يعتبر فنّ الكاريكاتير من الفنون القادرة على القيام بدور فعال في المجتمع, إذا ما توافر له المناخ الديمقراطي المناسب, وخاصة أنه من الفنون التي تصل بسرعة إلى عقل الجمهور وقلبه، لخفة ظله واعتماده على الصورة، وتكمن أهميته التي تفوق أحياناً الكلمة المكتوبة، ويعتبر من أكثر الفنون ارتباطاً بالمحاكاة الساخرة والمبالغة ويعتبره البعض فن (المبالغة والتضخيم) بالخطوط والريشة، وفن النكتة المرسومة.. عرُف الكثير من الفنانين اليمنيين المتميزين والمجيدين لهذا الفن, الذي له محبوه وعاشقوه, وزاد الظهور أكثر إبان ثورة الحادي عشر من فبراير من العام 2011م، التي أوجدت مساحة كبيرة للفنون المختلفة, ومنها الكاريكاتير الذي ظهر وبقوة كماً وكيفاً, فلعب دوراً كبيراً في كثير من الفعاليات والأنشطة الجماهيرية الثورية حينها.. وإبرازاً لهذا الدور الفني والمجتمعي تم مؤخراً في صنعاء إشهار مشروع “لنرسم اليمن القادم” وقد عرضت أكثر من 60 لوحة كاريكاتيرية ل 26 رساماً من مختلف المحافظات اليمنية.. ويأتي افتتاح المعرض تزامناً مع افتتاح 16 معرضاً آخر بنفس التوقيت ب 16محافظة يمنية أخرى, وقد جسدت الأعمال الفنية التي عرضت أهم مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالحقوق والحريات وكذلك المواطنة المتساوية، وعكست هذه المخرجات برسومات كاريكاتورية تجذب فيها كل الشرائح ببساطة ويسهل إدراكها والتعامل معها بوعي وجدية.. بين هويتين الكاريكاتير: فن وفكر، وليس فقط إتقان رسم، فليس كل رسام يستطيع رسم فكرة، أو التعبير عنها بأبسط صورة، لأنها عبقرية، أن تجمع ما بين الفكر والرسم، فهو فن تشكيلي، كما أنه أيضاً فن صحفي، فقد جمع هويتين، ومن يتقنه فقد أتقن مجالين، كل ذلك كان من طبيعة هذا المشروع الذي تبنته منظمة بيئتنا بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية، فكانت البداية هنا مع مديرها التنفيذي أمين الشامي الذي أوضح أن هذا المشروع يأتي لتعزيز المشاركة العامة عبر رسوم الكاريكاتير المتعلقة بالمرحلة الانتقالية، وأضاف أنه بعد ما تم التواصل مع نخبة من فنانين الكاريكاتير من مختلف المحافظات, وعقد لقاء معهم في صنعاء استمر يومين, والذي حقق أهدافاً كبيرة من خلال استمرار التنافس في تقديم أفضل الأعمال والأفكار, التي ترجمت لمخرجات فرق متحاورة على رأسها فريق الحقوق والحريات.. - واستطرد الشامي قائلاً: تأتي أهمية هذا المشروع كونه أول تجمع للفنانين اليمنيين في هذا المجال, ويمثل فرصة للتعريف برسم الكاريكاتير, وأهم رموزه اليمنية والعربية والعالمية، وفرصة لمشاركة طلاب الكليات المهتمة بالرسم كالهندسة والفنون الجميلة .... الخ. الحوار الوطني عن طبيعة المشروع وفكرته العامة واصل الشامي حديثه بالقول: عملت المنظمة على لملمة واحتواء رسامي الكاريكاتير تحت مضلة واحدة، تجمع أعمالهم وتؤطر عملهم في نطاق واحد، وأيضاً إبراز أعمالهم الفنية لتصل إلى مدى واسع داخل المجتمع.. وحيث مخرجات الحوار الوطني واحدة من أهم القضايا التي يجب أن يشترك الجميع في التوعية بها والتعريف بأهم مخرجاته، وبما للكاريكاتير ببساطة من قدرة على الوصول إلى جماهير مختلفة المستويات والمعرفة وتعريفهم بالقضايا السياسية والمجتمعية