هائل سلام رد اعتبار : الشعب اليمني ‘عانى طويلا'مالم يعانيه اي شعب' اذ لجأ الى الجبال فرارا من بطش السلطات' المتعاقبه عبر العصور' وخاض ‘ببنائه المدرجات الزراعية ‘ ملحمة نضال انساني فريد..مرير..ومجيد ‘ضد قسوة الطبيعة وغوائل الزمن.. منجزا بذلك ‘واحدة من اعظم ملاحم النضال الانساني ضد عوامل القهر' والبطش ‘واليأس والقنوط. فيما اتجه الكثير من ابنائه الى البحار ‘ وتغربوا في اصقاع الارض ‘ بحثا عن فرص للعيش الكريم. في وقت لم تكن فيه الوجهة معروفة ‘ولا الجغرافيا ‘ ولا الاديان ولا اللغات. مايجعله جدير حقا بالحياة والحرية والكرامة. وقد جاءت الثورة الشبابية الشعبية السلمية' كفرصة تاريخية ‘واستثنائية' لاتتكرر بسهولة ‘للانعتاق من استبداد القرون' ومن كل عوامل القهر والبطش والظلم والعسف والتنكيل..اذ مثلت اتحادا للشعب' دون تمييز ‘على اي اساس' ضد الاستبداد والطغيان ‘ومصالحة وطنية،شاملة، ضد الفساد.. هي بمثابة رد اعتبار تاريخي لهذا الشعب الاصيل ‘ وانتصار لكل اجياله. علينا الا نهدرها' بأي حال. فحين تسنح فرصة' تاريخية ‘ كهذه' فعلى (الحكمة) ‘نفسها ‘ ان تثور' وتستمر' حتى تقطف ثمار ثورتها كاملة. نبيل سبيع وديع سعادة: “في تلكَ القريةِ البعيدةِ، على أرضِ بيتٍ من تُراب، مشيتُ أولى خطواتي وكانت قدمايَ حافِيَتَيْن. لم يكن أبي من المؤمنين بأنَّ على الواصلينَ لتوِّهِمْ إلى الأرضِ أن يتعرَّفوا إليها بلحمِهِمْ، لكنَّهُ كانَ عاجزًا عن شراءِ حذاء. كنتُ أعرفُ أنَّ الأحذيةَ التي أرتديها هي أحذيةُ إخوتي، بعدما لُمِّعَتْ وأضيفت إليها مسامير. كنتُ أبتسمُ، لكنَّني لم أكن سعيدًا. أعتقدُ أنَّ هناكَ شَرْطًا للسعادة: أن يكونَ الحذاءُ الذي ترتديهِ جديدًا. لا أعرفُ أناسًا سُعداء بأحذيةٍ عتيقة. كيفَ يمكن أن يفرحُ واحدٌ وحذاؤهُ قديم؟ هناكَ مثلاً ناسٌ يشيخونَ باكرًا بسببِ أحذيتِهِمْ. وناسٌ يموتونَ بسببِ أحذيتِهِمْ. ولا شكَّ أنَّ في التاريخِ شعوبًا انقرضَتْ أو أُبيدَتْ بسببِ أحذيتِها أيضًا. وأنا لا أستطيعُ أن أنكرَ أنَّ أحذيةَ إخوتي كان لها تأثيرٌ كبيرٌ في حياتي: في حزني الباكرِ، وحزني اليومَ، وخجلي، وضعفي، وفشلي في الحُبِّ والحياة. ولا شكَّ كانت سببًا في هجري المدرسة، وتشرُّدي، ونومي على الطرقات. حتَّى في نحولِ جسدي وتوقُّفِ نُمُوِّ طولي، وفي جلوسي الآنَ وحيدًا في هذه الغرفةِ التي غابَ عنها الشعاعُ، بسببِ غيمةٍ على الأرجح، غيمةٍ قد تُمْطِرُ، وحينئذٍ استطيعُ أن أقفَ على النافذةِ وأتأمَّلَ المطر”. (من “لحظات ميتة- بسبب غيمة على الأرجح”)