قلنا: إننا في مرحلة الوفاق الوطني التي ينبغي الانحياز المطلق إليها في الأقوال والأفعال من أجل الوطن وأمنه واستقراره ووحدته وتفويت الفرصة على الرهانات الخاسرة والمخططات التدميرية التي أرادها أعداء الوطن للبلاد والعباد، غير أن المؤسف أن الفترة الماضية من عمر الوفاق الوطني أفرزت بعض المرض المزمن في قلوب وعقول من أصيبوا بحالة من الهوس وجنون العظمة فظل يدعي البطولات الوهمية ويطلق الألفاظ النارية المنافية تماماً لمفهوم الوفاق الوطني، وهذا الاتجاه الذي سلكه أصحاب المرض أتاح الفرصة لمن يحملون أحقاداً شخصية أو فئوية أو جهوية أو لديهم تربية خاصة نشّأتهم على الحقد والكراهية ضد الوطن، فحمل هؤلاء معاول الهدم والتدمير وبات همهم الوحيد صب الزيت على النار ليس أكثر. إن من يحمل معول الهدم ليس كمن يحمل أدوات البناء والتعمير ليس في مجال البناء المادي للوطن فحسب ولكن البناء الفكري المستنير للمواطن، لأن الأول همه المطلق الانتقام لما في نفسه من الأحقاد والضغائن التي تربى عليها، أما الثاني فإن همه بناء الوطن والمواطن وتحقيق الخير العام للناس كافة وإزالة أسباب البغض والكره الذي زرعه البعض خلال الزمن وانتشر خلال الفوضى التي طال فعلها كل شيء في حياة الناس، الأمر الذي يستدعي ضرورة الحذر ممن يسلكون سلوك الشيطان للنفخ في النار وعدم السماح لهم بإشعال نيران الفتنة من أجل أغراضهم وأحقادهم، وينبغي الإدراك الواعي لمثل هذه القضايا ولا يُقبل من القول إلا ما يخدم الصالح العام ويعزز الوفاق الوطني. لقد ظهر في المرحلة الأخيرة من الفوضى العارمة الحاقدون على الوطن وأظهروا أقوالهم وأفعالهم في ظل هذه الفوضى ليتبين الحقد الدفين ويظهر الهوى الشخصي والرغبة في الانتقام من الوطن، وهنا ينبغي التأكيد على وسائل الإعلام أن تتوخى الحذر في هذا الاتجاه وأن تكون وسيلة تنويرية تعزز الوحدة الوطنية وتخدم أهداف الوفاق الوطني وتساعد على إنجاز مهام المرحلة القادمة بما يحقق نشر التسامح وعدم السماح لمن لديه أحقاد شخصية وأهواء شيطانية ليسعى في الأرض فساداً باسم الحرية، وقد قلنا: أن الحرية مقيدة بالمصالح العليا للبلاد والعباد، فهل يدرك الجميع هذه الرسالة من أجل يمنٍ آمنٍ ومستقر وموحد بإذن الله؟.