صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    وكالة دولية: الزنداني رفض إدانة كل عمل إجرامي قام به تنظيم القاعدة    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ما لا تعرفونه عن عبدالملك الحوثي    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشر سنوات في بطن الوحش.. رسائل بخط معتقلين يمنيين بغوانتنامو ومقابلة مثيرة مع محاميهم (فيديو)
نشر في المصدر يوم 03 - 06 - 2013

يغيب عن المتابعين والناشطين ما يدور في أشد المعتقلات وأكثرها سرية وتعتيماً.. كيف يُرى نزلاء معتقل غوانتنامو؟ وما الذي يدور فيه من غياب قسري شبه تام عن الفضاء العام؟

المعتقل اليمني الراحل عدنان عبداللطيف؛ الذي كان حضوره خاصاً واستثنائياً (كماء جاء في حديث محاميه ديفيد ريميس)، يحاول التغلب على وحشة أكثر من عشر سنوات في السجن بدون توجيه أي تهمة محددة، ناهيك عن إجراء أي محاكمة فعّالة.

المحامي الأمريكي ديفيد ريميس يتولّى الآن تمثيل 13 معتقلاً يمنياً، ويقوم بذلك بجهد طوعي وخاص، ولا يكتفي ريميس بقضية الدفاع عن موكليه أمام الجهات الأمريكية فقط، ولكنه يتواصل مع أهالي المعتقلين ويكافح كثيراً لحض الحكومة اليمنية على متابعة قضايا معتقليها بإيمان وقناعة حقيقيين بواجبه الإنساني.

وفي محاولاته هذه لم يجد موقفاً إيجابياً محدداً من الحكومة الأمريكية خاصة وأن الأخيرة حاولت وبشكل حثيث منع التوصل إلى حل نهائي بالذات في ما يخص المعتقلين اليمنيين.

وقد أبدت الحكومة اليمنية مؤخراً اهتماماً بالموضوع وحررت -على ما يبدو- طلباً رسمياً بترحيل معتقليها إليها، ولكن لم تتضح بعد أي إجراءات إضافية من الجانبين اليمني والأمريكي حول وماذا بعد.

يقع سجن غوانتنامو في خليج كوبا وهو خارج سلطات القوانين الامريكية
في مقابلتي مع المحامي ديفيد ريميس، يشرح لي ما يدور في هذا المعتقل الذي يقع في منطقة لا تخضع لقوانين وأنظمة الحكومة الأمريكية حتى لا يتمتع المعتقلون فيه بأي حقوق يحصل عليها غيرهم، ويسلط المحامي الضوء على جوانب موحشة مما يتعرض له المعتقلون. كما حصلت من المحامي على بعض الرسائل الخطية من معتقليه اليمنيين بخط أيديهم تشرح معاناتهم وأوضاعهم.

ولعل الكثيرين لا يعلمون بأن هذا هو الشهر الثالث الذي يُضرب فيه معظم المعتقلين عن الطعام. الاحتمالات كبيرة أن يموت البعض إن لم يتم إطلاق سراحهم.

ومع أن الرئيس أوباما صرح في 23 مايو الفائت برفع الحظر الاختياري عن نقل المعتقلين إلى اليمن إلا أن الخطوات اللازمة لهذا النقل لا تزال مجهولة، ومن غير الواضح ما إذا كان سيتم إلحاق المعتقلين في برنامج تأهيلي، وما إذا كان المعتقلون قادرين على الاندماج من جديد في المجتمع اليمني.

يواصل المعتقلون في غوانتنامو إضرابهم للشهر الثالث على التوالي واحتمالات وفاة بعضهم كبيرة
وجاء التغيير بعد إضراب أغلبية المعتقلين عن الطعام لمدة 3 أشهر، وفي الوقت نفسه، قامت عدد من المنظمات الأمريكية بتنظيم أكثر من 10 احتجاجات في الشهر الماضي وحده، ناهيك عن أن عدداً من النشطاء قرروا الصوم لمساندة إضراب المعتقلين عن الطعام، ووقع آخر احتجاج أمام البيت الأبيض في 17 مايو، حيث شارك عدد من النشطاء والمنظمات من خلال عقد لافتات وارتداء بدلات السجن البرتقالية. ومن أبرز المنظمات المشاركة: «كود بينك»، و«ائتلاف الجواب»، و«شاهد ضد التعذيب»، و«الأميركيون ضد التعذيب» وغيرها من المنظمات الناشطة.

