للصباح في أيام رمضان نكهة خاصة.. الهواء عليل والنسائم أكثر من رقيقة الشوارع فاردة أحضانها في انتظار عناق مع امتدادات العيون.. في الصباح الرمضاني تكتشف مقدرة البشر على ترويض الصباح لما ليس له أصلاً.. إن رأيت الصباح أدركت بسهولة ما أعنيه. في الظهر تنبعث الناس من مراقدها خاشعة بأبصارها إلى الأرض فأشعة الشمس ثابت لايتغير في هذا المعطى.. شيئاً فشيئاً وتخفت حدة الانبعاث ليميل المنبعثون بعد إلى الهجوع في انتظار النفخة الثانية التي تبعث من لم يبعث في الأولى أعني آذان العصر والذي ما أن تنقضي صلاته حتى ينتشر الصائمون في مناكب الأرض بحثاً عن منافعهم في هذا القسم الزمني الممتد حتى المغرب يمر الوقت بمراحل مختلفة متنوعة النكهات ينعكس ذلك على النفوس والأرواح فتبدو أكثر إشراقاً وصفاءً واستبشاراً. لا أدري والله من روعته كيف أصفه،غير أني أقول إن أسراراً روحية تكمن في ثواني ذلك الوقت ودقائقه نلمسها ونحسها أو نحس بها ونرى أثرها الخلاق في أرواحنا وعقولنا وندرك أن ابتساماتنا أثر بسيط من أثار تلك الأسرار لكننا لاندري حقيقتها على وجه الدقة.. وهذا شعوري الشخصي على الأقل. في المغرب.. يساق الناس إلى المساجد زرافات ووحدانا الكل في انتظار لحظة الحسم الزمني.. الكل يحدق إلى ساعته يفلسف الوقت ويذكر لك تفاصيل ودقة ساعته ومدى متابعته وحرصه الشديد على تسميته الدقيقة التي أفطر فيها منذ اليوم الأول في رمضان وكيف يأخذ الزمن منحاً أخراً ليحسب لك بعد ذلك الفارق الزمني الذي يتولد يوماً بعد أخر.. وهكذا تطوى صفحة يوم من رمضان لتفتح صفحة أخرى من صفحاته. سواك: يدرك الصائمون مذاق الليالي وليس ينال الهوى الواهمون نكهة الوقت تغري كثيراً وأكثر حين يطاولها الصائمون