أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عدنان ياسين المقطري بأن أداء مجلس النواب أتسم بالضعف خلال الخمسة أعوام الماضية وذلك لعدة أسباب منها تركيبة المجلس وطبيعة المستوى التعليمي لأعضائه، فظلاً عن غياب التوازن السياسي بين الكتل البرلمانية. وقال الدكتور المقطري في ورقة عمل قدمها لورشة العمل الخاصة بأدوات الرقابة البرلمانية التي نظمتها منظمة برلمانيون يمنيون ضد الفساد (يمن باك) بالتعاون مع الصندوق الكندي لتنمية المبادرات المحلية الخميس الماضي بصنعاء بأن تلك العوامل مجتمعة ساهمت في ضعف المجلس خاصة ما يخص وظيفته الرقابية، بالإضافة إلى عقد المجلس دوراته من غير اكتمال النصاب القانوني في مخالفة صريحة للائحة. وهو الأمر الذي يؤكده عدد من أعضاء البرلمان من الكتل البرلمانية المختلفة، وأضاف الدكتور المقطري بأن المجلس ظهر بشكل أكثر ضعفا في العام 2009م خاصة بعد اتفاق فبراير من نفس العام والذي تضمن التمديد للمجلس لحولين كاملين، على أن يقوم المجلس بإجراء تعديلات دستورية وقانونية تهدف إلى إحداث إصلاحات جوهرية في النظام السياسي والانتخابي ،لكنه لم يحقق ما كان يجب عليه حسب اتفاق فبراير وانحصر اهتمامه بإقرار الموازنات العامة والاعتمادات الإضافية. وقال المقطري بالرغم من وصف إحدى الدراسات لمجلس النواب اليمني بأنه أقوى سلطة تشريعية مقارنة بغيره من البرلمانات العربية في الدستور الذي منح البرلمان اليمني صلاحية التشريع والإقرار لهذه التشريعات ومساءلة رئيس الحكومة ووزرائه عن واجباتهم والموافقة على برامج الحكومة أو سحب الثقة منها وإقرار أو رفض الموازنات العامة إلا أنه للأسف ترك الجانب الرقابي مهمشاً وبدا منعدم الفاعلية بشأن متابعة تنفيذ توصياته، مؤكدا في ختام ورقته بأن المجلس أضعف من أن يحاسب الحكومة وضعيف في متابعة قراراته. نائب رئيس مجلس النواب أكرم عطية أكد خلال افتتاحه الورشة أهمية تنفيذ مثل هذه البرامج والأنشطة التدريبية في المجالات الرقابية لإثراء وتطوير التجربة الديمقراطية في اليمن من خلال الاستفادة من الدراسات والبحوث وتجارب الآخرين لتطوير التجربة. وقال عطية: أن أدوات الرقابة البرلمانية متوفرة لدى البرلمان من خلال الاستجواب والنزول الميداني وعمل اللجان الرقابي والحسابات الختامية والموازنات العامة للدولة وأن المجلس بدوره يستمع للباحثين والمهتمين لما لديهم وهم يعرفون ما لدى البرلمان وما لدى الدول الأخرى من تجارب. وشدد على ضرورة الاستفادة من أوراق العمل المقدمة في الورشة والعمل بجدية دونما مماحكات سياسية وأن تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وأن يستفاد من هذه النقاشات والدراسات والأبحاث لإثراء العمل الرقابي في اليمن. فيما استعرض رئيس منظمة (يمن باك) صخر أحمد الوجيه وممثل الصندوق الكندي لتنمية المبادرات المحلية أحمد اليمني البرامج والأنشطة التي يتم تنفيذها في هذا الجانب لتفعيل العمل الرقابي البرلماني. كما حمل النائب صخر الوجيه أعضاء مجلس النواب عن المؤتمر الحاكم والمعارضة مسؤولية تدني دور البرلمان التشريعي والرقابي إزاء مكافحة الفساد. وتساءل النائب الوجيه قائلاً لماذا نلقي اللوم على الحزب الحاكم فيما يعانيه المجلس من خلل أفقده دوره الرقابي في تعقب الفاسدين أينما وجدوا؟!”وقال إن المسؤولية الأولى يتحملها النواب المنتمون لهذه الأحزاب وبحسب نسبتهم.. لافتاً إلى أن هناك من الوسائل والأدوات الرقابية في الدستور ولائحة المجلس ما يمكِّن الأعضاء من تفعيل هذا الدور بالصورة التي يجب أن تكون. من جانبهم انتقد برلمانيون وأكاديميون ومثقفون خلال مداخلاتهم - التي تخللت الورشة - غياب دور البرلمان وقالوا إن السلطتين التشريعية والتنفيذية تعانيان من تدنٍ تعجزان معه عن معالجة كافة مظاهر الاختلالات وتطبيق الدستور والقانون والحد من الفساد المستشري في مختلف المجالات، حسب قولهم. واعتبر الدكتور علي صالح المصري أستاذ القانون بكلية الشريعة بجامعة صنعاء أغلبية أعضاء مجلس النواب مجرد منفذين لأوامر وتوجيهات حزبية، وهو ما أفقد السلطة التشريعية رقابتها العملية حسبما هو مخول لها دستوراً، خاصة وأن هناك مجالات معينة ما تزال محظورة مراقبتها كالنفط والمعادن. مشدداً على ضرورة تحمل أعضاء البرلمان مسؤولياتهم الدستورية والوطنية ليتكامل دورهم مع هيئة الرئاسة تجاه تفعيل وسائل الرقابة، مؤكداً أهمية قيام المجلس بتفعيل القواعد الدستورية ولائحته الداخلية بما يضمن محاسبة أعضائه. ودعا المشاركون في الفعالية من مثقفين وممثلي منظمات مجتمع مدني ونواب إلى إعادة الاعتبار لما أسموه “مؤسسة البرلمان” مطالبين بمعالجة ما وصفوه بالخلل الذي أعاق الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان للإسهام بفاعلية في مكافحة ظاهرة الفساد بصورة عامة، وتعقب الفاسدين ومتابعة قضاياهم بعد إحالتهم إلى القضاء حتى النهاية.