السائل وليد علي محمد الأديمي، يسأل عن شروط الفقيه المعاصر..؟ الفقيه: هو من صار الفقه له ملكة؛ فإذا عرض عليه أمر استطاع أنْ ينبّه إلى أنَّ حكم الله فيه ما بين الحرام والحلال والمباح...إلخ. والفقيه في نظري هو: من رزقه الله «جلَّ شأنه» الفقه في كتابه، وفهماً لعلاقة سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الثابتة الصحيحة بكتاب الله جلَّ شأنه، ويتم هذا بما يلي: أولًا: أنْ يكون قادرًا على فقه القراءتين اللتين نزل القرآن المجيد بهما، كم ذكرها الله تعالى في الآيات الخمس الأولى من سورة العلق. ثانيًا: أنْ يعرف أنَّ القرآن الكريم وإن تعدّدت أجزاؤه وسوره؛ لكنه ذو وحدة بنائية تجعله كأنه كلمة واحدة عند من يريد الاستنباط منه، والبحث عن الأحكام فيه؛ فلابد من إدراك هذه الوحدة وفهمها، والتعامل مع القرآن الكريم وانطلاقاتها. ثالثًا: لابد للفقيه من معرفة الفروق الدقيقة؛ بين لسان القرآن، واللسان المعهود للعرب، فللقرآن لسانه الذى يتميّز عن اللسان العربي المعروف بمزايا كثيرة لا يتم فقه الفقيه دون إدراكها ومعرفتها. رابعًا: ويترتّب على ذلك الفقه في السياق وأساليب القرآن وعاداته في التعبير؛ فللقرآن عادات لا يليق بفقيه أن يجهلها أو يكون قليل المهارة فيها. خامسًا: إنَّ الله تبارك وتعالى قال: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا} فلابد من معرفة المنهج القرآني واكتشافه. سادسًا: لابد من معرفة العلاقة الوثيقة بين الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهَّرة، ومعرفة أنَّ السنة الصحيحة مدارها على الكتاب، ولابد لها من أصل في الكتاب. سابعًا: لابد أن يكون الفقيه المعاصر على اطلاع على أهداف القرآن المجيد ومقاصده الأساسية ومحاوره الكبرى التي دارت آياته حولها، وتحديد تلك المقاصد. ثامنًا: يحتاج الفقيه إلى ألا يجهل من القرآن شيئًا؛ فلا يركز على آيات الأحكام وحدها؛ بل لابد له من التعامل مع جميع آياته؛ لأنَّ أحكامه وشريعته مبثوثة في سائر جوانبه من أمثال وقصص وسواها، فلا ينبغي أنْ يفوته شيء من القرآن المجيد. تاسعًا: قدرته على الاجتهاد ووجود ملكة الاستنباط. عاشرًا: إلمامه بتاريخ الفقه ونشأته وتطوره، والتفريق بين فقه انبثق من القرآن وفقه اتخذ من القرآن والسنة مجرد شواهد لدعم آرائه الفقهية والمذهبية. ذلك باختصار شديد ما نرى ضرورة توفّره في الفقيه المعاصر.