رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    الوجع كبير.. وزير يمني يكشف سبب تجاهل مليشيا الحوثي وفاة الشيخ الزنداني رغم تعزيتها في رحيل شخصيات أخرى    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    حقائق سياسية إستراتيجية على الجنوبيين أن يدركوها    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    تطورات خطيرة للغاية.. صحيفة إماراتية تكشف عن عروض أمريكية مغرية وحوافز كبيرة للحوثيين مقابل وقف الهجمات بالبحر الأحمر!!    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرآن طريق الخروج من الظلمات
نشر في الجمهورية يوم 19 - 09 - 2012


الحلقة الاخيرة
لقد جاء القرآن بالعلم و فتح عصر العلم الكتابة هي وسيلة لتسجيل المعرفة من اجل الرجوع اليها في وقت آخر اما من قبل الشخص نفسه او من قبل الآخرين. اذن فالكتابة هي عملية لاحقة للمعرفة و ليست عملية مولدة لها بالمعنى الضيق لذلك. و القراءة هي فك رموز الكتابة و تحويل هذه الرموز الى معان و افكار. فالكتابة هي التي وجدت اولا ثم استلزم ذلك القراءة. فلا معنى لكتابة لا تقرأ و في نفس الوقت فلا معنى لقراءة ما لا يكتب. فكل من الكتابة و القراءة وسيلة لتوصيل الافكار و المعلومات و المعرفة الى الآخرين او الى نفس الشخص في فترة لاحقة. و كل من عملية الكتابة و القراءة تتطلب قواعد متفقاً عليها. بمعنى انهما لا يتحققان الا في اطار اجتماعي لان كلا منهما يتطلب وجود شخصين على الاقل اي كاتب و قارئ.
فأصحاب او اهل الكتاب هم الذين يتواصلون فيما بينهم بشكل كبير من خلال الكتابة و القراءة. اما الاميون فهم الذين يفضلون التواصل الشفهي. و ما من شك بان هناك فرقاً كبيراً بين طريقتي التواصل. فالتواصل من خلال الكتابة و القراءة ادق و اسهلو و اشمل. اما التواصل من خلال المشافهة فمحدود و سريع الزوال التغيير.
و من اجل ذلك فإن الحضارة اي حضارة قامت على اساس وجود تواصل ما من خلال الكتابة و القراءة. في البداية تم ذلك من خلال الرسم ثم لحق بذلك التواصل من خلال الكتابة و التي كانت تنقش و تسجل في الصخور. و في مرحلة لاحقة تم الاستغناء عن الصخور من خلال استخدام لحاء الاشجار. و تم استبدال اللحاء بالجلود. و في مرحلة لاحقة تم استبدال ذلك بالورق. و لقد سهل ذلك اختراع المطابع ثم الكتابة الالكترونية.
لقد كان لكل هذه التطورات آثار كبيرة على الحياة الانسانية كلها و على وجه الخصوص على الحياة الدينية. و يتضح ذلك من حقيقة ان الله كان يرسل رسلا يوحي اليهم. و طرق الوحي كلها تقريبا شفوية حيث يفهم الله رسوله ما يريد فيعمل هذا الرسول على ايصال هذه الرسالة الى الناس من خلال المشافهة. و قد كان الاستثناء الوحيد هو ما اوحاه الله الى نبيه محمد صلى الله عليه و سلم. فقد تميز ذلك فإن الله اوحى الى نبيه كلاما محددا مختلفا عن كلام النبي و بذلك فإنه كان من الممكن كتابته. وبهذه الطريقة فإن المشافهة و الكتابة قد تتطابقان في هذه الحالة. «ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين». «فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا». «بلسان عربي مبين. فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون». لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19). وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114).
