حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استيراد السيارات.. بين فرص المزادات ومخاطر التعاملات..!!
بعد أن تمكن كثيرون من جلب مركبات فارهة عبر الإنترنت
نشر في الجمهورية يوم 29 - 06 - 2013

رغم مضاعفة التعرفة الجمركية على السيارات المستعملة التي يزيد تاريخ صنعها على السنتين ورفع رسومها من(5 %)إلى(15 %) وإلى أكثر ورغم التكاليف التي تصل غالباً إلى أضعاف قيمة الشراء من المصدر, ورغم العراقيل والمخاطر المتربصة بالعملة هنا وهناك؛ إلا أن ذلك لم يقلل كثيراً من الإقبال على استيرادها.. فقد وفرت مزادات البيع عبر الإنترنت صفقات جيدة لاقتناء سيارات مستعملة فارهة واستيرادها بأسعار تتناسب مع متوسط مستوى دخل الفرد في اليمن، ووجد الكثيرون في ذلك فرصاً ممتازة للعمل والكسب وخوض غمار التجارة الإلكترونية عن بعد.. هذا الملف يسلط الضوء على تلك العملية وبعض ما يرتبط بها من إشكالات ونشاطات.
مزادات الكترونية
في مكتب صغير لاستيراد السيارات المستعملة بصنعاء والذي بدا وكأنه مقهى إنترنت جلس الأخ أحمد العواضي أمام شاشة أحد أجهزة الكمبيوتر يطالع عبر النت عروض أحد المواقع لسيارات مستعملة في أمريكا معروضة للبيع بالمزاد الإلكتروني، وقع اختياره على إحدى السيارات وقرر دخول المزاد عليها.. دفع لصاحب المكتب المبلغ الذي يرغب أن ينافس به ودخل المنافسة باسم صاحب المكتب الذي تولى إكمال بقية الإجراءات بعد أن رسا المزاد عليه بمبلغ (600) دولار فقط ثمناً لسيارة موديل 2003م، موديل يعتبره المستخدمون في الدول الأخرى المتقدمة قديماً بل ربما قديما جداً لدى المجتمعات المرفهة اقتصاديا, لكنه لدى معظم اليمنيين يعتبر من الموديلات الحديثة الفارهة بل يراه كثيرون موديل حديثا جداً مقارنة بالكثير من السيارات التي تكتظ بها الشوارع ومعظمها من الموديلات المصنوعة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حتى موديلات التسعينيات تعتبر حديثة نسبياً لدى اليمنيين ومرغوبا اقتناؤها إذا ما كان سعر عرضها مناسباً..
الأسعار المغرية
الثمن الذي رسا عليه العواضي يجده الكثيرون سعراً مغرياً قلما تحصل به هنا على سيارة من موديلات الثمانينيات وبأي حالة كانت؛ لذا فإن السيارات المستعملة في دول عديدة وبالذات في أمريكا يجد اليمنيون في عروض أسعارها المتفاوتة إغراءات كبيرة لشرائها واستيرادها رغم أن ذلك السعر قد لا يمثل سوى نسبة لا تتجاوز 30 % من إجمالي المبلغ الإجمالي لتكلفة استيراد السيارة وتجهيزها للاستخدام النهائي.. فالعواضي دفع مبلغاً إضافياً (1100) دولار مقابل رسوم الشحن مع قيمة خدمات المكتب، إذ تمثل تكلفة النقل للسيارة نسبة مرتفعة من إجمالي التكلفة وخاصة إذا كانت السيارة أرخص، ولا يقف الأمر عند هذا الحد فالرسوم الجمركية والضريبية التي تُدفع هنا في الميناء تشكل النسبة الأعلى من التكلفة وربما تبلغ ضعف سعر الشراء كما في حالة العواضي الذي قال إنه دفع أيضاً مبلغ(1200) دولار رسوم جمركية وتكلفة تخليص وحتى إخراج السيارة من الميناء.
