تتنوع وتتعدد عادات و تقاليد الموريتانيين خلال الشهر المبارك بين روحية تتصل بالعبادة و التقوى و البر والاحسان ، و اجتماعية تتصل بنمط الحياة اليومية و بالتواصل الاجتماعي , حيث يقوم معظم أهل البلاد بحلق شعر الرأس لأن ذلك ضروري حتى ينبت لكل شخص شعر رمضاني مبارك. وتعرف البلاد خلال رمضان نشاطا تجاريا متميزا حيث تنتشر الاسواق الشعبية والهامشية ومحلات الحلويات, و تتسع دائرة النشاط في المقاهي و النوادي الاجتماعية ، ويقبل الناس على التسوق لاقتناء مستلزمات الشهر الفضيل وفي أواخر أيامه مستلزمات العيد . ويمثل أول يوم جمعة في رمضان مناسبة هامة يستعد لها الموريتانيون استعدادا خاصا ، حيث يجتمعون لوصل ما انقطع من صلات الرحم ، و للتردد على المساجد و حلقات العلماء و شيوخ الدين بهدف الاستفادة و الاستزادة من معارفهم الدينية ، و يبدأ الاحتفال من يوم الخميس عندما يقوم كل شخص بشراء واقتناء لباس تقليدي جديد ,يسمى الدرّاعة للرجل والملحفة للمرأة ، حتى يتمكن من إرتدائه صبيحة الجمعة ، ثم يقوم بعد ذلك بجولة طويلة لزيارة الاهل و الجيران و الاقارب ، ويقدم الصدقات للفقراء ، و يشتري لحم الإبل لاعداد عشاء الجمعة الذي يطلق عليه اسم “ الطاجين “ و من بعده يعد الكسكسي الموريتاني و هو مختلف عن الوجبة ذاتها الموجودة في بقية أقطار منطقة المغرب العربي. وبعد الانتهاء من ذلك الافطار تتجه الاسرة لمعانقة الطبيعة الرحبة والشاسعة لقضاء بعض الوقت في البادية و تناول أقداح عدة من حليب النوق الطازج ، كما تجتمع الأسر في خيام عادة ما تنصب بالقرب من غدران المياه ، ويتم فيها إعداد الشاي الموريتاني المتميز بنكهته و طقوس تحضيره. ويمكن القول إن مجالس الشاي باتت من العادات و التقاليد الراسخة اجتماعيا ، و في رمضان تقوم ربة البيت باعداد الشاي قبل موعد آذان المغرب بدقائق ليكون جاهزا عند الافطار ، و هو شاي مركّز يدمن عليه الاهالي، و يصرون على ان يكون حاضرا على مائدة الافطار لافتقادهم له في النهار خارج شهر رمضان . و يتشابه الموريتانيون واهل البادية في تونس والجزائر وليبيا في الادمان على الشاي المركز و يطلقون عليه اسم “ التاي “ ويطلق على فنجانه اسم “ الكأس” و يحبذون أن يكون نصف الكأس الأعلى مليئا برغوة الشاي . ويعتقد أهالي البلد أن “التاي”لا تكتمل طقوسه الا ب” جيمات” ثلاث ,و هي الجمر و الجر والجماعة ، و يسمى معد الشاي ب” القيّام “على أن يكون أصغر الجماعة سنّا ، و يقوم بإعداد الشاي على كانون يتقد جمره ، ثم يتأني في تقديم الكؤوس الصغيرة , والطريف أن المجتمع الموريتاني الذي يحرّم مصافحة المرأة للرجل يسمح لهما أن يجلسا معا في مجلس الشاي أو “ التاي “ ولا تخلو مائدة الافطارمن حبات التمر و حليب النوق ومن الحساء الذي تعده المرأة من دقيق الشعير و الماء و قليل من الزيت ، و بعد صلاة المغرب تقدم الوجبات الرئيسية و منها اللحم المشوي والسلطات والسمك والازر والكسكسي و اللحم ، و خاصة لحم الماعز أو الابل أما وجبة السحور فعادة ما تتكون من الأرز و الحليب أو حبات الكسكسي مع الحليب أو اللحم وال” كوسي “ وهو من أنواع الذرة أو الدخن و يفضل البعض تناول الحساء بالحليب الى جانب الشاي الاخضر. وإذا كان للأغنياء ووجهاء البلد انواع مختلفة من العصائر و المشروبات و منها مشروب “ ازريك » المعد من اللبن الرائب و السكر و الماء , فإن للفقراء مشروبهم المفضل و هو” البصام”الذي يعتقدون انه يداوي أمراض المعدة و الامعاء .وتشهد مختلف المناطق الموريتانية خلال شهر رمضان اللقاءات الثقافية و المجالس الدينية و المطارحات الشعرية في بلد المليون شاعر ، كما تقوم الجمعيات الخيرية بتوزيع المعونات على الفقراء و المساكين ونصب موائد الرحمن لعابري الطريق والغرباء والفقراء.