و هكذا كان القرآن مشافهة و كتابة و لا يتمتع بهذه الميزة الا هو. و هكذا كان خلال التاريخ منذ نزوله وحتى الآن. انه مكتوب و انه محفوظ بالصدور. ومع ذلك فلم يتغير و لم يتبدل فهو هو في الصدور وهو هو في الكتب. و من المؤكد ان ذلك لم يكن مصادفة و لا من اجل التحدي او ابراز العضلات و انما كان لحكمة وهو ان يكون شاهدا و حجة على الناس اجمعين. فاذ لم يكن كذلك لقال الأميون انه لا يناسبهم لانه مناسب فقط لأهل الكتاب و لو كان مشافهة فقط لقال اهل الكتاب انه لا يناسبهم و انما يناسب الأميين. و بما ان الامية لا زالت منتشرة حتى الآن فقد كان القرآن هو الكتاب الوحيد الذي يصلح لأهل الكتاب و يصلح للأميين في نفس الوقت.
و الدليل على ذلك ان اهل الكتاب كانوا مرة يصورون كتبهم على انها كتب و مرة اخرى على اساس انها مشافهة بحسب الأحوال من اجل مصالحهم. و تمكنوا من خلال ذلك ان يشتروا بآيات الله ثمنا قليلا. «وان منهم لفريقا يلوون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون». «من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو انهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم واقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا». «ويجعلون لله ما يكرهون وتصف السنتهم الكذب ان لهم الحسنى لا جرم ان لهم النار وانهم مفرطون. ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون».
و قد تمكنوا من خلال ذلك ان يحرفوه و يغيروه و يشوهوه. فالكتب المقدسة التي سبقت القرآن تعاني من هذه الازدواجية. و الدليل على ذلك انه لا توجد نسخة اصلية يمكن مقارنة النسخ الاخرى عليها. فما هو موجود في الوقت الحاضر عدد كبير من النسخ التي تعتبر اصلية و لكنها تختلف عن بعضها البعض اختلافا كبيرا. و قد استغل ذلك كل من له رأي أو هوى ان يختار النسخة التي تناسبه. و لا شك انه قد ترتب على ذلك استحالة المقارنة بين هذه الآراء بهدف معرفة الأقرب منها الى الكتاب لأنه ببساطة لا توجد نسخة موحدة يمكن الرجوع ليها.
اما القرآن فيتميز عنها بأن نسخه كلها متطابقة. ليس ذلك فقط بل انها متطابقة مع ما يحفظ في صدور مئات آلاف الحفاظ لكتاب الله المنتشرين على وجه الارض كلها. حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ (7) لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ (8). انا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5). وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين».
لقد شكل ذلك ايذانا بتغير المعرفة و العلم. فلم يعد من السهل تحريف الحقائق و استغلالها لتلبية رغبات و نزوات الشريرين من البشر. فلم يعد مقبولا من اي شخص او امة ان يخترع ما يرغب و يهوى من دين كما كان يحدث من قبل. «ان هي الا اسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى». ما يود الذين كفروا من اهل الكتاب ولا المشركين ان ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم. «واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه آباءنا اولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون. انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما».
فلم يعد من الممكن كتمان ما انزل الله كما كان يحدث من قبل. «ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون». «ان الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا اولئك ما يأكلون في بطونهم الا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم». «ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وان الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد». «كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه الا الذين اوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم». «نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وانزل التوراة والانجيل». «الم تر الى الذين يزعمون انهم آمنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد أمروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا. انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون. ولو انهم اقاموا التوراة والانجيل وما انزل اليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم منهم امة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون. واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا اولو كان اباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون.
لقد مكن تمتع القرآن بهذه الخصائص التي لا يتمتع بها أي كتاب ديني في الوقت الحاضر ان يتم تبليغه للناس كافة و بدون تمييز او تغيير او تبديل. «يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ان الله لا يهدي القوم الكافرين». «و كذلك فإن على المسلمين في الوقت الحاضر ان يفعلوا الشيء نفسه. «وهذا كتاب انزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالأخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون».« أفغير الله ابتغي حكما وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا والذين اتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين». «الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون». انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون». الر كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور بإذن ربهم الى صراط العزيز الحميد».