وتستنزف التعرفة الجمركية ذلك القدر الكبير من التكلفة الإجمالية لكل سيارة مستعملة يتم استيرادها لأسباب عدة حسب إفادة الأخ جمال الخطيب سكرتير نقابة مستوردي السيارات المستخدمة الذي قال: “إنه لا يتم الترسيم على أساس سعر الشراء بل على أساس قيمة جمركية باحتساب سعر آخر موديل جديد لطراز السيارة وثانياً بسبب رفع الرسوم الجمركية على السيارات المستعملة إلى ثلاثة أضعاف رسوم السيارات الجديدة وأكثر تصل جمركة المستعملة إلى أعلى من جمركة الجديدة، وتتعمد الجمارك أيضاً في عملية مجحفة تحديد القيمة بأعلى من القيمة الحقيقية للسيارة الجديدة في سنة صنعها وهذا أيضاً عبء إضافي”.
كلفة شبه مناسبة
رغم تلك التكاليف العالية التي تصل بالقيمة الإجمالية إلى أربعة أضعاف وخمسة أضعاف السعر الفعلي الذي يتم به الشراء من المصدر إلا أن ذلك لم يقلل أو يحد عن عمليات شراء واستيراد السيارات والمركبات المستعملة، ويرى المستخدمون هنا أن المبلغ الكلى الذي يكلفهم في الحصول على سيارة مستعملة مستوردة هو مبلغ مناسب مقارنة بحالة المركبة وخصوصاً أن أغلب تلك السيارات يجدونها نظيفة ولها صلاحية عالية رغم أن العديد منها تصل وبها بعض الأضرار التي تحتاج إلى صيانة وإصلاح.. وقد يكلفهم ذلك مبلغاً إضافيا لا يعد كثيراً مقارنة بتكلفة الترسيم الجمركي والتخليص.. ففي حالة العواضي كلفته عملية الصيانة مبلغ (300) دولار لتصل القيمة الكلية لسيارته ذات الموديل 2003 إلى (3200) دولار وهو ثمن يجده جيداً كما قال ومتناسب جداً.
محترفون
الرواج الكبير الذي تشهده تجارة واستيراد السيارات المستعملة تضافرت في تحقيقه عدة عومل ومنها تطور سوق التجارة الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت الدولية والتي فرص مناسبة وممتازة للعديدين للاستثمار في هذه السوق إذ وجد العديد من الشباب فرص كبيرة ليصبحوا تجاراً محترفين في استيراد السيارات والمركبات المستعملة.. ففي حين اكتفى البعض بالعمل كوسطاء استيراد فقط للراغبين بالشراء المباشر, فإن الكثيرين احترفوا المهنة كتجار ماهرين يجيدون عقد صفقات ممتازة في استيراد سيارات قليلة الاستعمال وتضاهي جودة السيارات الجديدة كلياً.. ويبدوا أن هؤلاء التجار الناشئين باتوا يواجهون مصاعب جمة بسبب ذلك إلا أن هذا لم يثني عزائمهم أو يقلص من نموهم.. وإذ تشير بيانات مسح التجارة الداخلية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء أن عدد تجار مركبات الركاب المستعملة بلغوا العام 2009م حوالي(362) تاجرا يعمل معهم حوالي (1080)عاملا..
- لكن الأخ علي قحطان أمين عام نقابة تجار ومستوردي السيارات والمعدات والمركبات المستخدمة أكد أن عددهم يصل الأن إلى حوالي (1000) تاجر يعمل معهم ما يقارب ال (5000) عامل وموظف بشكل مباشر ويستفيد من عملهم ونشاطهم بشكل غير مباشر ما يزيد عن ال (160000) عامل ومهني من ذوي الصلة بتجارة وصيانة وإصلاح السيارات المستعملة ولوازمها وكذا العاملين في مجال نقل الركاب.. مشيراً إلى أن هذه التجارة تورد مليارات الريالات إلى خزينة الدولة كإيرادات مباشرة من الرسوم الجمركية التي قال أنها حصلت العام الماضي أكثر من 18 مليار ريال من جمركة السيارات المستعملة.
