قالوا عن الأمة الإسلامية: إنها تمرض لكنها لا تموت.. وإذا كانت الأمة الإسلامية في أيامنا هذه تعتبر جسماً مريضاً كما يرى بعض المفكرين المعاصرين فإن القاعدة هي تشنجات ذلك الجسم المريض.! وما ينبغي إدراكه هنا هو أن القاعدة ليست ظاهرة جديدة في تاريخ أمتنا، بل كانت هنالك ظواهر مشابهة لها في الماضي، وكلها اتسمت بردود الأفعال الآنية، وضيق الأفق، ومصادمة سنن الله الكونية والشرعية، وكلها ارتبط ظهورها بالحالة المرضية التي تعتري الأمة (حالة ضعف وهوان الأمة، وفقدانها لدورها الحضاري) فكانت عبارة عن جماعات ميتة اجتماعياً وحضارياً، ولم يكن لها من أثر يذكر، فلم تحسم مع الأعداء معركة، ولم تقد في حياة الأمة تحولاً، وكانت غالباً ما تنحرف لديها البوصلة فتتحول عن استهداف أعداء الأمة إلى استهداف أبناء الأمة باعتبارهم العدو القريب، والقريب أولى بالقتل.!! والأمر هنا أشبه بحالة الجسد المريض الذي يدخل في نوبة تشنجات حادة، فيؤذي نفسه ويؤذي من حوله بتلك التشنجات، وبالتالي لا يمكننا أن نبحث عن العقل أو الحكمة في تلك الأفعال التشنجية.! إن القاعدة وهي ترفع شعار الجهاد كغطاء لأفعالها التشنجية تجهل أو تتجاهل أن الجهاد الذي حققت به أمتنا انتصاراتها الكبرى كان جهاد الأمة الواعية، وكان مقترناً بالرؤية الحضارية، وقائماً على فقه سنن الله في حياة الأمم والشعوب، وبالتالي كانت الأبعاد الحضارية والإنسانية حاضرة في كل المحطات الجهادية التي شكلت منعطفات هامة في حياة أمتنا. وبعيداً عن الخوض في النوايا فالقاعدة وأخواتها من الجماعات الفاقدة للرؤية الحضارية تثبت يوماً بعد يوم أنها ليست سوى مشاريع للغباء السياسي والانتحار الجماعي، وأنها ليست أكثر من ردود أفعال آنية وقصيرة النظر ومحدودة الأثر.. ويمكن القول: إنها لا تعدو كونها تشنجات تنم عن حالة مرضية تعتري الأمة، وسوف تزول حين يستعيد جسد الأمة عافيته، ويتجاوز محنته... [email protected]