و في كل الاحوال فإن تبليغ و فهم القرآن يتطلب على الاقل نشر مهارات القراءة و الكتابة اي محو الامية على مستوى العالم و لكل الناس. «الاعراب اشد كفرا ونفاقا واجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله والله عليم حكيم». فنظراً لأن الاعراب لم يكونوا يكتبون و يتراءون فقد كانت قدراتهم على فهم كتاب الله صعبة. و من اجل تذليل الصعاب التي تقف امام ذلك فقد كان من الضروري نشر ثقافة و مهارات الكتابة والقراءة على الاقل.
فحتى في ظل اصرار اتباع بعض الاديان على التعصب لأديانهم حتى لو لم يكن هذا الاصرار مبررا فإن على اتباع القرآن أن يعرض عليهم الحق الموجود في القرآن. و لا يمكن ان يحدث ذلك الا في حال فهم لغتهم و ثقافتهم. و لا يمكن ان يتحقق ذلك الا في حال نشر مهارات القراءة و الكتابة في اي لغة من اللغات. «فإن كنت في شك مما انزلنا اليك فاسال الذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين. فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا انما انزل بعلم الله وان لا اله الا هو فهل انتم مسلمون. الرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ (1) رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ (4) مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9). «وما انزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون.« ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من انفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين». «وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا». وكذلك انزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون او يحدث لهم ذكرا. لقد انزلنا اليكم كتابا فيه ذكركم افلا تعقلون. وهذا ذكر مبارك انزلناه أفأنتم له منكرون».
ينبغي ان يستمر اهل القرآن بتبليغه مهما كانت الاستجابة. «ولقد انزلنا اليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين». «لقد انزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. «تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا». «قل انزله الذي يعلم السر في السماوات والارض انه كان غفورا رحيما». «وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا». «اولم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ان في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون».
لقد وعد الله اهل القرآن انه سيكون مقبولا من اهل العلم. و ما ذلك الا عندما تختفي الامية و تنتشر الكتابة و القراءة على مستوى العالم و هذا ما نلمس مؤشراته بأم اعيننا. فما علينا الا ان نعمل على جعل حق التعليم حقاً انسانياً لكل الناس. فإلى جانب المبررات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية لذلك فإن المبررات الدينية لدى اتباع القرآن تؤكد اهمية ذلك. «ويرى الذين أوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق ويهدي الى صراط العزيز الحميد». «كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب». «الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد». «واتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم من قبل ان يأتيكم العذاب بغتة وانتم لا تشعرون». «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد». «الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب».
لقد تنبأ القرآن بعصر العلم و بأهمية التعليم لكل انسان و قد صدقت نبوءته هذه. فها هي الحقائق على الارض تحتم ذلك. و لكن الاكثر اهمية من ذلك هو ان القرآن دحض الادعاء القائل بأن هناك تضادا بين العلم و الدين. فعلى العكس من ذلك فإن القرآن قد اوضح بما لا يدع اي مجال للشك بأن هناك توافقا و تكاملا بين كل من الدين الحق و العلم الحقيقي غير المزيف. لم يكتف بإثبات و توضيح ذلك نظريا بل جسده عمليا.
فالعلم الحقيقي كما هو في الوقت الحاضر يقوم على اساسين هما الملاحظة و الاختبار. فالملاحظة تعني ان اي ظاهرة تقبل للدراسة العلمية لا تبدو ان تكون قابلة للملاحظة اما من خلال الحواس الخمس و اما من خلال التجريد العقلي. و على هذا الاساس فإن اي ظاهرة غير قابلة للملاحظة على هذا النحو فهي ظاهرة وهمية غير حقيقة لا تستحق الاهتمام و الدراسة لانه لا فائدة منها.
