إنهم الآن يجتمعون داخل أسطوانة مجوفة يرتلون وصايا آخر شهيد وينسون ابنته جائعة على أحد أرصفة هذه المدينة المكتظة بالزائرين ثمة ضوء في البعيد يومض ربما هو الوطن يقولون : كعادته يتمزق لكي يلتئم عزلة في طور التشكل نبوءة تتكئ على عصا تثقب عين الأرض رايات كثيرة تحجب الشمس فكرة تولد بغير جناحين حرية تتنفس خلف الجدران إرادة مثل جرادة بقدم واحدة تقفز كل هذا بحضور بدوي الجبل بشبابته التي كلما مرر فيها الهواء أغرى الذئاب بالاقتراب من قطعانه الغائب الوحيد هذا الصباح: من يسأل ما الذي تبقى من الوطن حتى تقتسموه كأنك أمام مسابقة للقط أيها يموء أكثر أطول والجائزة مسبقا من حظ الجميع عشاء فاخر على طاولة موفنبيكية هنا يغيب الوطن وتحضر الأنا هي فقط .. تدخل في جنتها من تشاء ليس ثمة سياسي أمام الجميع يخلع سترته: أنا مستعد لكي أجلد لا أم احتفظت بحبلها السري لتشنق به الليل المخيم في أرجاء القاعة لا طفل بجسده الخاوي يلوح لا مشرد يطل برأسه المثقوب لا امرأة تشكو من جفاف جسدها لا ثائر دخل وعلى قميصه دم شهيد ينبض لا محاور اختار الصمت كدليل دامغ على أن لا أحد هنا حتى هو الجميع يثرثرون ويفكرون في الإعداد لجنازة تليق بهذا الوطن الكبير وطن تغلب على الغزاة والفقر والجهل ... لكنه أخيرا سقط فريسة بين أيدي من أحبهم وطن مثل رقعة الشطرنج أسود xأبيض خارج حسبة السياسين لا وجود له إلا في كتب المدارس والخرائط القديمة خلف جدران السجون وعلى الأرصفة التي تتبدد لكي تتشكل.