غلطات وشطارات
هذه التجارة قد تغري بعضاً ممكن لا يملكون خبرة كافية فيغامرون بدخولها وهي مغامرة قد تعرضهم في بعض الأحيان للخسارة؛ لأن المعاينة غير مباشرة لما يقومون بشرائه من المصدر وتحتاج إلى خبرة في تقييم السيارة من خلال الصور المعروضة في النت, وكثيرون لا تتوفر لديهم هذه الخبرة.. وحينما تصل السيارات بعد شرائها قد يكتشف مستوردها أن إحداها بها عيب كبير تكلفة إصلاحه يفوق مستوى جدواها وقيمتها بحيث لن يستطيع بيعها بنفس المبلغ الذي أنفقه فيها فيضطر إلى التخلي عنها وتركها في ساحة الميناء قبل جمركتها متفادياً التعرض لمزيد من الخسائر فيها مقتنعاً بخسارة ما سبق أن خسره من أجور شحنها ونقلها وقيمة شراءها كونها أخف الخسائر.
- كما قال الأخ محمد العسكري وهو تاجر ومستورد سيارات مستعمله ويعمل أيضاً من خلال مكتبه وسيط استيراد للراغبين في الشراء المباشر من المصدر مفيداً أنه وقع عند بدء نشاطه في عملية شراء خاسرة لسيارة أضطر إلى تركها في الميناء ولكن هذه العملية كما قال هي واحدة
فقط من بين عشرات العمليات الناجحة التي حققها.. منوها أنه مقتنع بالتخلي عن تلك السيارة لتتصرف فيها الجمارك كما تشاء لمصلحتها وفقاً للقانون..
- من جانبه قال الأخ مختار البيضاني مستورد سيارات مستعملة: “إن المصدر الذي يتم الشراء منه يوضح كل عيوب السيارة ولا تصل السيارة إلا كما وصفها وبيّنها المصدر لكن قلة الخبرة لدى بعض المشترين عن بعد, وعدم إلمامهم التام باللغة الإنجليزية وبكل المصطلحات التجارية والفنية المستخدمة في وصف السيارة المعروضة بالنت قد توقعهم في إحدى العمليات الخاسرة”..
ماذا تنتظر؟!
لكن عمليات الاستيراد الخاسرة تلك والتي يُضطر أصحابها إلى التخلي عنها وترك السيارات في الميناء بعد معاينتها مباشرة واكتشاف أن صفقة شرائها كانت غير رابحة؛ كم تمثل نسبتها من إجمالي عمليات الاستيراد للسيارات المستعملة ككل؟!.
هذا ما حاولنا معرفته من الجهات الرسمية ذات العلاقة بدءاً من مصلحة الجمارك ووزارة النقل المشرفة على الموانئ لكن لم نلمس لدى تلك الجهات تفاعلاً وتعاوناً كافياً ففي مصلحة الجمارك ظل كل مسؤول يحيلنا إلى مسؤول أعلى وصولاً إلى رئيس المصلحة الذي امتنعت إدارة مكتبه عن السماح بمقابلته وأقعدتنا دواماً كاملاً في ردهتها بانتظار إذن من الرئيس كما قالت ثم انتهى المطاف بها بإبلاغنا باعتذار رئيس المصلحة، أما في وزارة النقل فقد بدت الوزارة أثناء الدوام الرسمي خالية تماماً من تواجد أي مختص أو مسؤول يستطيع التوضيح والرد على استفساراتنا.. لكن نقابة تجار ومستوري السيارات والمركبات المستخدمة مثلت وجهتنا الأخيرة والتي أوضح أمينها العام أنه بالفعل تصل الميناء سيارات معدومة ومنتهية وفيها أضرار وعيوب تفوق جدوى إصلاحها وصيانتها وهي تترك في الميناء؛ وأن تلك السيارات تراكمت هناك لسنوات نتيجة لعدم قيام الجمارك بالتصرف فيها حسب القانون الذي يخولها بالتصرف ومصادرة أي سيارة تترك في ساحة الميناء أكثر من المدة المسموح بها قانوناً.. مضيفاً أنها -أي الجمارك- ترفض في نفس الوقت جمركتها تشليح كقطع غيار مستعمل.
