ثمة شحوب وبقايا لقطرات من شمس لم تغب لكنها تتلاشى فجأة امام هول غمامة سوداء و شيء من العصف يطيح باشجار كانت على بعد عدة امتار منه. أصغى الى الصوت جيدا. لم يكن صادرا عن باب مغلق غادر موقعه وصار هشيما و لا من خلف الجدران فهي الاخرى قد انبسطت لتزيح للعراء فسحة كبيرة اجتاحت كل المسافة امام ناظريه.ما شعر يوما برغبة في اسناد ظهره الى جدار كما هو الحال الآن. اشتهى وجودها قربه لينتصب كل ما هوى او ليطغي صوتها على وجيب قلبه المذعور و وجله من هاتف مرعب يتموج عبر اعماقه مخترقا نسيج كارثة قد امتزجت بما حوله فاضحى كثوب فضاء ممزق تتساقط من هزيل ما رتق منه كواكبه و مجراته و تختفي في ابهامه الجهات الاربع. فكر و هو يرتعد هلعا: لا بد للعين من شيء كي ترى و لابد للاذن من صوت كي تسمع غير ان هذا مشروط بوجود الاخرين و الاشياء اما ان تكون على مسرح بلا حدود و حيدا بعد طوفان دون منقذك نوح و دون تحذير مسبق و انذار بوقوع خطب ما فهو ما يجعلك تفرك عينيك مرارا و تثقب اذنيك باصابعك و تصفع خدك لتصحو من كابوس؟؟. تساءل و قد انتحى به الجنون جانبا و خلا به خلوة لا مناص منها و هو يتمدد على الهلام الذي كان تحته و فوقه و كل ما حوله : _اين القرية الصغيرة التي كانوا يسمونها الكون؟