مديرية خدير هي إحدى مديريات محافظة تعز تقع على الخط الرابط بين تعز ومحافظة عدن ولحج والذي يعتبر الخط الأساسي بين شمال وجنوب الوطن ورغم موقعها الجغرافي واحتلالها لمكانة تاريخية سابقا وموقعها الاستراتيجي بين ثلاث محافظات، إلا أنها تعاني الإهمال الشديد وضعف أداء المجالس المحلية، فمخلفات القمامة تتكدس في الشوارع وشبكة الصرف الصحي مازالت غائبة وشوارع المدينة لم يصل إليها الإسفلت بعد وجميع الخدمات رديئة إذا لم تكن معدومة.. وبعد مناشدات متكررة من أبناء المديرية لتسليط الضوء على مشاكل المديرية كان ل”الجمهورية” زيارة ميدانية إلى المديرية، ونقل مجمل ما تعانيه من خلال لقاءات مع عدد من مواطني المديرية وعدد من القيادات الإدارية.. مطالبات مستمرة البداية كانت مع المواطن شهاب الفتى من مواطني مدينة الراهدة والذي تحدث عن أهم الاحتياجات التي تفتقر إليها مدينة الراهدة بقوله: بالرغم من مطالبتنا المستمرة في مدينة الراهدة للجهات المعنية ورغم التوجيهات العليا من القيادات الإدارية في المحافظة إلا أن جميع التوجيهات الخاصة بتحسين وضع المدينة سواء فيما يخص مستشفى الثورة العام بالراهدة الذي ينخر فيه الفساد، أو في الجوانب الأخرى لا تجد أي صدى فمدينة الراهدة بدون ماء وبدون خدمات صرف صحي، إضافة إلى عدم وجود خدمات النظافة وسفلتة الشوارع بالرغم أن المدينة تعاني من ازدحام سكاني كبير باعتبارها مركزا تجاريا وخطا رئيسيا بين محافظات الوطن الشمالية ومحافظات الوطن الجنوبية وهو ما أدى إلى التوسع العمراني الكثيف في المديرية الأمر الذي يحتم وجود الخدمات الأساسية الضرورية، لكن مختلف الخدمات معدومة والأسباب لا يعرفها إلا الله و الجهات المعنية والمسئولون في المديرية.. - أما الأخ حلمي سعيد هزاع مسئول نادي شباب الراهدة الثقافي الاجتماعي فقال: طبعا الإهمال المتعدد الأوجه لأبناء مدينة الراهدة يمثل اليوم العنوان البارز لأبناء المدينة التي توقفت فيها كل خدمات البناء والتنمية وخاصة الخدمات الضرورية، مثل المياه والصرف الصحي والنظافة، وأيضا هناك إهمال للشباب سواء في الجانب التعليمي أو الرياضي، فلا يوجد مؤسسات تعليمية تلبي طموحات الشباب، والنادي الوحيد في المدينة يفتقر لأبسط المقومات الرياضية كالصالات الرياضية والمقار وغيرها من المستلزمات الرياضية حتى الإعانات للاعبين هي إعانات بسيطة لا تلبي حتى قيمة إيجار ومعاش للحارس والفراشة في حين أن غيره من الأندية من الدرجة الثالثة يتسلمون مخصصات ومبالغ أضعاف المبالغ المقررة للأندية.. كما دعا مسئول نادي شباب الراهدة الجهات المعنية إلى النظر إلى مدينة الراهدة بعين الاعتبار؛ كونها من المناطق التي تشكل محطة استقطاب للكثير من العائلات والوافدين من الريف ومن المدينة والمسافرين وهو ما يضاعف من احتياجاتها الأساسية من الخدمات والمراكز التعليمية والمعاهد الفنية والمهنية للحد من الفقر والهجرة إلى المدينة وحتى يواصل أبناء المديرية تعليمهم الجامعي.. أوضاع صحية مزرية أما فيما يخص الأوضاع الصحية في المديرية فهي مزرية ووصلتنا الكثير من الشكاوى حول أوضاع مستشفى الثورة بالراهدة وتوجهنا إلى هناك والتقينا بمدير مستشفى الثورة العام بمديرية الراهدة الدكتور محمد أحمد سالم والذي سألناه عن الأوضاع الصحية في المستشفى وعدم وجود الأدوية، فرد علينا وعزا الأسباب إلى عدم توفر الكوادر المختصة في المستشفى، وسفر البعثات الطبية الأجنبية التي كانت تقوم بإجراء العمليات