مضيفاً “لكن رغم ذلك فإن تلك السيارات لا تمثل سوى نسبة ضئيلة جداً من إجمالي بقية السيارات المستعملة المستورة فالبيانات المتوفرة لدينا بدقة تفيد أن إجمالي السيارات غير الصالحة بلغت طيلة السنوات السبع الماضية أي منذ عام 2005م وحتى نهاية العام الماضي 2012م حوالي (549) سيارة ومركبة من إجمالي (143012) سيارة ومركبة مستعملة تم استيرادها خلال تلك الفترة, أي بنسبة لا تتجاوز أربع سيارات من كل ألف سيارة.. منوهاً بأن تركها ومراكمتها لسنوات في ساحة الميناء هي عملية مقصودة من إدارتي الجمارك والميناء بهدف تضخيم العدد وتشويه الصورة حتى يتسنى لها تبرير وتمرير قرارات جائرة ضد نشاط استيراد السيارات المستعملة.
متسائلاً: “وإلا ماذا يحول دون تطبيق القانون والتصرف في تلك السيارات المتروكة في ساحات الموانئ وخصوصاً أن بعضها لها أكثر من عشر سنوات متروكة هناك؟!..”
من الخليجي إلى الغربي
مهما يكون الأمر فلا يخفى على أحد أن معظم السيارات التي تمخر شوارع وطرق اليمن دخلت البلاد وهي بحالة مستعملة إذ تشير التقديرات أنها تشكل
أكثر من 85 % من إجمال كل السيارات والمركبات التي تسير بأوراق رسمية قانونية وحوالي (100 %) من السيارات غير القانونية (المهربة) وعملية استيراد وإدخال السيارات المستعملة هي حكاية قديمة أقدم بكثير من بدء الاستيراد الإلكتروني عبر الإنترنت وظهور مزادات البيع والشراء في مواقع الشبكة العنكبوتية.. فمنذ زمن طويل كان يتم استقدام وإدخال السيارات المستعملة من دول الجوار والإتجار بها هنا.. وأغلبها كانت تُجلب بشكل شخصي وفردي من قبل المستخدمين أنفسهم.. وحتى حينما شرعت الحكومة في منع ترسيمها جمركياً لجأ الناس إلى تهريبها ولم تنعدم أمامهم الوسائل للسير بها بأرقام ولوحات معدنية رسمية أما في المناطق النائية لم يكونوا بحاجة إلى لوحات وأرقام عهدة أو شراء لوحات وتوليف أوراقٍ لها.. ولذلك كانت
تضطر الحكومة من وقت إلى أخر إلى فتح الباب لفترة محددة لترسيم السيارات غير المجمركة وفي كل مرة يتم اكتشاف عشرات ألاف السيارات والمركبات التي يقبل أصحابها على ترسيمها.. وفي عام 2005م تم السماح بجمركة ما مضى على تصنيعها سبع سنوات برسوم حُددت ب 5%, وتراجع استيراد السيارات المستعملة من دول الجوار بشكل تدريجي مع تنامى استيراد السيارات المستعملة الفارهة ذات الاستخدام الأوروبي والأمريكي والأسيوي.. وأتاحت السوق الإلكترونية اكتشاف أن معروضاتها من السيارات المستعملة غربياً هي الأفضل والأنسب سواء من حيث الأسعار وأيضاً من حيث مستوى نظافتها وصلاحياتها للاستعمال حسب معايير الجودة لدى اليمنيين.. “فالخليجيون سيئوا الاستخدام للسيارات, والسيارات بعد استخدامهم حتى ولو كان قليلاً فإنها تأتي بحالات غير ممتازة (مجعوثة) حسب قول محمد العسكري الذي أضاف: إن اليمنيين أيضاً ليسوا أقل سوءً في استخدام السيارات..
بين مؤيد ومعارض
استيراد السيارات المستعملة أثار جدلاً وسجالاً لم ينقطع بين مشجعين ومؤيدين من جهة وبين منتقدين ومعارضين من جهة أخرى؛ إذ يقول الأخ عبدالله الرشيدي: أحد المنتقدين: “إن هذه العملية جعلت بلادنا مكباً لنفايات السيارات الخردة”. ويضيف إليه الأخ معاذ الحبشي: “إن تلك السيارات المستعملة تتسبب في معظم الحوادث المرورية لعدم صلاحيها الفنية”.. أما الأخ مروان الصلاحي فيقول: “ إن استنزاف مخزون البلد من العملات الصعبة في استيراد السيارات المستعملة هو من أكبر أضرار هذا النشاط إضافة إلى خسائر تكلفة الإصلاح والصيانة لتلك السيارات”.
