حقّق أعضاء فريق العدالة الانتقالية نجاحاً ملحوظاً كأحد أهم الفرق التي أنجزت تقريراً مشرّفاً في المخرجات النصفية بشهادة معظم المكوّنات؛ ما دفع أعضاء الفريق إلى الاستمرار بذات المسؤولية والحماسة خلال المرحلة الحالية لإنجاز التقرير والخروج بمحدّدات ومبادئ دستورية وقانونية وقرارات تعالج أعقد المشاكل السياسية والحقوقية الوطنية في مهمة شاقة، امتد العمل فيها للفترة من 13 يوليو 2013م إلى 11 نوفمبر 2013م، وما بين آلام الماضي والتطلُّع إلى المستقبل؛ وجد فريق العدالة الانتقالية نفسه محكوماً بقيودٍ عصيّة ما كادت أن تنفك لولا صلابة الإرادة الوطنية لدى كافة الأطراف والرغبة الحقيقية في العبور بالوطن إلى بر الأمان، ومعالجة ومداواة ما أدمته الصراعات والسياسات الخاطئة على مدى عقود من الزمن اشترك فيها كل الأطراف، تارة كجُناة وتارة أخرى ضحايا. وهذا المشهد الأليم بالغ التعقيد والحساسية انعكس بظلاله على عمل فريق العدالة الانتقالية الذي اعتبر أكثر الفرق من حيث خوض الحوار الحقيقي والنقاش الجاد والأخذ والرد في الآراء، وهو ما تطلّب جهداً استثنائياً في المناقشة للتقرير سواء في إطار الفريق أم المجموعة المصغّرة أو لجنة التوفيق. أهداف عامة وخاصة تضمّنت الأهداف العامة للفريق وضع محدّدات دستورية وقانونية ومحدّدات لرسم السياسات العامة بما يحقّق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وتحديد أسباب القضايا ذات البُعد الوطني، واقتراح حلول ومعالجات دستورية وقانونية وسياسية لها وضمانات قوية لاستدامة هذه المعالجات. فيما شملت الأهداف التفصيلية التعرُّف على الصراعات السياسية السابقة ومسبّباتها لمعرفة الحقيقة عن كافة أشكال الانتهاكات والتجاوزات التي حدثت أثناءها، والكشف عن حالات المخفيين قسراً بما يكفل إنصافهم وجبر ضررهم والدعوة إلى كشف الحقيقة وتخليد الذاكرة الوطنية، وكذا تحديد معالجات لانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت منذ عام 2007م - 2011م وضمان كشف الحقيقة وبناء قاعدة معلومات حولها، إلى جانب الإسهام في وضع أسس إجراء المصالحة والوطنية وإغلاق كافة ملفات الصراع بما لا يصادر حقوق الضحايا أو يتعارض مع العدالة، وتحديد ضمانات بعدم تكرار ما حدث، و الإسهام في إصلاح المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية والإعلامية بما يضمن استقلالية هذه المؤسسات لحماية حقوق الإنسان وحرياته، وكذا تحديد المعالجات لقضايا النزوح والنازحين والآثار المترتبة عنها على المستوى الوطني، ووضع خطط جاهزة وفعّالة لمواجهة أية ظاهرة للنزوح مستقبلاً. كما شملت الأهداف التفصيلية استرداد الأموال والأراضي المنهوبة الخاصة والعامة في الداخل والخارج بسبب سوء استخدام السلطة، ومراجعة سياسة الحكومة في مجال مكافحة الإرهاب والكشف عن الانتهاكات التي حدثت، ووضع محدّدات لوضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، وتفعيل التنسيق والتعاون والتبادل خلال التنفيذ بين مجموعات العمل المصغّرة وبينها وبين الفرق الأخرى ذات الاهتمام المشترك. مرجعيات وقد عملت المجموعات الفرعية منذ 13 يوليو الماضي على استكمال وضع موجّهات دستورية وقانونية وسياسات وتوصيات بما يحقّق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية ويعمل على إيجاد حلول للقضايا ذات البعد الوطني وفقاً للمرجعيات التي تم الاستناد إليها ومنها الدستور اليمني النافذ، الآلية التنفيذية المزمّنة لمبادرة مجلس التعاون الخليجي، قراري مجلس الأمن الدولي 2014 و2051 بشأن اليمن، القانون الدولي الإنساني، دليل مؤتمر الحوار الوطني، المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، الاستفادة من تجارب الدول التي طبّقت في إجراءات العدالة الانتقالية؛ مع مراعاة خصوصية الواقع اليمني، ما يتفق عليه أعضاء الفريق، وكذا بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية. واستمعت المجموعات إلى العديد من الخبراء المحليين والدوليين في العديد من مواضيع ومحاور عملها، كما قامت المجموعات بتنفيذ العديد من اللقاءات والمقابلات في أمانة العاصمة، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من الزيارات الميدانية إلى الوزارات والأجهزة الحكومية والجهات ذات العلاقة، إلى جانب مناقشة المجموعات نتائج زياراتها ودراسة وتحليل الوثائق التي تم تجميعها والدستور والقوانين النافذة، والاطلاع على العديد من الدساتير والقوانين