أطلق في صنعاء، حملة “الفن ابن الحرية” التي تهدف لتعزيز حرية التعبير في الفن اليمني وتوعية الفنانين في صنعاء بحرّيتهم المتاحة وفق الضوابط التي لا تحد من إبداعهم ونشاطهم الفني.. الحملة التي نفذها المركز اليمني لدراسة وتحليل الأزمات ومؤسسة “بيسمنت الثقافية” وبإشراف غير مباشر من الوكالة الألمانية للتنمية الدولية؛ تم تدشينها وذلك بفعالية فنية تعريفية بالحملة وأهدافها التي تسعى الوصول إليها، احتضنتها مؤسسة “البيسمنت الثقافية”. وقالت شيماء الأهدل المدير التنفيذي للمؤسسة ل”ألوان”: إن تنفيذ الحملة جاء بفرضية أن الثقافة المجتمعية في اليمن وضعت على الفنان مجملا من القيود التي عمدت على وقف الرصيد الإبداعي لدى الفنان اليمني؛ وتحاول تغيير هذا الفرض من خلال توجيه الرأي العام لمساندة حرية الفنان في التعبير عن نفسه دون أية قيود. مشيرة الى أن الفنانين والمثقفين والأدباء يساهمون في تقديمهم للمجتمع كل ما هو ابداعي أو جديد أو غريب أو غير متوقع أو مألوف الأمر الذي يعزز من مقومات تحقيق وترسيخ حرية الرأي، وقالت: لذلك لابد للفنانين أن يتمكنوا من التعبير عن رأيهم ووضعهم بكل حرية دون الاعتبار للقيود السياسية والاجتماعية.. وأوضحت في سياق حديثها إن الباحث مايكلجان قال “ليس المهم في الوسط الديمقراطي أن تعطى الفرصة لكل من يريد أن يقول شيئا ما، بقدر ما هو أهم أن تعطى الفرصة لكل ماله قيمة اجتماعية أن يقال”. صلاح علي صلاح رئيس المركز اليمني لدراسة وتحليل الأزمات قال ل”ألوان”: إن رسالة الحملة صيانة حرية التعبير في المجال الفني كمهمة من مهام الديمقراطية، مضيفاً أنه لا يحق لأي كان فرض رقابة على ما يتم انتاجه تحت أية حجة أو ذريعة.. مشيراً إنه مطلع العام 2011 وتحديداً في عدن، أنتج الفنان الشاب أحمد شيخ أغنية راب تحدث خلالها عن بناء الشباب للوطن ومحاربة الفساد تعرض بسببها للاحتجاز من قبل الأمن القومي في عدنبحجة استثارة الرأي العام وتحريض الشباب على إقامة ثورة داخل اليمن على غرار تونس ومصر. وأضاف: هناك الكثير من الفنانين لا يستطيعون ممارسة فنهم بحرية بسبب أن الأعمال التي يقدمونها ليست مناسبة لفئة أو لكونها فنون جديدة. تهديدات: وبحسب منفذي الحملة فإن هناك تهديدات متوقعة قد تعترض سير الحملة ومنها عدم تعاون وزارة الثقافة لأسباب تتعلق بالثقافة المجتمعية في حال تم تفسير هدف الحملة في زاوية غير سياسية وعدم تعاون ما وصفوه ب”الدخلاء على الفن”. وقالوا أيضاً في حديث خاص ل”ألوان” في حال تفسير الهدف بشكل خاطئ نتوقع أن تعترض طريقنا تهديدات كالخطاب الديني، الثقافة المجتمعية، حملات مضادة وتعرض السلامة الشخصية للقائمين على الحملة لتهديدات مختلفة. مداخلات: وفي الفعالية التي تضمنت تقديم أوراق عمل ومداخلات حول موضوع حرية التعبير في الفن اليمني؛ تم عرض مجموعة من الممارسات السلبية التي مورست بحق الفنانين كالرقابة السياسية أو النبذ الاجتماعي أو ممارسات ثقافية مختلفة والوقوف أمام تلك الممارسات ومناقشتها مع الحاضرين. وقال المنظمون أنهم لا يتضامنون مع الفنانين ضد ما مورس بحقهم، لكن تضامنهم مع فكرة القيود التي يتم وضعها لوقف الرصيد الإبداعي الفني في اليمن. “حرية التعبير لدى الفنانين” عنوان لورقة عمل قدمها نبيل قاسم – مترجم وله اهتمامات فنية، أوضح خلالها إن الانطلاق من أن الفن والحرية مفهومان مجردان لهما علاقة بجميع جوانب الحياة، فالفن له علاقة بالجمال، بالمحاكاة، بالإبداع، بالتاريخ، باللغة، بالأخرق، بالمشاعر، بالتأمل، بالدلالة، وكذلك كون الفن شكلا من أشكال الوجود الحر. وأضاف: ويمكننا ملامسة الحرية مثلاً في الرقص عن طريق بحث الجسد عن مساحات أكبر لحركته، كذلك في اللغة أيضاً.. وأثناء حديثه عن فن اللغة قال: عند الحديث عن اللغة نجد أننا نهمل اللهجات العامية القادرة على تحريرنا وجعلنا نتكلم بدلا من أن ننطق بلغات ولا نتواصل، وهنا نستشهد بالشعر الحميني الذي أوصل فن الغناء التراثي اليمني إلى مراحل متقدمة، فكان لفن الغناء دور في جعل اللغة تنحو منحا يعبر هنا وعن أحاسيسنا. مستطرداً: لذلك أي فنان عليه أن يعبّر عن ذاته ولا يتحجج بمقولة أن الظروف غير مناسبة، على كل فنان أن يعمل لجعل الوقت مناسباً.. وفي حديث خاص ل”ألوان” قال إنه لا يمكننا تجاهل أننا نعيش في مجتمع متسلط وتستفيد السلطة من كل ما هو تقليدي لكبح أي تغيير، وعلينا عدم إخضاع الفن لمعايير سياسية أو دينية أو أخلاقية بل لمغايير جمالية ستتحدد عبر صراعات دائمة. وخلال المداخلات التي تم تقديمها، قال الرسام الكاريكاتوري كمال شرف أنه تعرض لعديد من المضايقات بسبب رسوماته السياسية الساخرة، وأبرز ما تعرض له هو إيداعه السجن لمدة 55 يوما بحسب قوله. الفنانة ياسمين القريحي – مصممة ديكور، استغربت من الانتهاكات التي يتعرض لها الفنانون في اليمن، سيما أن العمر الجغرافي لليمن طويل للغاية حد قولها. وصلات فنية: خلال الفعالية تم تقديم وصلات فنية مختلفة لعدد من الفنانين الشباب الذين استهدفتهم الحملة التي تحاول رفع وعي 50 فنان، في صنعاء، خلال ثلاثة أشهر؛ بأهمية حق التعبير وضرورته في الفن اليمني، بهدف تعزيز مبادئ ثقافة حرية الرأي لدى الفنانين اليمنيين.