في رثاء فقيد الأدب الأستاذ عبدالله البردوني وفقيد الصحافة الأستاذ عبدالله سعد في الذكرى الثالثة عشرة لرحيلهما وجع الجرح أم ضجيج الأماني أم قتيل على بقايا قتيل أعجز الصبر من أصيب بجرح ما وجدنا دواءنا من جراح حسبي الله أي عبديه أرثي يا خليليّ خبّراني فقولا فرّقتنا الدنى وشتّتنا القرب يا خليليّ عرجا عند حيّ تستعير الشموس منهم بهاها واقرءا مني السلام عليهم بين ليلين من عناءٍ وهجر لا ربيع يطلّ يوما علينا نمضغ القات نحتسي البنّ لكن لست أبكي الألى تولّوا بعزٍّ الكريم الكريم أضحى لئيماً وغريم يقودنا لغريم وهداةٌ تكلّف الناس طهرا قبّح الله أنفساً سكنتنا وعلى مثلنا تنوح البواكي يابن أمي رحلتَ قبل رحيلي حدّثوا – صخرة دهتك وقالوا ورضينا ما ليس يُرضى وقلنا كلّ شيء في أرضنا ليس يُرضى كنتَ يوما حدّثتني عن جمال لا اللسان استقام في وصفه لي فإذا ما نزلته الآن صف لي لست منّي حتّى تحلّ بأرضٍ وعلى أيكها تغنّي حمام وكرام على الأرائك طهر وعيونٌ وأنهرٌ وظلال وقصور مزخرفات بُناها فإذا ما حللتها فترفّق ظبية ترتعي حشاشة قلبي من ترانيمها تسابيح قدسي يا رعى الله يوم لا يوم لمّا غيّبتني عنّي ومنّي وعنّي عرّفتني بنفسها وهي نفسي وأباحت بسرّها بين غمضٍ فأنا بين هيبة القرب منها أشتهي عودةً.. تقول تصبّر فإذا ما انطفأت حساً وروحاً هكذا هكذا وإلا فلا لا صيّرتني عبدا لها وهي ملكي
يا ابن أمي هذي مراعي ظبائي فإذا ما طلبت أرضا سواها يا صبايا يا حور عين الجنانِ نزل الحيّ بعد سبعين عاما أبصر النور في صباه ولما أطفآ فيه نور عينيه لكن وهو اليوم نازل في ثراكم كان يكفيك من عذابك يوم فإذا ما أنفْت سبعين فاهنأ
يا ابن أم البيان أغمضت لكن لا تشح هكذا بوجهك هذي تُسمع الحور ما نظمت بأرض فانتش الآن ليس في الأرض حيّ وأنا؟ ميّت أتعجب منّي؟
أنا بالله أستبيح المنايا وتزول الجبال إن قلت زولي إن أردت الفناء يوما دعاني أو أردت البقاء سبّحت باسمٍ كلها الأرض مسجدي وطهوري غير أني وشأن كلّ كريم تركتني مشيئة الله حياً أفلت الموت من يديّ ولكن
رحم الله شاعراً قال قبلي (ضوءُ عينيك أم هما نجمتانِ .............. هاج شعري وحلّ عقد لساني وبناء هوى على بنيانِ كيف فيمن أصابه جرحانِ غائرات تنزّ كلّ أوانِ ابن أمي أم ابن أم البيانِ كيف بعد الفراق صحّ التداني ومذ غبتما التقى المشرقانِ نزلت فيه صفوة الخلّانِ ونجوم الدجى وحور الجنانِ وأخبراهم من دهرنا ما نعاني في دياجيهما اختفى النيّرانِ وخريف يحلّ في كل آنِ كنقيع السموم يُعتصرانِ إنّما ذُلُّ من بقى أبكاني والشجاع استعار قلب الجبانِ يشترينا بأبخس الأثمانِ فالغويّ استعفّ والحِبر زانِ قتلت عزها بعيشٍ مهانِ إن عدتنا عوادي الأزمانِ والردى كان صاحبي فجفاني أنت داهمتها – شهود العيانِ حقّق الموت بالقضا شاهدانِ أمِن العدل أن أهدّ كياني؟ من رؤى الغيب ساحرٍ فتّانِ فأعِيْه ولا صغت آذاني كيف شاهدته فيصغي جناني تربها المسك والجنى منك دانِ ساجعات بأعذب الألحانِ ونعيم الرضا وحور حسانِ وروابٍ تغص بالغزلانِ من درار وعسجدٍ وجمانِ واهد روحي لظبيةِ الزعفرانِ وهي أرضي وبرزخي وجناني وجحودي بغيرها إيماني فاح من طيب نشرها ما طواني أخذتني وغيّبت أحزاني وطوتني فما اهتديت مكاني واختلاسٍ من طرفها النعسانِ وجوى البعد طعمةُ النيرانِ فيك عينانِ لم تزل تطرفانِ فاغتنم لذّتي وعش في أماني يُجتنى الشهد من رحيق المجاني ودعتني مليك كل زمانِ من قديم وهذه أوطاني فاعتزل نسبتي ودع ما عناني مُلك من لا يزول والكلّ فاني من عذاب الرحيل شيخ يماني شمّر الجدّ صاده سهمانِ ضمّراه لكسب كل رهانِ فأسعديه وزغردي يا تهاني كي تنال الرضا وبرد الأمانِ ودع الوصف فالحروف فواني حيث يممت أبصرتك المعاني جوقة من معازف وقيانِ زهدت فيك شُمطها والغواني يتملّى روائع المهرجانِ أنا قد متّ قبل بدء الزمانِ كالحات وأسترقّ الأماني وأرى وسوسات من لا يراني داعي الحقّ من عُلى الرحمنِ سبّحته دوائر الأكوانِ والسموات كلّها بنياني قيّدتني لطائف الإحسانِ ميتاً- أشتكي - صحيحاً .. أعاني قد درى أنّني سهيل اليماني وبسحرٍ من نظمه قد سباني كلّهم لا يرى وأنت تراني)* * البيت الأخير قاله المرحوم نزار قباني في رثاء الدكتور طه حسين وهو هنا من باب التضمين في القصيدة.