أبين.. مقتل شاب بانفجار عبوة ناسفة في لودر    مكتب الصناعة بشبوة يغلق ثلاث شركات كبرى ويؤكد لا أحد فوق القانون "وثيقة"    مصرع 54 مهاجرا افريقيا وفقدان العشرات قبالة سواحل ابين    انصار الله يستنكر انتهاك المجرم بن غفير للمسجد الاقصى    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    عدن.. البنك المركزي يوقف ويسحب تراخيص منشآت وشركات صرافة    المعتقل السابق مانع سليمان يكشف عن تعذيب وانتهاكات جسيمة تعرض لها في سجون مأرب    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    الشخصية الرياضية والإجتماعية "علوي بامزاحم" .. رئيسا للعروبة    ابوعبيدة يوافق على ادخال طعام للاسرى الصهاينة بشروط!    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    اجتماع للجنتي الدفاع والأمن والخدمات مع ممثلي الجانب الحكومي    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    وفاة مواطن بصاعقة رعدية في مديرية بني قيس بحجة    بدلا من التحقيق في الفساد الذي كشفته الوثائق .. إحالة موظفة في هيئة المواصفات بصنعاء إلى التحقيق    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    مونديال السباحة.. الجوادي يُتوّج بالذهبية الثانية    مجلس القضاء الأعلى يشيد بدعم الرئيس الزُبيدي والنائب المحرمي للسلطة القضائية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    انتشال جثة طفل من خزان مياه في العاصمة صنعاء    وكالة الطاقة تتوقع ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    العسكرية الثانية بالمكلا تؤكد دعمها للحقوق المشروعة وتتوعد المخربين    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    مجموعة هائل سعيد: نعمل على إعادة تسعير منتجاتنا وندعو الحكومة للالتزام بتوفير العملة الصعبة    عدن .. جمعية الصرافين تُحدد سقفين لصرف الريال السعودي وتُحذر من عقوبات صارمة    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    خيرة عليك اطلب الله    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    مليشيا الحوثي الإرهابية تختطف نحو 17 مدنياً من أبناء محافظة البيضاء اليمنية    الشيخ الجفري: قيادتنا الحكيمة تحقق نجاحات اقتصادية ملموسة    طعم وبلعناه وسلامتكم.. الخديعة الكبرى.. حقيقة نزول الصرف    شركات هائل سعيد حقد دفين على شعب الجنوب العربي والإصرار على تجويعه    يافع تثور ضد "جشع التجار".. احتجاجات غاضبة على انفلات الأسعار رغم تعافي العملة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    عمره 119 عاما.. عبد الحميد يدخل عالم «الدم والذهب»    السعودي بندر باصريح مديرًا فنيًا لتضامن حضرموت في دوري أبطال الخليج    غزة في المحرقة.. من (تفاهة الشر) إلى وعي الإبادة    الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تحذر من اختفاء أوكرانيا كدولة    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجانين على قارعة الإهمال
يصاحبهم قلق متشح بالسواد.. أجسادهم تصارع حر الصيف.. وبرد الشتاء.. يلتحفون الأرض ويفترشون السماء..
نشر في الجمهورية يوم 11 - 12 - 2012

المضطربون النفسانيون علتهم تكمن في نفوسهم المتزعزعة، نتيجة لاضطرابات عاطفية وعصبية، علتهم وساوس وأوهام وأسقام نفسية، استسلموا لها وارتموا في أحضان التأثر والانفعال، والغضب والهياج، ما أتعس هؤلاء الذين تحطمت وتتحطم أعصابهم، فهم لا يأكلون هنياً ولا يشربون مرياً، لا يرتاحون ولا يريحون.
