عن الحسن بن علي قال: قال الحسين : سألت أبي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه، فقال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم دائم البشر, سهل الخلق, ليّن الجانب, ليس بفظ ولا غليظ, ولا صخّاب ولا عيّاب, ولا مشّاح, يتغافل عما لا يشتهي, ولا ييأس منه راجيه, ولا يُخيّب فيه. قد ترك نفسه من ثلاث: المراء, والإكثار, وما لا يعنيه. وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحداً ولا يعيبه, ولا يطلب عورته, ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه, وإذا تكلم أطرق جلساؤه, كأنما على رؤوسهم الطير. فإذا سكت تكلموا. لا يتنازعون عنده الحديث. من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ. حديثهم عنده حديث أولهم, يضحك مما يضحكون منه, ويتعجب مما يتعجبون منه, ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته, حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم, ويقول: إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه, ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ, ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز, فيقطعه بنهي أو قيام. من أجل ذلك قلت في ميلاد طه: “ولد الهدى” وانجاب منه النور وهدى الحبيب تبسم وسرور والبشريات تلوح في أسرابها والأرض تضحك والفضاء ينيرُ وسحائب الرحمات تنشر ظلها بين الغصون فينتشي الشحرور والزهر أينع والورود تفتقت بعد الذبول فروضها ممطورُ والكون يطرب بالمسرة والهنا والنور يهمي والظلام يغور والكائنات تسربلت بسعادة ذكرُ الحبيب تفوح منه عطورُ تتجدد الذكرى فيرتسم الرضا ويفيض في روض الحياة عبير في كل عام تحتفى أشواقنا في ذكر من يسمو به التعبير وبكل عام نرتدي حلل الندى ذكر الحبيب نضارة وحبور من نور أحمد نحتسي قيم الوفا فالصادقون الأوفياء بدور هم قادة التغير مصدر عزنا وإليهم هذا الوجود يشير وهم الجبال الشم حين تراهم يعروك من إجلالهم تقدير ركبوا غمار العاديات وناطحوا فرعون ذي الأوتاد وهو عسير مضمار خيلهم الهداية والتقى والعلم حاد والسلام سفير ها نحن يا طه نبثك شجونا فعسى بحبك يصرف المحذور وإلى إله الخلق نشكو أمة ما عاد في الدنيا لها تأثير كانت كشم الراسيات مهابةً واليوم في وهج الشتات تمورُ هل يا ترى الثورات تُرجعها إلى أمجادها ويعيدها التغيير وترفرف القيمُ النبيلة مثلما كانت ترف وينتهي التزوير هل تسترد زمامها ورشادها ويزورها التمكين والتطوير وتعود مثل الأمس راية عزها فلها بأعماق الزمان جذور أنا مؤمن بالنصر في ثوراتنا مهما تمادى القتل والتفجير ميلاد طه للقلوب بشارةٌ تتواءمُ الآمالُ والمقدورُ فبكل ذكرٍ للحبيب ومولدٍ يفتر نصر أو يشعشع نورُ ميلادهُ ذكرى تفيض شمائلا وله بوجدان الحياة حضورُ ميلاده ميلاد كل فضيلة بعثتْ فمنه العلم والتنوير طه ويبتسم الضياء ويحتفى هذا الوجود ويهتدي التفكير عام مضى والعاصفات كثيفة والثعلُ يزأر والأسود تخور وضغائن الأعراب تعصر نفطها خمرا به التخريب والتدمير وعصابة الأفيون تنفش ريشها في كل قطر والشعوب تثور طه وأرض الرافدين كسيرة وعصائب الفتن الغلاظ تدور حتى نسينا القدس مسراكَ الذي مرت به الأعوام