اختتام دورة تقيم الاداء الوظيفي لمدراء الادارات ورؤساء الاقسام في «كاك بنك»    عاجل: السفير السعودي يعلن تحويل الدفعة الثالثة من المنحة المالية لصرف المرتبات ودعم اقتصاد اليمن    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    وسط أجواء روحانية وإيمانية.. حجاج اليمن الى مشعر منى لقضاء يوم التروية    لابورت يتعرض للإصابة مع اسبانيا    القضية التهامية: صعود الوعي نحو استعادة الحقوق واستقلال القرار    مقتل وإصابة 13 شخصا إثر انفجار قنبلة ألقاها مسلح على حافلة ركاب في هيجة العبد بلحج    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    يعني إيه طائفية في المقاومة؟    إرم نيوز: "انهيار تاريخي" للريال.. يخطف فرحة العيد من اليمنيين    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    الأمم المتحدة تجدد الدعوة للحوثيين بالإفراج الفوري عن جميع موظفيها في اليمن    الحاج "أحمد بن مبارك" إذا طاف حول الكعبة.. ستلعنه الملائكة    الكشف عن سر فتح الطرقات في اليمن بشكل مفاجئ.. ولماذا بادر الحوثيون بذلك؟    أسرة تتفاجأ بسيول عارمة من شبكة الصرف الصحي تغمر منزلها    طارق صالح يوجه دعوة مهمة للحوثيين عقب فك الحصار الحوثي عن تعز    عودة 62 صيادًا يمنيًا من السجون الأرتيرية بعد مصادرة قواربهم    جهود رئيس الحكومة في مكافحة الفساد تثمر دعم سعودي للموازنة العامة والمشتقات النفطية    للمجلس الانتقالي الجنوبي    ياسين سعيد نعمان: ليذهب الجنوب إلى الجحيم والمهم بقاء الحزب الاشتراكي    في اليوم 215 لحرب الإبادة على غزة.. 37232 شهيدا و 85037 جريحا والمجاعة تفتك بالأطفال    الحوثيون يفرضون جمارك جديدة على طريق مأرب - البيضاء لابتزاز المواطنين    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    إصابة ثلاثة مدنيين بانفجار لغم حوثي في جولة القصر شرقي تعز    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    القرعة تضع منتخب الشباب الوطني في مواجهة إندونيسيا والمالديف وتيمور    فضيحة دولية: آثار يمنية تباع في مزاد علني بلندن دون رقيب أو حسيب!    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    فتح الطرقات.. تبادل أوراق خلف الغرف المغلقة    الحجاج يتوجهون إلى منى استعدادًا ليوم عرفة ووزير الأوقاف يدعو لتظافر الجهود    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    مودريتش يعيق طموحات مبابي    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 37,232 شهيدا و 85,037 مصابا    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    أبطال "مصر" جاهزون للتحدي في صالات "الرياض" الخضراء    تقرير ميداني عن الإنهيارات الصخرية الخطيرة في وادي دوعن بحضرموت    أزمة المياه مدينة عتق يتحملها من اوصل مؤسسة المياه إلى الإفلاس وعدم صرف مرتبات الموظفين    رحلة الحج القلبية    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    ''رماية ليلية'' في اتجاه اليمن    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    غضب شعبي في ذمار بعد منع الحوثيين حفلات التخرج!    غريفيث: نصف سكان غزة يواجهون المجاعة والموت بحلول منتصف يوليو    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    احتضنها على المسرح وقبّلها.. موقف محرج ل''عمرو دياب'' وفنانة شهيرة.. وليلى علوي تخرج عن صمتها (فيديو)    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشهد الشعري بلغ السقف الأخير من الإبداع
عبد الإله الشميري.. قمرٌغارقٌ في الحزن .. ناسكٌ في محراب القصيدة
نشر في الجمهورية يوم 25 - 01 - 2013

يظل يغني هذا الشاعر في قصائدَه التي تمتد عبر الجباه المنقوشة في أذرع السهول والأهازيج العالية المنبعثة من حلم مدينة تعز، مأخوذاً بالقصيدة، ساعياً في النص كمتصوف عجوز، يحمل على ظهره ثقل العالم و آثام الناس، مشرعاً قامته للريح والسماء.. يعبيء القصيدة قِسطاً ووعداً في ظل ما تمر به الساحة من شحوب أورثت الشعر أوجاع السياسة و وبلادة المدعين.. كل من يعرف الشميري شاعراً.. يدرك أنه حين يغيب يكون عفريت الشعر معه على موعد، وحين يجيء يأتي به معاً مصفقاً ومصغياً لما بين يديه .. :
في المغرب الخامس عشر من الشهر
يكون القمر منقوعاً بماء الورس
وهو يطل على القرية عرياناً..
