أكد أكاديميون وخبراء إعلاميون في تصريحات ل”إسلام أون لاين”، إنه لا مستقبل للحكومات الديكتاتورية في المنطقة ولا لمنطقها الإعلامي القائم على الإغلاق والكبت في ظل ثورة الاتصالات التي تشهدها المنطقة، مشيرين إلى قرب زوال بعض الحكام الذين يحاربون الحريات الإعلامية خوفا على كراسيهم، مؤكدين أنه لم يعد مقبولا أن تتم التعمية أو تغطية الحقائق بغربال الرقابة والحجر، أو التضليل الذي يمارسه الإعلام الرسمي. جاءت هذه التصريحات على خلفية نجاح كل من الثورة في مصر وتونس في توظيف الإنترنت ولاسيما مواقع التواصل الاجتماعي مثل “الفيسبوك” “تويتر” للإطاحة بالأنظمة “القمعية” في كلا البلدين، في مقابل استخدام الإعلام الرسمي لمحاولة إحباط الثورة وتشويه من قاموا بها، وسط دعوات “بضرورة إعادة النظر في البنية الأساسية لوسائل الإعلام الحكومية لاستعادة ولو جزء يسير من المصداقية التي فقدتها لدى المشاهد العربي خلال الأحداث الأخيرة”. الإعلام الإلكتروني قال الدكتور ربيعة الكواري أستاذ الإعلام بجامعة قطر : إن المتابع لوسائل الإعلام بأنواعها المختلفة خلال الأسابيع الماضية يجد أنها كانت أكثر تأثيرا على المجتمعات من أي فترة سابقة، حيث استطاعت أن تستحوذ على الأشخاص والمؤسسات والحكومات، ولاسيما بعد الثورة التونسية ثم المصرية التي انطلقت بتاريخ 25 يناير 2011م ، وهذا ما جعل الإعلام الالكتروني يلعب دورا رئيسيا في تغطية وتحليل الأحداث وأخذ رأي الشارع العربي من خلال بحثه عن المعلومات والحقائق التي تلقاها الرأي العام العربي بكل شفافية بسبب توفرها عبر الشبكة العنكبوتية - الإنترنت - بصورها المختلفة. ويتابع الكواري: إن هذا الزخم قد أبرز على السطح أهمية شركة جوجل وتويتر وصفحات الفيس بوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت المحرك الرئيسي للأحداث في تونس ومصر، حيث نجحت هذه المواقع في تحريك الشارع العربي من خلال معالجة وتغطية الأحداث السياسية والأوضاع والاضطرابات في العالم العربي وقد لوحظ أنها ركزت في تغطيتها على القيم المتعلقة بحرية المعلومات وأتاحتها للجميع بكل يسر وسهولة عبر الانترنت رغم وجود بعض الصعوبات التي أحدثتها بعض الحكومات العربية المنهارة ومنها الحكومة المصرية التي قامت بقطع جميع وسائل الاتصال في مصر أثناء قيام الثورة على السلطة كما قامت بالتشويش على الفضائيات العربية مثل الجزيرة والجزيرة مباشر بشكل خاص باعتبارهم الداعم الأول للثورة المصرية والتونسية . وانتقد الكواري تغطية الإعلام العربي ولاسيما الرسمي بالمقارنة مع الإعلام المستقل، قائلا: إن تغطية وسائل الإعلام العربية لأحداث تونس ومصر تفاوتت في مستواها من قناة لأخرى، فبعض الفضائيات تطبل للحكومة المصرية وتسايرها وتحاول التعتيم على الأحداث. بينما توجد قنوات تحاول تغطية الأحداث بكل نزاهة وشفافية ، ولكن النقطة الأهم هي أن أغلب القنوات العربية تحاول تحريف المعلومات والصور والتعتيم على الأحداث. وأكمل قائلاً: فمن يشاهد القنوات المصرية مثلا، يرى أنها في حالة «إرباك ولا تنشر سوى الأخبار الرسمية، ولا