مصر لا أحد ينام في القاهرة».. عبارة قد تطلقها على المصريين عند زيارتك للعاصمة المصرية القاهرة في رمضان، وبالتحديد خلال الفترة ما بعد الإفطار حتى موعد السحور، حيث يحلو السهر عند الأسر المصرية، التي يفضل بعضها قضاء ليل رمضان في متابعة التلفاز والبرامج والمسلسلات الرمضانية، بينما يتجه البعض الآخر إلى المساجد.. قاصدًا التواشيح والتراويح وتأدية صلاة القيام، فيما يختار فريق ثالث الاتجاه إلى المقاهي والميادين الشهيرة للاستمتاع بليل القاهرة الساحر ثم تناول وجبة السحور في أي من تلك الميادين، حيث تنتشر المحال المتخصصة في تقديم أنواع الأطعمة كافة، والتي تستقبل زبائنها بفرش الترابيزات أمامها ودعوة المارة من المصريين والعرب لتناول السحور. ويعد شارع الأزهر من أشهر المناطق المحببة للمصريين خلال شهر رمضان، ويبدو الشارع بالليل وكأنه نهار من كثرة الإضاءة التي تبهر السائرين، وتغازل أعين الساهرين، وتدغدغ حواس الجالسين مع أنفاس شيشة، أو رشفات شاي، أو ارهاف سمع لصوت ناي، إذ يتجمع الزائرون في هذا الشارع على مقاهيه وهم يلعبون الطاولة أو الدومينو قبل أن يتجهوا إلى المطاعم الشهيرة التي تقدم لزبائنها قبل الفجر بوقت قليل وجبات اللحوم المشوية والحمام والدواجن، والفول والفلافل وغيرها من الوجبات المحببة للمصريين في رمضان. وأكثر ما تستمتع به وأنت تتناول سحورك في شارع الأزهر، هو استماعك إلى تواشيح الفجر المنبعثة من مسجدي الأزهر والحسين، تلك التواشيح التي تهيئك للصلاة وسط عالم جميل من الروحانيات، فيما يفضل بعض الزائرين لشارع الأزهر أن ينتهي من سحوره في وقت مبكر لتكون لديه الفرصة لقضاء وقت أكبر في مسجد الأزهر أو الحسين، حيث قراءة القرآن والاستمتاع بتواشيح الفجر حتى يتم رفع الأذان. هناك في المساجد من تجده يجلس القرفصاء قبل النداء للصلاة وهو يرتل ايات من الذكر الحكيم في كتاب كريم. أو تجد أحدهم وقد انتبذ ركنا قصيا وهو يبتهل ويدعو ربه طالبا الرحمة والمغفرة . أومن جاء مهرولا وقد حط رحله عله يدرك نفسه بأداء ركعات تحية للمسجد، وأخرى اتباعا لسنة خير البشرية وأفضل من في البرية سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم. وهناك من تسمع نحيبه وهو يدعو في سره وجهره، لعل يصلح أمره ويستجيب لدعائه. إنها أم الدنيا فكيف لا يكون صدرها حنونا وقلبها رقيقا، تعطي بلا منّ وتقي من شر الفتن، وتبقى درعا لصد المحن، فالأم لا تقسو ولو زاد عقوق الأبناء، والأم لا تبخل بل تجزل في العطاء. المائدة الرمضانية غنية جدا ومتنوعة، حيث يبدأ الناس بالإفطار بالتمر والرطب، مع شرب اللبن وقمر الدين والخروب ومشروب « الخشاف «، وقد يحلو للبعض أن يشرب العصيرات الطازجة كالبرتقال أو المانجو أوالشمام، وبعد العودة من الصلاة، يبدأ الناس بتناول الاطعمة التي تملئ المؤائد بجميع أنواع الاطعمة وكثرتها مثل الملوخيه والشوربة والخضار المشكلة، والمكرونه بالبشاميل، وتزدان المائدة بالسلطة الخضراء أو سلطة الزبادي بالخيار، ومحشي ورق عنب، والدجاج المشوي أو بعض المشويات كالكباب والكفتة وتتنافس النساء مع بعضهن في تحضير الافطار وتبادل العزومات والولائم مع الاهل والاقارب. وبعد الانتهاء من الإفطار لابد من التحلية ببعض الحلويات، ومن أشهرها : الكنافة والقطايف والبقلاوة، والمهلّبية وأم علي.