وهو أسيرُ لكن هذا العام عام بشائرٍ والنصر بين عيونه مسطور “صلى عليك الله يا شمس الهدى ما ردد التهليل والتكبير” وعليك صلّتْ أحرفي ومشاعري ما رفَّ طيرٌ أو شدى عصفورُ إختار أن يكون عبداً نبياً لقد خيّره الله تعالى بين أن يكون ملكاً نبياً أو عبداً نبياً فاختار أن يكون عبداً نبياً, وخيره بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش وبين ما عند الله فاختار ما عند الله.. قال أنس: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مرمل بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف, فدخل عليه نفر من أصحابه ودخل عمر, فانحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير عمر بين جنبيه وبين الشريط ثوباً, وقد أثر الشريط بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبكى عمر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا عمر؟ قال: والله إلا أن أكون أعلم أنك أكرم على الله عز وجل من كسرى وقيصر, وهما يعبثان في الدنيا فيما يعبثان فيه, وأنت يا رسول الله بالمكان الذي أرى! فقال النبي صلى الله عليه وسلم :(أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟) قال عمر : بلى . قال:«فإنه كذلك». أزكى الناس كان صلى الله عليه وسلم أزكى الناس, وأشد من لقي أذىً في سبيل دعوته, فكان طوداً شامخاً لا تهزه الأعاصير ولا تثنيه العواصف عن هدفه بل كان سماءً ولا يزال وكان بحراً معطاءً وقلباً نابضا بالخير وها هو خيره بين يدينا وسيبقى إلى قيام الساعة. فأين حاسده وأين من عاده، فليكن قدوتنا في كل شيء. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأشج عبد القيس: « إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة » ويوم حنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم الغنائم, قال رجل: والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله, فقلت أي عبدالله راوي الحديث - والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فأخبرته فقال: «من يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله, رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر»” فرغم ما حباه الله به من الحلم والرأفة إلا أنه الحلم والرأفة التي لا تجاوز حدها, فكان صلى الله عليه وسلم يغضب للحق إذا انتهكت حرمات الله , فإذا غضب فلا يقوم لغضبه شيء حتى يهدم الباطل وينتهى. وفيما عدا ذلك فهو أحلم الناس عن جاهل لا يعرف أدب الخطاب أو مسيء للأدب أو منافق يتظاهر بغير ما يبطن. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادما له قط ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا إلا أن يجاهد في سبيل الله, ولا خيّر بين شيئين قط إلا كان أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثما, فإذا كان إثما كان أبعد الناس من الإثم, ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه حتى تنتهك حرمات الله فيكون هو ينتقم لله، وعن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الوحي أو وعظ قلت: نذير قوم أتاهم العذاب فإذا ذهب عنه ذلك رأيته أطلق الناس وجهاً وأكثرهم ضحكا وأحسنهم بشرا. ولما نكث بنو قريظة