بعد (11) عاماً من ويلات الاعتقال في سجن جوانتنامو يبدو أن الإدارة الأمريكية بدأت ترى في الجانب اليمني شريكاً يعتمد عليه من أجل الإفراج عن المعتقلين اليمنيين وإعادتهم إلى بلادهم. وهي خطوة ترددت الإدارات الأمريكية في عهد كلٍ من بوش الابن وأوباما عن اتخاذها سابقاً بسبب المخاوف من عدم قدرة الحكومة اليمنية السابقة على استيعاب المفرج عنهم والقيام بعملية التأهيل اللازمة بما يضمن طمأنة المخاوف الأمريكية من عدم عودة المفرج عنهم لممارسة أعمال عدائية تجاه الولاياتالمتحدة. فخلال الفترة من 2004- 2011م قامت السلطات الأمريكية بإطلاق المئات من معتقلي جوانتنامو, بينهم 22معتقلاً يمنياً فقط على الرغم من أن المعتقلين اليمنيين كانوا يشكلون واحدة من أكثر الجنسيات المتواجدة في سجن جوانتنامو، حيث أعلنت الحكومات اليمنية السابقة في يوليو 2009 أسماء (102) معتقل لها في جوانتنامو، في حين كان عدد الأسرى بحدود ثمانمائة معتقل من مختلف دول العالم، تم إطلاقهم على دفعات جماعية بالعشرات باستثناء المعتقلين اليمنيين الذين أُطلق سراحهم على فترات متباعدة وفي مجموعات لم يتجاوز أكبر عدد أفرادها ستة أشخاص. أداء الحكومات اليمنية السابقة خلال الفترة الماضية كان يمثل واحدة من أهم ذرائع السلطات الأمريكية للإبقاء على اليمنيين داخل سجن جوانتنامو، حيث وصف تقرير قدمه ثلاثة من الخبراء المختصين بقضايا الاعتقال والترحيل في منتصف يونيو العام الماضي إلى اللجنة الفرعية لشئون الدفاع والتحقيق بمجلس النواب الأمريكي موقف الحكومة اليمنية من مواطنيها المعتقلين في جوانتنامو بالقول: (الحكومات اليمنية السابقة نادرًا ما يكون لها مواقف ثابتة حيال العودة إلى الوطن وتتصرف بطريقة مضطربة في ما يتعلق بقضايا بالمعتقلين). وهو حديث تصادق عليه الكثير من الوقائع حول تعامل الحكومة مع ملف اليمنيين المعتقلين في جوانتنامو، فالحكومات السابقة لم تكلف نفسها حتى عناء تكليف محامين للدفاع عن اليمنيين المعتقلين أمام المحاكم الأمريكية، خصوصاً إذا ما علمنا أن لجنة متابعة إدارية عسكرية كانت قد برأت (58) سجيناً يمنياً في العام 2008 بحسب ما ورد من تصريحات للمحامي عبد الرحمن برمان عن منظمة هود في سبتمبر الماضي، على خلفية وفاة تم التشكيك بطبيعتها لأحد المعتقلين اليمنيين في جوانتنامو والتي تعد الثالثة من نوعها لمعتقلين يمنيين يرفض أهاليهم التسليم بانتحارهم، إلا أن إطلاق السراح لم يُنفذ، ولم تحاول السلطات الرسمية في اليمن الاستفادة منه، كما أن الحكومة اليمنية السابقة لم تحاول الاستفادة من الموقف الضعيف للسلطات الأمريكية أمام القضاء في الولاياتالمتحدة والذي دفع الحكومة الأمريكية إلى إطلاق سراح الكثير من المعتقلين دون المثول أمام المحاكم. ويقتصر على محامين متطوعين للدفاع عن المعتقلين اليمنيين، فيما يتساءل أهالي المعتقلين عما إذا كان هناك مسئول يمني على أي مستوى من المستويات قد قام بزيارة المعتقلين في جوانتنامو للاطمئنان عليهم، ويضيف أهالي المعتقلين أن المساعي الوحيدة الموجودة لطمأنتهم على أهاليهم المحتجزين في جوانتنامو تقوم بها منظمات إنسانية وحقوقية ولا يوجد للحكومة اليمنية ضلع فيها. ويبدو أن الأخبار المتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين تشير إلى تغيُر مسار تعاطي الحكومة الأمريكية مع المعتقلين في ظل وجود حكومة جديدة في اليمن، فقد كشفت السلطات الأسبوع الماضي في سابقة هي الأولى من نوعها أسماء (55) معتقلاً يمنياً سيتم الإفراج عنهم من جوانتنامو. بينما نشرت صحيفة عكاظ السعودية الإثنين الماضي خبراً أشارت فيه إلى أن عدد اليمنيين المتبقين في سجن جوانتنامو يبلغ أكثر(80) معتقلاً وهو رقم يمثل النسبة الأعلى لسجناء جوانتنامو الذين تبقى منهم (167) معتقلا، إلا أن هناك الكثير من التضارب بين الأرقام التي كانت قد أعلنت عنها اليمن في العام (2009) والتي نشرت خلالها أسماء (102) معتقل يمني في جوانتنامو وبين الأرقام التي تتداولها وسائل الإعلام بين الزيادة والنقص، وهي مسألة أصدر بشأنها رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة قراراً بتشكيل لجنة حكومية لمعرفة أحوال السجناء اليمنيين بالخارج والتي أنشئت بدورها سكرتارية متخصصة لمعرفة أوضاع وأعداد السجناء اليمنيين بالخارج بما في ذلك جوانتنامو. أرقام المعتقلين اليمنيين في جوانتنامو قد تشهد على العموم تناقصاً سريعاً في ظل تنامي الثقة بين الحكومتين اليمنيةوالأمريكية، والذي يأتي في الوقت الذي طالب فيه رئيس الجمهورية عبده ربه منصور هادي بإطلاق سراح المعتقلين اليمنيين في جوانتنامو وتعهداته بأن يتم إعادة تأهيلهم من أجل الكف عن ممارسة التطرف، وتكفل الحكومة اليمنية ببناء إصلاحية خاصة بهم، وهو موقف لطالما حلم به أهالي المعتقلين وتمنوا أن يجد آذاناً صاغية لدى الجانب الأمريكي في إطار التعاطي مع اليمن كشريك فاعل في حملة التصدي للإرهاب.