في عام 2009، وعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإغلاق سجن غوانتانامو، الآن وفي عام 2013، لا يزال المعتقل مفتوحاً.

في 5 يناير 2010، علق أوباما عودة المعتقلين اليمنيين إلى اليمن، وفي 28 يناير من هذا العام، تم تعيين المبعوث الخاص بإغلاق غوانتانامو، دانيال فرايد، بمهمة أخرى ولم يتم تعيين أي بديل، وبالتالي، تم إهمال «برنامج إغلاق المعتقل».

حاليا في غوانتانامو 166 محتجزاً، تمت الموافقة لإخلاء سبيل 87 من المعتقلين 58 منهم يمنيون.

وبحسب استطلاع أمريكي قامت به «يوجوف»، فإن 56٪ من الأمريكيين اعترضوا على إجبارهم على تناول الطعام، وفي أبريل الماضي أعرب الرئيس أوباما مجدداً عن نيته إغلاق المعتقل.

في الشهر الماضي قررت الإدارة الامريكي رفع الحظر على نقل المعتقلين اليمنيين إلى بلادهم
في 23 مايو، قررت الإدارة الأمريكية رفع الحظر عن نقل المعتقلين اليمنيين إلى اليمن، ومع ذلك، فإن العملية لا تزال غير واضحة.

ورداً على تساؤلي عن إمكانية الإفراج عن معتقلي غوانتانامو قريباً، أجاب ريمز بإحباط «حتى نكون واقعيين.. ما بين سياسة الرئيس أوباما وقيود الكونجرس فإننا لن نصل إلى حل قريباً».

ديفيد ريمز هو محامي المعتقل اليمني عدنان عبد اللطيف الذي تُوفي في غوانتانامو في الثامن من سبتمبر عام 2012، وهو وكيل المعتقلين اليمنيين ال«13»:
- المعتقل 27 - عثمان عثمان
- المعتقل 31 - محمود المجاهد
- المعتقل 37 - عبدالملك عبدالوهاب
- المعتقل 41 - ماجد أحمد
- المعتقل 117 - مختار الورافي
- المعتقل 165 - عادل سعيد البسيس
- المعتقل 255 - سعيد حاتم
- المعتقل 508 - سلمان ربيع
- المعتقل 509 - محمد خسرف
- المعتقل 522 - ياسين اسماعيل
- المعتقل 1015 - حسين المرفدي
- المعتقل 1456 - حسن بن عطاش
- المعتقل 1463 - عبدالسلام الحيلة

• كيف يبدو معتقل غوانتانامو؟ وكيف تغيّر منذ أن قلّ عدد المعتقلين؟
- منطقة غوانتانامو كلها عبارة عن أرض قاحلة إلا عندما تهطل الأمطار، حينها تتحول إلى أرض خضراء لفترة وجيزة، وهي منطقة ترابية وتنتشر فيها نبات الصبّار. فيها تلال، ومن وجهة النظر الأمريكية فإنها تشبه منطقة التلال في ولاية تكساس. عندما تقود السيارة باتجاه المعسكر يجب المرور من نقطة تفتيش حيث يحمل الجنود بنادق آلية. هناك معسكر كبير على اليمين استخدم في السابق لحجز السجناء عندما كان المئات منهم "حوالي خمسمائة إلى ستمائة" تم نقلهم إلى سجن آخر ذي حراسة مشددة بعد أن تضاءل عددهم، اتبعت أكثر نماذج السجون الأمريكية فعالية بقصد العزل التام، لكن الإدارة سمحت للمعتقلين بالاختلاط فيما بينهم؛ لأن ذلك يخفف الضغط قليلاً. لن أصف بالضرورة التفاصيل الداخلية لهذه المنشأة، إنما أود أن أعطيكم لمحة جغرافية: تماماً بجوار المخيم 6، هنالك المخيم 5 يوجد فيه المضربون عن الطعام، ويوجد هناك الرجال الذين أدينوا بواسطة المجالس العسكرية، وكذلك هناك الرجال الذين تتم معاقبتهم، وهناك مخيم 7 والذي لا يُفترض أن يعلم به أحد نظراً لاحتوائه على أهم المعتقلين؛ مثل المعتقلين على ذمة أحداث 11 سبتمبر؛ وعلى مقربة منه، يوجد مستشفى، ولكن ما يجب أخذه في الاعتبار على طول الطريق، وفي اليسار، يوجد هناك سجن ضخم ذو حماية قصوى يشبه نظيره في منطقة فلورنس في ولاية كولورادو، وفي الناحية الأخرى لا يُوجد شيء يستحق الذكر سوى مجموعة أكواخ رُتّبت بشكل مربّع، والتي يقابل فيها المعتقلون محاميهم.