من نافذة الشرق
تستطيع أن تحبسه في صفحة الأفق
حين تحاصره بعينيك الجائعتين
ثم تقطفه بسهولة وأنت جالس على سقف منزلك..
لتبتلعه بعد ذلك كحبة”إسبرين”
.. عبد الإله.. تقول :”إني رأيت الله” : عنواناً لإحدى قصائدك.. ماذا عنك ؟ ..عن ذاتك؟ و متى يموت شاعرك؟
(كرجلٍ عاقلٍ جداً).. هكذا أحب أن أبدأ.. وفاءً وعرفاناً لصديقي رمزي الخالدي تغشاه الرحمة وتحفه الملائكة.. والذي وقف كثيراً مع هذا النص و كثيراً ما كان يتفق معي حين يختلف الآخرون عند كل مغايرة .. لي أن أشكرك أولاً.. لا أن أتحدث عن ذاتي.. لأن الحديث عن الذات يجعلك بين مطرقة النرجسية وسندان الخجل وقديماً قالوا :رحم الله امرءأً عرف قدر نفسه.. أما نصي المعنون ب”إني رأيت الله “ فهو النص الذي رآني الله من خلاله قبل أن أراه.. فغسلني بأمطار الحزن المضيئة ليراني الآخرون بأزهى تجلياتي.. فرأيته رؤية العارف به.. القانع عمن سواه، يوم فرح الناس وحزنت أنا، فكان هذا الحزن حدائق للفرح وأنهاراً مباركة للإبداع أستحم فيها كلما ضاقت اللحظة وأنصرف للاستمتاع بالكتابة.. الكتابة الشعرية التي لولاها.. ربما ما تمكنت من البقاء و الاستمرار.. ثم إن الشاعر ينام و لا يموت يا ميسون، حتى وإن طالته الميتة الحقيقية التي تطال كل الخلق، لكنه يظل خالداً وحاضراً عبر الأجيال إما حائراً متفلسفا أو معلماً ساخراً من الموت، فالبردوني والمتنبي وأبو العلاء وغيرهم من الكبار.. ماتت أجسادهم فقط أما أرواحهم فلن يدركها الموت وهي ما تزال حاضرة حتى اللحظة, وستظل حاضرة وربما امتدت بهم الحياة حتى نلتقيهم ونراهم رأي العين في الآخرة وذلك في الأمسيات الشعرية, التي ستقام في الجنة, صدقيني آنا أؤمن كثيراً بهذا الجنون الشعري أؤمن بأن أمسيات ستقام هناك تكريماً من الله لنا وذلك لثقتي به سبحانه ويقيني بأنه جميلٌ يحب الجمال وهذا الإيمان نابعٌ من إيماني به وبعظمته وروعته أؤمن ب”ولهم فيها ما يشتهون” أشعر أن الله سيمنحنا الثقة و سيستجيب لنا كشعراء حالمين للتعاطي وفق هذا الإحساس المستغرب ومنحنا أكبر قدر من الرضى والإعجاب كونه مصدر ذلك كله ومبدع النصوص الدينية المعجزة كالقرآن والإنجيل ومزامير داوود عليه السلام..
.. لكن قد تكون هناك أمسيات شعرية في النار؟
هذا ممكن أيضا لكني أرجح الشعور الأول كون الشعراء والأنبياء من طينة واحدة ولا نبي في النار و كوني واثق من حب الله وتكريمه، قد ينام الشاعر أو يمر بفترة استرخاء وترهل نتيجة انقطاعه عن المحيط الشعري حوله هذا الانقطاع المؤدي إلى انقطاع المدد، قد ينام الشاعر الذي داخلك أيضا حين يضطر مكرهاً للرضوخ والتأقلم مع الواقع المجرم المحيط به وهو يناضل من أجل استحقاقه في الحصول على حقه في البقاء علاوة على استحقاقه الشعري ولن يتمكن من انتزاع ذلك إلا إذ اخلع قميص يوسف وتقمص روح الذئب وهذا مؤلم جدا بالنسبة لي مؤلم أن أرى شاعراً دون رقة ونبل.. أكاد لا أصدق حين أرى شاعراً يعمل في مهنة عديمة الأخلاق وينتج في الوقت ذاته نصوصاً شفافة مجنحة!! شعورٌ متناقض لا أكاد أصدقه.. هنا يمكنك أن تقولي بأن الشاعر يموت لكني اعتبره موتاً سريرياً أيضاً له علاقة بالنوم.