المختلفة، وأيضا تعطل بعض الأجهزة الطبية بسبب عدم اعتماد مبالغ للصيانة. وحول الشكاوى عن غياب الأطباء والرقابة قال الأخ مدير المستشفى: إن الإدارة تعمل على الرقابة المستمرة، ولكن هناك بعض ضعفاء النفوس ممن يتركون الدوام الرسمي ويتم معاقبتهم باستمرار حسب اللوائح والأنظمة الإدارية. صراعات سياسية أما حول مشكلة انقطاع المياه عن المدينة ولأكثر من سبعة أشهر فقد التقينا بالأخ عبد الناصر محمد أحمد مدير مشروع تغذية مياه الراهدة وورزان، وسألناه عن أسباب انقطاع المياه عن المديرية لهذه المدة الطويلة فأجاب علينا وفي يده عدد من الوثائق التي يقول إنها تؤيد أقواله معللا السبب الرئيسي لتعثر المشروع إلى عدم وجود قانون يردع بعض ضعفاء النفوس من المخلين بالأمن مؤكدا أن انقطاع المشروع تم بعد عدد من الاعتداءات على الشبكة وأيضا هذه الاعتداءات طالته هو وأولاده وتم سلب سيارته الخاصة من قبل بعض المواطنين الذين قاموا بتسليم سيارته مع عدد من المواطير التي تم نزعها من الشبكة الأساسية للمياه في الخط الرئيس للمشروع لإدارة الأمن وبالرغم من البلاغات التي قدمها ضدهم إلا أنه تم إطلاق سراحهم دون حجز فرد واحد منهم ودون إحالة القضية إلى النيابة حتى اليوم، قائلا: إن المشروع الذي يستفيد منه أكثر من 2000 أسرة ويعمل فيه أكثر من 15 موظفا ويعمل بنفقة تشغيلية ذاتية تضاعفت ديونه مؤخرا في ظل صراعات حزبية وسياسية حرضت على عدم تسديد مستحقات المشروع الذي أصبح يعاني اليوم تهالكا للشبكة وبحاجة إلى صيانة متكاملة. نعمل على وضع حد للاختلالات ولاستكمال هذا الاستطلاع مع مختلف الجهات المعنية التقينا بالأخ العميد عبد الولي الموشكي مدير امن مدينة الراهدة والذي يحمله المواطنون مسئولية ظهور الكثير من المشاكل والتغاضي عن تصرفات بعض المعتدين على الشبكة العامة وقد نقلنا إليه شكاوى المواطنين وقد رد على تساؤلاتنا بقوله: في الحقيقة إدارة الأمن تتحمل مسئولية كبيرة فهي دائما المتهمة أمام الناس بالرغم مما تقوم به من جهود لتعزيز الأمن وقد شهدت إدارة الأمن اعتداء على مبنى المديرية وتم إغلاق الإدارة لفترة لوقوع الإدارة في مبنى المديرية، أما ما يتعلق بدورنا فنحن نعمل على وضع حد لمختلف الاختلالات الأمنية إضافة إلى تأمين خط تعزعدن في نطاق المديرية وحل النزاعات المختلفة بين الأهالي وإرسالها إلى النيابة العامة، وفيما يتعلق بقضية مشروع المياه وتوفير الحماية الأمنية لمستشفى الراهدة فقد أشار مدير أمن المديرية إلى أن قضية مشروع المياه قضية خاصة ذات أبعاد سياسية بين أطراف من أبناء المديرية. وفيما يخص الجانب الأمني لمستشفى الثورة الراهدة فقال إن ذلك يعود إلى رفض إدارة المستشفى تجهيز السكن والغذاء لأفراد الأمن وهي نقطة الاختلاف القائمة بين المستشفى والإدارة، موضحا أن المدينة شهدت ثلاثة حوادث قتل وحادثتي اختطاف وتم القبض على ثلاثة أفراد ممن يتبعون عصابات السمسرة ويعملون على إقلاق الأمن والاستقرار في المدينة، إلى جانب حل ورفع عدد من القضايا المرتبطة بالنزاع على الأراضي إلى النيابة العامة لاتخاذ إجراءاتها حسب النظام ودائما نحرص في إدارة الأمن على القيام بواجبنا بكل مسئولية. دور المجالس المحلية الأخ شائق الدكام مدير عام مديرية خدير والذي استلم مهامه في المديرية بعد مقتل المدير السابق للمديرية، وإغلاق مبنى المديرية لفترة زمنية استمرت أشهر وتعرض قبل يومين لمحاولة اغتيال من قبل مجموعة مسلحة في المديرية في