• معظم المعتقلين مضربون عن الطعام منذ شهر مارس، حالياً يجري تغذية ثلاثة وعشرين منهم بالقوّة، حدثنا عن هذا الإضراب؟
- كنت أتوقع الأسوأ ولا يزال الرجال مضربين عن الطعام منذ ثلاثة أشهر. اثنان من موكلي مجبرون على تناول الطعام بالقوّة.

• تقصد من اليمنيين؟
- نعم، فالمرغمون على الطعام لديهم طاقة وتركيز؛ لأنهم مرغمون على الطعام، وبرغم ذلك فقد نقص وزنهم 40 إلى 50 رطلاً، أحدهم لم يشرب الماء بشكل طوعي. وموكلي المعتقلون اليمنيون الذين قابلتهم كانوا منهكين، ولم يعودوا يستطيعون التركيز بشكل كافٍ.

موكلي المعتقلون اليمنيون الذين قابلتهم كانوا منهكين.. ولم يعودوا يستطيعون التركيز بشكل كافٍ
• نواصل الحديث عن الإضراب.
- لقد ارتفعت المطالبات من مجرد مطالبة السلطات بعدم تفتيش القرآن الكريم، وكان هذا المطلب الأساسي.. الآن الإضراب هو رفض عام للاعتقال بدون توجيه تهم محددة، الأمر الذي مضى عليه 12 عاماً بدون أي حل في الأفق. لقد جعلوا معتقل غوانتانامو قضية مرّة أخرى؛ أو بتعبير أدق القادة العسكريون جعلوا المعتقل قضية مرّة أخرى. السبب هو عدم تحدثهم مع المعتقلين على الإطلاق، لن يتحدثوا مع المعتقلين حتى ينهوا إضرابهم عن الطعام, والمعتقلون لن ينهوا إضرابهم حتى تتواصل معهم قيادة المعتقل العسكرية، وهم الآن في حالة مواجهة. القيادة الحالية تستعرض عضلاتها، ولن تتراجع أولا... ومن المفارقة أنه كان بإمكانهم حل الموضوع في 3 أو 4 أيام أن جلسوا للحوار مع المعتقلين لحل قضية تفتيش القرآن. بدلاً من ذلك، وقفوا بصلادة وتعنتوا. الآن أمامهم موقف بحيث تصعب العودة إلى الوضع الذي كان عليه قبل الإضراب.

• هل الإضراب عن الطعام لا يزال مستمراً حتى الوقت الحالي؟
- نعم، الإضراب عن الطعام لا يزال مستمراً. وفقاً للمصادر العسكرية، فإن هناك 100 مضرب. نحن -المحامين- نعتقد بأن هذا الرقم أقلّ من الواقع، وأقدّر الرقم ما بين 120 و130، ولكن في هذه اللحظة، ولأن الأرقام متقاربة، ليس من الضروري الاختلاف حول ما إذا كان الرقم 103 أو 107 هذا إضراب عام، وأطول إضراب في تاريخ غوانتانامو وأكثرها جدّية.

• كيف سينتهي الإضراب؟
- قد لا ينتهي الإضراب قبل أن يتوفى بعض الرجال، بصراحة لا بُد من نهاية له، ولكن لا أعلم كيف.

يُعد أطول إضراب في تاريخ غوانتانامو وقد لا ينتهي إلا بعد وفاة بعض الرجال
• أخبرنا عن أسوأ تجربة عشتها في غوانتانامو؟
- ربّما كانت رؤيتي لعدنان، وقد بدا لي كهيكل عظمي يرتجف على الكرسي، حيث كان بانتظار زيارتنا. كان المنظر غير معقول. فقد كانت حالة عدنان هي الأسوأ.

