساسا ‘ وهل ‘تتوافق هذه الأجندة مع اهداف الشباب كل او بعض؟(يمكن الرجوع الى الآلية).
ثم ماهي مطالب الحد الأقصى التي يمكن ان يطرحها الشباب على مائدة (الحوار )لغرض التفاوض والمساومة؟ وماهي قضايا او مطالب الحد الادنى التي لايمكن التنازل عنها بأي حال وماهي إمكانات فرض مطالب الحد الادنى هذه على الاطراف الاخرى؟ماهي ضمانات قبولها اوإقرارها من قبل تلك الاطراف؟ وماالذي يضمن عدم التفافهم عليها اذا ماقبلوها اصلا؟ وماالعمل في حال لم يقبلوها؟ وماالحل في حال قبلوها والتفوا عليها'او لم يلتزموا بها مستقبلا؟...
في ضوء الإجابات على هذه الاسئلة يمكن ان نمضي في قرار المشاركة او نعدل عنه'بحسب الاحوال. ذلك ان المشاركة ليست هدفا بحد ذاتها. بل يفترض انها وسيلة يمكن من خلالها تحقيق اهداف ‘تبرر ‘وتسوغ' هذه المشاركة. وبدون ذلك فلاطائل منها سوى. أنها ستمثل نمطاً من السلوك المشرقي ذي الطابع الإحتفالي' المهرجاني'الكرنفالي' الخالي من المضمون.وليس ذلك فحسب'بل إن المشاركة' ستمثل نوعاً من السلوك الطقسي'الذي يعني ‘على نحو من الخنوع' الإقرار بقوة النظام المثور عليه اصلا' والتسليم بعدم القدرة على مجابهته. وتطبيع وجوده او بقائه. مع ما يعنيه ذلك من غسل لكافة جرائمه بحق شباب الثورة وطمس معالم تلك الجرائم'بشكل تام ونهائي.(هذا كله فضلا عن الشروط الإجرائية المتعلقة بالتمثيل الشبابي).
إنعاش الديكتاتورية
لا شيء يخدم الديكتاتوريات المترنحة ‘ نتيجة زلزلة الثورات الشعبية السلمية ‘ أكثر من:
-إما اللجوء الى الإجهاز عليها بالقوة. لأن ذلك معناه التخلي عن نقطة تفوق الثورة السلمية. والانجرار الى ساحة الدكتاتورية ومهاجمتها في نقطة تفوقها بالذات.
-وإما الدخول في التفاوض معها. لأن ذلك معناه مد حبل إنقاذ لها' والانجرار الى حقل مكرها وشراكها وأفخاخها. إذ هي ‘بما لديها من وسائل وإمكانيات ‘ تتمكن ‘على الدوام من نصب مكائدها ‘ ودسائسها ‘ في قلب العملية التفاوضية ‘بغرض تلغيمها ‘شراء للوقت ‘بنية الالتفاف' لاحقا ‘ على أي قضايا أو مطالب قد تسلم بها'او توافق عليها تحت الضغط.مستفيدة من الشرعية التي توفرها لها عملية التفاوض ‘ او الحوار' داخليا وخارجيا الى أبعد مدى.
( الحوار الوطني) وأشعب الطماع
يحكى،كما هومعروف، ان اشعب الطماع صادف عدداً من صبية الحي الذي كان يعيش فيه..ولرغبته في صرفهم، تخلصا من ازعاجهم، تفتق ذهنه عن كذبة مغرية.اذ اخبرهم ان هناك وليمة كبيرة في الحي المجاور. ولكنه ما ان رآهم يركضون مسرعين. حدث نفسه قائلا: ربما يكون الخبر صحيحا،فاسرع راكضا خلفهم.