مؤشر عددهم يتزايد من عام لآخر، فمنهم من يقبعون في البيوت داخل غرف مُحكمة الإغلاق وإلى أجل مسمى، ومنهم من يحظون برعاية واهتمام من الأهل رحمة بهم فيظلون يترددون بهم على المشافي والمشعوذين بين الحين والآخر، من أجل علاج شافٍ لهم، ومنهم من يتركون لحال سبيلهم وهم من يجوبون المدينة هنا وهناك، ويفترشون أرضها ويلتحفون بسماها، يعيشون بأنفاس لاهثة، ودون راع لهم أو مهتم.. الصحة والسعادة والعيش الرغيد والبقاء حتى آخر أيام الحياة سعيداً قانعاً راضياً مطلب كل إنسان في حياته لحياته، وإلا ما هدفه؟ وما غايته في الحياة؟! ودوناً عن ذلك فلا .. الإنسان وجد ليحيا، فلتكن حياته فرحاً لا ترحاً، والفرح هو الصحة، صحة البدن والعقل، والنفس .. تلكم هي مفردات الصحة، وإذا ما توافرت واكتملت لدى الإنسان فقد حاز على نجم السعادة التي هي من صميم هذه الدنيا..
الكثير ممن نلتقيهم من ذوي الحس المرهف من الذكور والإناث، ومن ننعتهم “بالمختلين عقلياً”، ومن انتابهم المرض بمفرداته ابتلاءً من الخالق عز وجل، نتيجة لتعرضهم لضغوطات أثقلت كاهلهم، وأثارت في نفوسهم مشاعر العجز والأسى، أربكتهم وقلبت حياتهم، وشوشت ذاكرتهم وانطمست منها معالم عدة، قست عليهم الأيام فنكلت بهم، لا شيء يجذبهم أو يغريهم يعيشون في جزر أنفسهم المنطوية على ذاتها، هم من رفع عنهم القلم، ورفع عنهم الرعاية، والاهتمام وتخلى عنهم الأهل والأقارب تجرعوا ويتجرعون الماء القراح حتى آخر قطرة من ينبوع الحياة، وهم يقاسون، ويعانون الكثير بعد ما أخذ منهم الأسى كل مأخذ ففقدوا معنى الحياة..
في شقاء مقيم
من معاناتهم في الأرض، بين شد الحياة، وجذب المرض لهم.. يعيشون في شفاء مقيم يصاحبهم قلق متشح بالسواد، وهم يجوبون طرقات المدينة وأزقتها باحثين هنا وهناك عما يقتاتون به من فتات الخبز، أو بما قد يسد رمقهم من مخلفات الطعام الموجود داخل حاويات القمامة، وغيرها..!!
لا أحد يدلهم أو يرشدهم أو يعطف عليهم، لا من قريب ولا من بعيد إلا من رحمه الله وسخر له بمن يأخذ بيده من أصحاب الأيادي البيضاء وأهل القلوب الرحيمة، وكما لو كانوا حشرات ضارة سقطت من السماء فالتقفتها الأرض.. أجسادهم تصارع حر الصيف وبرد الشتاء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وفوق هذا وذاك نجد البعض من هؤلاء المساكين، من يتعرض للمضايقات والنهر من الآخرين ذوي العقول كباراً كانوا أو صغاراً وإذا ما جاز لنا القول هنا وبحسب تفكيرهم وباعتبار هؤلاء المرضى من فقدوا إرادتهم، وبهذا أيضاً يكونون فاقدين الأهلية والانتساب وبسبب إهمال الآخرين لهم؛ إذ إنهم ناسون أو متناسون واجبهم الديني والإنساني نحوهم، والذي يحتم عليهم بأن يكفوا الأذى عنهم، ويمدوا لهم يد العون والمساعدة كونهم إخوة لهم، ولا حول لهم ولا قوة.
