سأل الحفيد الجد حين أتاه كي يحكي له عما رآه السندباد من العجائب في البلاد قبيل أن يأوي الصغيرُ إلى المنام فقال: يا جدّي لماذا نحنُ في مايو لنا في العام يومٌ حينما يأتي يقول الناسُ عيدٌ؟ عيدُ ماذا كان يا جدي؟ وما معنى النشيد؟ ويا ترى من أين يأتي ذلك الألق المضيءُ على الشوارع والبيوت؟ وكيف تنهمر السماءُ زنابقاً من كل لونٍ؟ كيف تختصر المواسم كلّها في ليلةٍ حسناء قل لي؟ والورودُ متى تعلمت السلامَ على الجنود؟ تبسم الجد العجوز وكان يحمل في يدٍ عكازه الخشبي هل تدري بنيّ بأن جدك واحدٌ ممن تسلل للحدود ويومها كانت تفرقنا الحدود فلم أعد إلا بعكازٍ أخاف بأن أودع من يمر ولا يعود ولو عبرت على الحدود بُنيّ أو أُجبرت فيها أن تعود وأنت تنتعل المرارة كالغريب فهمت سر العيد حين تزول أما ما تراه من البشاشة في الوجوه وفي الوجود حكايةٌ أحلى لجدٍ تبعيٍ ٍعاش في العصر التليد وكان من أبنائه الأبطال والأقيال قد ملأوا المضارب والخيام بطولها في البقعة الخضراء من بحر الجنوب إلى الشمال وظل عنوان الحضارة واحداً مهما تغير كاتب التاريخ كانوا دائماً في أول الصفحات هل شاهدت أعظم من يد ٍ نحتت بصدر الدهر تاريخ الحضارة كلّها وتملكت سر الخلود؟! وحين جاءت حقبةٌ دست يد التاريخ فيها ثغرة للاحتلال تفرق الأحفاد والوطن العرين أفاق مذبوحاً تراه من الوريد إلى الوريد ومرّ عصرٌ بعد هذا كانت الأعياد لا تأتي كضوء الشمس في النصف الأخير وبعد آن ... صار للجيل الجديد إرادةٌ ليُعيد للوطن الممزق وحدةُ العنوان والعلم الوحيد يكاد يختزل المسافة والزمان جميعها في خرقةٍ ستلف جثمان الشهيد إذا تضرج في دماء النصر حياً كي يموت على ثراه وبينما كانت خيوط الفجر تنسج غرة اليوم الوليد بشهر مايو كان صوت الشعب يهتف بالنشيد على امتداد الأرض حقّق ما يريد كما أراد الله والرحمن ينصر من يريد فصار ذاك اليوم عيداً يا بنيّ وحينما يأتي على الدنيا يزيد تعانق الإخوان في اليمن السعيد