إطار الانفلات الأمني هناك، وقد تحدث عن الأوضاع في المديرية قائلا: تسلمنا إدارة المديرية منتصف العام الجاري وكانت الأوضاع مأساوية على مختلف المستويات سواء من حيث تأثرنا بالأوضاع التي تعرض لها الوطن أثناء الأزمة السياسية أو الثورة الشبابية في العام 2011م، ومن جهة أخرى المشاكل الداخلية للمديرية، والتي كانت جميع إيراداتها متوقفة والتي مازلنا نعاني من عدم تسديد الكثير من الالتزامات التي على المديرية حتى اليوم، ونأمل تحسين مستواها بتحسين الوضع الأمني والاستقرار للإسهام في المشاركة في التنمية للمديرية. - أما فيما يخص جانب الخدمات فقد أشار مدير المديرية إلى أن المديرية بدأت بعمل جاد من أجل الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. وحول مشكلة المياه قال: هناك مناقصة تم إنزالها مؤخرا لمشروع مياه دمنة خدير، وبعض المناطق القريبة منها، أما مشروع مياه مدينة الراهدة فقال: هناك حلول جارية للإسراع بإعادة تشغيل المشروع، وحول الجانب الصحي أكد أن إدارة المجلس المحلي تدرك الحاجة الملحة لزيادة عدد المراكز الصحية في المديرية وتعمل على الرفع بهذه الاحتياجات لقيادة المحافظة لاعتمادها وتعمل على تحسين الخدمات في المراكز الحالية، كما أشار إلى أنه تم التجاوب مع شكاوى المواطنين فيما يخص مستشفى الثورة بالراهدة وتم النزول إلى المستشفى وخلال هذا النزول تم الاتفاق على إعادة هيكلة الإدارة في المستشفى وتطبيق نظام التدوير الوظيفي وستنفذ هذه الأمور في القريب العاجل، وتم السعي لتقديم دعم مالي للمستشفى لتحسين خدماته، وسيتم رفد المستشفى بهذا الدعم بعد إعادة الهيكلة. - و يرى مدير المديرية أن الخدمات مازالت قاصرة مؤكدا أن إدارة المديرية تبذل جهودا حثيثة بالتعاون مع المجالس المحلية ومحافظ المحافظة الذي وعد بإصلاح كافة الاختلالات في المديرية من حيث بناء وحدات صحية وتعليمية ومشاريع خدمية في مختلف المجالات، كما أكد أن أبرز العوائق التي تواجه مهامهم تتمثل في عدم وجود وسائل النقل، وعدم تسديد الرسوم الضريبية إلى جانب مشاكل الرسوم المدرسية والأداء التعليمي والتربوي والتلاعب بالمدرسين وغيرها من الإشكاليات التي أدت إلى تجاوب المحافظ بإيقاف مدير مكتب التربية والتعليم بالمديرية، وحول توزيع الوظائف الجديدة في المديرية قال إن الإدارة قامت بإعادة هيكلة الموظفين الجدد وتوزيعهم حسب التخصصات والحاجات في مراكز المديرية المختلفة، وحول الجانب الرقابي أكد مدير المديرية أن مكاتب المديرية تشهد رقابة مستمرة، ولكنها مازالت بحاجة إلى مضاعفة العمل الرقابي لتحسين عملية الأداء، داعيا في ختام حديثه الأحزاب والتنظيمات السياسية والشخصيات الاجتماعية من أبناء المديرية والمديريات المجاورة إلى الترابط والتفاهم ومساعدة الجهات الأمنية بعدم السماح لضعفاء النفوس بالعبث بالاستقرار الأمني لإعاقة عملية التنمية والبناء. خلاصة هذا ما استطعنا الوصول إليه من خلال الاستماع إلى مختلف الجهات المعنية، ولعل الفساد الذي ينخر بعض إدارات المديرية استطاع خلال سنوات ماضية أن يوطد جذوره، وأن يعكس نظرة سلبية عن المديرية وأبنائها الذين لهم مآثر تاريخية وإنجازات متعددة، وما ينقصهم اليوم سوى الترابط والعمل من أجل المصلحة العامة والعمل سويا من أجل إيقاف كل بؤر الفساد والمتلاعبين بمقدرات المديرية، وإحالتهم إلى العقاب، فعملية البناء والنهوض لن تتم إلا بتكاتف الجميع والوقوف صفا واحدا من أجل مستقبل مشرق للجميع.