تتكرر هذه الحكاية، على نحو ما، مع كثير من المكونات في ساحات الثورة.اذ يدرك الثوار في قرارات انفسهم،انه ليس في ما يسمى ب(الحوار الوطني) سوى الاوهام. ومع ذلك تساورهم انفسهم، عند الحديث عن الدعوات وتداعي البعض، للحضور: ربما يكون الخبر صحيحاً والحوار جاد. فينتابهم شعورا دافعا للمشاركة. وكأن هناك حدثا كونيا،لن يتكرر، سيتقرر فيه مصير العالم،وستتشكل فيه معالم الصورة النهائية للوطن، وحتى لايفوتهم ذلك يودون الحضور.
الاعلام،واغراء
ضوء الكاميرات،مسئول عن بعض اسباب هذه الحالة.ونفسية اشعب الطماع مسئولة عن البعض الاخر من الاسباب.والحديث ،هنا، تأكيدا، عن البعض.
ومن المفيد ان نتذكر ان الطماع هو الزبون المثالي للمحتال.
اوهام الفرصة الاخيرة
من يتنازل عن التغيير،خوفا على الاستقرار،يخسر التغيير والاستقرار معا !!
القول بان التسوية فتحت بابا للتغيير، هو قول صادر عن نظر واهم ،واحادي البعد. اذ يغفل ان التسوية ثنائية. وان الطرف، الاخر ابقي ،تحديدا، لاحتواء هذا التغيير والالتفاف عليه وامتصاصه.وان التغيير المأمول،او الموهوم، يجابه ويواجه بتغيير، حقيقي، مضاد...
التنازل عن ثورة شعبية سلمية عارمة للتغيير، سعيا للتغيير من خلال تسوية، صممت اساسا لاحتواء التغيير..هو امر ليس له من معنى سوى التخلي عن اليقين والتعلق باذيال الاوهام.
مداخلتي في الندوة التي اقامها منتدى الدكتور غالب القرشي,للدكتور ياسين سعيد نعمان:
بسم الله الرحمن الرحيم. بدءا اشكر الدكتور غالب القرشي الذي اتاح لنا فرصة اللقاء بالدكتور ياسين، وهو الرجل الذي نحترمه ونجله، والذي تحظى اراؤه واطروحاته بقبول واسع في اوساط الشباب خاصة, وان كان هذا مثار غبطة من جهة، الا انه من جهة اخرى يفرض التقيد بدرجة عالية من الاحساس بالمسئولية حفاظا على هذه الثقة.
وسأختصر مداخلتي بثلاث ملاحظات رئيسية
1 -عن جدل السياسة والثورة: ازعم وادعي بان الثورة الشبابية الشعبية السلمية مثلت اكبر خروج شعبي على حاكم عبر التاريخ الانساني على الاطلاق. هذا اذا ما نظرنا الى عدد الذين خرجوا نسبة الى عدد السكان. وهي الثورة التي استطاعت بتضحيات الشباب وصمودهم قلب ميزان القوى في البلاد رأسا على عقب. وادخلت الجماهير ،لاول مرة ،بهذه القوة ،كعنصر فاعل في المعادلة السياسية. وصحيح ان الوضع يقتضي التكامل بين الفعل الثوري والفعل السياسي. ولكن السؤال هو: هل الثورة تخدم السياسة ام على السياسة ان تخدم الثورة؟ الملاحظ ان كل مافعلته التسوية السياسية ،كما يبدو، من خلال مخرجاتها ونتائجها ،يكمن فقط في اخراج الناس من المعادلة السياسية التي كانت الثورة قد ادخلتهم الى قلبها. ذلك ان المشترك قد استغل الثورة كورقة ضغط لرفع سقف المطالب السياسية التي كان يرفعها قبل الثورة، ودون ان يعي انه بذلك خفض من سقف الثورة ذاتها. واختم ملاحظتي هذه بما اقوله دائما وهو ان الثورة السلمية قضية عادلة ولكن بيد محام فاشل.