يفتقرون للرعاية الطبية
وإلى جانب ما يعانون منه من أمراض نفسية، وعقلية إلا أنهم يعانون من أمراض بدنية ومنها مستعصية ولا سيما كبار السن، فنجد البعض منهم وإذا ما تم إسعاف ونقل أحدهم وعلى أثر وعكة صحية ومن قبل فاعل خير، ومجرد الوصول به إلى أحد المشافي الحكومية، عادة هنا ما يواجه المريض بالرفض وعدم القبول من قبل الطبيب المعالج، والكادر الصحي المناوب في قسم الطوارئ وبحجة عدم توفر العلاج اللازم للمريض، حينها تقدم النصيحة لفاعل الخير بالقيام بنقله إلى مشفى آخر، وهكذا يظل فاعل الخير يتنقل ومعه المريض من مشفى إلى آخر، ولكن دون جدوى من ذلك، هناك من فاعلي الخير من يستمر، ويواصل في البحث عن طبيب معالج، طالباً بذلك الأجر والثواب من الخالق عز وجل لما يقدمه من فعل الخير نحو هذا المريض أو ذاك، ومنهم من يضيق ذرعاً مما هو حاصل، حينها يستسلم، فيضع المريض الذي قام بإسعافه في مكان ما يتركه ويذهب لحال سبيله، فيظل المريض طريح المكان الذي وضع فيه، وهو يعاني من مرضه، وإلى أن تنزل عليه رحمة الله فيتوفاه برحمته.
الجاني جاهل والمجني عليه مجهول..!
دائماً ما يتعرض البعض لحوادث سير على الطرقات، مما يؤدي إلى وفاتهم، وإلى إصابتهم بإصابات بالغة تجعلهم لا يقوون على الحراك، ومنهم من تشل حركتهم تماماً فيضلون على الطرقات يعانون مما ألم بهم، ودون رعاية أو اهتمام إلى أن يشفيه الله، هذا إذا لم يكن قد توفى ، وفي كلا الحالتين نجد الكثير من قائدي المركبات يرتكبون الفرار بعد الحادث مباشرة، غير آبهين بمن تسببوا بوفاتهم أو إصابتهم والسبب أنهم مختلون عقلياً ولا راعي لهم أو مهتم؛ لذا معظم حوادث الدهس تقيد ضد مجهول فيبقى الجاني جاهلا والمجني عليه مجهولا.!
ثلاجات المشافي الحكومية لا تستقبل جثامينهم
في واقع الأمر هؤلاء المرضى ومن ننعتهم بمجهولي الهوية، والانتساب لا ريب هم بشر مثلنا ومن بني جلدتنا، وما يحدث للبعض منهم، وما يتعرضون له، وسواء وهم أحياء يرزقون أو بعد ما يتحولون إلى جثامين بسبب تعرضهم لحوادث سير على الطرقات، أو أنهم يتوفون على أثر مرض عضال قد ألم بهم، أو يعتدى عليهم من قبل أشخاص إلى درجة الموت، غالباً هؤلاء المساكين ما تواجه جثامينهم بالرفض من قبل العاملين في ثلاجات المشافي الحكومية، منها المشفى الجمهوري، والثورة، وإذا ما قبلت وبإلحاح ووساطة أو ما شابه، فهي تظل في الثلاجة حتى تتحلل وتتعفن، وإلى أجل غير مسمى، والسبب الإهمال وعدم الاهتمام بمثل هكذا حالات، لا من المعنيين بالمشافي، ولا من الجهات الأخرى ذات العلاقة مع أن إكرام الميت دفنه، قال تعالى في محكم كتابه في سورة الإسراء الآية 69 {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}.
والعاملون في الثلاجات قد يكونون معذورين بهذا الرفض لمن أتاهم وهو مصطحب معه جثة مجهولة.. والسبب أن هناك العديد من الجثث قد تعفنت وتحللت داخل تلك الثلاجات الخاصة بالموتى، ومضى على وجودها في الثلاجات بضع سنين، وجميعها لأشخاص مجهولي الهوية، وغيرهم، وأصبح هؤلاء الغلابى من بني آدم لا هم كانوا مكرمين في حياتهم ولا هم مكرمون في مماتهم إلا من رحمه الله، وبعث له بأهله أو فاعل خير أما غيره فلا.. لينتظر إلى أن يتم ما تبقى من اتخاذ إجراءات قانونية من قبل الأمن والجهات ذات العلاقة، وكما عهدنا ذلك، وإلى أجل غير مسمى، وهذا العمل غير الإنساني نستنكره وتستنكره منظمات حقوق الإنسان في كل بلدان العالم؟
مدير مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بتعز:
هذه الشريحة محرومة.. ولا لسان لها..!!
بهذا الصدد كان لنا لقاء مع الدكتور عادل ملهي مدير مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بتعز، ومن خلال الحديث معه تطرقنا فيه إلى ما يهم هذه الشريحة من الناس، ودور المشفى تجاههم، ومستوى الخدمات التي تقدم لهم كنزلاء أو مترددين كونهم مرضى بحاجة إلى الرعاية والاهتمام.
حيث تحدث قائلاً: يعد المشفى من المرافق الهامة التي تؤدي خدمة جليلة للمرضى النفسيين، سواء كانوا من أبناء المحافظة أو من المرضى المترددين علينا من بعض المحافظات الأخرى، ومديرياتها في الجمهورية، منها وعلى سبيل الذكر، محافظة صعدة، عمران، إب، رداع، نظراً لعدم وجود مصحات حكومية فيها، لهذا معظم المرضى يصطحبهم أهاليهم ويتجهون بهم إلينا، ونحن في محافظة تعز نتحمل العبء الأكبر باستقبالهم، ومع ذلك نقدم الخدمة للمرضى بكل ما نستطيع، وبالإمكانيات المتاحة برغم ما نواجه من مشاكل وهموم تقف حجر عثرة أمام المهام التي نقوم بها، والملقاة على عاتقنا كمسئولين، هناك أشياء كثيرة تنقصنا منها التغذية، وهي المادة الرئيسية التي تقدم للمرضى النزلاء في المشفى، وفوق هذا علينا مديونية نقدية لمتعهد التغذية تقدر بثمانية ملايين وأربعمائة ألف ريال، بسبب أننا تجاوزنا بما هو مصرح لنا، ولكن هذا التجاوز لم نأخذه إلى بيوتنا!
وإنما هناك الكثير من المرضى نضطر لقبولهم وإبقائهم بالمشفى، وخاصة من ذوي الأسر الفقيرة، والمعدمة ومن يقومون بالاعتداء المتكرر على أمهاتهم وإخوانهم، كذلك البعض ممن يحدث فوضى وأضرارا في بيوت أهاليهم، ومنهم من يحاول يضرم النار فيها وبمحتوياته من أثاث وغيره، ويجعلون حياة أمهاتهم جحيما، لهذا أصبح من الضرورة القصوى أن نستوعب مثل هكذا حالات، وإن لم يكن ذلك من دافع واجبي نحو المرضى فبدافع أن يكون تقدير ظروف الأسرة، واستجابة لدموع أمهاتهم.. والموقف هنا أكبر من أني ألتزم بالتعليمات، وبما هو مصرح به من تغذية للمرضى، وأن لا يزيد عددهم عن 66 مريضاً إلا أن الموجود حالياً في المستشفى 94 حالة بالإضافة لثلاث حالات نساء، صحيح هناك نقص في بند التغذية، لكننا لا نلجأ إلى ايقاف العمل بالمشفى أو عرقلة الآخرين بسبب أن الميزانية لا تكفي فنحن على تفاهم مع مقاول التغذية، والمديونية ستظل مقيدة علينا إلى أجل مسمى.
العلاج الذي يقدم للمرضى هل يقدم لهم مجاناً أم بمقابل؟ هل هناك رسوم تفرض عليهم؟
ما هو متوفر لدينا من الأدوية نقدمه للمرضى مجاناً، ووفق الميزانية المقررة لنا من مكتب الصحة وكذا ما نحصل عليه من أهل الخير، وبعض التجار الذين يزودوننا ببعض الأدوية في المواسم، ولكن لا يفي بالغرض، ولكننا نحاول وبقدر الإمكان أن نغطي بأكثر من 30 % من الحاجة.
وبالنسبة للرسوم، حقيقة كان يفترض على المريض النازل بالمشفى أن يدفع رسوم 300ريال يوميا، ولكن معظم المرضى فقراء لهذا لا نعول على الرسوم عدا القسم الخاص فهو يحوي على ستة أسرة، وما نحصل عليه من رسوم نزود به المشفى بالماء الذي يستهلك بتقدير يومي ستة آلاف ريال، والماء يعد مشكلة خاصة؛ لأن المريض العقلي لا يعي ولا يدرك شيئاً ولا يستطيع أن يحافظ على النظافة فكل شيء يفعله على نفسه، فهو يحتاج إلى نظافة مستمرة.