فهذه الحواس او حتى التجريد العقلي قد يخطئان او حتى قد يتحيزان. و لذلك فإنه لضمان الالتزام بالعلم التأكد من أن الواقع يؤيد ذلك او لا يؤديه من خلال التجربة و التقييم اي اختبار ما توصلت اليه ملاحظات الحواس و التجريد العقلي. و على اساس ذلك اما ان يتم التأكد من تصوراتنا السابقة اذا نجحت في الاختبار او تغيرها اذا لم تنجح.
و لا يمكن ان يتحقق ذلك الا اذا كان عدد المتعلمين اي من يجيدون الكتابة و القراءة و المبادئ الأولية للحساب على الاقل يشمل كل الناس او على الأقل اغلبهم. فاذا ما تحقق ذلك فإنه لن يكون من السهل الكذب او التضليل او تجاهل الاخطاء و التحيز. فما يحاول ان يستغل ذلك فلن يجد من يصدقه.
و ما من شك ان القيام بهذه المهمة لا تقتصر فقط على ما يمكن ان يطلق عليهم العلماء اي الذين يملكون قدرات تعليمية تتجاوز مجرد الكتابة و القراءة و مبادئ الحساب و انما يجب ان يقوم بها و بصفة اساسية عامة الناس. فالعلماء قد يكونون متخصصين في بعض المجالات و في المجالات الاخرى فإنهم يكونون مثل غيرهم من عامة الناس الذي يكتبون و يقرؤون. وبالتالي فإنه في هذه الحالة و في هذه المجالات لا يمكن اعتبارهم علماء و ان وزن آرائهم حول هذه الموضوعات لا يزيد عن رأي عامة الناس.
هذا من ناحية و من ناحية اخرى فإن العلماء قد يخطئون او يتعصبون و بالتالي فإنهم لا يملكون العصمة حتى فيما يتخصصون فيه من العلوم. و في هذه الحالة فإن مهمة تنبيههم على ذلك تقع في المرتبة الاولى على عاتق المتخصصين امثالهم لكن ذلك قد لا يكفي و ذلك نتيجة للحسد و الغيرة التي قد تؤدي الى التعصب. و هنا فإن رأي عامة الناس حول اي اختلاف بين العلماء مهم على اعتبار انهم محايدون وقد يرجحون بعض آراء العلماء على البعض الاخر. ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا في حال كون عامة الناس على الاقل يجيدون الكتابة و القراءة و المبادئ الاولية للحساب.
اضف الى ذلك ان الناس كل الناس يتأثرون بآراء العلماء سواء تلك التي يتفقون عليها او يختلفون حولها لأن الناس ببساطة هم الذي سيتبوقون هذه الآراء او بعضها و بالتالي فإنهم المستفيدون او المتضررون بها من ثم فإنه لا بد و ان يعوا القواسم الاساسية التي تجمع او تفرق بين هذه الآراء. و لا يمكن ان يعبروا عن إرثهم الا اذا كانوا يجيدون الكتابة و القراءة والمبادئ الاساسية للعلم والحساب.
و تتضح اهمية ذلك من خلال ادراك المجالات الواسعة التي يتفق او يختلف حولها المتخصصون والناس بشكل عام. على سبيل المثال فإن ثورة المعلومات وتطور وسائل الاتصالات الحديثة وعلى وجه الخصوص الفضائيات و شبكات الانترنت وغيرها. و لا يمكن المشاركة فيها بفعالية الا من خلال القضاء على الامية بمعنها الضيق اي أمية الكتابة و القراءة و الأمية بمعناها الواسع اي امية التعامل مع وسائل التواصل الحديثة.
فبدون توفير فرص التعليم لكل الناس فإن الكرامة الانسانية ستكون ناقصة. وسيترتب على ذلك اضرار فادحة ليس لمن يتمتعون بكرامة ناقصة و انما لكل البشر. و سيتضح ذلك اكثر عندما سنناقش القضايا الكبرى التي تواجه البشر كل البشر اي الفقر و الارهاب و الفساد و التلوث.