• حدثنا عن عدنان؟
- عدنان كانت له شخصية معينة عندما كان بين أخوته، وشخصية ثانية يتعامل بها مع السجانين، وفي الحبس الانفرادي، الذي شوش وأثر عليه أكثر من أي شيء آخر. عادة كان أخوته يرعونه، وبالمقابل كان هو يرعاهم، لكنه لم يستطع طاعة السلطات. ولذلك لم يضع أي فرصة لتعقيد الأمور على الضباط والإدارة، ولم يعرفوا كيفية التعامل معه. وكانوا يسألون المعتقلين الآخرين عن أفضل وسيلة للتعامل مع عدنان. لقد كان رجلاَ لطيفاَ؛ إذا وثق بك. كان شاعراً عظيماً، وكان يكتب بطريقة رائعة. لقد كان بليغاَ، ولكنه في أوقات كثيرة كان في حالة يأس تام. لا اعتقد بأن أي مُوكل آخر لي وصل إلى تلك المرحلة. نعم، كانوا غاضبين، كانوا محبطين، كانوا نافدي الصبر، وفي بعض الأوقات كانوا مكتئبين، ولكن لم يصلوا إلى حال عدنان باليأس.

• هل تريد أن تبوح لنا بقصة معينة؟
- في مايو 2009، قمت بزيارة عدنان وتبادلنا الحديث التقليدي. كان مترجمي إلى يساري، وكُنت جالساً هنا، وقفص المعتقلين على يساري أيضا. وجلس عدنان مقابلي، حيث أنت جالس، وأنا جلست هنا، كان لقاؤنا عادياً. أحضرت معي طعاماً. وأحيانا إحضار الطعام هو الشيء الوحيد الذي أستطيع فعله، إعطاؤهم طعاماً يليق بالبشر بدلاً عن بقايا الطعام التي تقدّم في السجن. وبالتالي كانت أوعية الطعام في متناول اليد، أوعية بلاستيكية. إذن كُنّا نتحدث، وفي نقطة معينة لاحظت أن عدنان يحرك يديه تحت الطاولة، واعتقدت بأنه يكتب على قطعة من الورق، فاستمررنا بالحديث، ومن ثم دخل في جدال معي عن معتقل معيّن، ما إذا كان لا يزال في المخيّم أو تم نقله، وكان يجادلني وأجادله. ثم قال: أريد أن أعطيك شيئاً لتتذكرني به، وأمسك بإحدى العُلب التي أحضرتها، وكانت مملوءة بالدم، وقذفني بها. ما حدث هو أنه كسر قطعة من القشرة الخارجية للطاولة؛ يُطلق عليه اسم آخر، لا أستطيع تذكره الآن.

أثناء حديثي مع عدنان عبداللطيف جرح يده بقشرة الطاولة ثم ملأ علبة الأكل بالدم وقذفني بها في محاولة للتعبير عن سخطه
المهم أنه أخذ قطعة من أسفل الطاولة وجرح بها معصمه، وترك الدم ينسكب في العلبة. كانت هذه هي الطريقة التي استخدمها. لو حصل لي هذا الشيء من سجين آخر أو موكل آخر لكنت قد ذُهلت، لكن في حالة عدنان ذهلت وشعرت بالحُزن. وقفت آنذاك، أقول له: لماذا فعلت ذلك؟ لماذا فعلت ذلك؟ وأجابني عدنان، لم يكن هذا ضدك، ليس ضدك. كنت ملطخاً بالدّم من أعلى رأسي حتى أسفل ركبتيّ. اضطررت أن أذهب إلى السوق المركزي، والذي هو عبارة عن مخزن لكافة الأغراض واشتريت قميصاً وبنطالاً جديداً. ولعدة أشهر وربما لأكثر من سنة كنت أمشي مرتدياً حذائي المبقّع بدم عدنان. وكلما أنظر إلى قدمي، أتذكّره. ومن ذلك الحين وصاعداً, اتخذ المعتقل احتياطات أمنية خاصة كلما كُنت أقوم بزيارة عدنان. إنه لشيء مضحك، ففي حين أن إدارة السجن كانت تعتبر السجناء دون البشرية وتتعامل معهم بطريقة غير إنسانية، ومن ناحية أخرى تعتقد بأنهم خارقون، حيث يجب تقييدهم، وإلى التعامل معهم بوجود عددٍ من الحرس، ومراقبتهم عن كثب. لم تكن لعدنان خصوصية؛ وهذه من الأشياء التي جعلته يائساً وتعيساً.