العهد وتحالفوا مع الأحزاب على حرب المسلمين ثم رد الله كيدهم في نحورهم وأمكن الله رسوله منهم رضوا بحكم سعد بن معاذ, كما رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم, فحكم سعد أن تقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم فتهلل وجه الرسول وقال: «لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سماوات» فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم في يوم واحد أربعمائة رجل صبرا. وروى ابن إسحاق في قصة أسرى غزوة بدر قال: ومنهم أبو عزة الشاعر كان محتاجا ذا بنات فقال يا رسول الله لقد عرفت مالي من مال وإني لذي حاجة وذي عيال فامنن عليّ فمنّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأخذ عليه أن لا يظاهر عليه أحد، فقال أبو عزة في ذلك شعراً يمدح به رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم إن أبا عزة هذا نقض ما كان عاهد عليه الرسول, ولعب المشركون بعقله, فرجع إليهم, فلما كان يوم أحد أُسر فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يمن عليه أيضاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا أدعك تمسح عارضيك وتقول خدعت محمداً مرتين» ثم أمر به فضربت عنقه.. وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال خطب عليّ بنت أبي جهل وعنده فاطمة, فسمعت بذلك, فاتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك, وهذا علي ناكح ابنة أبي جهل, فقام النبي صلى الله عليه وسلم فتشهد وقال: أما بعد, فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني وصدقني, وإن فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها, والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله أبدا, قال: فترك عليّ الخطبة. إنه اللين الذي لا يعرف الخور والحزم الذي به تكون الرجال فصلوات الله وسلامه عليه. كالطود يشمخ لا يلقي لشانئه بالاً ولا يشتكي من شدة الألم إن السَّماءَ وإن غَيمٌ ألمَّ بها تبقى سَماءً وتمضي كومةُ الديم ما أوقفَ البحرَ شيءٌ عن وظيفتهِ عبر الدهور وموجُ البحر في زَخَم فالبحرُ يزخرُ لا يخشى مطاولةً ويَلفظُ الموجُ ما يَلقاهُ من رِمَم قلب المحبَّ مدى الأيام مبتسمٌ بالخيرِ, والحَاسِدُ المَحْرُومُ في سَقمِ ما يَنفعُ النَّاس يبقى صالحاً أبدأً ويَذهبُ الزَّبدُ الطَّافي إلى عدم فالكائناتُ تُصليِّ في مَحَاربهَا على حبيبي رسول لله من قدم شذرات من حدائق المصطفى وهذه بعض الشذرات من حدائق المصطفى التي لا تحصى في الأخلاق نتعلم منه لنسعد في الدنيا والآخرة. إنه معلم البشرية الذي نتشرف بحبه واتباعه. “إنه الوحيد على وجه الأرض الذي في حياته كل ما يحتاجه الإنسان ليقتدي به صلى الله عليه وسلم، رغم أن عمره الرسالي «2سنة».. إننا نستطيع أن نقتدي بعيسى كشاب أعزب زاهد في الدنيا.. لكن لا نستطيع أن نقتدي به كرجل متزوج لأنه لم يتزوج, ونستطيع أن نقتدي بالنبي سليمان، كحاكم غني شاكر متصدق.. ولا نستطيع أن نقتدي به كرجل فقير صابر؛ لأنه لم يحدث له أن كان فقيرا. ولكن من كان غنياً وفقيرا؟ ومن كان قوياً وضعيفا؟ ومن كان حاكماً ومحكوما؟ ومن كان أباً وجدا؟ ومن كان أعزب ومتزوجا؟ إنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. إننا نعرف كل شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإننا نعرف علاقاته بزوجاته. ونعرف أدق التفاصيل عنه صلى الله عليه وسلم. إن نبينا محمد صلى الله عليه سلم لم يكن في حياته جانب مظلم أبدا, بل كان كتابا مفتوحا فمن مثلك يا رسول الله؟! صلاة حبك تروى من فم الرشيد معنىً يسنبل من أمسي حقول غدي إنِّي أحبُّكَ لا قلبٌ يَفِيضُ جَوىً مِثْلي دُهوراً, ولا أمٌ على وَلَدِ إنِّي أحبُّكَ غَيْثَ النُّورِ مُرْتَحِلاً خَرِيِرُهُ في شِعُورِ الدَّهْرِ, كَفُّ نَدي إنَّي أحِبُّكَ فَجْراً مَدَّ أذْرُعَهُ مشاعراً , ورضاً , بالواحد الأحدِ إنِّي أحِبُّكَ فَوْقَ الحُبِّ مُذْ وُلِدَتْ أسْمَاؤهُ والمَعَاني الغرُّ في الأبَدِ بِنَفْحِ طِيبِكَ مَا انْتَجتُ الحَيَاةَ شَذاً يُعطِّرُ الشَّارعَ المُمْتَد في أمَدي عَبَّقْتُ رُوحَ أزَاهِيرِي نَشِيدَ جَوىً مُبلسماً جُرْحَ تَارِيخِي ومُعْتَقَدِي وفي جُفُونِ فؤادِ الْحُبِّ صَرحُ مَدَى مَشَاعِري نهلتْ من نورهِ الوَرِدِ يُنِيرُ لَيْلاً تَغَشَّتْنِي أكِنَّتُهُ بأفقِ رُوحِي ويَمْحُو عَالمَ النَّكدِ يَضُخُهُ نفسُ الرَّحْمَنِ نَبْضَ هُدىً من شَطِّ إسْفَارِ فَجْر الأنْسِ في كبدي صَلاَةُ حُبِّكَ آيَاتٌ شربتُ بِهَاَ نوراً من اللهِ, آلاءً بلاَ عَدَد وِحَّدْتُ أفلاكَ أشْتَاتِ الهَوى بِنِدَا الله أكْبَرُ.( لمْ يُولَدْ وَلَمْ يَلِدِ) صلاة حبك أخلاقاً سموتُ بهِا قلباً يُمجدُّ حب الخالق الصمد نخلاً يُعَوْشِبُ في صَدْرِ المَدَى وَرُؤىً بِحَقْلِ أجْنِحَةِ الإيمَانِ في جَلَدِي سَافَرْتُ من أفُقٍ نَحْوي إلى أفقٍ خَرَجْتُ مِنَي إلى وجْدي ولمْ أعُدِ تَمَوَّجَتْ سبحاتُ النّوُرِ وسط دَمِي فَاخْضَرَّ دَرْبُ شغاف الشُّوقِ بَيْنَ يَدِي وَجَدْتُنِي أشْمُساً عَرَّشْتُ أحْرُفَهَا مَجْداً تُعولمُهُ الأزمانُ من بَلَدِي أحْرَقْتُ مَاءَ بِحَارِ الظُّلْمِ مُنْتَصِراً عَلىَ بَوَارجِ لَيْلِ الحِقْدِ والحَسَدِ إني أحبك ما اشتاقت خطى أملٍ لكي تعانق أمجاداً من الرشد أنفاسُ هَدْيكَ يا طهَ, تُبَرْمجُني مَعْنىً يُبشرُ أرضَ الروح بالرغد يُحَدِّقُ القلبُ في عينيك يَبْعثني حَرفاً أزَنْبقُ ما في الكونِ من رمدِ أجَنِّحُ العزمَ عنواناً أطير بهِ لأشنقَ اللَّيْلَ في حَبلٍ من المَسَدِ لتنطوي صِورُ الآهاتِ من مقلي وينتهي شَبقُ التَّغْريبِ والزَّبَد أشْعَلتُ بَحرَ أهَازيجِ المُنىَ بدمي مُكَهْرِباً, مَا دَجَى في خَافِقِ الأمَدِ لأمْتَطِي هامةَ الغَايَاتِ يَسْنِدُني شَوْقُ المُنىَ ونِدَاءُ الْمَجْدِ في خَلَدي إنِّي أحِبُّكَ والتَّسْبيحِ يَعْرُجُ بي وشَهْقَةُ الدَّمْعِ في كَفِّي شِفَا كَمَدِي إنَّي أحبُّكَ قرآناً يُتَوِجُني خُلداً بِمُنْتَجعِ الفِرْدوسِ يَوْمَ غَدي سَأرْضِعُ الجِيلَ أمْجَاداً تُرَتِّلُنِي وَحًياً منْ البَوْحِ وَشىَّ حُلَّةَ الرَّشَدِ وأغْرِسُ الكَوْنَ أنداءً وأمْدَحُ منْ مَقَامُهُ فَوْقَ حُبِّ النَّفْسِ وَالْوَلدِ صَلاةُ حُبيَ تَسْتَهْدي الحَيَاةُ بِهَا منْ قَبْلِ أن تُولَدَ الأزْمَانُ للأَبَدِ هَذي صَبَابةُ بَوْحِي، مُنْتَهَى شَجَني وَذَوْبُ رُوحِي وَنَجْوَى حَاضِرِي وَغِدِي