^^.. يقول نزار: القارئ الذي يقول إنني لم أفهم نزار, أنا على استعداد لأن أذهب إليه أينما كان لأعتذر.. لقد أسقطت الشعر من الطابق المائة.. ليختلط مع الناس.. أنا ألتقط الشعر من أفواه الناس, وأعيده إليهم خبزاً يومياً بمتناول الجميع حتى بدون أن يدفعوا الثمن.. أممت اللغة لأجعلها حديقة عامة.
.. كيف يقرأ الشاعر عبد الإله الشميري المشهد الشعري الآن؟
المشهد الشعري بلغ السقف الأخير من الإبداع، لقد نضج النص العمودي ونضجت مثله التفعيلة والمدور أيضاً بقي للقصيدة النثرية القليل من الوقت على ما أظن لتسيطر وتستقر لقد اتسعت مساحتها وتبلورت بشكل أفضل وفرضت علينا كثيراً من الأسماء المتميزة ونزار قباني نزل بالعمود فقط إلى الدور الأول وارتقى به وبالقراء ثانية إلى حيث كان في الدور المائة, لقد أضاف للشعرية العربية بالفعل عبر العمود, لكنه ترك كل ما كتبه من التفعيلة والنثر مدعاة للسخرية والضحك.. أقرؤها وكأنني أقرأ مذكرات تلميذ في الصف السادس.. وهو يكتب لحبيبته ..
.. شاهدنا دخول المسابقات الأدبية إلى حيزنا الثقافي سواء اتفقنا معها أم لا, لكن أثبتت أن الجمهور لا يزال ميالا أشد الميل للقصيدة المنبرية الخطابية.. ألا تعتقد أن مثل هذه المسابقات قد أفقدت الشعر قيمته.. ألا يحبطك هذا الجمهور؟
معك في هذا القول ونحن الآن في حيرة من الأمر هل ننزل إلى الجمهور أم نحاول الارتقاء به وكلاهما مهمة عسيرة. قليلون جداً الذين استطاعوا التحرر من هذا المأزق, نزار قباني في عمودياته أولهم, وأحمد بخيت الذي أتمنى ألا يكون آخرهم..
.. هل تقوم وزارة الثقافة بدورها ؟وماذا قدم اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ل “قصيدة” عبد الإله الشميري؟
وزارة الثقافة تغط في نوم عميق وتحتاج لمثقف من طراز خالد الرويشان ليوقظها وينفخ فيها الروح, وقصيدتي لا تحتاج شيئا من الاتحاد ليقدمه.. الاتحاد هو الذي يحتاج لها إن استقامت المعايير والقيم الأدبية بمعنى أن تكوني ملكا للاتحاد أو عضوا فيه فهذا حسم كبير للطرفين حسمٌ لموهبتك كشاعرة كبيرة نالت الاعتراف وحسم لملكية الاتحاد لموهبتك التي تشرف بها.. لكن ما يحدث الان هو مدعاة للسخرية لاحظي كم من الغوغاء ومرافقي المشائخ المدججين بالسلاح والأمية والحاصلين على عضوية الاتحاد وامتيازاته أما المبدعون الحقيقيون.. فإلى الجحيم.
أنا لا أنكرعطاء الاتحاد لكني اعترف بأنه العطاء القليل والذي كان أكبره المواقف النبيلة للزملاء في الأمانة العامة وعلى رأسهم صديقي صالح البيضاني إزاء ما تعرضت له شخصياً من اعتداء في الشهر الفائت, أما العطاء الحقيقي يا ميسون.. فكما تعلمين بأنه مازال معطَلاَ نتيجة العبث و التلوث الثقافي والسياسي الذي تمر به البلاد ومازال الشرفاء من أبنائها يناضلون من أجل تحريرها وتحقيق الأفضل.
قضيتان مهمتان فقط.. لو تحققتا سيكون الاتحاد قد حقق انجازاً غير عادي في تاريخه منحنا التفرغ لمشاريعنا الثقافية وصرف أراضينا التي مازالت في أكف العفاريت..
