هذا المقصد القرآني هو(محور) مقاصد الشريعة بأكملها, ذلك أن حماية الدين- إن جاز التعبير فهو. يمثل حق الله.. لكن بقية المقاصد المتمثلة في حماية الحرية والنفس والعقل والعرض والمال, كل هذه هي حق الإنسان. وإذن: فإن مقصد تكريم الإنسان- رعاية حقوقه: من صميم مقاصد القرآن بل هو محور مقاصد الشريعة, وحتى يتجلى الأمر جيداً, سنحاول الإشارة باختصار إلى مظاهر تكريم الله للإنسان ورعايته لحقوقه. فإلى مظاهر تكريم الإنسان. - نفخ الروح(ونفخت فيه من روحي) هذا التمييز.. لم يذكره الله سبحانه عند خلقه الملائكة ولا أي مخلوق غير الإنسان. - سجود الملائكة: هذا المظهر هو ملازم للمظهر السابق, وهو بمثابة التأكيد للأول, فالسجود لم يكن للهيكل البشري الطيني, وإنما جاء السجود مشروطاً “فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين”. وإذن: فالسجود لهذه النفخة ذات الصلة بالخالق المعبود ولا معبود سواه. - العلم: علم من نوع خاص. لايعرفه الملائكة, صحيح أن تكوينهم لم يكن لعمارة الأرض, ولكن في النهاية: هذا الإنسان خلقه الله لعمارة الأرض وسخر الملائكة له كما سخر له سائر المخلوقات, وسخر لكم مافي السموات ومافي الأرض جميعاً.. العلم هنا فيه تحدى.. أنبؤوني.. لاعلم لنا إلا ماعلمتنا؟ ياآدم أنبئهم بأسمائهم وهذا العلم هو طريق لتسخير السنن في الآفاق والكون, إذن: هو مظهر من مظاهر التكريم ملازم للعلم. - حرية الاختيار: إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال.. الخ الآية. قد يقال هذا ليس تكريماً والصواب أنه تكريم في غاية أعلى مراتب التكريم, ذلك أن العلم من أسسه العقل فلا علم بدون عقل ولا عقل بدون حرية اختيار, هذا أولاً أما ثانياً: فإن الذي يعطيك حرية الاختيار بعد مايمنحك أسسه- العقل, ثم يرشدك, ثم يخيرك, فإنه هنا قد بالغ في إكرامك - تشريع يحمي حق الانسان: هذا تكريم آخر فهو سبحانه وتعالى يجعل حمايتك أيها الانسان نفساً وعقلاً وعرضاً وأسرة ونسلاً ومالاً وحرية.. هذا كله (دين) الله وجعل المساس بحق الانسان وكرامته من أكبر الكبائر، بل إنه سبحانه وتعالى رتب الثواب والعقاب على حق الانسان باختصار جاء التشريع يحمل مايلي: - - جعل حماية كرامة الانسان وحقوقه(دين) وعبادة. - - الكبائر – كبائر الذنوب كلها محصورة في حقوق الانسان. - - جعل حق الانسان إذا أنتهك لاتنازل عنه ولكن حق الله، متروك لمشيئته سبحانه وتعالى إن شاء عذب وإن شاء غفر. - - تقديم حق الانسان على حق الله وهذا معروف من خلال: (رفع الحرج) ورفع كثير من العبادات عن المريض والحامل والمرضع والمسافر. - - مراعات الضعف البشري – فاتقوا الله ما استطعتم. - - يكفي أن الله سبحانه وتعالى كرم هذا الإنسان حيث قرر(80) جلده(حداً) شرعياً من قذف أبداً وإن تاب عقوبة اجتماعية رادعة وإلى هذه العقوبة ذهب أبوحنيفة ووافقه علماء كثيرون، وهو فهم سديد ودليله قوي جداً انطلاقاً من النص ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك هم الفاسقون، وإذن: تلكم هي أهم مظاهر التكريم، فهل نكون قربنا من الحقيقة عند القول أن من مقاصد القرآن تكريم الانسان؟ - وبعد وقبل ذلك: هل نقبل بأي قول ينتهك حق الانسان؟ مرفوض ما عدا النص الصريح الصحيح في الحدود والقصاص.