2 -عن جدل السياسة والقانون: الملاحظ ان التسوية السياسية انما قامت على اساس من قيام عدد محدود من السياسيين بتعطيل احكام الدستور وتعديل احكامه. وفي الواقع لايمكنني ان افهم ،وسأموت دون ان اتمكن من ان افهم ، كيف لحفنة من السياسيين ، مهما علا شأنهم، وايا كان تقديرنا لهم،ان يقوموا بتعديل وتعطيل دستور مستفتى عليه شعبيا. واتكلم هنا بحساسية رجل القانون. اذ من خولهم ذلك. وهم ليسوا تجسيدا لارادة الله ولا لارادة الشعب.ثم اي قيمة ابقاها هولاء للقانون؟ والنقطة الثانية هنا هو ان السياسي، اي سياسي، انما هو ممثل او وكيل او نائب،يمارس السياسة نيابة عن الشرائح والفئات الاجتماعية التي يمثلها حزبه. وليس كشأن خاص به. ومن ثم كيف لمن هذا شأنه ان يفوض الوسيط الدولي بن عمر لوضع صيغة ملزمة بشأن الهيكلة .اذ ان الامر يتعلق بمسألة مصيرية تهم شعبا بأكمله وليس ببضاعة يملكها هو ليتحمل بمفرده مسئولية اي تصرف يبرمه بشأنها. والواضح ان قيادة المشترك قد تصرفت دون الرجوع الى الشباب الذين قدموا تضحيات جسيمة في الثورة، وودون الرجوع حتى لهيئاتهم الحزبية، لغرض ترشيد قراراتهم.
3 - ملاحظتي الثالثة هي عن جدل العدالة والمسامحة. يقول الدكتور ياسين ان قانون العدالة هو مقابل قانون الحصانة وهذا في الحقيقة كلام يصعب قبوله. ذلك ان المقابل المفترض لقانون الحصانة هو استرداد الاموال المنهوبة من قوت الشعب الغلبان واعتزال العمل السياسي .او اعتزال العمل السياسي في اقل تقدير، اذا ما افترضنا ان هناك عوائق وعراقيل قد واجهتهم. اما قانون العدالة الانتقالية فقد اختزل العدالة الانتقالية الى مجرد دفع تعويضات وهذا مذل ومهين لكرامة اليمنيين ويعد قتلا للمرة الثانية وهو قتل اشد وامضى،هذه المرة، من القتل الذي ارتكبه نظام صالح، لمساسه بالكرامة. ان العدالة الانتقالية تقتضي تحقيق امرين، تكريس مبدأ سيادة القانون من جهة، واشاعة قيم التسامح من جهة اخرى.واكتفي بهذا نظرا لانتهاء الوقت المخصص.
ثورة مستفزة:
في سياق تبريره لقبول التسوية على اساس المبادرة الخليجية،استشهد الدكتور ياسين سعيد نعمان بمجزرة كنتاكي(رحمة الله تتغشى شهداءها)،حيث قال:
انه حين خرج الشباب الى كنتاكي سقط منهم ،خلال الساعات الاولى للخروج،حوالي سبعين شهيدا.وان المجتمع الدولي لم يحرك ساكنا، ازاء تلك المجزرة.وان السفراء برروا تلك المجزرة بقولهم: ان الشباب هم الذين استفزوا النظام بخروجهم،وتجاوزهم للساحة. وان النظام ارتاح لهذا التفسير.
لم يوضح الدكتور ياسين، تفسيرهم هم، اي في قيادة المشترك، وما كان ردهم على السفراء. ولم تتح فرصة لسؤاله عن ذلك، مع الاسف. غير ان الواضح هو انه استدل بذلك،كمثال، على الاسباب التي اوجبت قبولهم التسوية.