و من المدهش ان القرآن قد تضمن هذين الاساسين للعلم و طالب الجميع التحلي بهما في كل الظروف و الاحوال. فالصدق كما جاء في القرآن هو نتيجة الملاحظة و التأكد منها. فالصدق يقابله الكذب وبالتالي فما لا يقوم على الصدق فإنه يقوم على الكذب و لا شيء اخر. قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22) وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (24) قُل لّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِي الَّذِينَ أَلْحَقْتُم بِهِ شُرَكَاء كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (28) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (29) قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ (30).
فقد جعل القرآن الفصل في الاختلاف حتى بين الأديان على اساس الصدق. و بذلك فإنه قد رفض التوافق الكاذب الذي يجمع بين المتناقضات. و كذلك فإن العلم لا يقبل المجاملة و لا الهروب من استخلاص النتائج حتى أي مبرر. انه بالعلم وفقا لهذا المفهوم يتم مواجهة الحقيقة أيا كانت.
الصدق ليس الحقيقة فقد يكون كذلك و قد لا يكون. فقد يكون الصدق خطأ و بالتالي فإنه يختلف عن الحقيقة و لكن قد يكون كل من الصدق و الحقيقة واحدا في حال عدم وجود خطاء غير مقصود. لكن الصدق هو الطريق الوحيد المضمون للوصول الى الحقيقة. فمن يخطئ فهو صادق فإنه ما يلبث ان يصحح خطأ وبالتالي يقترب من الحقيقة لكن الكذب يتنافى مع الحقيقة شكلا ومضمونا. فمن يكذب متعمدا فإنه في حقيقة الأمر يرفض الحقيقة مسبقا بغض النظر عن معرفته بها او عدم معرفته بها. فمن اظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق اذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين.
فالصدق وفقاً للقرآن هو اساس العلم و عدم توفره ينفي وجود العلم. «وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين».
و لذلك فإن القرآن قد حرم الكذب و اعتبره صفة من صفات الشيطان مهما كانت مبرراته و دواعيه و حض على الصدق مهما كانت النتائج المتوقعة منه. «ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ان شاء او يتوب عليهم ان الله كان غفورا رحيما». «ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما». «والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون. الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17) شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18). «واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أاقررتم وأخذتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين». «ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا». «وانزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم في ما أتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون. «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين». واتيناك بالحق وانا لصادقون». «وقل رب ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا».
و من أشد تمسك القرآن بالصدق ان جعله اساساً الايمان به أو عدم الايمان به. و لا يوجد دين آخر او كتاب ديني آخر اقدم على مثل هذه المغامرة. و لا شك ان ذلك لدليل على تمسك القرآن بالصدق و على خلوه من الكذب حتى لو كان صغيرا. فوجود لو كذبة واحدة كان يكفي لإسقاط القرآن. وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين». «ام يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين. «آم يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين».
فالصدق وفقا للقرآن ليس ادعاء اجوف لا يتوافق مع الواقع و انما ما يتفق مع الواقع و بذلك فإن الصدق بالقرآن يتفق مع تعريف العلم في العصر الحديث.« ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين الباس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون. «نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وانزل التوراة والانجيل». «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا».
و نظرا لثقة القرآن بنفسه فإنه لم يتردد في وصف الكتب الآخرى بالكذب في حال كونها تحتوي على ذلك. «وآمنوا بما انزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا اول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون. «ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين. «واذا قيل لهم آمنوا بما انزل الله قالوا نؤمن بما انزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون انبياء الله من قبل ان كنتم مؤمنين».
بل إن القرآن تحدى معاريضه ان يكونوا صادقين لو مرة واحدة قبل ان يعترضوا على القرآن. قل ان كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين». «ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين اوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون». «وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين. «كل الطعام كان حلا لبني اسرائيل الا ما حرم اسرائيل على نفسه من قبل ان تنزل التوراة قل فاتوا بالتوراة فاتلوها ان كنتم صادقين». «الذين قالوا ان الله عهد الينا الا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين». «ان الذين تدعون من دون الله عباد امثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين». «لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الالباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون».« امن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والارض اإله مع الله قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين». «قل فأتوا بكتاب من عند الله هو اهدى منهما اتبعه ان كنتم صادقين». «قل أرأيتم ما تدعون من دون الله اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا او أثارة من علم ان كنتم صادقين». «قل يا أيها الذين هادوا ان زعمتم انكم اولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين» «فلا صدق ولا صلى».