.. الشعر والفكر، الشعر والتاريخ، الشعر والمستقبل هل ينفصلان؟
أعتقد أن الشعر العربي بلغ ذروة نضجه الآن وما يميزه أنه أصبح قائما على الفلسفة والتأمل كركيزتين أساسيتين نفذ ما سواهما وليس شرطاً أن يقدم الشعر دروسا في التاريخ أو يظل ديواناً للعرب؛ لأن الأمر ليس سهلا كما يعتقد البعض كون الربط بين الاثنين عملاً جباراً ولن يتأتى إلا للعمالقة كالشاعر الكبير عبد الله البردوني, الذي جعل من أعماله مرآة ناصعة لتاريخ اليمن بأساطيرها وصراعاتها السياسية وموروثها الشعبي مع الحفاظ على قيمتها الفنية والارتقاء بها, والشاعر الحقيقي هو الشاعر الذي يشتغل على نصه وهو متحرر من الزمان والمكان ومن كل الإملاءات والأعراف السلبية حوله كون الشعر ثورة وسفراً وجنوحاً إلى المستقبل..
.. أنت متهم بالغياب عن المشهد الثقافي اليمني.. كيف ترد على هذا الاتهام؟
لست غائباً عن المشهد وأزعم أنني استطعت أن أسجل حضوراً يرضيني عند النخبة خلال (942009) لأني ناضلت كثيرا عبر النشر الورقي بالطريقة التي كنت أراها مجدية.. نحن الآن بحاجة للمشهد الغائب وبغياب صحيفة “الثقافية” و”الثورة الثقافي” خسرنا كثيراً واختفينا عن القارئ الكلاسيكي.. قررت الغياب وعدم المشاركة في المؤسسات التي تستهلك المبدع في تمرير نفقاتها وتحرمه من مستحقاته المالية عند كل دعوة وآثرت انسحابي إلى النشر الالكتروني الذي حقق لي حضوراً و جمهورا مختلفين..
.. امتهان الشعر لدى بعض مدعيه وخاصة بإيجادهم باباً يعتقدونه سهلاً للولوج والتسول باسم القصيدة وهو قصيدة النثر.. ماذا تعتقد؟
أنت ترين التسول عبر قصيدة النثر و أنا أراه عبر القصيدة العمودية, وهذا هو السائد الآن؛ لاعتقادي أن قصيدة النثر لم تبلغ سن الرشد في أذهانهم ما بالك حين يتسول بها بعض الشعراء! من الحقارة أن يجعل الشاعر نصه مطية لاحتياجاته الشخصية, لأن النص الشعري نص مقدس لدى الشاعر الذي يحترم نفسه ويحترم قارئه, كثيرا ما تعرضت لمواقف قاسية جدا وأخرى محرجة والتي لم يكن آخرها في حفل تكريم الفائزين بجوائز رئيس الجمهورية للعام 2004 يوم انحزت لضميري الشعري وقرأت نصا ناقدا للزعماء كان قاسيا شديد اللهجة عرضني للمساءلة لكنه أكد اعتزازي بقناعتي وثقتي المتبادلة مع زملائي الشعراء الذين حضروا الحفل إذ كان المتوقع مني اعتلاء المنصة وقراءة نص يمجد الزعيم كما جرت في العادة في الاحتفالات الرسمية, لكني آثرت الخسارة الشخصية يومها لتنتصر القصيدة كما انتصرت في المرات السابقة كان بإمكاني العبور ونيل العطاء لو أني أهنتها ودبجت كما يفعل كثير من الشعراء حين يختنقون ويلوذون بقصائدهم كمخلص.. إنهم يشعروني بالتقزز..
..الشاعرة الأنثى.. هل تعتقد بوجود مشهد شعري نسوي حقيقي؟
حين يكون الرجل شاعراً فهذا معناه التعامل معه بحس مختلف, ويمكن مراعاته كونه انعدمت فيه الخشونة الملازمة للرجال ولينت مشاعره لغة الشعر, فأصبح كائنا خرافيا رقيقا حالما ما بالك بالأنثى حين تغدو شاعرة أيضا..