وهكذا تتوالى حجج المنتقدين والمعارضين، لكن أراء المشجعين والمؤيدين أتت مغايرة حيث يرد الأخ إيهاب الدبعي على من يدعي أن اليمن صار مقلب نفايات قائلاً: قبل السماح باستيراد المستعمل كان التهريب مستمر وعلى مدار الساعة وليس هناك فائدة للبلد سوى كثرة السيارات المجهولة الهوية والإيرادات صفر وأما مسألة القديم كلنا نشاهد بلدان العالم المتحضرة والغنة ومنها دول الخليج استخدامهم جميع أنواع السيارات من الستينات والى اللحظة رغم قدرتهم على شراء أخر الموديلات”.. مضيفاً:” بل عل العكس من ذلك فإنه إذا ما تم التسهيل أكثر لاستيراد السيارات المستعملة وكلها حاليا نظيفة وحديثة فسيتيح الفرصة لليمنيين باقتناء سيارات أحدث وأفضل من السيارات المتهالكة والقديمة جداً التي تملء شوارعنا من زمان وتشكل غالبية وسائل النقل وهي رغم أنها تستهلك وقودا أكثر وتكلف أكثر في صيانتها إلا أنه لا خيار أمام المواطنين سوى التشبث بها إلى النهاية؛ لأن استيراد السيارات المستعملة الحديثة مازال يواجه تعقيدات وعراقيل”.. أما الأخ عمار عبدالحكيم وهو جندي مرور فيرد ساخرا على الادعاء بأن استيراد السيارات المستعملة يقف وراء ازدياد الحوادث المرورية قائلاً: “هذا ادعاء سخيف؛ إذ إن أسباب كل الحوادث المرورية في بلادنا معروفة وتعود إلى سوء القيادة والسرعة الزائدة والتجاوزات الخاطئة ورداءة الطرق إلى آخر ذلك من الأسباب المعروفة.. وإذا كان الأمر كما يدعيه البعض لماذا السيارات الجديدة تماما تتعرض للحوادث هي أيضاً!؟ بل أغلب الحوادث تقع لسيارات جديدة تغري السائق بالسرعة والتفحيط فيقع في مواقف مفاجئة يعجز عن تفاديها”.
واقع السوق
خلاصة الأمر أن الإقبال على استيراد السيارات المستعملة يبدوا أنه يتنامى بشكل ملفت للنظر وبأسرع من ذي قبل فقد وجد اليمنيون في السيارات المستعملة غربياً مستوى مناسب من الجودة والسعر ما يناسب قدرتهم الشرائية المتدنية والعاجزة تماما عن اقتناء السيارات الجديدة.. إذ بات شراء السيارات الجديدة كلياً محصوراً على الحكومة والشركات والمؤسسات التجارية الاعتبارية وفئة محدودة وقليلة من أفراد المجتمع وهم كبار التجار ورجال الأعمال أو أبناؤهم وكبار المسؤولين وقلة من ذوى المهن العالية الدخل.. ورغم أن بعض وكالات السيارات الجديدة تقدم عروض بيع بالتقسيط إلا أن شروطها الائتمانية المطلوبة والباهضة الكلفة لا زالت أعلى من بكثير من مستوى الموظف العادي أو المواطن المتوسط الدخل ومن قدرته على شراء سيارة بالتقسيط.. إذ إن التقسيط المعروض غير مريح ولفترة قصيرة لا تتناسب مع مستوى متوسط الدخل فضلاً عن إضافة فوائد كبيرة جداً وتراكمية على البيع تقسيطاً.. وتصل قيمة الفوائد المضافة في بعض الأحيان إلى ما يقارب القيمة الأصلية ذاتها للسيارة.. هذا إذا ما عرفنا أن وكالات قليلة ومعدودة هي من لديها مثل تلك العروض.. أما عروض البنوك التجارية التمويلية للتقسيط فلا أحد ينصح بها لأن فوائدها الربوية خيالية ومدوخة فعلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.