لا نستغرب دائما إن قست الحياة علينا نحن الكبار؛ لأن خبرتنا قد أعدتنا للمواجهة والفوز والخسارة. ولكن إذا قست الحياة على طفل في التاسعة من عمره أجبرته الظروف أن يواجه الحياة بكل ما فيها من سعادة وشقاء ويواجه مصيره ومصير أسرته بنظرات حائره تائهة.. هنا تكمن الغرابة بكل معانيها... في الوقت الذي يعيش فيه الأطفال في مثل سن عبدالعزيز طفولتهم يلعبون، ويتعلمون ويمارسون حياتهم الطبيعية، يسعى عبدالعزيز للتكفل بالعناية بأسرته المكونة من والدته المريضة وثلاثة إخوة يصغرونه سناً. يتحمل مسئوليتهم، يسعى خلف طلب الرزق وجمع المال للنفقة على أسرته في غياب والده الذي سيدوم لخمسة أعوام في سجن إحدى الدول المجاورة بسبب تهريبه للقات. وباعتقادي أن والد عبدالعزيز لوكان يعلم عواقب ما قام به لحسبها مليون مرة مهما كان سيجني من أموال. فغلطته هذه غيرت مصيره ومصير أسرته ودفعوا الجميع الثمن. رغم كل الصعوبات والمعاناة إلا أن عبدالعزيز لم يظهر أي نوع من أنواع التذمر. عيناه كانتا مليئتين بالألم الممزوج بالإرادة القوية والتصميم لتجاوز المحنة مهما كانت التضحيات المقدمة. وهكذا تستمر حكاية أطفالنا ومعاناتهم من مصير قد كتب عليهم ولم يكن لهم يوم الاختيار. فما يزرعه الكبار يجنيه الصغار سلباً كان أم إيجاباً. وهذا حال الكثير من الأسر اليمنية التي جعلتهم الحاجة والفقر يدفعون أطفالهم للمجازفة والمخاطرة لإعالة أسرهم متناسين العواقب وما قد ينتج عنها. هذا فصل من حكاية عبدالعزيز وآلاف الأطفال ممن حرموا من حقوقهم كأطفال ومازال هناك فصول عديدة في حياة عبدالعزيز لا نعلم ما قد تكون وإلى أين تمضي، ولكن على الأقل نستطيع جعلها سعيدة ومليئة بالأمل. نستطيع أن نغير مصيره ومصير آلاف بل وملايين الأطفال ومعهم نرسم فصلاً جديداً لحياة جديدة.