في بلادنا يطغى العنف السياسي على الثقافة الإنسانية وينعكس تماما عليها _ بالطبع_ لأنها باتت ملح الحياة كما يقول البعض، فالرئيس ،الوزير ،الموظف ،الطالب و العامل البسيط ..الكل يتحدث عن وفي السياسة ،الكل يشجب يندد ويفضح ،إنه سقف الحرية _المخروم_ والذي نشهده هذه الفترة بوضوح و الذي يبيح لكل فرد من أفراد المجتمع كيل التهم و الطعن في بعضهم البعض حتى يجعلني ذلك أتساءل: متى يأكلون بعضهم ويتخلصون من هذا الشد النفسي في عقولهم وقلوبهم ! .. الحرية .. هذه المفردة الثمينة والغائبة في مجتمعنا العربي والتي يساء كثيرا فهمها واستخدامها من قبل هذا المجتمع إن أتيحت قليلا بما يتعارض من قدسيتها التي منحها إياها الله بما يحقق مفهوم التخيير والإنسانية و التكريم للعقل البشري القادر على الاختيار وأحقيته في التعبير والتجريب.. هذه المفردة التي وعلى مر العصور ضحى الناس بكل ما يملكون من أجل الحصول عليها وسيادتها لكن حينما تقترب لا يفكر الناس إلا بكيف يصرخون في وجوه بعضهم .مما يحملنا على أن تستفهم ..أعزائي اليمنيون .. هل تستحقونها فعلا ؟ أم أننا أمة يجب أن تقاد من قبل دكتاتور مستنير على حد قول سارتر حتى آخر نفس لنتقدم ونتطور ،فاشلون في قيادة أنفسنا والعمل بسلام جنبا إلى جنب لتحقيق أحلامنا وبناء المستقبل .. في الفترة السابقة شهدنا الكثير من الحوادث المريعة التي كان الجاني منها والمجني عليه فردا في العائلة .. تعنيف ..طلاق وقد وصل الأمر فعلا في بعض الحالات إلى القتل .. لا بل سادت ثقافة العنف السياسي وما عكسته من توتر وقلق في ثقافة البيت والمدرسة والشارع مما يجعلنا نتساءل: ما مستقبل هذا الجيل الجديد الذي كبر على مفردات ك خائن ،عميل،فضيحة، قاتل ، سارق ،منافق ،فاسد أكثر من مفردات منتجة ومتسامحة كتعاون ،محبة ،تسامح ،تكاتف ،أخوة ،صدق ،أمانة .. على السياسة أن تنعكس على أفراد المجتمع حتى في عواطفهم تجاه بعضهم و تتجذر في قيمهم الإنسانية كأنما وجدت السياسة تشريعا للإنسان لا وسيلة يتحقق بها رخاء الإنسان وسكينته... قد يشعر البعض بأن ما كتب أعلاه رومانسي وغير مناسب أبدا للفترة الراهنة الخطيرة التي تمر بها البلاد ولكني لا أعتقد بصحة هذا القول ..بالطبع نحن في مرحلة خطيرة ودقيقة للغاية وهذا أجدى بأن نملأ قلوبنا بالتسامح والقدرة على تقبل الآخر مما يمنحنا الحق في توجيه هذا الآخر وتقويم الأخطاء بحكمة ويتيح للآخر أيضا تقبلنا وتقبل تقويمنا له برحابة صدر ..لنتخلص من صفة العناد التي باتت السمة الأكثر وضوحا في المجتمع.. مرة أخرى أحبتي .. لنحب بعضنا البعض فحن شركاء ومتساوون في حقنا في الحرية و في هذا الوطن لا أوصياء ومتنفذون على مساحات حرية وعقول بعضنا البعض ..لنتناقش ،لنتحاور ولنتقبل بعضنا برحابة سماوات هذه الأرض... [email protected]