نلومها هنا»، معتبرا أن هذه القنوات غير مشاهدة لا في مصر ولا في البلدان العربية، في حين تظهر هذه الصور والمعلومات بكل شفافية في فضائيات أجنبية. ومن مساوئ الإعلام العربي «المتخلف» في الوقت الراهن، برأي الكواري، أن بعض الحكومات تحاول إغلاق الإنترنت والتشويش على وسائل الاتصال. وهي طريقة تذكرنا بالحكومات الديكتاتورية التي لا تستطيع أن تصمد بوجه الإعلام، فالإعلام وسيلة مؤثرة يحاول أن يستغلها الشباب في توجيه الشعوب، لأجل البقاء، وتأسيس إعلام جديد يقوم على الحرية والنزاهة، بعيدا عن الأخبار الحكومية الملفقة. وأعرب الدكتور الكواري عن توقعاته بقرب تحرير المجتمع العربي من التخلف الذي تعيشه بعض الحكومات العربية بزوال بعض الحكام الذين يحاربون الحريات الإعلامية خوفا على كراسيهم من الزوال، مشددا على أن المجتمع العربي جزء لا يتجزأ من هذا العالم الذي لم يعد مقبولا فيه أن تتم التعمية أو تغطية الحقائق بغربال الرقابة والحجر . المتغيرات الإعلامية ومن جهته، اعتبر الدكتور محمد المصري أستاذ الإعلام بجامعة قطر أن عجز الحكومات في كل من مصر وتونس في مواكبة المتغيرات الإعلامية التي يدركها جيدا شباب الفيسبوك كان عاملا حاسما في نجاح الثورة في البلدين، مشيرا إلى أن الإعلام الإلكتروني الجديد انتصر على الإعلام التقليدي الذي تهيمن عليه الحكومات الديكتاتورية و التي لا تفقه شيئاً من عالم النت الفعال. وقال المصري: ما من شك في أن الإعلام الحديث جدا أو غير التقليدي متمثلا في مواقع التواصل الاجتماعي قد ساهم في جعل الشباب ينظمون أنفسهم ويديرون شئونهم بأنفسهم من خلال عملية التواصل غير التقليدية التي وفرتها تلك المواقع ولم تستطع الحكومات في مصر وتونس مواكبة تلك المتغيرات وهو ما لعب دورا حاسما في نجاح الثورتين. وتابع: لذلك فالثورة في كل من تونس ومصر نستطيع أن نطلق عليها ثورة الفيسبوك و التويتر وملايين المدونات الشبابية وهذا يعني انقلاب الإعلام الإلكتروني الجديد على الإعلام التقليدي الذي تهيمن عليه الحكومات الديكتاتورية و التي لا تفقه شيئاً من عالم النت الفعال والذي غير مجرى التاريخ وسحق العادات والتقاليد التى حدت من قدرات الشعوب لدهور متعاقبة. وأكمل قائلا: عالم الانترنت الذي لم ولن تستوعبه هذه الحكومات الديكتاتورية الهرمة وكل معرفتها به هو ما يصلها عنه من خلال تقارير أجهزتها الاستخبارية القمعية المحدودة الأفق وأول عمل تفعله لمحاربة شعبها هو قطع هذه الخدمات عنهم توقعا منها أنها ستكون بسلام إذا ما قطعته غير مستوعبة أن النت له مخارج متعددة ليتخلص من قبضتها وبدون استئذان منها، لافتا إلى أن العولمة الإعلامية جعلت المعلومات متوفرة للجميع وبالتالي فمن الصعب السيطرة عليها . وأكد المصري إنه لا مستقبل للحكومات الديكتاتورية في المنطقة ولا لمنطقها الإعلامي القائم على الإغلاق والكبت لأن الفضاء واسع ومليء بالقنوات ووسائل الإعلام الأخرى التي توفر البديل للمشاهد والمهتم ، بل إن تلك القنوات تتيح للكثيرين فرصة مثالية للتعبير الحر عن آرائهم في مختلف القضايا . بتصرف عن اسلام اونلاين