هو تضخم الأنا، مرض نفسي يصيب أشخاصاً بعقد متراكمة أنتجت شعورهم بالنقص تجاه معاني قيمية يتميز بها غيرهم نتيجة لاختلاف التركيبة الاجتماعية التي لا دخل للمفتقر لتلك القيم والغني بها. وعلى الرغم من أن متوالية الزمن دوارة وقد تضرب حظوظه لتلبس المعقد رداء مقلد طبق الأصل لتلك القيم، لكنه يكون متطبعاً بها، ويبقى طبعه الحقيقي هو الممنهج لسلوكه الحاقد على الآخر، وقد يصل إلى تميز معنوي ومادي وسلطوي، لا يمتلك غنى من القيم الذاتية، وتصبح المقارنة والتميز المجتمعي لصالحه، لكن ذلك التميز الذي ناله لم يتفاعل كيميائياً مع ذاته حتى يشكل مع نفسيته المعقدة إنساناً جديداً خالياً من العقد، لذلك يوظف تلك المكتسبات في محاولة تغييب الآخر من أي موقع يذكره بعقد نقصه. وكون بقاء حال أي معنى تطبع من المحال تبقى الجوانب القبيحة من التطبع لتنتج جنون العظمة وتضخم الأنا المفرغ، فيصيبه الغرور ويرى نفسه زعيماً، وجنون الزعامة أحد فروع جنون عظمة أصحاب عقد النقص، وهو يصيب شريحة من البشر الذين يفقدون التسلط فجأة ولم يعملوا حساباً لذلك الفقدان؛ بسبب وهمهم أن لتسلطهم الدوام، وهو فرط تقدير لذاتهم، وعليه نجدهم غير قادرين على تقبل الواقع الذي حافظ على مكتسبات مادية. لو فكروا بموضوعية لعاشوا بنفس مستوى التسلط وهم بلا تسلط، ورغم أن الأشخاص المصابين بجنون العظمة يتمتعون بذكاء، لولاه ما تسلطوا ووصلوا للنفوذ الذي منحهم الثروة التي لربما تحافظ على مستوى مميز لعيشهم خارج السلطة، إلا أنهم لا يقنعون بالتميز المادي ويدخلون بصراع نفسي وهذيان، وينهجون الزور التأويلي لفترة ما بعد النفوذ التي تبدأ بأمل استعادة التسلط والنفوذ وتنتهي بخيبة الأمل. بعد ذلك تبدأ مرحلة حقد تترافق بعدائية لعقد نقصهم، ويعتقدون قناعة أنهم يتعرضون لأذى وأضرار معنوية، فيدّعون أن هناك مؤامرات وخصوماً ومستأجرين ومتقمصين ومخترقين يريدون بهم السوء، ويصدقون أفكارهم الوهمية أن العجلة لو دارت على أعدائهم الوهميين لدارت إلى الخلف وأنها تسحب إلى الأمام بسبب الأعداء. وفي اعتقاد أمراض جنون العظمة أن ذلك ظلم عظيم عليهم، ولأن غالبية المصابين بجنون العظمة هم من شريحة حاديّ الذكاء، ومن يتمتعون بطموح غير محدد يتميز بعضهم بثقافة واسعة، فهم يوظفون تلك القدرات للوصول إلى هدف محدد هو فك أسرهم من عقدهم، بغض النظر عن سلوك التوظيف فيتفننون بمحاولة رمي الآخرين بقبحهم الذي تنتجه عقدهم، وينسلون معتقدين أن نضحهم بالقبح نضح إيجابي عليهم، سلبي على الآخرين. ولايدركون أن ذلك السلوك في محاولة استعادة ما فات والخوف من الآتي هو صراع نفسي عنيف يدمر كل المعايير التي يتسترون خلفها، ويكشف إحباطهم وإخفاقهم المتتالي، فيخرجون أسلحة دفاعية يطلقون من فوهاتها فرقعات تدوي حولهم، ويعجبون أنفسهم، والآخرون ليسوا بواديهم، فرقعات لا تصل مثلها مثل التهم غير المنطقية؛ لأن مطلقها الوهم وإنكار المريض لمرضه وتصرفاته هو إثبات لحقيقة مرضه.. وكونه يرسم بالكلمات نقرأ مسميات متعرجة الخطوط لأعدائه الوهميين هي الحسرة على مجد ولى، ومحاولة للعودة بالمفردات الملفتة للنظر إلى نجومية أفلت هو إحساس بأن الناس لا ينظرون إلى الآفلين، وأن هناك نجوماً سطعت وتربعت بلا عقد تضيء لبعضها وتولي بعضها وتثق ببعضها وتؤمن بالمشاركة بتواضع ليس للأنا في حياتهم موقع أنملة يؤمنون بأن الوطن للجميع يسعهم ولا يسمح بالإزاحة. يقولون: نحن هنا شركاء لا نقر بغير النقد البناء الموضوعي، لا تحركنا أمراض الانفصام، فتارة نقدح وتارة ننكر قدحنا، نحن لا نتقمص ولا نستأجر؛ لأننا لم نكن يوماً من مستأجري صالح في 22مايو 2006، ولم يستأجرنا لنقل عنه آنذاك إنه غاندي اليمن، ولم نتقمص الثورية في رمضان 2012 ، ونقول إنه فاشل في بناء دولة مؤسسات «واللي على رأسه كيبورد ينقر عليه».