يقوى علينا التعب ويكسونا الجهد من الركض وراء الحياة وشؤنها وفي كل غزواتنا التي نخوضها مع الحياة لا نكاد نعثر على ما يبعث شيئا من الطمأنينة في النفس والسكون في الأرواح. ومع إدراكنا أن الحياة مجموعة متكاملة من التعب وبأن المنغصات التي تعلو جبين الحياة هي ذاتها من تجعل للعيش مذاقا معشوقا وفريدا مبعث ذلك الشعور المريح الجميل ليس مستوردا من اليابان أو من الصين أو محتكرا لدى التجار ومكدسا في مستودعات الموت والأذلال. هذا الشعور في متناول الجميع الصغار والكبار الفقير والغني بإمكان تحسسه وبمقدورهم أن يعيشوه كما نفعل فقط عليهم أن يدققوا النظر ويمعنوا التأمل في واقعهم المعاش. مرورك في أي يوم سواء في رمضان أم في غيره بل قد تدرك ذلك الشعور وأن تتجول في أحد السواق تقتني حاجاتك ومتطلبات بيتك من السوق فبمجرد أن تقع عينك على بائع متجول أو في عربية أو في الأرض يفترش الرصيف هنا أو هناك ترى الكثير من الشباب اليمني الذي يضرب أروع الأمثلة في العيش بشرف ومناكفة الحياة أجد ذلك وأدركه وخاصة في النهارات الرمضانية والتي يبلغ فعل الجوع فيها مبلغه من إعياء المرء وجسده لكنك تستغرب حين ترى أولئك الشباب مع كل ذلك لا يتوقفون عند تجسيد الكفاح الخالص ولا يستوقفهم شعورهم بالنصر على الحياة وأنهم لا يزالون يلهمون الناس الأمل والمصابرة والنضال الشريف في طلب الرزق بل تجدهم يمنحون الإبتسامة للرائح والغادي دونما ثمن أو منّ . لله درهم والقبح لمجتمع لا يفاخر بهم الدنيا والأمم والشعوب. سواك إنها معجزات التراب. حين يسمو بإصرارانا . فيطال فضاء المنى والمعاني.