وما نسبة توافد المرضى من الذكور والإناث للمشفى؟
في واقع الحال الذكور هم أكثر حظاً من الإناث، وليس لنقص المرض النفسي عند النساء، ولكن بسبب وصمة العار الاجتماعية، معظم الأسر تفضل عزلة المريضة في غرف مغلقة داخل البيوت على أن يذهب بها للمشفى وعرضها على الطبيب المعالج لئلا يقول الآخرون بنت أو زوجة فلان مريضة باعتبار أن المرأة في المجتمع تعد وصمة عار، وهذا ما يمنعهم لهذا تجد عدد المريضات خلال هذا العام لا يتجاوز 32 حالة؛ لذا ننصح الأهالي، ونقول لهم بأن المريض النفسي لا يمكن إهماله أو تقييده في البيت؛ لأن ذلك اعتداء على الإنسانية، ومن حق المريض أن يحصل على العلاج سواءً كان رجلاً أم امرأة، فلا يوجد هناك ما يعيب فهذا مرض مثل أي مرض آخر ممكن يصاب به أي شخص، وليس هناك ما يمنع، والله سبحانه وتعالى قد ابتلاهم فلا يحرموا أنفسهم الأجر في معالجة مرضاهم، ويعترضوا على قدر الله، نحن نعرف أناسا ذوي مناصب، ومكانات اجتماعية وهم مصابون بمرض عقلي ويترددون علينا شهرياً لأخذ العلاج؛ لذا نقول لمثل هؤلاء بأن المشفى مكان آمن، ويقدم خدمة، ونشترط وجود المرافق إلى جانب المريضة إذا ما لزم الحال.
عادة نسمع عن هروب بعض المرضى من المشفى، هل هو قصور من القائمين عليهم، أم أن هناك أسبابا أخرى تساعد على ذلك؟
ليس هناك أي قصور يذكر تجاه المرضى، ولكن المشفى مازال بحاجة إلى بعض الإصلاحات منها رفع السور المحيط به، كما يبدو تم بناؤه في السابق دون مواصفات مناسبة لمشفى أمراض نفسية فهو شبيه بسور سوق تجارية من حيث الانخفاض، والتباين، والتردي، لهذا أصبح من السهل على المريض القفز من فوقه إذا ما أتيحت له الفرصة، وخاصة إذا ما وجد نفسه قد تعافى بعض الشيء مع استخدام العلاج، ولا محالة هنا سوف يحاول الفرار من المشفى، وسبق أن حصلت على تهديد باختطافي مع أحد الممرضين من قبل أهل مريض من محافظة شبوة ظل المريض لبضعة أيام في المشفى ومن ثم هرب من فوق السور، ولكن ستر الله خرجنا للبحث عنه في المدينة إلى أن وجدناه ثم عدنا به إلى المشفى، وسلمناه لأهله بعد ذلك، لهذا السبب نطلب من أهالي المرضى أن يظلوا مرافقين لمرضاهم؛ لأن ممرضا واحدا داخل المشفى لا يستطيع مراقبة “66” مريضا عقليا ونفسيا.
هناك عدد كبير من المرضى يتواجدون في الشوارع، هل أنتم عازمون على رفعهم وإيوائهم في المشفى؟
سبق أن حاولنا لمهم وإيداعهم المشفى، ولكن لشحة الإمكانيات وبسبب الديون المتراكمة لم نستطع أن نستمر لأنهم بحاجة إلى وجبات غذائية، وملابس، وأدوات نظافة، وفرشان، ومدافئ وإذا ما توفر لهم ذلك فنحن على استعداد تام لإيواء جميع مرضى الشوارع، برغم أنه قد يؤثر على ميزانية التغذية، ولكن هناك فكرة كشعور لإيوائهم، وسوف نعرضها على شوقي أحمد هائل محافظ المحافظة فهو له سابق تجارب في إبراز وتلميع صورة المدينة، لذا نحن نتفاءل به خيراً، وأعتقد بأن مشروع شوارع تعز خالية من المرضى النفسانيين يعد واجبا وطنيا ودينيا، وإنسانيا، وبالتعاون سوف نستطيع أن نحقق هذا الهدف لأنه من الناس ذوي التجارب، فهو يعمل جاهداً لإبراز المدينة بالمظهر الحضاري وبصورة باهية، وخالية من بعض التشوهات التي ليس لنا أي دور فيها.