لدول عربية وأجنبية للاستفادة من تجاربها، وأعدّت لذلك تقاريرها التفصيلية، إضافة إلى دراسة العديد من المشاركات المجتمعية التي تلقّاها الفريق بصورة مباشرة أو من خلال وحدة المشاركة المجتمعية، كما استقبل الفريق العديد من الملفّات والكشوفات لقضايا تندرج معالجاتها ضمن اختصاص العدالة الانتقالية. سبعة تقارير مستقلّة ولجنة مصغّرة وقد أثمر عمل المجموعات الفرعية في إنجاز سبعة تقارير مستقلّة، وأقرّ الفريق في 28 يوليو الماضي تشكيل لجنة مصغّرة مكوّنة من كافة المكوّنات المنضوية في إطار الفريق لاستيعاب التقارير المرفوعة من هذه المجموعات وصياغتها وبلورتها في تقرير موحّد يشمل قرارات الفريق للمرحلة الحالية. واستمر عمل اللجنة المصغّرة في ظل انسحاب بعض المكوّنات وعودتها، وإشكاليات إجرائية تمّت معالجتها وأخذت وقتها من النقاشات والتداول، وتطّلب من أعضاء اللجنة بذل قصارى جهودهم استدعى في بعض أيامه أن يستمر ثلاث فترات متتالية لتحقيق التوافقات ومقاربة وجهات النظر ومراعاة المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن، وما تلى ذلك من إجراءات وصولاً إلى التقرير الذي تم عرضه على الجلسة العامة الثالثة يومي الأربعاء والسبت الماضيين والذي ضمّ 126 مادة. مفاهيم لإزالة اللبس وتجسيداً لحرص الفريق على وضع أسس واضحة وشفّافة للعدالة الانتقالية تستند على أصول ثابتة ومتينة؛ فقد تم إقرار مفاهيم تزيل اللبس عن هذه المبادئ مستقبلاً وتسهّل عملية الإنصاف وجبر الضرر لمن يستحق، وشملت تلك المفاهيم الضحية، والكشف عن الحقيقة، حفظ الذاكرة، الانتهاكات، المساءلة، إصلاح المؤسسات، والمصالحة الوطنية. مُخرجات الفريق ضمّ تقرير الفريق 126 مادة ما بين موجّهات ومحدّدات دستورية وقانونية وقرارات، شملت المحدّدات الدستورية والقانونية والقرارات الخاصة بمحور قضايا ذات بعد وطني 67 مادة، توزّعت على 32 مادة حول مكافحة الإرهاب، و26 مادة تتعلّق باسترداد الأموال والأراضي المنهوبة في الداخل والخارج بسبب سوء استخدام السلطة، و9 مواد تخصُّ قضايا النازحين وسبل معالجتها. فيما شملت المحدّدات الدستورية والقانونية فيما يخصُّ محور المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية 34 مادة تضمّ الصراعات السياسية، وقضايا وحقوق المخفيين قسراً، وقضايا انتهاكات حقوق الإنسان التي تندرج في إطارها قضيتان رئيستان هما الانتهاكات التي حصلت في العام2011م والانتهاكات الحاصلة في جنوب الوطن منذ بدء الحراك الجنوبي في عام 2007م، واحتوى تقرير الفريق على 25 مبدأ دستورياً وقانونياً للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية توزّعت على أربعة مبادئ للكشف عن الحقيقة، وثلاثة تتعلّق بالضحايا، وثلاثة خاصة بالمرأة والطفل، وستة مبادئ لهيئة العدالة الانتقالية، وخمسة لجبر الضرر ورد الاعتبار، ومبدأين لإنشاء صندوق جبر الضرر والتعويض وإصلاح المؤسسات، ومبدأين لمنع تكرار الانتهاكات. ثقافة التعايش والقبول بالآخر ركّزت مخرجات فريق العدالة الانتقالية المشمولة في تقرير الفريق المقدّم إلى الجلسة العامة الثالثة على جملة من المعالجات والمبادئ التي تسهم في ترسيخ ثقافة التعايش المشترك وتحمي حقوق الإنسان وحرياته العامة والخاصة وترسّخ قيم العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، كما ركّزت المخرجات، والتي تعتبر مكمّلة لما تضمّنه تقرير الفريق الذي قدّم في الجلسة النصفية الثانية على الأسس التي تعزّز قيم الديمقراطية وتصون السيادة الوطنية، وتجنّب الوطن ويلات الإرهاب والعنف، وتؤسّس لمبادئ تضمن عودة الحقوق من الأراضي والأموال المنهوبة إلى أصحابها، والحفاظ على المال العام، ومعالجة آثار النزوح والحروب والنزاعات المسلّحة. وتناولت المخرجات المبادئ الدستورية والقانونية للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في كل ما يتعلّق بالكشف عن الحقيقة، والضحايا، والمرأة والطفل، وهيئة العدالة الانتقالية، وجبر الضرر ورد الاعتبار، وإنشاء صندوق جبر الضرر والتعويض وإصلاح المؤسسات، ومنع تكرار الانتهاكات. وتضمّنت المخرجات المعالجات اللازمة للإخفاء القسري والصراعات السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان، وبما يضمن معالجة آثار الماضي دونما إبطاء في السير نحو المستقبل المأمول في بناء الدولة المدنية الحديثة والعادلة القائمة على الشراكة والكفاءة والمواطنة المتساوية والمبنية على قواعد الحكم الرشيد.