يا إلهي!! إنه شعور لا يمكن لي تخيله إطلاقا.. عالم مختلف جداً يصعب عليّ وصفه لقد شغلني كثيرا هذا الأمر, ولطالما خضت فيه مع زملائي, إنها الكائن الأكثر رقة في الوجود المضاف إليها رقة الشعر والشاعر, إنها الوردة والفراشة معاً والمسافة بين الفراشة والوردة هي المتاهة التي يتشرد فيها عقل الشاعر, كثيرة من الأسماء النسوية ظهرت بقوة في العقد الأخير, واستطاعت أن تحقق إنجازا شعريا خاصة على مستوى قصيدة النثر و (ميسون الإرياني) التي هي الآن بين يدي مثال حيٌّ لهذه الأسماء والأغرب من ذلك كله هو اكتشافي لشاعرات يكتبن اللون العمودي بقوة وبشكل لا أكاد أصدقه لأني مقتنعٌ بأن هذا اللون الشعري خاص بالرجل ويعتبر منافياً لطبيعة الأنثى.. إنه كالأعمال الشاقة بالنسبة إليها.
.. أشكرك لشهادتك لي، ولكني لأول مرة أسمع أن الشعر يقسم ألوانه بين الشاعر الذكر والشاعرة الأنثى.. هلا حدثتنا عن هذا أكثر؟
لو تتبعتي ما كتبته الأنثى خلال تاريخ الشعر العربي فإنك بالكاد تجدين لها اسمين أو ثلاثة فقط كتبن هذا اللون وبمستوى أقل من مستوى الرجل، لا توجد في تاريخ الشعر امرأة شاعرة بحجم المتنبي مثلا لكن هناك أبو العلاء المعري وأبو تمام والبردوني والكثيرون.. ربما يعود ذلك لطبيعة الأنثى الناعمة الرقيقة الإحساس، الأنثى الفراشة التي يستهويها الهواء الطلق والظلال وهذا الجو لا يتوفر إلا في قصيدة النثر المتسقة مع تكوين الأنثى, أما القصيدة العمودية فإنها كالجبل أو كالغابة المليئة بالأحراش وتحتاج لطباع غليظة لترويضها وهذا ما تفقده الأنثى ويتوفر للرجل ولا يعني ذلك قدحاً في الأنثى إنها ميزة إضافية لها..
.. شهدنا مؤخراً أخباراً عن شكوى قدمتها بخصوص ممارسات تعسفية ضدك في أحد المرافق التابعة للتربية والتعليم.. ماذا حدث؟ وإلى أين وصل الموضوع؟
قضيتي ليست قضية شخصية يا ميسون.. إنها قضية كل المبدعين في هذا الوطن المختطف.. المبدعون حين يتعرضون للتعسف والابتزاز والتهميش إذا ما رفضوا أن يؤكل الثوم بأفواههم أو يكونوا بيادقاً في أيدي الفاسدين في مقار أعمالهم, حاولت حلها في إطار الدائرة التي أعمل فيها, ولما لم أجد إلا تعسفا قررت نقلها إلى مدير عام المديرية وهي الآن منظورة في الشؤون القانونية لديهم لاستكمال الإجراءات وحسم الموضوع وأنا مطمئن جدا لمصيرها كوني وجدت تفاعلا إيجابيا ورغبة جادة لتفعيل القانون والحرص على إحقاق الحق والتعامل مع المبدع بكل احترام وتقدير وهي من الحالات النادرة جدا التي لمستها في مرافقنا الحكومية وأنت تدركين ذلك جيداً والكثير من الزملاء يدركون أيضاً حين يضطرون للتردد على هذه المرافق لمتابعة عمل ما ولأنه كما يقولون :من لا يشكر الله لا يشكر الناس.. فاني استغل هذا اللقاء لأتوجه بالشكر والعرفان لله عز وجل الذي أكرمني بحب الناس و لكل من وقف معي وساندني إزاء ماطالني من اعتداء وبالأخص الأخ مدير الشؤون القانونية في المديرية عبدالباسط عبدالرحمن الشميري والأخ محمد سعيد ردمان مدير عام المديرية اللذين أخجلاني بتفاعلهما واللذين اثبتا أيضاً بان الدنيا مازالت بخير وان هناك شرفاء في وطننا الحبيب يجدر بنا شكرهم والإشادة بهم والحفاظ عليهم ليتمكنوا من تقديم شيء نافع للناس..
.. شكرا عبد الإله أيها الشاعر .. كان حوارا جميلا?
شكراً ميسون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.