اذن الصدق هو الذي يحافظ على كرامة الانسان لأنه يؤدي الى إعطاء كل ذي فضل فضله. الصدق هو الذي يطور العلم و بالتالي يحسن من مستوى معيشة الانسان. لكن الصدق لا يمكن ان يتحقق الا اذا تمسك به كل الناس او على الاقل غالبيتهم. ولا يمكن ان يتحقق إلا إن تعلم الانسان. فالحق بالتعليم هو مفتاح الحياة الكريمة لكل البشر.
لا يوجد ادنى شك حول تاكيد القرآن على التعليم بشكل عام التعليم الذي يعني في حده الادنى القدرة على الكتابة و القراءة و المبادئ الاساسية للحساب و ربط ذلك بفهم الدين الحق و كذلك بكرامة الانسان كانسان.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ (23) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25). إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ (56).
في هذه الآيات يحث القرآن المؤمنين على استخدام وسائل التعلم الاساسية و هي السمع و البصر و العقل. فمن يتجاهلها فهو والحيوانات سواء بل انه وفقا لهذه الايات اسوأ فهو الحيوانات فبعضها لديه قدرات عالية من الذكاء و هي فعلا تستخدمها. فقط ذلك النوع من الحيوانات التي لا تمتلك مثل هذه القدرات و في هذه الحالة فإنه لا ينبغي لومها فهي في حقيقة الامر لا تستطيع فعل ذلك. لكن من يملك هذه القدرات و لا يستخدمها فانها في هذه الحالة يعتبر شر الدواب لأنه ببساطة كان بإمكانه ان تفعل ذلك و يكون حالها افضل. لكن اهمالها هو الذي جعلها تعيش في وضع سيىء للغاية.
فمن لا يقبل ان يستخدم ما اعطاه الله من قدرات فلا يحق له ان يطلب من الله قدرات اخرى. فالنتيجة المنطقية لذلك هي انه سيهملها كما اهمل ما لديه من قدرات. و لذلك فإن الله تعالى يقول لو اسمعهم الله بطريقته لانه على كل شيء قدير فانهم لن يستفيدون من ذلك. مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20). «ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون. وحسبوا الا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون». «والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم. ومنهم من يستمعون اليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون».
فمن لا يرغب في الاستفادة بما وهب الله الانسان من قدرات جسدية و عقلية مثل السمع و البصر و البصائر فانه لا يمكن ان يستفيد من اي شيء الاخر. و لا شك ان الاستفادة من هذه القدرات لا يمكن ان يتحقق الا من خلال استخدامها فعلا. و في هذه الحالة فإن استخدامها سيقود حتما الى تعلم على الاقل المهارات الاساسية للكتابة و القراءة و مبادئ الحساب. و الدليل على ذلك ان هذه القدرات مصممة لتعلم هذه القدرات. فمهما كان ذكاء الانسان متدنياً فان الانسان الطبيعي يستطيع ان يلم بمثل هذه المهارات.
هذا من ناحية و من ناحية اخرى فان استخدام هذه القدرات باي شكل من الاشكال سيقود الانسان الى ادراك اهمية مثل هذه القدرات. و الدليل على ذلك ان الانسان هو الذي اخترع الكتابة والوسائل المرتبطة بها. و لم يتم ذلك من خلال الوحي و انما من خلال الحاجة و البحث عن تلبيتها. فهذه المهارات لا علاقة لها بالدين مباشرة و انما هي مرتبطة بالإنسان ذاته.
و قد وضح القرآن ذلك بشكل كبير. مثل الفريقين كالأعمى والاصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا افلا تذكرون. قل انما انذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء اذا ما ينذرون. والذين اذا ذكروا بايات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا. أفأنت تسمع الصم او تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين.