ألا يوجد جهة داعمة للمشفى؟
لا يوجد أي داعم للمشفى عدا ما يقدمه البعض من أهل الخير في شهر رمضان، ومن تنزل عليهم ليلة القدر ومن يستجيبون لنا أحياناً بعامل أسلوب شحاذتنا لهم فيزودنا ببعض الأدوية، ومنهم من يعطف على المرضى ببعض الملابس، ونستطيع القول هنا بأن الداعم الأكبر للمشفى هي الحاجة “مريم” أم المساكين هي الوحيدة التي تسعى جاهدة لتحصيل قيمة أرغفة الخبز وفاكهة الموز تشتريها وتأتي بها إلى المرضى وتقوم بتوزيعها عليهم، وبالنسبة لنا نعتبر ما تقدمه لهم بمثابة ذبائح سمينة شهية؛ لأن عطاءها مستمر ويعطى للمرضى يداً بيد، في السابق كانت توجد جمعية لدعم المرضى النفسيين، ولكنها فقدت البوصلة واتجهت منحى آخر، في واقع الحال نحن بحاجة ماسة إلى كيان أهلي، وشعبي وإلى منظمات مجتمع مدني لدعمنا لأن هذه الشريحة محرومة، لا لسان لها، ولا نريد من أحد أن يزودنا بمبالغ مالية، نريد منهم فقط مساعدات عينية.
وهل المشفى يتسع لكل المرضى؟
المبنى ممكن يتسع لعدد مائة وعشرين حالة، وهذا العدد من المرضى يجب أن يتوفر لهم علاج أكثر وماء، وغذاء أكثر، عموماً نحن مستعدون بأن نستقبل كل المرضى الذين في الشوارع بما فيهم النساء، نريد آذاناً صاغية لما نقدمه من وحي التجربة التي هي موجودة.
ولكن ما يرى ويسمع بأن المرضى يدخلون المشفى لفترة وجيزة، ومن ثم يعودون للشارع مرة أخرى ما معنى ذلك؟
بسبب شحة الإمكانيات كما ذكرنا سابقاً، وكثرة العدد نحن نأمن بالتدوير، وإذا ما بقي جميع المرضى في المشفى حتماً سيستوعب نفس العدد من الذين سيظلون فيه طوال الوقت نحن نتبع سياسة أن يظل المريض من شهر إلى شهرين لا مانع لدينا، ولكن من سوء الحظ المرضى الذين يقرر خروجهم من المشفى هم من لا يوجد لهم أقارب أو أي دعم اجتماعي، صحيح هناك شعور بالذنب بوجود التقصير ولكن ليس بأيدينا؛ لأننا لا نستطيع أن نستوعب المرضى بنفس الوقت، ولكل الوقت، ولا مجال لمرضى الشوارع مالم يكن لدينا استعداد تام وأن نعمل لهم قسماً خاصاً في المشفى يظل كدائرة ممكن نخرج المريض من المشفى ليومين أو ثلاث ثم يعود إليه مرة أخرى وبآلية وبعيدين عن المرضى العاديين.
وفي الأخير، نقول بأن الواجب الديني والإنساني يحتم علينا جميعاً أفراداً ومؤسسات حكومية، وجمعيات خيرية، ومنظمات مجتمع مدني الوقوف الجاد لمناقشة أوضاع ومشاكل هذه الشريحة من الناس والأخذ بيدهم، وحمايتهم والدفاع عنهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.