ومع ذلك يبقى مهما ان نتذكر،ان النظام مارس القتل والقمع مرارا،و بوحشية،بحق الشباب في الساحات نفسها، قبل مجزرة كنتاكي وبعدها،وان خروج الشباب ذاك،كان خروجا سلميا كالعادة.بالصدور العارية كما يقال.وان المظاهرات والمسيرات السلمية حق مكفول في الدستور،وفي المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالشرعة الدولية لحقوق الانسان.وان هؤلاء الشباب يتحركون على ارض يمنية خالصة. واننا هنا بصدد ثورة شبابية شعبية سلمية تستهدف اسقاط النظام، بوصفها وسيلة تغيير سلمية.وانها تعبير صريح عن ارادة الشعب في استرداد السلطة بوصفه مصدرها ومالكها.وانه مامن امكانية لتصميم شكل او اسلوب ثوري سلمي،خاص باليمن ، بحيث يؤدي الى استعادة الشعب للسلطة بدون استفزاز النظام، الغاصب، كذلك، ان نسأل ،او نتساءل:وهل هناك، اصلا، ثورة لاتستفز النظام الذي تثور عليه؟
الشباب والحوار
شباب الثورة، هم التعبير الامين عن روح الشعب، والتجلي الاسمى لحكمته. هم الصوت العالي لضمير جماهير الشعب من البسطاء والمقهورين. هم ممثلو الشرعية الثورية، بجدارة واستحقاق. وبقاؤهم خارج (الحوار الوطني) افضل ، الف مرة ، من وجودهم داخله. فأن حقق المتحاورون الاهداف التي من اجلها كانت تضحيات الشباب فهو خير. وان لم يحققوها، فلن تلزمهم نتائج الحوار.اشتراكهم في الحوار ليس له من معنى سوى التطبيع مع النظام ،المثور عليه، وغسل كافة جرائمه، وشرعنة كل اجراءات التسوية الجائرة، بشكل تام ونهائي.
الثورة يمانية
الشعب اليمني ‘عانى طويلا'مالم يعانه اي شعب' اذ لجأ الى الجبال فرارا من بطش السلطات' المتعاقبه عبر العصور' وخاض ‘ببنائه المدرجات الزراعية ‘ ملحمة نضال انساني فريد..مرير..ومجيد ‘ضد قسوة الطبيعة وغوائل الزمن.. منجزا بذلك ‘واحدة من اعظم ملاحم النضال الانساني ضد عوامل القهر' والبطش ‘واليأس والقنوط. فيما اتجه الكثير من ابنائه الى البحار ‘ وتغربوا في اصقاع الارض ‘ بحثا عن فرص للعيش الكريم' في وقت لم تكن الوجهة فيه معروفة ‘ولا الجغرافيا ‘ ولا الاديان ولا اللغات. وهو شعب جدير حقا بالحياة والحرية والكرامة.. وقد مثلت الثورة الشبابية الشعبية السلمية' فرصة تاريخية ‘واستثنائية' لاتتكرر بسهولة ‘للانعتاق من استبداد القرون' ومن كل عوامل القهر والبطش والظلم والعسف والتنكيل..اذ مثلت اتحادا للشعب' دون تمييز ‘على اي اساس' ضد الاستبداد والطغيان ‘ومصالحة وطنية ضد الفساد..هي بمثابة رد اعتبار تاريخي لهذا الشعب الاصيل ‘ وانتصار لكل اجياله. علينا الا نهدرها' بأي حال. فحين تسنح فرصة' تاريخية ‘ كهذه' فعلى (الحكمة) ‘نفسها ‘ ان تثور' وتستمر' حتى تقطف ثمار ثورتها كاملة.
دور المثقف
الثقافة القشرية لاتسمح إلا باتصال سطحي مع الظواهر والأحداث..وهو مايؤدي بالمثقف القشري الى الشعور بالغرابة..والى تهديد الأنا وتفجير إنسجامه'ومن ثم الى صدمة القيم.. مايجعل هذا المثقف يدور مع المصالح والأهواء والأمزجة حيثما دارت...
في حين ان على المثقف ان يظل وعياً وتأكيدا للقيم ‘ التراندستالية = (القيم العليا' الع§ابرة للطوائف' الايديولوجيات' المناطق ‘والجهات....).
وفي التحولات الكبرى لايمكن للمثقف' الحقيقي' الا ان ينحاز لمشروع وطني جامع. إذ لايسع هكذا مثقفاً الا ان ينحاز الى مافيه خير الشعب'كل الشعب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.