• ما هي الرسالة التي كان يحاول عدنان إرسالها؟
-ذكر مترجمي أنه عندما قام عدنان بذلك الفعل كانت لديه نظره غريبة في عينيه، وكأنه لم يكن نفسه. لا أعرف ما دفعه لفعل ذلك. كان دائماً يقوم بإيماءات للتعبير عن يأسه. على الأرجح، كانت الحادثة (قذف العلبة المملوءة بالدم) إحدى هذه الإيماءات.

• هل أنت على اتصال مع أسرة عدنان؟
- كُنا نتواصل مع أسرته تقريباً كل أسبوعين. فنحن الذين أخبرناهم بأن عدنان قد تُوفي. فالحكومة الأمريكية لم تقم بذلك، ولا الحكومة اليمنية، وكذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر. فقمنا –نحن المحامين- بذلك، واتصلنا بهم. كان محمد (شقيق عدنان)، الذي تكلمت معه، في حالة صدمة، وعندما كان والد عدنان معي على الخط، عليك أن تتخيل ناراً تنطلق من فمه، 30 إلى 40 قدماً. كان في حالة لا أستطيع وصفها، ولم يكن ذلك مفاجئاً. أعتقد بأن عدنان، بالإضافة إلى كونه أحد أبنائه، كان الفرد المفضل في العائلة. وسألنا عن ابن عدنان، كيف كان ردة فعله؟ كانت بأنه صرخ: أبي! أريد أن أرى أبي، ولكن لم يكن له ذلك.

• قدرت إحصائية لعام 2011 بأن 28٪ من معتقلي غوانتانامو المفرج عنهم عادوا إلى الإرهاب؟
- للأسف، هذه دعاية البنتاغون، وأصبحت ثابتة. لا يذكرون من هم ال28٪ فقد طلبنا لعدة سنوات قائمة بأسمائهم. كيف يمكننا أن نصدقهم حين يرفضون البوح بمن تم تحديدهم؟ ثانياً، الوكالات المسؤولة عن جمع هذه المعلومات لا تستخدم مجموعة معايير متسقة لتحديد من ينتمي لهذه الفئة.

• لماذا لا تبالي الحكومة الأمريكية بقضية غوانتانامو؟
- هناك 166 رجلاً في غوانتانامو؛ منهم 157 معتقلاً لم توجّه لهم أية تهمة، من قبل حكومة الرئيس أوباما. من وجهة نظر الإدارة، من الجبل الذي فوق الغيوم، في السماء، ما هي المائة وستة وستون معتقلاً مقارنة بقضية إصلاح نظام الهجرة؟ أو السيطرة على السلاح، أو إصلاح التعليم. ليست قضية ذا أهمية محلية. إنها قضية مهمة عندما يتعلق الأمر بالمبادئ. ولكن من حيث السياسة العملية، تعتبر قضية غوانتانامو ليست إلا لدغة لحشرة على ظهر الإبل.

لمشاهدة المقابلة المصورة كاملة مع المحامي الامريكي:

رسائل وملاحظات بخط يد معتقلين يمنيين في غوانتنامو تشرح كثيراً مما تعرضوا له خلال اعتقالهم وتوقهم إلى الحرية، كما تشرح بعض الأحداث التي تعرضوا لها، بما فيها قضية إضرابهم عن العمل وسوء معاملتهم.
رسالة بخط المعتقل الراحل عدنان عبداللطيف (معتقل رقم 156)

رسائل بخط المعتقل عبدالملك عبدالوهاب (معتقل رقم 37):

رسائل بخط المعتقل عبدالسلام الحيلة (معتقل رقم 1463)

* سماء الهمداني: باحثة ومدونة يمنية مقيمة في الولايات المتحدة (www.yemeniaty.com).
يمنع إعادة نشر المادة دون إذن مسبق من المصدر أونلاين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.