بما فيها (الحوار الوطني ) الذي ينبغي أن تعايش مجرياته كافة شرائح المجتمع.. وبما لمخرجات الحوار الوطني من أهمية تمس حياة جميع المواطنين ومستقبلهم, فلا بد من استمرار التوعية بهذه المخرجات بأن يشارك فيها جميع أفراد المجتمع.. وكما هو معروف بأن رسامي الكاريكاتير يمثلون أفضل فئة يمكنها عبر رسوماتها أن تحدث تأثيراً فعالاً بين مختلف الفئات وهذا ما طمحنا إليه.. إيجاد اهتمام المسؤول الإعلامي للمشروع الفنان مشير الشارحي, تحدث من جهته قائلاً: نظراً لما يمثله رسم الكاريكاتير من أهمية قصوى على مستوى الصعيد الصحفي والفني والثقافي والشعبي, وما يتمتع به هذا الفن من قبول لدى القراء والمهتمين، من خلال الرسائل البسيطة, التي يحولها الفنانون إلى رسوم كاريكاتورية تناقش معظم القضايا المجتمعية، إلا أننا في الوقت ذاته نجد أن هذا الفن بعيد عن اهتمام الجهات المسئولة، التي كان من واجبها أن تدعم رسامي الكاريكاتير ممن أبدعوا وأوصلوا رسالة هادفة خدمت المجتمع, بل ووصلت بعضها إلى العالمية.. فسعينا هنا إلى إيجاد هذا الاهتمام ولفت النظر إلى قضايا هامة نحن بحاجة لمعرفتها وتوضيحها للناس فوجدنا تجاوباً من قبل كثير من الجهات. تقريب الفنان أيمن الوصابي تحدث عن الفكرة بقوله: كانت الفكرة عند اختيار 60 مخرجاً من مخرجات الحوار الوطني وتحويلها إلى رسوم تعبيرية شارك برسمها قرابة 25 فناناً يمنياً.. وهو إيمان منا بالفن ودوره الذي يجب أن يلعبه فتوضيح مخرجات الحوار الوطني (الإنسانية) و تقريبها لأذهان المواطن عن طريق رسوم تعبيرية عمل كبير يستحق الإشادة لذا أشكر كل من قاموا بهذا العمل وأثروه بفنهم وجهدهم.. - وعن الشريحة التي استهدفت في العمل قال الوصابي: عملنا فني تعبيري بسيط الكل يفهمه، لذا استهدفنا كافة أبناء الشعب اليمني، وقد قمنا بعمل نسخ من المعرض في 16 محافظة يمنية.. فأنا أتوقع أن تصل رسالتنا بإذن الله, فالكاريكاتير يفهمه جميع الناس فهو يخترق القلوب والعقول.. رسالة من جهته الفنان مازن شجاع الدين عبر أولاً عن شكره وامتنانه لمنظمة بيئتنا التي لها الفضل في هذا المشروع الذي أوصل أكثر من رسالة وحقق أكثر من هدف.. ثم استطرد قائلاً: أما عن دوري كرسام كاريكاتوري.. ولما للكاريكاتير من دور فعال في التأثير المباشر عبر التخاطب البصري للمتلقي, ولما تمر به البلاد من منعطف تاريخي وهام, يرسم ملامح مستقبل البلاد, فقد تم استهداف مجموعة من رسامي الكاريكاتير من مختلف محافظات الجمهورية, كجزء من شرائح المجتمع, وذلك لعكس بعض مخرجات الحوار في رسومات كاريكاتورية توضيحية, حيث تم عقد لقاء تعريفي حول أهم المخرجات التي تتعلق بمحور الحقوق والحريات والحكم الرشيد والتنمية والعدالة الانتقالية والأمن والجيش من خلالها قام الرسامون بعكس هذه المخرجات برسومات ليسهل فهمها وإدراكها, وقد خرجنا ب60 لوحة كاريكاتورية لعدد 26 رساماً, من مختلف محافظات الجمهورية, نتمنى أن نكون قد وفقنا في إيصال بعض المخرجات بطريقتنا الخاصة للفت انتباه القراء وكذا الأميين.. كما أننا قمنا بإشهار رابطة رسامي الكاريكاتير اليمنيين كخطوة أولى لتكوين الكيان, وهو عمل جميل أتمنى أن يستمر, وتستمر المشروعات الهادفة وفي كل المجالات..