سنحرص في هذه الزاوية على الإشادة بمناطق التميزفي المشهد الغنائي اليمني والعربي، وأثر ذلك في خلود الكلمة المغناة وأثرها فيما بعدها، وكذلك الإشارة إلى مكامن الضعف في شعرية كثير من الكلمات المغناة، وأثر ذلك في الإساءة لذوق المستمع الجيد، وخلخلة ذائقة المستمع البسيط. واخترنا أن تكون البداية من أغنية نجحت، وتميزت، وأثرت كثيراً. نتحدث إذاً عن(مطر .. مطر) للشاعر الكبير حسن عبدالله الشرفي، وهو علم من أعلام القصيدة الفصحى والعامية في اليمن، ولم يغن من شعره الكثير، فهو حذر في التعامل مع الفنانين، لكنه ظهر غنائياً من طراز رفيع في تعاونه مع الفنان الكبيرأيوب طارش في هذه الأغنية. وفي مقام هذه الأغنية نشير إلى أمور: 1 كلمات الأغنية جمعت بين الشعبية والشعرية، رغم أن كثيراً من الشعراء الغنائيين يضحون بأحد الأمرين. 2 تتعامل وسائل الإعلام أحياناً مع هذه الأغنية على أنها من أغاني المطر، يتعمدون بثها في أوقات نزول المطر، وهم بذلك ينظرون إلى المقطع الأول منها فقط، وهي في الواقع أغنية عاطفية، مملوءة بمعاني الحب الجميلة، يتم التعامل معها على هذا الأساس ولا ترتبط بوقت معين. 3 امتلأت المقاطع بصور شعرية جميلة مثل: (الظبا بينه تدور مكنّة)- (الحب قرقوش ما مثله ولا أي قرقوش)-(فرشت قلبي لكل أسمر عيونه مرايا) وفي كل مقطع منها تتحدث عن نفسها بأن الشعر الغنائي الحقيقي يكون هكذا.