لن تجد عبثاً أكثر يستهويك كما في جدران الحمامات العامة، هذه المساحة الضيقة أثبتت أنها اكبر من حجمها، وان جدرانها تستوعب أفكاراً جنونية ولأكثر من شخص، وفي اليمن عموماً تجد كل شيء طريفاً تقول إحدى الشاعرات، فقد تكون هذه التدوينات نكتة ساخرة أو بيتاً شعرياً، أو ما شابه ذلك، لكن كيف ستقول لو رأت جدران حماماتنا، هل ستظل محتفظة بمقولتها أم إنها ستنسفها على الفور وتحولها لرأي آخر. يقول الدكتور عبد الله الفقيه: لقد أضحت جدران الحمامات أشبه بالمذكرات اليومية التي يُدونُ فيها الشباب سلسلة الأحداث التي يمرون بها ولا يستطيعون البوح بها بسبب الخوف أو الخجل, وذهب أحدهم للقول بأن من يريد معرفة أهم القضايا التي تشغل أية مجتمع فعليه أن يخطف نفسه ويذهب إلى حمامات الجامعات, ففيها سيجدُ كل ما خفيَ واحتجب من أتفه القضايا وحتى أكبرها وأخطرها، ويتابع الفقيه: قد يظن البعض أن هذه العادة موجودة فقط في اليمن, ولا يدري أن في الدول الأخرى ما هو أنكى وأبكى من الموجود في اليمن, حيث ستجد السياسة والشعر والغزل وتجارب الحب وأرقام التلفونات والرسوم والكلمات الإباحية, وكذلك الكلمات التي ما إن تقرأها حتى تجزم أن من كتبها أقرب إلى الجنون.. - وتؤكد الدراسات أن غاز النشادر يعمل على تنشيط الذاكرة، وهذا الغاز متوافر في الحمامات لذلك لا عجب أن تجد مثل هذه العبارات طريقها إلى الجدران، كونها جاءت في ساعة صفاء ذهني، ويرى المهتمون أن قلة الوعي هي السبب في انتشار هذه الظاهرة، لكن آخرون يرجعونها إلى طبيعة المجتمع الذي يحب التدوين على كل شيء، ولو كانت جدران الحمامات.