رواية روحية تعليمية ترويحية ثورية عصرية وجدت نفسها وحيدة في عصر تكالبت عليها الأمم من الروايات والقصص والأخبار والمشهورات والأباطيل التي نكصت على عقبيها بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم وظهور ما يسمى بالفقه السياسي الذي انجرف وراء التيار ووجد نفسه بحاجة إلى من يوجهه فآثر إلا التقوقع. العلاقة الحميمة بين الروح ورمضان هي كالعلاقة بين رمضان والقرآن، فلولا وجود أحدهما ما وجد الآخر وهكذا , إن القراءة الأولية للقرآن تتطلب منك المهلة والروية فهناك تتضارب بك الأهواء والنزعات ما بين قراءة سطحية وبين قراءة فقهية وبين قراءة نحوية وبلاغية وسياسية وعقدية وشأنية ودنيوية ونفسية ودنيوية وروحية. هذا هو أنت وهذا هو القرآن دونك كل التأويلات والمسارات والأهواء والمشارب فكن في أي صنف اصطف في بالك وانتظم في روحك ولكنك تجد نفسك معزولاَ محصوراَ بين أربعة جدران منغلقاَ ضائقاَ صدرك مفتقر إلى ما يبعث الروح وينشط الوجدان ويأخذك إلى مصف الأولياء والصالحين المقربين العارفين ولن يتأتى ذلك إلا بالصفاء الروحي والتخلي عن القشور وعدم الالتفات إلى الحوادث العرضية فإنها بلية ما بعدها بلية ،فرق بين أن تكون قرئاَ وبين أن تكون عارفاً هكذا خاطبت نفسي وهكذا خوطب غيري , وفرق أن تطفو فوق سطح الماء وبين أن تغوص في الأعماق بين أن تبحث فتظفر بالتراب وبين أن تحمل اللؤلؤ والدر. حدثت نفسي قليلاَ فقلت لها: وها قد طلبت الفقه والنحو وكثيراَ من العلوم الأخرى وختمت القرآن فأين السبيل وكيف الخلاص؟ هل أغناك ما دار بين الفقهاء من جدل حول السواك والمضمضة في نهار رمضان , وهل يفطر من دخل الغبار جوفه , وما حكم نخالة الدقيق وشرب السيجارا؟ وغفوت ساعة. إنه لهلال شهر رمضان المبارك فأين أجده هل على المدار السابع أو المسار الرابع أو في الصحراء؟ وإذ بفقيه يصيح بي هناك على شاطئ البحر.. وحصل ما حصل فلم أجد سوى حبات من الرمل مزجت بكحل العين فحدثت نفسي هل أفطر إن اكتحلت ولو بقليل؟. هل حقاَ نحن أمة أمية لا تقرأ ولا تحسب, وما هي أساطير الأولين ,وكيف كُتب الصيام علينا كما كُتب على الذين من قبلنا ونحن هكذا حالنا؟ وثارت في الذهن عديد أسئلة هل كان رمضان معروفاَ بهذا الاسم من قبل أعني في الجاهلية وما الحكم في تسمية الجمعة وأين ليلة القدر وما شكلها وكيف هي الملائكة ومن الروح جبريل أم عيسى؟ كثيرة كثيرة هي الأسئلة في ذهني لك الله يا رمضان أنت الذي أثرتها فيّ وكنت قد أغمضت طرفي عنها ردحاَ من الزمن, لم تكن تلك الرواية بعينها , تلك كانت المقدمة.