فهؤلاء المخاطبون لم يكونوا صما و لا عميا و بكما و الا لما وبخوا بهذه الطريقة لانهم لم يتسببوا بذلك. و انما كانوا فعلا اصحاء اي انه قد كان لهم عيون و اذان و عقول و لكنهم تصرفوا مثل تصرف من حرم منها. ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها اولئك كالأنعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون. في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون. وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون. واذ اخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به ايمانكم ان كنتم مؤمنين. «وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله او تأتينا اية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الايات لقوم يوقنون». فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بايات الله وقتلهم الانبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا. فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين.
فاذا كان الامر على هذا النحو فلم لم ينتشر التعليم في العالم العربي و الاسلامي؟
لا شك ان ذلك سؤال مهم. فالإحصائيات المتوفرة تشير و بوضوح كبير الى ان الدول العربية و الاسلامية تعد من الدول التي تعاني من نسب مرتفعة من الامية الحرفي اي امية الكتابة و القراءة. و الاكثر اهمية من ذلك ان مساهمة الدول العربية في الاختراعات و الانتاج العلمي من اي نوع يكاد يقترب من الصفر. في حين ان الامم الاخرى قد تخلصت من الامية الحرفية منذ قرون مضت و يتمتع غالبية سكانه بقدرات كبيرة على التعامل مع وسائل الاتصال الحديث.
و من الملفت لانتباه ان القرآن قد اجاب على هذا السؤال بشكل واف. فمن حيث المبدا فإن اي امة ينتشر فيها الكذب فانها لا محالة تحارب العلم حتى لو بأبسط مكوناته. يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا امنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم اخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون ان اوتيتم هذا فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا اولئك الذين لم يرد الله ان يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم.
فالبشر الذين صفاتهم هذه لا يمكن ان يقبلوا على العلم بل انهم لا يمكن ان يتسامحوا من المتعلمين. ذلك انهم يحاربون العلم من حيث المبدئ و لا يقبلون بنتائجه لانها ستفضحهم. ومن اجل ذلك فانهم يشيعون الكذب بحيث يصبح واقعا ملموسا غير مستغرب من احد. و في نفس الوقت فإنهم يسعون بكل جد و اجتهاد الى تشويه اي معلم من معالم الصدق وبالتالي يقضون على اي محاولة للصدق و العلم.
و مع الوقت فانهم قد ينجحون في تجهيل المجتمع بحيث بكون افراده اقرب ما يكونون الى القطيع منهم الى البشر. ومنهم من يستمع اليك وجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه وفي اذانهم وقرا وان يروا كل اية لا يؤمنوا بها حتى اذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا ان هذا الا اساطير الاولين. قل ارايتم ان اخذ الله سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم من اله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الايات ثم هم يصدفون. اولم يهد للذين يرثون الارض من بعد اهلها ان لو نشاء اصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون.
و وفقا للقرآن فإن الامة العربية و الاسلامية ليست محصنة من ذلك. هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا وما يذكر الا اولوا الالباب. «ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب. أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16).
من الواضح ان الامة العربية و الاسلامية في الوقت الحاضر ينطبق عليها ما ورد في هذه الايات. و بالتالي فإن ذلك يفسر ما تعنيه من فقر في التعلم و من غياب لكرامة الانسان اي انسان. و لقد ترتب على ذلك معاناتها من العديد من المشاكل الكبيرة مثل الفقر و الارهاب و الفساد و التلوث. اولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم واولئك هم الغافلون». «وجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه وفي اذانهم وقرا واذا ذكرت ربك في القران وحده ولوا على ادبارهم نفورا».
ان اعادة الاعتبار للصدق و بالتالي للتعلم و العلم هو متطلب ضروري لخروجها من النفق المظلم الذي وضعت نفسها فيه. اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24).
ان الطريق الاسهل و الاسرع لتحقيق ذلك هو العودة الى القرآن. انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.